العباءات من يارا
Dahlia abaya
Lily abaya
مكياج صالون: La Sirene Beauty and SPA
فكرة الطيران لم تكن لتراود خيال تلك الطفلة السمراء، لكنها لم تكن تخيفها في الوقت نفسه، بل كان يثير فضولها تساؤل كيف استطاع الإنسان أن يطير؟ حيث تم اختزال كل هذه المعاناة بجناحين من صنع البشر يطيران في السماء، أمر طالما أثار التساؤلات في مخيلتها. إنها بخيتة المهيري، أول فتاة إماراتية تحمل لقب كابتن طيار رسمياً. في لقاء جميل أخذتنا به إلى أجواء ومسافات سفرها.
هناك حلم يبدأ منذ الطفولة، هل ارتبط الطيران بها؟
أبداً لم أكن أحلم أن أقود طائرة، بل أن أصبح طبيبة، لتفوقي في مادة البيولوجيا، والرياضيات، لكنني كنت أحلم بمستقبل يرتبط بعمل كثير الحركة، فيه مفاجآت أكثر من وجودي في مجرد غرفة اسمها مكتب. بل كانت تنتابني تساؤلات عن عالم الطيران.
قالت أمي: كوني الأولى
ما الذي فاجأك أول ما اتخذت هذا القرار؟
يوم تخرجت من الثانوية، قررت دخول كلية الطيران، لكنني لم أعرف ممن أستفسر، لم أجد حولي أحداً في المجال لأسأله، أذكر أن أمي قالت لي: "ابنتي، كل مجال فيه أوائل، فكوني أنت من الأوائل، التي تفتح الطريق أمام الفتيات لكي يدخلن المجال بعدها، كوني الأولى التي تخبر تجربتها".
يوم نسيت اسمي
حدثينا عن اليوم الأول في كلية الطيران؟
يومها دخلت الكلية، ورحت أبحث عن صفّي، وبما أنني درست في مدرسة حكومية يعني أن صفي كله كان فتيات، فكنت أبحث عن صف يشبهه، وقفت عند صفي ونظرت، فوجدت كله شباناً، قلت في نفسي لا بد أن هناك خطأ ما، فصرت أسير جيئة وذهاباً إلى أن وقفت بجانب أمن الكلية. سألت موظفاً عن الصف فأشار لي إلى نفس الباب الذي وقفت أمامه، فدخلته بعد بدء الدرس بعشر دقائق، فاجأني صوت المدرس وكان بريطانياً، قال لي: Miss Bakhita, you're late، عرّفي بنفسك واجلسي في مكانك، هنا خفت وتجمدت ونسيت اسمي، كنت الوحيدة بين 12 متدرّباً.
هل نقلت إحساسك لأهلك؟
بعد انتهاء الدرس، أخذت مكاناً في الكلية واتصلت بأمي، التي تعمل مراسلة في شرطة دبي، وكلمتها بصوت مرعوب قلت لها: أمي.. أمي.. أنا البنت الوحيدة في الجامعة، فردت ببرود: "وماذا يعني هذا.. هل هناك سبب آخر اتصلت لأجله يجب أن أعود لعملي"! وأقفلت الخط، لاحقاً، قالت لي أمي لو لم أكلمك بهذه اللهجة لما كنت أنت الفتاة التي عليها اليوم.
دعم المرأة في طيران الإمارات
كيف كان أول طيران لك وحدك؟
بعد أن درست لـ9 أشهر في دبي، حيث خضعت للفحص الطبي الشامل، وبدأت ببرنامج الطيارين، ونجحت فيه، سافرت لأتابع في إسبانيا لمدة سنتين، بدأنا بالدروس النظرية، ثم رحت أطير بطائرات صغيرة بمحرك واحد تتضمن 10 رحلات لمدة 10 أيام، كل يوم ساعة مع مدرب، فقرر المدرب جاهزيتي للطيران وحدي، كانت رحلة لا أستطيع وصف شعوري فيها، لم يكن أحد في الطائرة غيري، في مطار قرطبة، كنت أريد أن أصيح، أضحك وأبكي، كنت فخورة بنفسي، كان عمري 19 سنة، وأقود طائرة بنفسي، ثم بدأت طائرة القيادة تكبر بالتدريج، إلى أن طرت بـالبوينغ 777 في 31 ديسمبر 2015.
أول رحلة كان معك ركاب؟ وكيف كان موقف من حولك؟
كان عمري 21 سنة ينتابني شعور الفتاة التي ترفع علم بلادها عالياً، في سماء العالم، وبعدها بعدة رحلات كنت أطير إلى بانكوك، فرحبت بالناس على الطائرة باللغة العربية، وعرفتهم بنفسي أنني قائدة الطائرة، "بخيتة بنت مسحار المهيري" من دولة الإمارات العربية، وتمنيت لهم رحلة آمنة، لكن راكباً إماراتياً كبيراً في السن، استنكر أن تكون القائدة فتاة، وعندما وصلنا بانكوك، كان مصراً أن يسلّم عليّ ويلتقط معي صورة، ليريها لأولاده، وراح يمدح كم كانت الرحلة مريحة من دون مطبّات.
رحلات لتوزيع لقاح ضد الكورونا
ما هي أكثر رحلة حافلة بالتحدي؟
كانت السنة الماضية، حين اقتصر الطيران على شحن المساعدات، وقد قُدتُ رحلات لتوزيع لقاح ضد الكورونا، كنت فخورة لأنني أساهم في هذا عبر العالم. لأعود وألتزم بالحجر.
أنت كفتاة، كيف تجسدين فكرة الاتحاد
كلّي فخر أن أكون جزءاً منها، لأن دولتنا الإمارات وصلت لما نحن عليه في 50 سنة فقط، من رمال الصحراء إلى صحراء المريخ. دولتنا لم تقصّر تجاه أحد، أنا أرد الجميل، وهذا واجبي. وأريد أن أقول لكل من يعيش على أرض هذه الدولة، أن اعملوا كل ما في مقدوركم للمحافظة على الأمن والأمان الذي أعطتكم إياه الإمارات.
أنت جميلة، لكن هل من السهل أن تلتقي بشاب وترتبطي به؟
لو سألتني هذا السؤال قبل سنوات، كنت قلت لك صعب، لكن الآن أصبح سهلاً لأن تفكير الناس هذه الأيام لم يعد كما كان في السابق؛ حيث أصبح ارتباط المرأة بعملها أمراً عادياً، بل مطلوباً، وأصبح الناس يعرفون أكثر عن الطيارين. كان مجالنا في السابق، غامضاً بعض الشيء. كما أن شريط الحياة ليس مجرد عمل، بل هو قسمة ونصيب.
هل تتابعين التفاصيل الجمالية التي تهتم بها كل الفتيات، هل عندك وقت لذلك؟
بالتأكيد، فأنا لا أقصر في حق نفسي، أشعر بأن البعض يعتقد أن هذا العمل يأخذ من أنوثتي، لكن العكس، يمكنك أن تكوني فتاة في أي مكان، وسواء كان الطيار ذكراً أو انثى، فالطائرة لا تعرف!
هل يعدّ التحليق آخر طموح؟
أذكر حواراً مع إحدى الفتيات، سألتني أنت أصبحت قائدة طائرة، ماذا بعد؟ فقلت لها: بعد الرخصة درست الماجستير، وأنا أفكر في التحضير للدكتوراه، وشاركت في الأعمال التطوعية، ثم فتحت مشروعاً خاصاً، فأنا أستورد البن الأخضر، وأوزعه على الفنادق والمستشفيات. كما أنني أخضع كل 6 أشهر للامتحان، وأطمح لمنصب أكون فيه مسؤولة عن الطيارين.