هناك وشائج التقاء كثيرة بين الحكمة والفلسفة؛ فهما اللفظان المتداخلان في التعريف مع بعضهما البعض؛ لذا لكي نستطيع التوصل للتفريق بينهما كما يقول الشاعر جمال القصاص لـ«سيدتي» لا بد من تعريف معناهما؛ فالحكمة هي عصارة التجارب الحياتية وإفراز للحوادث والنوازل وإلهام بعد تفكير وتدبر للأمور، والحكمة هي نتيجة قناعة راسخة؛ فهي حالة أو صفة يتم من خلالها التمييز ما بين المقبول وغير المقبول؛ مقترناً بحكم عادل وبصيرة، وتشمل الحكمةُ القدرةَ على التعلّم والتلفّظ بأقوال حكيمة والتصرف بحكمة وموعظة، كما وتعبّر الحكمة عن المعرفة التي يكتسبها الفرد بسبب التجارب والخبرات التي مرّ بها، وبهذا يمكن التمييز ما بين الذكاء والحكمة، في أنّ الذكاء يعبّر عن معرفة الشيء، ولكن الحكمة تعبّر عن القدرة على الحكم ما إذا كان الشيء مقبولاً القيام به أم لا.
* تعريف الفلسفة
أما الفلسفة وفقاً للتعريف اللغوي: فهي اختصارٌ لكلمتَين يونانيّتين، هما: فيلو، وتعني: حُبّ، وسوفيا: تعني الحِكمة، وينسب بعض المؤرّخين هذا الاصطلاح إلى فيثاغورس، الذي أطلق على نفسه لقب فيلسوف، تعريف الفلسفة اصطِلاحاً عند الفلاسفة؛ إذ يُعرّفها الفارابي بأنّها: (العلم بالموجودات بما هي موجودة)، أمّا عند الكنديّ فإنّ الفلسفة هي: علم الأشياء بحقائقها الكليّة؛ حيث يُؤكّد أنّ الكُليّة هي إحدى خصائص الفلسفة الجوهريّة التي تُميّزها عن غيرها من العلوم الإنسانيّة، ويرى ابن رُشد أنّ التّفكير في الموجودات يكون على اعتبار أنّها مصنوعات، و(كلّما كانت المعرفة بالمصنوعات أتمّ كانت المعرفة بالصّانع أتمّ)، أمّا إيمانويل كانت فيرى أنّ الفلسفة هي المعرفة الصّادرة من العقل.. والفلسفة كذلك ليست مجرّد مجموعة معارف جزئيّة خاصّة؛ بل هي علم المبادئ العامّة كما عرّفها ديكارت.
تعريف الحكمة بقاموس أوكسفورد
في قاموس أوكسفورد، تعرف الحكمة بأنها "القدرة على الحكم بحق في المسائل المتعلقة بالحياة والسلوك"، سلامة الحكم في اختيار الوسائل والغايات، وهناك سمات للحكمة مثل الرحمة ومعرفة الذات والفضائل والأخلاق والإحسان إلى الغير.. وعرّف تشارلز هادون سبورجون الحكمة بأنها الاستخدام الصحيح للمعرفة.
العلاقة بين الحكمة والفلسفة
تُعرّف الحكمة بأنها المعرفة المتراكمة أو البصيرة، ومن المفارقات العجيبة، أن تعريف الحكمة يعكس مفهوم الفلسفة وعلم طبيعة الفكر.
يذهب قاموس ميريام ويبستر إلى أبعد من ذلك؛ حيث يعرّف الفلسفة بأنها “السعي وراء الحكمة”، من خلال تعريف القاموس، يتشابك المصطلحان؛ حيث إنه من خلال الفلسفة، يفكر الأفراد في الماضي وفي حقيقة الأشياء، وتتيح للإنسان طرح الأسئلة والاستمتاع بالاستنتاجات بناءً على ما يعرفه؛ بدلاً من قبول الأشياء كما هي.
كما تفتح الفلسفة العقل على مفاهيم جديدة تساعد الإنسان على فهم الأشياء من حوله بشكل أفضل، ويمكن تطبيق الأشياء التي يتعلمها من خلال الفلسفة على الطبيعة البشرية، أو حتى علم الأحياء والعلوم. يواصل الفلاسفة البحث عن إجابات لأسئلة الحياة الصعبة.