تتجاوز مكانة سوق عكاظ في دوره الثقافي كنشاط موسمي تقيمه المملكة العربية السعودية كل عام، إلى مكانة أعمق تتمثل في البعد الحضاري والثقافي والحضاري للمملكة، وحظِيَ سوق عكاظ برعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث يعد أحد المشاريع الأساسية في برنامج خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري.
ويعتبر سوق عكاظ أكبر أسواق العرب في الجاهلية والإسلام، وهو أشهر ملتقى للتجارة والفكر والأدب والثقافة المتنوعة للقبائل العربية، والوافدين إلى السوق من أنحاء الجزيرة العربية، يحضره فحول الشعراء، والخطباء، والأدباء، ويمارس فيه رواد السوق الألعاب الرياضية ومنها الفروسية والعدو والرمي.
سبب تسميته بهذا الاسم
يعود سبب تسمية سوق عكاظ بهذا الاسم؛ لأن العرب كانت تجتمع فيه فيعكظ بعضهم بعضاً بالمفاخرة؛ (أي يتفاخرون فيما بينهم)، كما كان السوق بمعناه العصري معرضاً يعرض كل صاحب بضاعة بضاعته، فهو المكان الأكبر للبيع والشراء واجتماع القوافل في الجزيرة العربية، إلى جانب سوق "مجنة" الذي كانت تقيم فيه العرب 20 يوماً من ذي القعدة، ثم تنتقل إلى سوق ذي المجاز حتى بداية موسم الحج. وكان لسوق عكاظ مكانة عظيمة عند العرب؛ حيث كانوا يعتبرونه منصة لعاداتهم والتعرف على أحوالهم السياسية والاجتماعية، وحتى عرض أفكارهم ومعتقداتهم، حيث كانت تتوافد عليه العرب والعجم من كل مكان.
حرص السعودية على الحركة الثقافية والأدبية
وتأتي أهمية سوق عكاظ اليوم؛ كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- أول من اهتم بتعيين وتحديد مكان سوق عكاظ عندما كلف الدكتور عبد الوهاب عزام -رحمه الله- بزيارة المنطقة والتحقق من موقع السوق وآثاره الباقية، فقام بالمهمة وألف كتابه المعروف بعنوان: "عكاظ "، وكان للأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- جهودٌ في الدعوة إلى إحياء سوق عكاظ.
واستمرت الدعوة إلى إحياء سوق عكاظ والمطالبة إلى إعادة مجده وسابق عهده، حتى كان ذلك في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود –رحمه الله- عام 1428هـ بعد غياب استمر حوالي "1300" سنة، وافتتحه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة.
ويستمر سوق عكاظ كل عام، ويظهر تطوراً جديداً في فعالياته المتنوعة، ويستقبل وفوداً دبلوماسية امتداداً لسلسلة الزيارات التي تنظمها وزارة الخارجية في إطار واجباتها نحو السلك الدبلوماسي؛ لتعريفهم بالإرث الحضاري والإنساني للمملكة، واطلاعهم على مختلف الحضارات والتطوير في المملكة، وبما تزخر به من طاقات كبيرة ونوافذ ثقافية عميقة متنوعة.