ما زالت مدينة دبي تبهر العالم بما تقوم بتنفيذه من مشاريع تساهم في مزيد من تميز ونجاح الإمارة، ولعل النفق العميق من هذه المشاريع التي تستعد إمارة دبي لافتتاحها قريبًا، فهو يعد أحد أهم مشاريع البنية التحتية، ومن المشاريع الاستراتيجية والاستثنائية في دبي، والتي تهدف من خلاله إلى ضمان تطبيق أرقى المعايير العالمية في مجال الإدارة المثلى لتصريف مياه الأمطار في الإمارة، كما يعد هذا المشروع الأول من نوعه في المنطقة لتصريف مياه الأمطار والمياه الجوفية السطحية من خلال تجميع المياه وتخزينها لـ 100 عام المقبلة.
أما أهم ما يميز مشروع النفق العميق لتصريف مياه الأمطار هو نقل المياه عبر النفق بالجاذبية الأرضية، ما يعني الاستغناء من التكاليف الإنشائية المرتبطة بإنشاء محطات الضخ الفرعية، بالإضافة إلى تخفيض 20% من تكاليف التشغيل والصيانة، وتعمل آلية الطفح بطاقة تدفقية تصل إلى 110 أمتار مكعبة بالثانية، وتعمل آلية الضخ بطاقة 9.5 مليون متر مكعب من تدفق مياه الأمطار يوميًّا من خلال المضخات المصنوعة خصيصًا للمشروع، وهي الأكبر على مستوى العالم بنوعية "سوير دوبلكس ستانلس ستيل" على أرض تبلغ مساحتها 2.6 هكتار، وبذلك يجعل محطة الضخ الرئيسة واحدة من أكثر محطات الضخ المدمجة بالخدمات والمباني والمرافق لإدارة تصريف مياه الأمطار وكذلك المياه السطحية، كما يدعم المشروع مبادئ الاستدامة ويراعي سلامة البيئة البحرية.
وأيضًا يتم تصريف مياه الأمطار إلى البحر مع مراعاة تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر، أي عند هطول أمطار غزيرة، أو ارتفاع مستويات سطح البحر بالقرب من المحطة من خلال غرفة التحكم المركزي للمحطة يمكن للنظام تلقائيًّا التكيّف مع المعطيات لاستمرار الحد من تأثير العواصف المطرية والفيضانات في منطقة الخدمة، وتمت أعمال حفر النفق العميق لتصريف مياه الأمطار باستخدام آلات حفر الأنفاق (TBM) الضخمة وبقطر خارجي يبلغ 11.05 متر، وتتميز آلية عمل هذه الآلات من دون عرقلة حركة السير في الشوارع الحيوية التي تقع في نطاق المشروع بشكل طبيعي.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المشروع يأتي تحقيقًا لرؤية بلدية دبي في بناء مدينة سعيدة ومستدامة، كما يهدف المشروع إلى إحداث نقلة نوعية في نظام التصريف، إذ إن نظام النفق العميق يلبي أهداف التنمية المستدامة، بتقليل استهلاك الطاقة بنسبة 20% من النظام التقليدي على مساحة خدمة المشروع، وبالتالي تقليل الانبعاثات الكربونية، علمًا بأنّ النظام يعمل على نظام مزدوج، وسيتم التحكم فيه عبر غرفة التحكم المركزي المؤتمتة لضمان حسن المراقبة والتشغيل، والذي سوف يرصد جودة المياه للحفاظ على الحياه البحرية، وتوفير السلامة في مناطق خدمة المشروع، وأهمها منطقة إكسبو 2020 ومدينة مطار آل مكتوم الدولي.
يشار إلى أنّ الهدف من المشروع هو تجميع مياه الأمطار والمياه السطحية من مساحة إجمالية تصل إلى 500 كيلومتر مربع، ونقل المياه عن طريق نفق عميق بطول 10.3 كيلومترات، وقطر داخلي يبلغ 10 أمتار، وعمق يتراوح من 40 إلى 60 مترًا إلى أن ينتهي مساره عند محطة الضخ الرئيسة التي يتم من خلالها تصريف المياه عبر نظام مزدوج، بإمكانه تصريف مياه الأمطار والسطحية عبر الطفح، وعبر مضخات موصولة بخطوط ممتدة 600 متر إلى داخل البحر، والتي ستتمتع بكفاءة تشغيلية عالية.