يسعى البشر جاهدين ليكونوا سعداء. ويعتقد الكثير من الفلاسفة أن الرغبة في السعادة هي الدافع وراء معظم ما نقوم به، سواء كان ذلك من خلال الانخراط في أنشطة ممتعة، أو التواصل مع الآخرين، أو حتى السعي لتحقيق إنجاز ما.
بين السعادة والبيئة
سؤال طرحه موقع Greater good Science Centerحيث تشير دراسة بحثية جديدة نشرت عبر موقع link.springer إلى أن الدول الأكثر سعادة تميل إلى الاستهلاك بطريقة أكثر استدامة بيئياً.
السعادة الشخصية وببناء عالم مستدام
حسب الموقع فالفكرة ليست بعيدة المنال، فالاستدامة تعني تلبية احتياجاتنا الحالية لحياة جيدة دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، على أن التركيز على سعادتنا في الحاضر قد تكون له تكاليف بيئية في المستقبل. على سبيل المثال، يمكن أن يسهم شعور السعادة الذي يكتنفنا من قيادة سيارات الدفع الرباعي لاستهلاك كميات كبيرة من الغاز، ومن ثم زيادة معدلات التلوث البيئي، كذلك فشراء كثير من المنتجات التي تسبب السعادة وما يكتنفها من عمليات تصنيع سيؤدي لزيادة معدلات التلوث.
السعادة لا تضر بالاستدامة
على الرغم من كل تلك الاستدلالات تؤكد نتائج الدراسة المنشورة بـ link.springer أن السعادة لا تضر بالاستدامة. بل على العكس، فالسعادة والاستدامة قد يكونان يسيران جنباً إلى جنب.
فحسب Greater good Science Center استعان الباحثون بدراسات استقصائية من 152 دولة لمعرفة مدى ارتباط السعادة بأهداف وسلوكيات الاستدامة من ثلاثة اتجاهات:
- فلقياس درجات السعادة استمد الباحثون بياناتهم من تقرير السعادة العالمي، وقاعدة البيانات العالمية للسعادة، وكلاهما يوفر درجات السعادة لمختلف البلدان بناءً على تقارير المواطنين حول مدى جودة حياتهم أو مدى رضاهم عن حياتهم.
- ثم نظر الباحثون لمقدار ما تستهلكه هذه البلدان، ومقدار تحقيقها لأهداف الاستدامة (كما حددتها الأمم المتحدة)، ومقدار إعادة تدويرها.
- ثم نظروا إلى العلاقة بين السعادة والاستهلاك والاستدامة وإعادة التدوير.
- في البلدان الأكثر سعادة يستهلك الناس بطريقة أكثر مسؤولية
- من خلال الدراسة ومقارنة البيانات، وجد الباحثون أن البلدان الأكثر سعادة تستهلك بشكل عام أكثر من البلدان الأقل سعادة - وهذا ليس بالضرورة علامة جيدة على الاستدامة. ولكن، على الرغم من أنها تستهلك المزيد، إلا أن البلدان الأكثر سعادة كانت أيضاً أفضل في الوصول إلى أهداف الاستدامة وإعادة التدوير.
تابعوا المزيد: علماء يحذرون من كارثة في طبقة الأوزون تهدد الأرض
ففي البلدان الأكثر سعادة، يستمتع الناس بحياتهم ويستهلكون الأشياء، لكنهم يستهلكون بطريقة أكثر مسؤولية، ومن ثم فالسعادة يمكن أن تسير جنباً إلى جنب مع الاستدامة.
لتعزيز هذه النتائج، قام الباحثون بتحليل ثانٍ، حيث قسموا البلدان إلى فئات منها السعادة العالية والمنخفضة، وقاموا بقياس العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على نتائجها، على سبيل المثال، نصيب الفرد من الثروة والشعور بالأمان، والثقة الاجتماعية العامة. ثم أعادوا تحليل العلاقة بين السعادة والاستدامة.
المدهش أن البلدان الأكثر سعادة اكتُشف أنها حققت أهداف الاستدامة أكثر من الدول غير السعيدة، حتى عند النظر في العوامل الاجتماعية والسياسية والبيئية، فالبلد الاكثر سعادة، كان أكثر استدامة ومسؤولية، حيث أظهرت الدراسة أن مستوى السعادة في بلد ما مرتبط بنتائج إيجابية أخرى (مثل المزيد من العدالة الاجتماعية، وإدارة المشروعات بشكل أفضل، وروابط المجتمع الأقوى)، وهذه العوامل كلها تعزز الاستدامة.
أسباب تصرف الأشخاص الأكثر سعادة بطرق أكثر استدامة
- وأشارت الدراسة كذلك لأسباب تصرف الأشخاص الأكثر سعادة بطرق أكثر استدامة
- الأشخاص الأكثر سعادة يشعرون بالامتنان لحياتهم ويريدون الاهتمام بما يثريها.
- الأشخاص الاكثر سعادة يريدون الحفاظ على هذه السعادة سواء بيئتهم أو المجتمع من حولهم.
- عندما يكون الناس أكثر اكتئاباً (وأقل سعادة)، يكونون أكثر تركيزاً على الذات.
- الأشخاص الأكثر اكتئاباً ليس لديهم الطاقة لإعادة التدوير أوالقيام بأنشطة أخرى للحفاظ على البيئة.
وخلصت الدراسة إلى أن السعادة لا يجب أن تكون عائقاً أمام الاستدامة، فالسعداء ليسوا أنانيين فهم لا يهتمون بسعادتهم رغماً عن الاستدامة أو البيئة.
تابعوا المزيد: طرق لتجعلي زوجك يشعر بالتميّز