إن الكتابة بوجه عام تتطلب الخيال الواسع، والغوص في أعماق النفس البشرية، والتطرق لموضوعات تجذب القارئ وتجعل الاستفادة بمثابة مكافأة له على قراءة العمل الفني إلى جانب استمتاع نفسه.
وبحسب الروائي والسيناريست عبد الرحيم كمال، لسيدتي، هناك فروق كبيرة بين المجالين الروائي يختلف عن السيناريست في أن الأول يتعامل مع مشاعر وأحاسيس في حين أن الأخير يتعامل مع مشاهد، فهو يصف الصورة السينمائية بكل تفاصيلها الدقيقة وما تتطلبه من مفردات.. حوار.. موسيقى.. إكسسوار.. انفعالات.. الخ!.. ويتولى المخرج تحويل تلك الصورة إلى حقيقة واقعة يراها المشاهد..وبسرد بعض الفروق بين المجالين نجد:
*طبيعة طريقة العرض:
تُقرأ الرواية من خلال الكلمات، ويتشبع القارئ الشخصيات والأحداث دون أن يراها، ويعتمد فقط على خياله دون تدخل المخرجين.
وتكون طبيعة العرض في الرواية معتمدة على الصياغة اللغوية، والتعبيرات، واستخدام التشبيهات، والوصف الأدبي.
هذه الطريقة في العرض تسمح للكاتب الروائي أن يسبر أغوار البشر، ويتعمق في أفكارهم، ويتحدث عن دوافعهم. وتكون التجربة العامة متعمقة وأكثر تفصيلاً.
أما السيناريو فيعتمد مخرجه النهائي على التصور البصري والصوتي. بالطبع يوجد الكثير من الأمور التي يمكنك عملها بالصوت والصورة، كأن تأتي بمشهدٍ لرجل يتنقل في المدينة ليلاً مع صوت الراديو وهو يذيع أخبار اليوم بينما يعبر أمامه حفنة من الأطفال وهم يلعبون. ولكل عنصر من هذه العناصر على الشاشة هدفٌ تحققه.
لكن حدود السيناريو تقف عندما نصل إلى ما بداخل رأس الرجل، وهنا يكمن الاختلاف. يمكن للمخرج أن يستخدم الإضاءة، والملامح، والجو العام ليتحكم في نفسية المشهد ويعطي الانطباع المطلوب، لكنه لا يستطيع أن يرينا أفكار الشخصيات ودوافعها ومشاعرها.
هذا لا يعني أن الرواية أفضل من السيناريو أو أن السيناريو أفضل من الرواية، بل ما نحاول قوله هو أنهما نوعان مختلفان من الفن، ولكل منهما طابعه الخاص، واستخدامه الذي لا يبدله الآخر.
ومن الخطأ أن نخلط بينهما ونخترق القواعد، كأن ندخل الأفكار الداخلية للشخصية عنوة بين المشاهد كما يحدث في بعض المسلسلات الخليجية، حيث تسلط الكاميرا على الشخصية ويصاحب المشهد مقطع صوتي للشخصية وهي تعبر عن مكنوناتها.
ومن الناحية الأخرى لا يمكننا أن نختصر الوصف في الكتابة الروائية والاعتماد على المشاهد كما يحدث في السيناريو.
* الطول:
كما ذكرنا سابقًا فإن الرواية مطلوب منها التعمق والتغلغل في الشخصيات، وتتراوح صفحات الرواية من 200 إلى 1000.
لكن السيناريو يكون حوالي 100 صفحة فقط، ويعود ذلك إلى كون الرواية عملاً متكاملاً بحد ذاته، أما السيناريو فهو موجز ونص تخطيطي لما سيتم تمثيله وعرضه على الشاشة من حوارات وبصريات وصوتيات، ولا يكتمل إلا به.
*حرية التكوين:
يلتزم كُتاب السيناريو بنسق معين، ويتبعونه لكي يسهل على الفريق فهمه وتنفيذه. وبسبب ذلك توجد حدود يجب الالتزام بها.
كما يجب وضع المشاهد وطريقة تلقيه للفيلم بعين الاعتبار.
أما الرواية فلا حدود في طريقة كتابتها أو تكوينها، ويستطيع الكاتب أن يكتب ما تمليه عليه مخيلته دون الالتزام بشيء.
قد تُفرض على كاتب الرواية شروط من قبل دور النشر، خاصة التي تكون تجارية من الدرجة الأولى. لكنه بشكل عام يمتلك زمام التحكم ويستطيع السرد بأسلوبه الذي يناسبه.