في يوم الأم.. رسائل أمل وعزيمة لكل النساء من أمهات ملهمات

رسائل أمل وعزيمة لكل النساء من أمهات ملهمات
رسائل أمل وعزيمة لكل النساء من أمهات ملهمات

سيِّداتٌ ناشطاتٌ، وملهماتٌ كلُّ واحدةٍ في مجالها، تحدَّين الصعابَ، وواجهن المجتمعَ، وأثبتن كفاءتَهن وجدارتَهن، وتحوَّلن إلى قدوةٍ لكلِّ سيِّدةٍ في حاجةٍ إلى دعمٍ نفسي. الممثلةُ المصريةُ داليا البحيري، ورائدةُ الأعمالِ السعوديةُ منار منشي، وسيدةُ الأعمال اللبنانية مها شدياق لمعت أسماؤهن نظيرَ إنجازاتَهن على مختلفِ الصعد. تكلَّمن لـ «سيدتي» بشفافيَّةٍ عن مسيرتهن، وكيف قمْن بتخطّي المشقّات على الصعدِ كافّةٍ، في الأعمالِ كما في الحياةِ المنزليةِ، ليبعثْنَ بذلك رسائلَ أملٍ وعزيمةٍ لكلِّ النساء.


الممثلة المصرية داليا البحيري: رسالة قسمت أبكتني في يوم الأم

داليا البحيري وابنتها قسمت


الأمومةُ رحلةُ حبٍّ غير مشروطٍ، يختلفُ أسلوبُ تقديمه، والتعبيرِ عنه بين جيلٍ وآخر، لكنْ يبقى الجوهرُ واحداً «الدفءُ، المسؤوليَّةُ، والشعورُ بالأمان»، وبين كلِّ أمٍّ وابنتها سرٌّ خاصٌّ، وغالباً ما تكون سبباً في بناءِ ثقتها بنفسها، وتعزيزِ قوَّتها لمواجهةِ تحدِّياتِ الحياة. عليه، تظلُّ هذه العلاقةُ على مرِّ العصورِ واحدةً من أكثر العلاقاتِ تأثيراً في تشكيلِ شخصيَّةِ أي فتاةٍ. داليا البحيري، وابنتها قسمت، ينطبقُ عليهما ما تقدَّم تماماً، فالفنَّانةُ المصريَّة، ليست نجمةً فقط في عالمِ الفنِّ، بل وأمٌّ حنونٌ أيضاً، تعيشُ أمومتها بكلِّ تفاصيلها مع ابنتها، وتتعاملُ معها بوصفها صديقتها المقرَّبة. هذا ما أوضحته داليا وقسمت في لقاءٍ مليءٍ بالمشاعرِ، وزاخرٍ بالتجاربِ مع «سيدتي»، فتحتا فيه قلبهما، وهما تتحدَّثان عن رحلتهما الخاصَّة، وعلاقتهما التي تمتزجُ فيها الأمومةُ بالصداقةِ والحبِّ.

حوار | ميرنا عادل Mirna Adel
تصوير | يحي أحمد Yehia Ahmed


هل تتذكَّرين أوَّلَ هديَّةٍ قدَّمتها لكِ ابنتكِ في يومِ الأمِّ؟

داليا: ابنتي احتفلت بي للمرَّةِ الأولى بمناسبةِ يومِ الأمِّ العامَ الماضي. أحضرت لي قسمت ورداً، وكتبت لي رسالةً، أبكتني كثيراً. في الأعوامِ السابقة، لم تحتفل بي في هذا اليوم، لأنها كانت صغيرةً، ولم يُذكِّرها أحدٌ بالمناسبة. أمَّا في المدرسةِ، حينما كانت طفلةً، فقدَّمت لي بطاقةَ تهنئةٍ، يقدِّمها الأطفالُ عادةً في يومِ الأمِّ، وما زلتُ أحتفظُ بها، وأقرؤها كلَّ عامٍ في هذا اليوم، لأن ذلك يلامسُ قلبي. كذلك كتبت لي عديداً من الرسائل، لكنَّها كانت مملوءةً دائماً بالاعتذارات.

بماذا تشبهكِ ابنتكِ؟

داليا: قسمت تشبهني في شخصيَّتي، فهي حينما تريدُ فعل شيءٍ، تفعله، لأن عندها إصراراً كبيراً مثلي، كما أن طريقتها في النقاشِ، تشبهني تماماً، وحتى أثناء الخلافِ، تتحدَّثُ بأسلوبي نفسه، لكنَّها في المقابل أكثر حناناً مني، وهذا كان يثيرُ استغرابي عندما كانت صغيرةً! فعادةً، تكون الأمُّ المُبادِرةَ لمصالحةِ أبنائها، لكنْ ما كان يحدثُ معنا عندما كنا نتشاجرُ، كان العكس، إذ تأتي إليَّ، وتقولُ: «كلُّ شيءٍ سيكون على ما يرام». قسمت فتاةٌ حنونةٌ، جميلةٌ، وعقلانيَّةٌ على الرغمِ من صغرِ سنِّها.

ما سرُّ صداقتكما القويَّةِ قبل علاقتكما بوصفكما أماً وابنتها ؟

داليا: لطالما انتظرتُ اليوم الذي تصبحُ فيه ابنتي صديقتي المقرَّبة. نحن نخرجُ معاً، ونتناولُ الفطورَ سوياً. كنت أتمنَّى ذلك كثيراً، فأنا أحبُّ أن يكون لدينا وقتٌ مميَّزٌ معاً مثل السفرِ، والتسوُّق.

قسمت: والدتي، هي أوَّلُ مَن يعرف عني أي شيءٍ، سواء مشكلاتي، أو المواقفَ التي أمرُّ بها. هي الوحيدةُ التي عندما أتحدَّثُ معها عن مشكلاتي، أشعرُ وكأنَّها صديقتي، وليست فقط أمي.

ما الأمورُ التي تختلفان دائماً حولها؟

داليا: طوالَ الوقتِ قسمت لا يُعجبها أسلوبي في اختيارِ الأزياءِ! وترى أنني لا أواكبُ الموضة! عندما أسألها عن رأيها، لا تكون صريحةً معي، وإن أجابت، تقولُ فقط: «ليس جميلاً». أو «ليس ذوقي»! لذا توقَّفتُ عن أخذ رأيها في ملابسي، وأخبرها دائماً بأن كلَّ مَن حولي يحبُّون ذوقي ومظهري، لكنَّها لا تقتنع! مرَّت فترةٌ، كانت ترى فيها أن كلَّ ملابسي ليست جيِّدةً، لكنَّها بعد ذلك بدأت تأخذُ مني قطعاً كثيرةً لترتديها!

لدي أكثر من أسلوبٍ في الملابسِ بين الرسمي، والكاجوال، والملابسِ الواسعةِ، وهي تحبُّ هذا الجزءَ تحديداً، كما تُعجبها حقائبي كثيراً، لكنَّها ليست متاحةً لها. أخيراً، بدأتُ أوافقُ على إعطائها بعضَ القطعِ، لأنها أصبحت كبيرةً، لكنَّني في الحقيقة، أحبُّ الحفاظَ على ملابسي، وأهتمُّ بها جداً. ابنتي عكسي تماماً في هذه النقطة.

داليا البحيري وابنتها قسمت

هل والدتكِ أمٌّ شبابيَّةٌ أم تقليديَّةٌ؟

قسمت: في الحقيقةِ، والدتي تتصرَّفُ أحياناً بروحٍ شبابيَّةٍ، وأحياناً أخرى تكون تقليديَّةً، لكنَّها في أغلب الأوقاتِ شبابيَّةٌ، إذ تسمحُ لي بفعل ما أريدُ طالما تشعرُ بالاطمئنان علي. هناك قواعدُ، وضعتها لي، وأتبعها بشكلٍ طبيعي، وأخرى أستغربُ منها أحياناً.

ما هذه القواعدُ التي تجعلكما تشعران باختلافِ الأجيال؟

قسمت: كنا نختلفُ كثيراً حول موضوعِ المبيتِ خارجَ المنزل فهذا الأمرُ، كان مرفوضاً تماماً بالنسبةِ لوالدتي.

داليا: قسمت تحبُّ أن تبيتَ عند صديقاتها، ومن جهتي، لا أمانعُ أن تقومَ بذلك، لكنْ بشرطِ أن تكون صديقةً مقرَّبةً منذ طفولتها، وأعرفها جيِّداً حتى أشعرَ بالاطمئنانِ عليها. لا أحبُّ البقاءَ في المنزل دونها، وأشعر بالراحةِ عندما تكون معي. عندما تسافرُ غالباً ما أكون معها، وفي مرَّةٍ، سافرت وحدها، لأنني كنت مضطرةً للبقاءِ في المنزل، فصرتُ أبكي كلَّما مررتُ أمامَ غرفتها. دمعتي ليست قريبةً في العادة، لكنْ مع ابنتي تكون قريبةً، حسبَ المواقف.

داليا، كيف تواكبين جيلَ ابنتكِ، وهل تُربِّينها بأسلوبِ والدتكِ، أم أن اختلافَ الأجيالِ، يجعلكِ تعتمدين طريقةً أخرى؟

داليا: بالتأكيد كلُّ جيلٍ يختلفُ عن الآخر، لكنْ هناك أساسيَّاتٌ، لا تتغيَّر مثل الأصولِ والعاداتِ والتقاليد، وهذا مع بعضِ المرونةِ في التعامل. جيلُ قسمت أكثر انفتاحاً على العالمِ بسببِ السوشال ميديا، لذا أحاولُ دائماً أن أكون قريبةً منها، وأن أسمعها، وأن أجعلها تشعرُ بالأمانِ لتشاركني كلَّ شيءٍ. بصراحةٍ، أشعرُ بالشفقةِ على هذا الجيلِ فحياتهم، تدورُ حول مواقعِ التواصل، وعمليَّاتِ التجميل، والصور! لذا من المهمِّ أن نتحدَّث معهم، وأن نعرفَ ما يدورُ في ذهنهم. ثم في النهاية، لا أحدَ، يستطيعُ أن يقولَ: إنه يُربي أبناءه بطريقةٍ مثاليةٍ. نحن نبذلُ ما في وسعنا، ونستعينُ بالله ليُوفِّقنا في تربيتهم، ودائماً ما أدعو: «يا رب، احفظها لي، وساعدني في تربيتها، فأنا وحدي لن أستطيعَ فعل شيءٍ بمفردي».

ما النصيحةُ التي تُقدِّمها لكِ والدتكِ دائماً؟

قسمت: دائماً ما تقولُ لي: كوني على طبيعتكِ كما أنتِ. أنتِ مميَّزةٌ مهما كان المحيطون بكِ مختلفين عنكِ.

في يوم الأم... ما رأيك بالاطلاع على الأم في عيون تشكيليات عربيات

 

 

 

 

رائدة الأعمال السعودية منار منشي: عندما تكون الأمومة مصدر إلهام

منار منشي

 


بلا شكٍّ أن الأمومةَ اليوم، باتت مهمَّةً صعبةً، ومثقلةً بالمسؤوليَّاتِ المرهقة مع اختلافِ ظروفِ الحياة، وتوجُّه النساءِ لسوقِ العمل إما لتحقيقِ طموحاتهن، أو مساندةِ أزواجهن مادياً، إذ تجدُ المرأةُ نفسها يومياً أمام امتحانٍ صعبٍ، يتمحورُ حول كيفيَّة التوفيقِ بين دورها بوصفها زوجةً، وأماً، وربَّةَ منزلٍ، وبين دورها المهني.

منار منشي، اختصاصيَّةُ التغذية، ومُعلِّمة التربيةِ الإيجابيَّة، ورائدةُ الأعمال، ألهمتها الأمومةُ، وكلُّ التساؤلاتِ المطروحةِ حول هذا الدور، والتحدِّياتُ التي تواجهها النساءُ اليوم لإطلاقِ منصَّةٍ، تساندُ الأمَّهات، سمَّتها «نادي الأمهات» Mommies Club. تُحدِّثنا منار في حوارها مع «سيدتي» عن الأمومةِ الملهمة، ومفهومِ التربيةِ الإيجابيَّة، وكيفيَّة تطبيقه للحفاظِ على نظامٍ أسري متوازنٍ محصَّنٍ ضد كلَّ الصعاب.

 

حوار | عبير بو حمدان Abeer Bou Hamdan
تصوير | علي خمج Ali Khamaj

 

والدتي ملهمتي

بدايةً، يحتفي شهرُ مارس بالمرأةِ، «امرأةً وأماً»، ما رسالتكِ للنساءِ في هاتين المناسبتَين؟

أهنِّئ نساءَ السعوديَّة جميعاً على التمكينِ الذي يحظين به، والنجاحِ الذي يُحقِّقنه كل يومٍ، وأذكِّرُ نفسي وأذكِّرُهن بأهميَّة التوازنِ بين العملِ والحياة. أعلمُ جيداً أن الموازنةَ صعبةٌ ومُجهدةٌ، لكنْ أسرنا وأطفالنا، يستحقُّون العناء.

مَن الشخصيَّةُ النسائيَّة التي ألهمتكِ في نجاحاتكِ؟

قد تكون إجابتي «كليشيه»، لكنْ صدقاً ملهمتي، هي والدتي منال مندورة. دورها بوصفها أماً، رفعَ معاييرَ الأمومةِ بالنسبةِ لي، وعلى الرغمِ من أنها ربَّةُ منزلٍ إلا أنها استطاعت وبجدارةٍ، أن تكون مُلهمةً، ومُحفِّزةً على التفوُّق المهني أيضاً.

كيف ظهرت فكرةُ نادي الأمَّهاتِ لديكِ؟

في مرحلةِ ما قبل تأسيسِ Mommies club، كنت مُحاضِرةً في جامعةِ جدة، وتحديداً في علومِ الرياضة، لكنَّني أجريت تحوُّلاً كبيراً في مسيرتي المهنية حتى أحقِّقَ حلماً، راودني فترةً طويلةً، وتعزَّزت أسبابه بعد أن أصبحتُ أماً، إذ وجدتُ، من خلال تبادلِ الحديثِ مع أمَّهاتٍ أخرياتٍ، أننا نتشاركُ التحدِّيات نفسها، وبالبحثِ عن الحلول، ظهرت فكرةُ نادي الأمَّهات، فناقشتها مع شريكتي رغدا صادق، وهي مدرِّبةٌ حياتيَّةٌ للأمَّهات، وقرَّرنا أن نجتمعَ مع صديقاتٍ لنا، لكنْ أن يكون لدينا محورٌ معيَّنٌ لنناقشه خلال التجمُّع، وتدريجياً توسَّع هذا التجمُّع، لننتقلَ إلى إجراءِ تجمُّعاتٍ افتراضيَّةٍ عبر برامجِ التواصل.

ارتفاع المعايير

أمَّهاتُ اليوم لا يشبهن أمَّهاتِ الأمس نظراً لاختلافِ ظروفِ حياتهن، في رأيكِ هل حياتنا اليوم بوصفنا أمَّهاتٍ أسهلُ، أم أصعب؟

حياتنا بوصفنا أمَّهاتٍ، أصبحت أصعبَ بعد ارتفاعِ المعايير، وزيادةِ المسؤوليَّات مع دخولِ المرأةِ سوقَ العمل، لكنَّها أسهلُ من جهةِ قلَّةِ عددِ الأطفال مقارنةً بالأجيالِ السابقة، وتوفُّرِ المختصِّين في التربيةِ، والدعمِ النفسي للأمَّهات. ولا ننسى تعاونَ الأزواجِ من هذا الجيلِ بشكلٍ ملحوظٍ مع زوجاتهن في مسؤوليَّات المنزلِ والأطفالِ، وهذا ما أثبتته عديدٌ من الدراسات.

أحياناً، تقفُ الأمومةُ حاجزاً أمامَ التطوُّرِ المهني، والعكسُ صحيحٌ. في حالتكِ، الأمومةُ كانت ملهمتكِ، حدِّثينا عن ذلك؟

فعلاً. حين لاحظتُ أن كلَّ الأمَّهات، يجتمعن في مواجهةِ تحدِّياتِ الأمومةِ نفسها، قرَّرتُ دراسةَ التربيةِ الإيجابيَّة، وتأسيسَ نادي الأمَّهات «ماميز كلوب» مع شريكتي «اللايف كوتش» رغدا صادق لدعمِ الأمَّهات نفسياً، ومساعدتهن في تربيةِ أطفالهن بطرقٍ حازمةٍ، وحنونةٍ في الوقت نفسه.


التربية الإيجابية لا تعني التساهل

منار منشي



أنتِ أمٌّ لطفلِ، وتستعدِّين لاستقبالِ طفلٍ آخرَ، ما «الخطَّةُ» التي تُطبِّقينها في سياقِ التربيةِ الإيجابيَّة لتحضيرِ طفلكِ لهذه المرحلةِ الجديدة، ووجودِ طفلٍ آخرَ، يُقاسمه حبَّ العائلةِ وكلَّ شيءٍ؟

بدايةً، خطَّطتُ للحملِ مرَّةً أخرى في العمرِ الذي يستقلُّ فيه طفلي الأوَّلُ فيما يتعلَّقُ بالأكلِ، وارتداءِ الملابس، ودخولِ الحمام، وغير ذلك، وأثناء الحملِ، حرصتُ على الحديثِ عن المواليدِ الجددِ في العائلة، ومناقشةِ مميِّزاتِ قدومِ أخٍ صغيرٍ للبيت، وأنوي بعد الولادةِ تخصيصَ وقتٍ نوعي لطفلي الأوَّل لنلعبَ وحدنا دون أي مُشتِّتاتٍ لفترةٍ قصيرةٍ حسبما يناسبُ وقتي. أذكِّرُ نفسي وكلَّ الأمَّهات أن جميعَ الاستعداداتِ قد لا تكفي، إذ من المحتملِ أن تظهرَ سلوكيَّاتٌ جديدةٌ وغير مرغوبةٍ عند الطفلِ الأوَّل، وهذا أمرٌ متوقَّعٌ بدافعِ الغيرة، لذا علينا التعاملُ معها بتفهُّمٍ وحزمٍ.

كيف ترين انعكاساتِ التربيةِ الإيجابيَّة على شخصيَّة طفلكِ اليوم؟

طفلي اليوم قليلُ الإلحاحِ إلى حدٍّ ما، لأنه معتادٌ على ثباتِ القوانين والآراءِ في البيت، ولديه القدرةُ على النقاشِ، والإقناعِ أحياناً نتيجةَ الحوارِ المستمرِّ معي ومع والده. لكنْ، ومثل أي طفلٍ آخرَ، أواجه تحدِّياتٍ سلوكيةً لديه، وبتوفيقِ الله، ثم بفضلِ التربيةِ الإيجابيَّة، أتمكَّن غالباً من فهمِ الدافعِ خلف سلوكه، ثم علاجه، وبالتالي يختفي السلوكُ غير المرغوب فيه من تلقاءِ نفسه.

مجتمعاتنا إلى أي مدى تحتضنُ حالياً هذه المفهوم، وما الطرقُ لنتحوَّلَ إلى مجتمعاتٍ إيجابيَّةٍ تماماً؟

هذا المفهومُ، انتشرَ كثيراً في الأعوامِ الأخيرةِ، ولله الحمد، لكنْ ما زالت عبارةُ «التربية الحديثة» وصمةً، تُطلَقُ على كلِّ طفلٍ تمَّ تربيته بالتساهل. نحن نسعى إلى تصحيحِ هذا المُعتَقدِ في «ماميز كلوب».

هناك خيطٌ رفيعٌ بين التربيةِ الإيجابيَّة، والتساهلِ، وغيابِ النظام، والحزمِ، عرِّفينا على الفرقِ بينها؟

يعتقدُ الكثيرون، أن التربيةَ الإيجابيَّة، تعني أطفالاً مشاغبين، ولم تتم تربيتهم جيداً! وهذا اعتقادٌ غير صحيحٍ، ويعودُ سببه إلى ظنِّهم أن الضربَ، والإهانةَ، والعقاب الوسائلُ الفاعلةُ للتربية، وعدمُ استخدامها مع الطفلِ، يعني عدمَ تربيته وتقويمِ سلوكه، بالتالي التساهل! التربيةُ الإيجابيَّة، تجمعُ بين الحزمِ والحنان، ونقصدُ بالحزمِ اتِّفاقَ الوالدين على الخطوطِ العريضةِ في التربية، والثباتَ على القوانين المتَّفقِ عليها، وعدمَ السماحِ للطفلِ بتقليلِ احترام الكبار، خاصَّةً والديه، وهذا مثلاً لا يتمُّ فرضه بالعقابِ، أو التأنيب، بل بغرسِ قيمةِ الاحترام لدى الطفلِ منذ نعومةِ أظافره، وتذكيره بها مراراً وتكراراً. وبما أننا نتكلَّمُ عن الاحترامِ بوصفه مثالاً، يجبُ علينا نحن أيضاً احترامَ الطفل، وهنا يأتي دورُ الحنانِ، الذي نعني به في التربيةِ الإيجابيَّة عدمَ المساسِ بكرامة الطفلِ سواءً بالعنفِ الجسدي، أو الإهانةِ اللفظيَّة.

في يوم الأم... يمكنك الاطلاع على هذا اللقاء مع الممثلة سمر ششة ووالدتها أماني الجميل


سيدة الأعمال اللبنانية مها شدياق: تحدي الصعاب يحقق النجاح

مها شدياق

 

يُعدُّ الوردُ رمزاً للرومانسيَّة بالنسبةِ لأغلبِ النساء، وهديَّةً لا تُقدَّر بثمنٍ، فكيف يكون الوضعُ عندما يصبح تنسيقُ الزهورِ مهنةً، وشغفاً لا حدودَ له، كما هو الحالُ مع مها شدياق، التي وجدت نفسَها وحلمها في هذا العملِ على الرغمِ من الصعوباتِ التي واجهتها خلال انتقالها من مرحلةٍ إلى أخرى أثناء امتهانه.

 

حوار | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
تصوير | فاتشيه أباكليان Vache Abaklian

 

لا تختلفُ الأمُّ المُطلَّقةُ، أو الأم التي تربّي أولادها بمفردها، عن أي أمٍّ أخرى، فهي تمارسُ حياتها بشكلٍ طبيعي يومياً مع أولادها مهما كانت التحدِّياتُ. في هذا الجانبِ، ينصحُ الخبراءُ بأن تتذكَّري دائماً أموراً عدة مثل التوقُّفِ عن مقارنةِ نفسكِ بأحدٍ، واختبارِ أمومتكِ بطريقتكِ الخاصَّة، والتركيزِ على الميِّزاتِ التي تتمتَّعين بها، وفعلِ ما في وسعكِ لتكوني أنتِ كما تريدين.

حول هذا الموضوعِ، تقولُ مها شدياق، صاحبةُ محلٍّ للزهورِ والحلويَّات، وأمُّ لين وطارق: «الأمومةُ أعظمُ شيءٍ حصلَ معي في حياتي. أنا فخورةٌ جداً بهذا اللقبِ، لأن طفلَي، هما كلُّ حياتي. الأمومةُ تجربةٌ فريدةٌ، تمتزجُ فيها مشاعرُ الحبِّ العميقِ مع التضحياتِ الكبيرة. الأمومةُ أحدُ أهمِّ الأدوارِ التي يمكن أن تؤديها السيِّدةُ في حياتها، إذ تعكسُ عمقَ الروابطِ العاطفيَّة والروحيَّة بين المرأةِ وأولادها. هي ليست وظيفةً، إنها حالةٌ مستمرَّةٌ من العطاءِ، والحنانِ، والرعايةِ غير المشروطة.« مضيفةً: «كل شيءٍ بالنسبةِ لي تغيَّر عندما أصبحت أماً، لأنهما فرحةُ حياتي. كلُّ ما أقومُ به اليوم، هو انعكاسُ لحبِّي لهما، وانعكاسٌ لشغفي بالعمل الذي أمتهنه. كلُّ هذه العوامل، تجعلني أعيشُ اليوم معهما حياةً إيجابيَّةً فيها كثيرٌ من الفرحِ، والأملِ، والقناعةِ، والرضا. لا يمكننا تجاهلُ الحبِّ الكبيرِ الذي تكنُّه الأمُّ لاولادها، هذا الحبُّ هو الذي يدفعها لتقديمِ التضحياتِ الكبيرةِ دون تردُّدٍ، إذ تضعُ احتياجاتهم قبل احتياجاتها، وتعملُ بجدٍّ لتوفيرِ الأفضل لهم في كلِّ الجوانبِ، ليعيشوا في بيئةٍ آمنةٍ ومستقرَّةٍ».

وترى شدياق، أن «الأمومةَ، تأتي مع عديدٍ من التحدِّياتِ، فالأمَّهاتُ، يواجهن ضغوطاً كبيرةً، في مقدِّمتها تلبيةُ الاحتياجاتِ اليوميَّة للأسرة، والتعاملُ في الوقتِ نفسه مع متطلِّباتِ العمل. من جهتي، أسعى إلى تحقيقِ التوازنِ بين الحياةِ الشخصيَّة والمهنيَّة. هذا التوازنُ، يمكن تحقيقه من خلال تنظيمِ الوقت، وتحديدِ الأولويَّات. تستطيعُ الأمَّهاتُ العملَ على تطويرِ مهاراتِ إدارة الوقت، واستخدامِ التكنولوجيا لتسهيلِ عديدٍ من المهامِّ اليوميَّة، ما يساعدهن في حصدِ النجاحِ بكلا المجالَين، وفي رأيي، كلَّما كنتِ شغوفةً بعملكِ، كنتِ ناحجةً أكثر».

مها شدياق

 

وعن أبرزِ التحدِّياتِ التي صادفتها، تجيبُ: «واجهت صعوباتٍ متنوِّعةً، لكنْ مع الإصرار، وخوضِ مجالاتِ عملٍ مختلفةٍ، بينها التصويرُ والرسمُ والموزاييك، استطعتُ أن أكتشفَ نفسي أخيراً. لقد وجدتُ أنني شغوفةٌ بتنسيقِ الزهور، وهو ما ساعدني على تخطيها. لا أخفيكم سراً إذا قلت إنني بدأتُ هذا العملَ في موقفٍ للسيارات، إذ كنت أجهِّزُ الباقاتِ للزبائن في سيارتي، ومع الوقتِ، انتقلتُ إلى مرحلةٍ جديدةٍ، وصار عندي محلٌّ خاصٌّ بي، وحقَّقتُ حلمي».

وتزيدُ شدياق، متحدِّثةً عن تربية طفليها: «لدي لين وطارق. لقد أعطياني أملاً، وهدفاً بأن أستمر، وأواجه كلَّ ظروفِ الحياة، وهما اليوم يفتخران بي وبعملي. أنا شخصٌ إيجابي في الحياة، لذا أسعى دائماً إلى تحويلِ كلِّ ما يحصلُ معي إلى مواقفَ إيجابيَّةٍ حتى أتقبَّلها بطريقةٍ سلسةٍ، وهذه الطريقةُ، علَّمتها لطفلَي، واليوم يعتمدانها في حياتهما اليوميَّة. الأمومةُ ليست دوراً فقط، الأمومةُ فنٌّ، وحبٌّ لا ينتهي».

وتستطردُ عن حياتها: «عندما انتقلتُ من مرحلةِ الزواجِ إلى مرحلةِ الانفصال، نظرتُ إلى هذا الأمرِ بشكلٍ إيجابي، لأنني أرى الحياةَ دروساً، وخبراتٍ، ومراحلَ، كلُّ واحدةٍ منها لها معانيها وميزاتها. لماذا لا نتقبَّلُ هذه المراحل بحلوها ومرِّها بشكلٍ إيجابي، ونستفيدُ منها في بناءِ المستقبل. النتيجةُ وقتها، ستكون بالتأكيدِ لصالحنا؟!».

وتؤكِّدُ شدياق على فكرتها بالقول: «تحدِّي الصعاب وسيلةٌ فاعلةٌ لتحقيقِ النجاحِ، والتفوُّقِ، ويسهمُ في اكتسابِ مهاراتٍ جديدةٍ في الحياة. من الجميلِ أن تكون السيِّدةُ قادرةً على مواجهةِ العوائقِ مهما كانت بشجاعةٍ وقوَّةٍ وعزيمةٍ وإرادةٍ. بذلك فقط ستصلُ إلى أهدافها. تحدِّي الصعاب بجدارةٍ، في رأيي، يستندُ إلى الخبرةِ المكتسبةِ من التجاربِ الحياتيَّة، والرغبةِ في النجاح، والمرأةُ إذا ما أرادت مواجهةَ التحدِّيات بفاعليَّةٍ فعليها التغلُّب أولاً على مخاوفها».

وأخيراً، تُقدِّم شدياق رسالةً لكلِّ سيِّدةٍ وأمٍّ. تُخاطبها: «أحبِّي نفسكِ، وهذا الأمرُ لا يعني أنكِ أنانيَّةٌ. غذِّي نفسكِ وروحكِ حتى تُغذِّي عائلتكِ والمحيطين بكِ».

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط