كل البيوت مظلمة إلى أن تستيقظ الأم... كلمات صادقة سطرها الشاعر جبران خليل جبران عن الأم، هذا الكيان النابض بالمشاعر المتدفقة إلى قلوب كل منا. هذه الإسفنجة الحنون الناعمة التي تمتص كل أوجاع الحياة وآلام الزمن. هذا الجدار الذي نختبئ بين جنباته من لفحات شمس الزمن الحارقة، فنخرج إلى الحياة نركض في كل اتجاه، نتوه في كل الدروب، ثم نعود بين أحضان قلبها فنضع رؤوسنا ولا نبالي شيء..
هي الأم والحضن والقلب النابض ... تعرفي على سبب الاحتفال بيوم الأم في السياق التالي...!
• أول ظهور للاحتفال بيوم الأم
- في مصر القديمة
تقول أمنيه محمود – باحث في التراث بكلية الآداب، لـ"سيدتي": قدماء المصريين هم أول من احتفل بيوم الأم كيوم مقدس ابتداءً من الدولة القديمة، واستمر حتى أواخر عهد البطالمة، فالدراسات التاريخية أثبتت أن فكرة الاحتفال بيوم الأم فرعونية الأصل، ثم إغريقية وقد ورد ذكر الاحتفال بالأم في أكثر من بردية من برديات كتب الموتى، (كتابي آبي ونبستي).
وتضيف أمنيه: كان للأم مكانة مقدسة عند قدماء المصريين منذ بداية الأسرات، والذي كان سببًا في تحديد يوم سنوي للاحتفال بإيزيس رمز الأمومة والزوجة الصالحة في الديانة المصرية القديمة، فخلدوها في آثار معابدهم، فنجد كثير من الصور والمنحوتات لإيزيس وهي ترضع ابنها حورس وهذا دليل علي الحماية والأمومة. وقد كان المصريون القدماء يضعون تمثال الآلهة إيزيس في غرف الأمهات ويحيطونه بالورود والقرابين والهدايا.
كان المصريون القدماء يبدأون احتفالاتهم مع شروق الشمس، حيث كان نور الشمس من المقدسات يوم الاحتفال، ويكون تكريمًا له طقوس خاصة، واختار الفراعنة العدد الأكبر من رموزهم من الأمهات تمجيدًا لكل أم، كذلك كانوا يصنعون قوارب مليئة بالزهور مختلفة الألوان لكي تسير في النيل حيث كانوا يحتفلون في آخر شهور فيضان النيل عندما تكون الأرض الخصبة معدة لبذر البذور، في شهر هاتور في التقويم المصري القديم، لذلك شبهوا الأم بنهر النيل الذي يهب الحياة والخصب والخير.
تابعي المزيد: في يوم الأم زهرة مخصصة للأمهات الصينيات فقط!
- في أمريكا
واستطردت: كان أول احتفال بيوم الأم في العصر الحديث عام 1908، عندما أقامت آنا جارفيس ذكرى لوالدتها في أمريكا وهي مواطنة من ولاية فرجينيا احتفلت بيوم أمها في كنيسة واستغلت هذا التجمع الكبير في بلدة غرافتون بولاية فرجينيا لتكريس فكرة الاحتفال بالأم، وبعد ذلك بدأت حملة لجعل يوم الأم معترف به كمناسبة وطنية في الولايات المتحدة عام 1913، ثم أخذ الناس يقلدونها حتى أصبح هذا الاحتفال عيداً رسمياً سنة 1914، بعد أن أقر الرئيس الأمريكي ويدرو ويلسون هذا اليوم سنة 1914.
تابعي المزيد: تاريخ يوم الأم 2022 .. مناسبة واحدة وأيام مختلفة
- في العالم العربي
تقول أمينة: الصحفي المصري الراحل «علي أمين» مؤسس جريدة أخبار اليوم كان أول من فكر في يوم الأم في العالم العربي، حيث طرح على أخيه مصطفى أمين في مقاله اليومي فكرة الاحتفال بيوم الأم قائلاً: لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه يوم الأم ونجعله عيداً قومياً في بلادنا وبلاد الشرق؟ كتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير فكرة الاقتراح ليتم تخصيص هذا اليوم ليكون احتفالاً للأم، وما لبث أن انهالت عليهما الخطابات لتشجيع الفكرة، وتقرر أن يكون يوم 21 مارس يوماً للأم وأعاد الصحفي المصري، مصطفى أمين، التأكيد على الفكرة، حيث ذكر يوم الأم بمؤلفاته عام 1943، وبعد 10 سنوات أرسل طلبًا رسميًا للحكومة وأطلق حملة من أجله.
اهتم أمين بالموضوع بشكل خاص بعدما طلبت امرأة مقابلته في جريدة، اخبار اليوم وأخبرته كيف قامت بتربية ابنها ودفعت تكاليف تعليمه حتى أصبح طبيبًا واشترت منزلاً له للزواج فيه، أخبرته أنه منذ أن تزوج، توقف ابنها عن زيارتها لدرجة أنها أصيبت بمرض نفسي ولم تجد من يعتني بها فتأثر بهذه المرأة ثم تحدث إلى وزير التربية والتعليم المصري آنذاك لاعتماد هذا اليوم، ووافق عليه الرئيس جمال عبد الناصر الذي أعلن في عام 1956 أنه سيتم الاحتفال رسميًا بالأمهات في 21 مارس، وتبعه باقي العالم العربي.
تابعي المزيد: ست الحبايب يا حبية.. قصة أغنية، والوفاء بالوعد