تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية

تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية
تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية-الصورة من حساب يامن الرسمي على فيسبوك

يعلو صوت طقطقة أدوات اللحام ، ودوي المطرقة، ونقر القناصة، في أحد زوايا ورشة التونسي يامن العبدلي، يبدو الصوت المرتفع مزعجاً إلى حد ما، على الرغم من أنه يشنف آذان الفنان التونسي مرسلا إلهاماً من نوع جديد، باعثاً لوحيٍ إبداعيٍ ذو شكل مختلف، فيترك شراراته الفنية تندمج مع الشرارات المعدنية الذهبية المنصهرة المتطايرة من جهاز اللحام لتعيد الحياة لكيانات معدنية قديمة أو بالية تبدو بلاقيمة، إلا أنها تعود للحياة في هيئة فنية إبداعية مميزة.

• كيان إبداعي من كيان صدئ مهمل

تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية
                                                           يامن -الصورة من حساب يامن الرسمي على فيسبوك
 


من بين الأسلاك القديمة الصدئة ، إلى أجزاء السيارات القديمة المتآكلة، ومن القضبان الحديدية، لمروحة قديمة، وهيكل دراجة، ومقود سيارة، وحتى الصواميل والمسامير والتروس، وركام الحديد وبقايا الآلات الحديدية ، كل هذه الأشياء وغيرها والتي فقدت وظيفتها وشكلها وقيمتها والتى عُدت من الـ"خردة"، وتبدو في طريقها لمكب القمامة تعود أدراجها لتتشكل من جديد بين يدي الفنان التونسي الملهم، فيقوم بخلق كيان إبداعي لها، عبر إعادة صياغتها، وضبط نسبها، وقصها وتشذيبها، أوتكبيرها بإضافة عناصر أخرى، لينتهي الأمر بها في النهاية لقطعة فنية مدهشة من توقيع يامن العبدلي.
تضج ورشة يامن – 41 عام، ويعمل مستشار تدريب وتكوين مهني بالقصرين، تونس، بالمئات من قطع الخردة المهملة "الحديدية"، والتي لا يجد بأساً في التعامل مع صدئها وتأكسدها وتغير لونها وحتى تآكلها بطريقة إبداعية، حيث ينظر للزمن بعوامل تعريته، وتقلباته وتفاعلاته وما يحدثه في هذه الادوات "مكونات فنه الإبداعي" من تأثيرات، يراها الكثيرون مدمرة ومهلكة ويراها هو بعينه الفنية إضافات إبداعية فنية مدهشة، يقوم باستغلالها بطريقته لتخرج في النهاية فناً مميزاً يجذب الأنظار ويثير الإعجاب.
تابعي المزيد: فنان يحول دبي لمدينة من الثلوج بتقنيات رقمية مذهلة

• مجسمات تختزل الحياة اليومية

تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية
                                                      من أعماله -الصورة من حساب يامن الرسمي على فيسبوك
 


يامن فنان تشكيلي كان يستخدم الألوان والفرش واللوحات، إلا أنه في العام 2010، قرر أن يحول نشاطه كليا إلى فن نحت المعادن، فعندما صنع أول مجسمين أحدهما لمحارب، (وهو عبارة عن جندي روماني يحمل سلاحا)، والآخر لعازف على آلة القيثارة، وكانت مكونات المجسمين من بقايا أبواب حافلة مهملة، وقد نالت أعماله إعجاب الجمهور ومن ثم تلقي عروضا للمشاركة في العديد من المعارض الأخرى لافتا أن مجسماته لا تباع في العادة بل يقتصر الأمر على المشاركة في المعارض والملتقيات.
تختزل مجسمات يامن، جوانب من الحياة اليومية أو من معاناة أصحاب المهن الشاقة مثل عمال المناجم كما يختار مجسمات لأنواع من الطيور المهاجرة إلى تونس، أو أخرى للتعبير عن معاناة الشباب العاطلين من العمل أو الفقر.

• قصص الخردة تتحول لقصص إبداعية

 


حسب موقع lequotidien.com فبدايات يامن كانت مع الفنّ من خلال الرسم على اللوحات منذ كان تلميذًا، ثم اهتم فيما بعد بفن النحت بالمعادن، ومن ثمّ فهو لا يتوانى عن جمع أي شيء من المعادن القديمة مهما كان حجمها أو شكلها. ولا يرسم في ذهنه شكل المنحوتات خلال جمع تلك البقايا والخردة فقط يجمع كل شيء وأي شيء قد يجده ويستشعر إمكانيته في تشكيل منحوتاته.
يجد يامن، متعة كبيرة في ابتكار أشكال تصاميم بديعة من المجسمات الفنية التي تحولت مع مرور السنوات إلى نشاط حرفي قائم الذات، وجعلته الخبرة والممارسة المستمرة متخصصا في صنع التحف والمجسمات بالاعتماد على الخردة والمعادن المهملة، فهو يستخدم "الخردة" لبناء ما يمكن للخيال أن يخطر بباله، حيث يواصل خلق الجمال من القمامة ، ومشاركة قصص أدواته من "الخردة" الإبداعية مع الأشخاص من جميع مناحي الحياة، حيث تحمل مكونات "أدواته الإبداعية" بين جنباتها مزيداً من القصص والحكايات، فكل جزء من آلة أو جهاز، والذي تم الاستغناء عنه يحمل في جنباته حكايات عن البشر والزمن، على أن يامن يعطي لهذه الأدوات إمكانية الحياة مرة أخرى لتحكي مزيداً من الحكايات بلا توقف.
عبر معارض يامن الفنية والتي يشارك فيها من فترة لأخرى يمكن للجيل الأقدم أن يتصل بالأجزاء التي كان يستخدمها، فعندما يشاهد أحدهم آلته المتهالكة أو جزء منها معاد صياغتها وتدويرها ومتبلورة بطريقة فنية، يشعر بالسعادة مما يجذب مزيدا من القصص.

• إعادة تدوير الخردة تحد من تأثير بصمة الكربون

تونسي يحول "الخردة" إلى تحف فنية
                                                                   من أعماله -الصورة من حساب يامن الرسمي على فيسبوك
 


وحسب موقع lequotidien.com ، فما نتخلّص منه نحن من خردة حديدية، تعتبر لدى الفنانين والمبدعين مادة أوّلية للخلق والإبداع وتشكيل مجسمات مفهومة وأخرى لا يفقه معناها سوى من شكّلها بأسلوب مبتكر، ولهذا فما يفعله يامن يمكن أن يأسر الشباب حول كيفية استخدام الأشياء المهملة وإعادة تدويرها بالفعل، فالمادة التي كانت مكسورة في السابق أو مجرد خردة ، يتم تحويلها إلى قطعة فنية رائعة وبالتالي يوضح وجهات النظر المختلفة حول ما يمكن القيام به للحد من تأثير النفايات وبصمة الكربون على الكوكب.
تابعي المزيد: "بيتر موليندوا" فنان أوغندي يزين جدران بينالي الدرعية