بعد أن أجبرت جائحة كوفيد جميع العائلات في العالم على تقليص حجم، أو إلغاء حفلات الزفاف، التي عادةً ما تستضيف المئات من المدعوين، قرر عروسان من الهند العالم، دينيش سيفاكومار وجاناجنانديني راماسوامي، عقد حفل زفاف افتراضي، وقاما بدعوة 2000 شخص. أما خلفية الحفل الافتراضي فستكون قلعة مدرسة «هوجوورتس للسحر والشعوذة» من منطلق أنهما من متابعي «هاري بوتر». عقد حفل الزفاف، سيكون من خلال تقنية «ميتافيرس» وهو الأول من نوعه في الهند. فما رأي الشباب والشابات العرب بانتشار هذه العادة، وكيف يتوقعون مستقبلها ودرجة قبولها؟
أعدت الملف دبي | لينا الحوراني - تصوير | Rammal Abdullah
جدة | فاطمة باخشوين Fatima Bakhashween
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine - القاهرة | أيمن خطاب Ayman khatab
تُونس | مُنية كوّاش Monia Kaouach - المغرب | سميرة مغداد Samira maghdad
متعة الحفل هي حضور الأب المتوفَّى
تكهنات كثيرة حول انتشار هذه الطريقة في البلاد العربية، التي تعاني من ارتفاع تكاليف الزفاف، في تصور محمد عمر، موظف من السعودية، 34 عاماً، أن زواج «الميتافيرس» الافتراضي هو فكرة لها إيجابياتها بإيقاف البذخ الذي أثقل كاهل بعض الشباب، يعلّق: «شبابنا يترددون باتخاذ قرار الارتباط لهذا السبب، ومتعة الحفل هي حضور الأب المتوفَّى، ومتعة مشاركة الأصدقاء البعيدين».
محمد عمر الذي يؤكد انتشار الفكرة بينهم وحرصاً على الصحة العامة، يستدرك قائلاً: «هناك متاعب تقنية، كما سيفقد الزفاف روح المشاركة، لذلك لا أعتقد أنني سألجأ لهذه الطريقة»!
خلود الكندي: هناك خوف من تأثير «الميتافيرس» على الاقتصاد والوظائف
رغبة بتخفيض تكاليف الأعراس أكثر
الزفاف الذي أقامه العروسان الهنديان كلف، (حوالي 2000 دولار أميركي)، لمدة ساعة فقط، لكن لازالت، خلود الكندي، مهندسة معمارية من الإمارات، 27 سنة، تجد أن الميتافيرس عالم جديد وغريب، وليس واقعيّاً، وبالأخص في المجتمع العربي والخليجي، تتابع: «هناك خوف من تأثيره على الاقتصاد، والأعمال، وحتى الهوايات، وزيارة الأماكن، لكن هناك فئة تراه هو المستقبل، والذي سيحقق أحلام الناس، وينتظرون من خلاله وظائف مختلفة، مبنية على هذا العالم».
في الأعراس العادية، هناك مهن كثيرة تدخل في تحضير الزفاف، بدءاً من فستان العروس، حتى تنسيق القاعة والزهور وغيرها الكثير، وما من فتاة إلا وتحلم بالفستان الأبيض، تستدرك خلود: «بعد كوفيد تبدلت المفاهيم، وصارت الأعراس أقل تكلفة، ومشاركتها مع الأهل والأقارب، أما مشاركتها مع الأصدقاء فصارت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقصص السناب شات، ومن يرغبون بتخفيضها أكثر، في الإمارات، فسيرحبون بأعراس «الميتافيرس»، حتى أنه يمكنهم إحياؤها في دولة أخرى عبر هذا العالم».
تابعي المزيد: كيفية استغلال التكنولوجيا في وقت الفراغ للشباب
أميمة باريكة: حفلة زفاف بالنظّارة ذات الأبعاد الثّلاث فكرة تثير السّخرية
لا يمكن تصور الولائم والرقص افتراضياً
تستبعد أميمة باريكة، مهندسة كمبيوتر، من تونس، 25 عاماً، وتستنكر زواج «الميتافيرس» في المُجتمع التّونسي حالياً، فكبار السن وأغلب الشّباب، رِجالاً ونساءً، مُتشبّثون بتقاليد عريقة في حفلات الزّواج، يتوارثها الأبْناء عن الآباء والأجداد، تعلق قائلة: «ولن يقبلوا التخلّي عنها رغم التكاليف الباهظة التّي يتطلبُها حفل الزّفاف، وقد يرى البعض في هذا الاختيار مجرد عبث».
تحدثت أميمة عن الولائم عند أهل القرى وذبح الخرفان والزغاريد والغناء والرّقص، ولا تتصور أن يقبل أحد باستبداله افتراضياً، تتابع: «الحديث عن حفلة زفاف بنظارة ذات الأبعاد الثّلاث فكرة تثير السّخرية، فللحداثة في حفلات الزواج في تونس خطوط حمراء».
وتؤكد أميمة أنّ زواج «الميتافيرس» لا يزال مجهولاً في تونس، ولن يقبل به الأولياء حتى ولو اقترحه الأبناء، وتستدرك: «ربما حلا لمجابهة ما فرضته جائحة كوفيد 19 من ضرورة التباعد الاجتماعي، مع ذلك فقد يصلح في مُجتمعات دون أخرى».
ملاك المنصوري: إنه جنون الآلة الذي سيلغي جوهر الإنسان
أحب أن أعيش الأحداث الدافئة الخاصة بي
تجد ملاك المنصوري، مهندسة اتصالات من المغرب، 25 سنة، أن الأمر برمته، سيطرة للآلة من خلال ما يُسمَّى بالذكاء الاصطناعي، وهي هيمنة الرقمي والروبوت على حياتنا.
تتابع: «أحب أن أعيش الأحداث المهمة الخاصة بي مع أناس حقيقيين يشعرونني بالدفء. وأظن أن زواج «الميتافيرس» نسخة مشوهة وخادعة لحياتنا، أو لعله فرصة للاستعراض الذي يمس القيم النبيلة».
تربط ملاك بين الفكرة، والقضاء على طاقة الإبداع الإنساني، وإلغاء المشاعر. تتابع: «على الآلة أن تخدم الإنسان، لا أن تكون سبباً في قتله المعنوي والرمزي، لا ندري ربما تندلع في المستقبل حرب آلية، وهذا سيعني الدمار الشامل، إننا نعيش ضرباً من ضربات التحكم الآلي الذي يجب مقاومته بحرصنا على قيمنا. لكنني لا أرى بديلاً عن الاحتفال البهي مع الأحباب والأصدقاء والأقارب، سوى أرض الواقع، حيث نتذوق نكهات الفرح والسعادة، ونشعر بنبض الناس، ويشعرون بنا. إنه جنون الآلة الذي علينا أن ننتبه له جيداً حتى لا نخسر جوهر الإنسان فينا الذي بدأ يتلاشى».
تابعي المزيد:هل ستكررين تربية والدتك مع أولادك؟
أحمد فتحي: سيتيح للنساء اختيار الفساتين التي يرغبن بها، هو نسخة رقمية ستحررنا من القيود المادية
على الأسر العربية الاستعداد لاستقبال هذا الضيف
«ميتافيرس يفرض نفسه على حياتنا بخيره وشره، بمجرد أن أضعُ نظارة الواقع الافتراضي (أوكيولوس 2) وأمسك وحدات التحكم، وخلال ثوانٍ، أنتقل من غرفتي إلى عالم آخر»، هو تغيير، بدا أنه يسعد، أحمد فتحي، مصمم فني بشركة سيراميكا كليوباترا من مصر، 30 عاماً، والذي يتابع: «الأشياء ستبدو حقيقية بفضل تقنية المحاكاة اللمسية الـ«هابتيك- Haptic». وكأي تكنولوجيا جديدة يختلف عليها المستخدمون خوفاً من أثرها السلبي، وللعلم كثيرون بدأوا باستخدامه في العمل، يقيمون من خلاله حفلات الزفاف؛ لتجنب عدوى كورونا ولضمان حضور آلاف المدعوين».
يطلب أحمد من الأسر العربية الاستعداد، لاستقبال هذا الضيف التقني الذي سيعزز مفاهيم الوسائط الاجتماعية، يشرح أحمد: «يمكن للمستخدمين من خلاله إنشاء الصور الرمزية الخاصة بهم، وللنساء اختيار الفساتين والأنماط والشخصيات، وهذه التكنولوجيا تعالج بعض الآلام الاجتماعية والنفسية التي يعاني منها الإنسان، والدليل حفل زفاف افتراضي بحضور الأب المتوفَّى».
يذكر أحمد قصة البريطانية التي تعرضت من خلال «الميتافيرس» للتحرش الجماعي، حتى لو كان افتراضياً، فهو قد ترك أثراً سلبياً على السيدة التي شاهدت هذه الوحشية من خلال النظارة الافتراضية. يعلّق: «الميتافيرس» عالم اختياري، يمكن أن يكون في المنزل أو خارجه، هو نسخة رقمية عن عالمنا ستحررنا من القيود المادية».
أليسار الحلبي: يكفينا المشاكل النفسية والاجتماعية التي تسببت بها وسائل التواصل الاجتماعي
لا أخفيكم سراً بأنني خفت منه قليلا
تعتبر أليسار الحلبي (أخصائية فحص نظر)، 32 عاماً، من لبنان، أن «زواج «الميتافيرس» يشبه الخيال القادم من كوكب آخر، والعروسان حققا حلمهما من خلاله، حتى والد العروس المتوفى كان موجوداً في حفل الزفاف». تتابع: «أعتبر أن الزفاف بهذا الشكل، لعبة ترفيهية بعيداً عن التواصل، ولا أقبل بزواج مشوه، عبر الميتافيرس».
وتضيف: «لا أخفيكم سراً بأنني خفت قليلاً منه، وسألت نفسي: هل من المعقول أننا نسير نحو هذه الحياة الافتراضية مع العلم أننا نعيشها نوعاً ما من خلال الفايسبوك والإنستغرام وكل وسائل التواصل الاجتماعي».
حفل الزفاف على أرض الواقع فيه موائد ورقص وغناء، وتبادل أحاديث وتهنئة... تستدرك أليسار: «كل هذه الأمور غائبة تماماً عن هذا الزفاف في العالم الافتراضي، لذلك لا أتمنى انتشاره، فالتواصل العقلي والنفسي مع الناس شيء حميد». وختمت حديثها بضرورة تسليط الضوء على نقطة مهمة جداً، وهي أن تنوّع وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت إلى حدّ كبير في حصول بعض المشاكل النفسية لدى بعض الأشخاص، خاصة بوجود خدمة «الفلتر» أو الجمال الوهمي حولنا... فتحوّلنا إلى شخصيات كرتونية تتحرّك، تعلّق: «هذا ترك انطباعاً سيئاً جداً عند الإنسان».
تابعي المزيد:"دبي تستضيف أول قمة اقتصادية يتم استضافتها في الـ "ميتافيرس"".