منذ العصور القديمة، عبّر الإنسان عن مكنونات ذاته وعن أحوال حياته عبر النقش على الجدران، وخلّف ملايين الرموز التي لا تزال ماثلة على الصخور والأسطح في بعض المواقع التاريخيّة. لم يتخلّ الإنسان المعاصر، بدوره، عن هذا الميل، لكن على طريقته؛ فالنقوش حاضرة في معظم المنازل العصريّة عن طريق وسائط مختلفة، منها: أنسجة المفروشات وورق الجدران... وهي تعكس توق الإنسان المعاصر إلى التقرّب من الطبيعة أو حبّ السفر أو التمسّك بالإرث.
حسب مهندسة التصميم الداخلي مايا شكر، تُعبّر الديكورات المنزليّة في موضة 2022، عن الأحاسيس الداخليّة الخاصّة بمالك المساحة أو الساكن فيها، فموجودات المنزل تعكس مشاعر صاحبه، كما شخصيّته وفرادته من جهةٍ، وتؤكّد من جهةٍ ثانيةٍ على الرابط بالمنزل، الذي تحوّل إلى ملاذ من "الحياة الأخرى" الدائرة في الخارج، والمسيطرة عليها أخبار الوباء ومتحوّراته، وأخبار العالم المضطرب... توسّع المهندسة فكرتها، قائلةً لـ"سيدتي" إن "النقوش وفيّة لناحية إبراز مشاعر الشخصيّة التي تختارها، كما سماتها". وتضيف أن "النقوش الدارجة، في أنسجة المفروشات والسجاجيد وإكسسوات المنزل وورق الجدران، كبيرة الحجم، وهي تفرض حضورها في الفراغ المعماري، بعد أن كانت سيطرت ألوان "النيود" والرمادي السادة عليه، وطبعته بطابع بسيط وصامت".
5 نقوش دارجة في ديكورات 2022
1. تتقدّم النقوش، تلك المستلّة من الطبيعة الخضراء، في إعلان صريح عن رغبة صاحب المنزل بأن يتصل أكثر فأكثر بالخارج، مع طول الساعات التي يقضيها في المساحة الداخليّة، التي أصبح يعمل منها ويرفّه عن نفسه داخلها...
في هذا الإطار، تتحدّث المهندسة مايا عن ورق الجدران المنقوش بنقوش متأثّرة بأوراق الأشجار، مثلاً، أو بالغابة وحيواناتها، أو بالماء... والملوّن بألوان الطبيعة، لا سيّما الأخضر بينها. علماً أن هذا النوع من النقوش ليس جديداً، فقد برز في مجموعات دور الديكور المختلفة، منذ بدء الجائحة، ولمّا يزل "صامداً".
3. تلفت "الموتيفات" المتأثرة بالأسفار؛ في ظلّ تراجع حركة السياحة الداخليّة والسفر الدولي، يعبّر بعض الناس عن توقهم إلى الجولات في بلاد الله الواسعة عن طريق بعض التفاصيل في منازلهم، ومنها النقوش. خلال السفر، يضع المرء نصب عينيه التعرّف إلى ثقافات الشعوب؛ النقوش المتأثرة بهذه الأخيرة، لا سيّما الشرقيّة منها، كاليابانيّة والصينيّة، والأفريقيّة (النقوش العائدة للقبائل) تميّز ورق الجدران الدارج أخيراً، كما السجاجيد والبسط وأنسجة الوسائد...
تعلّق المهندسة مايا على هذا "الموتيف"، فتقول إنّه "بالإضافة إلى التعبير عن حبّ السفر، هو يمثّل طريقةً في تحيّة الأبناء الأجداد وإبداء الأوَل الاحترام للإرث الذي تركوه لنا". وتضيف أن "منازل المغتربين عن بلدانهم تحمل غالباً إكسسوارات أو عناصر في الديكور تحكي عن الأصول والموطن من خلال النقوش". الجدير بالذكر أن استذكار النقوش يشير إلى تواصل الحضارات، ويسمح بالتعمّق في أنماط الحياة الماضية، بميادينها المختلفة، من علاقات إنسانيّة وتجاريّة...
4. ترجع النقوش الهندسيّة التي ظهرت في ستّينيات القرن الماضي إلى واجهة 2022، مع ملاحظة كبر حجم الأشكال الهندسيّة (كالدائرة أو المربّع...) وتلوّنها بألوان عدة (تكنيكولور)، كالزهري والأخضر وغيرهما من الألوان... تحمل السجاجيد والبسط بخاصّة، النقش المذكور، وهي تفرض نفسها في الفراغ المعماري.
5. تدرج المواد النافرة وخشنة الملمس تحت فئة النقوش، على الرغم من أنّها ليست كذلك. تكسو المواد المذكورة الأسطح، كالجدران والأرضيّات (السجّاد)، وحتّى المفروشات وظهور الأسرّة. هي تناسب، مهما كان السطح الذي يحملها، هواة الألوان الحياديّة في المنزل، أولئك الذين يرغبون في جعل مساحاتهم مثيرة للاهتمام عن طريق الشكل والملمس، من دون المغالاة في توظيف الألوان فيها.
دمج النقوش الدارجة ببعضها البعض مستبعد
السؤال عن إمكانيّة دمج النقوش المذكورة آنفاً ببعضها البعض، تجيب عنه المهندسة مايا، قائلة إن "التنسيق بين النقوش المختلفة في الغرفة الواحدة ممكن، عموماً. لكن، النقوش الدارجة والمذكورة آنفاً كبيرة الحجم (قد تغطي مساحة لا يستهان بها من الغرفة، كما في حالة ورق الجدران أو الأريكة الرئيسة) وملوّنة، لذا يفضّل البعد عن دمج أي نقش منها بآخر، وذلك للإبقاء على إطلالة الديكور عصريّة، مع استثناء متمثّل في إمكانيّة حلول الطبعات المستلة من الطبيعة وتلك الريفيّة في الغرفة الواحدة، لا سيما إذا كانت النقوش في الفئتين تعبّر عن الموضوع عينه (الورود، مثلاً).
من جهةٍ ثانيةٍ، تلحق النقوش بألوان موضة 2022؛ في هذا الإطار، تقول المهندسة مايا إن "الأخضر الزمرّدي والكحلي يسيطران على الألوان الداكنة راهناً، والبيج والبنّي على الألوان الفاتحة.. تدخل الألوان المذكورة في صميم الأنسجة المطبوعة".