بعد 90 عاماً من الصدور وبسبب ظروف تعثر الصحافة الورقية، وارتفاع تكاليف الطباعة ستتوقف أقدم مجلة فنية مصرية، والتي كان الظهور على غلافها حلماً كبيراً لنجوم الفن. بعد أن قررت الهيئة الوطنية للصحافة في مصر، إيقاف صدور "الكواكب" الورقية التي تأسست في العام 1932 ودمجها ومجلة "طبيبك الخاص"في مجلة "حواء" التي تصدر عن مؤسسة "دار الهلال"مع إنشاء موقع إلكتروني خاص لكل إصدار.
تقول نيفين الزهيري عضو مجلس تحرير مجلة الكواكب: إن هذا الأمر وقعه حزين علينا لحالة الارتباط العاطفي بهذه المجلة العريقة التي أصدرها الصحافي اللبناني، جورج زيدان، مؤسس دار الهلال وكان ابناه إميل وشكري يقومان بالإشراف على إصدارات الدار، وترأس تحريرها مشاهير الصحافيين مثل فهيم نجيب ومجدي فهمي ورجاء النقاش وراجي عنايت وحسن إمام عمر وكمال النجمي وحُسن شاه ومحمود سعد وغيرهم، وقد تبنت المجلة المواهب الشابة وكان لها دور كبير في تسليط الأضواء عليهم وفتح أبواب الشهرة لهم، ومن القضايا التي أثارتها على مدار تاريخها صراع الفنان الكبير والراحل زكي طليمات لإنشاء معهد التمثيل، والتحاق الفتيات للدراسة به.
واحتفت المجلة بالفنانة زوزو حمدي الحكيم كأول من تخرجت في المعهد وتصدرت صورتها أحد أعدادها. بالإضافة إلى أن مجلة الكواكب هي الوحيدة في الشرق الأوسط التي احتفت بالنجم العالمي عمر الشريف عقب عرض فيلمه الشهير لورانس العرب، كما أن لديها الأرشيف لمصاحبتها للعندليب في كل رحلاته وهو غير موجود سوى بالكواكب ولديها مسرح في أحد أركان المؤسسة غنى عليه كل من عبد الحليم وفريد الأطرش وهي كلها ذكريات لا يجب التغاضي عنها أو تركها كذلك، هذا من جانب الارتباط العاطفي.
أما من جانب التحول الرقمي فبالفعل كانت زيادة سعر الورق وتعثر المطبوعة في تغطية تكاليفها هي السبب، كان من الأفضل انسحابها من السوق الورقي بشكل تدريجي بأن تصدر شهرياً، ثم يتم التمهيد لتحولها الرقمي حتى لا تفقد هذه المنصة الهامة والمرتبطة بصناعة السينما ارتباطاً وثيقاً؛ حيث إنها صدرت بعد بداية السينما في الوطن العربي بثلاث سنوات فقط، وهو ما يؤكد ذلك الارتباط.
*ما زال هناك 30 عاماً على اندثارها
طه جبريل المشرف علي قسم الحوادث بجريدة الأهرام ومدير تحرير قنوات صدى البلد عبر الموقع والسوشيال ميديا يقول: رغم أن تحويل إصدارات صحافية حكومية إلى إلكترونية خطوة تأخرت كثيراً في مصر، مشيراً إلى إلغاء عديد من الصحف إصدارها الورقي في دول العالم عدة، ومن بينها الولايات المتحدة، كما أن جائحة كورونا سرّعت من الحاجة للتحول الرقمي، ففي تونس توقفت 27 مطبوعة ورقية منها 7 صحف أغلقت تماماً، منذ ظهور الجائحة. وأضاف أن الاتجاه للرقمنة فرضته تغيرات العصر، سواء برغبة المؤسسات الصحافية، أو من دون إرادتها، لكن في المقابل هناك صحف واصدارات عالمية مازالت محتفظة بالكيان الورقي ويوجد إقبال عليه، لذا فأنا مع الاتجاه القائل إنه لازال هناك ما بين ثلاثين إلى أربعين عاماً لاندثار المطبوعات الورقية في مصر ومن ثم الوطن العربي، لكن هذا يتطلب بعض التدابير يتحمل مسئوليتها القائمون على هذه الإصدارات حتى تحتفظ بكياناتها أكبر وقت ممكن.
*أرقام التوزيع
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أظهر تراجع عدد النسخ الموزعة من الصحف في عام 2018 إلى نحو 1.4 مليون نسخة يومياً، ما يمثل تقريباً نصف عدد النسخ الموزعة في عام 2010، كما تراجع عدد الصحف في 2018 إلى 70 صحيفة بدلاً من 142 في عام 2010.
وكانت الهيئة الوطنية للصحافة قد كشفت في بيان لها في يناير (كانون الثاني) 2021 عن وصول مديونية المؤسسات الصحافية القومية إلى 13.9 مليار جنيه (نحو 747.5 مليون دولار أميركي)، وذلك بحسب إحصاء أجري في أغسطس (آب) عام 2020، ويوجد في مصر 7 مؤسسات صحافية قومية (مملوكة للدولة)، تصدر أكثر من 50 مطبوعة ما بين صحيفة ومجلة، إضافة إلى الشركة القومية لتوزيع الصحف. وكانت الهيئة الوطنية للصحافة قد كشفت لأول مرة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019 عن خطة للرقمنة بالمؤسسات الصحافية القومية، على أن تبدأ الخطة بمؤسسة "الأهرام"، وتمتد لباقي المؤسسات، وكان من بين بنودها نشر نسخ المطبوعات الورقية على المواقع الإلكترونية لكل مؤسسة بصيغة PDF، وتكون متاحة مجاناً لفترة، ثم مدفوعة الأجر، وفي مرحلة لاحقة "يمكن الاعتماد على النسخ الإلكترونية بصيغة PDF لبعض الإصدارات، خصوصاً تلك التي تخاطب فئات الشباب والمرأة".
ولم يكن هذا القرار الأول من نوعه، حيث سبقه في يوليو (تموز) العام الماضي قرار بوقف طباعة 3 صحف ورقية يومية، هي "المساء"، التابعة لـ"دار التحرير للطباعة والنشر"، و"الأهرام المسائي"، التابعة لمؤسسة "الأهرام"، ونظيرتها "الأخبار المسائي"، التابعة لـ"دار أخبار اليوم"، على أن تتحول الصحف الثلاث إلى إصدارات إلكترونية