تتعدّد أشكال الطاولات وأحجامها وأسماؤها؛ فهي منضدة وخوان بالفصحى، و"سكاملا" و"سيبة" و"ميز" و"ترابيزة" بالعاميّة حسب بعض الدول العربيّة... في تقليب صفحات التاريخ، يتبيّن أن تصميم الطاولات مرّ بتغيّرات كثيرة، قبل أن يصبح استخدام هذه القطع من الأثاث لا غنى عنه في المنزل. كانت الطاولات، أو الحوامل بصورة أدقّ، ترفع الأشياء أو الطعام عن الأرض في مصر الفرعونيّة وبلاد ما بين النهرين، وذلك في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكانت هذه القطع "الهامشيّة" في الأثاث صغيرة الحجم، ومصنوعة من الحجر أو الخشب أو السيراميك. ثمّ، اتخذت الطاولة مكانةً، بحلول الألفية الأولى والثانية قبل الميلاد، فأصبحت مصنوعة من المعدن، بالإضافة إلى المزيد من المواد القابلة للتلف. لاحقاً، استخدم الإغريق والرومان الطاولات التي مثّلت قطع أثاث أكثر بروزاً في المنزل، فقد كان يتجمّع الناس حول الطاولات الكبيرة والمزخرفة ودقيقة التصميم. وكان يُنظر إلى الطاولات على أنها أشياء مصاحبة لنشاط الاستلقاء على الأرائك، إذ لم تكن الكراسي تظهر عادة مع الطاولات.
مكانة اجتماعيّة
في أوائل فترة العصور الوسطى، فقدت الطاولات حجمها الكبير، مع استبدال تلك الطويلة بها، والتي يتجمّع الضيوف الجالسين على المقاعد والكراسي حولها. وكانت هذه الطاولات وسيلة لإظهار المكانة الاجتماعيّة والقوّة، فأولئك الذين انتموا إلى عائلات بارزة أو مكانة رفيعة كانوا يأكلون على رأس الطاولة، بينما كان الآخرون يجلسون بعيداً عن الجزء المرتفع أو عن الجزء الأمامي للطاولة. ثمّ، تقلّص حجم الطاولات مرّة أخرى في العصور الوسطى، نتيجةً لتراجع التجمعات الكبيرة جرّاء الانتفاضات وعدم الاستقرار السياسي، جزئيّاً، بسبب الانقسام بين الكاثوليك والبروتستانت في القرن السادس عشر. عندئذ، كان يُنظر إلى طاولات الطعام المستديرة على أنها أكثر حميميّة مقارنةً بطاولات الطعام الطويلة التقليدية.
أسرة مينج في الصين
من جهةٍ ثانيةٍ، لا يمكن تفويت تأثير هامّ على تصميم الطاولات حملته أسرة مينج التي حكمت الصين من 1386 إلى 1644 ميلاديّة. كان للعائلة تأثيرات في مجالات شتى، منها الأثاث؛ فقد كانت طاولات أسرة مينج مصنوعة من الخشب الثمين، وتُبيّن عن مهارة النجّارين الذي يتفنون في الاشتغال بالخشب وإبراز الخامة مع الحدّ الأدنى من الزخرفة.
ثقافة القهوة والشاي
في عصر النهضة، تجدّد الاهتمام بالكلاسيكيّة، لا سيّما الطاولات المزخرفة حسب الطراز الروماني أو اليوناني، مع ابتكارات في القرن السابع عشر أكثر بساطة وأناقة لهذه القطعة من الأثاث. بعد ذلك، اتخذت الطاولات أشكالاً ذكوريّة نتيجة تجمّع الرجال حولها للشرب بعد الطعام، ثمّ واكبت الطاولة ثقافة القهوة والشاي في أوروبا، فكانت صغيرة ليجلس المرء بصورة منخفضة أمامها، الأمر الذي كان يزعج البعض، ما أدى إلى ظهور طاولات مرتفعة ولكن ضيقة تستخدم في المقاهي، أماكن التجمّع الجديدة في أنحاء أوروبا. في المنازل، تطوّرت طاولات القهوة لتصبح ذات قوائم أقصر، حيث كان من المتوقع أن يتجمع المزيد من أفراد الأسرة حولها، مع الإشارة إلى أن أماكن الجلوس كانت منخفضة.
التصميم الداخلي
راهناً، الطاولات هي جزء رئيس من التصميم في المساحات الداخليّة؛ عن تصاميم الطاولات المختلفة، تتحدّث مهندسة الديكور الداخلي الإماراتيّة حور الشحي لـ"سيدتي"، قائلةً إنّه "كلّما كبر حجم الطاولة بدت الأخيرة أكثر جاذبيّة وفخامة"، مضيفة أن "مواقع الطاولات وعددها يحدّد في الغرفة بالتناسب مع حجم الأخيرة، ومفروشاتها". وتفصّل الحديث عن أنواع الطاولات، في الآتي...
1 طاولة القهوة: يُصنع سطح طاولة القهوة (كوفي تايبل) عادةً من الرخام أو الخشب متعدّد الألوان (البنّي أو الرصاصي أو البيج...) أو الخشب الذي يحاكي الرخام أو الزجاج (المرايا)، علماً أن المواد المذكورة شائعة في تصميم الطاولات عموماً. إشارة إلى أن الرخام مفضّل لطاولة القهوة في المساحات الداخليّة الفخمة (المجلس، مثلاً، والصالة الرسميّة)، وأن الخشب مرغوب لطاولة القهوة الخاصّة بغرفة المعيشة، مع دمج الجلد بالخشب في التصميم، في بعض الأحيان، وأن الطاولة ذات السطح الزجاج الشفّاف والمزوّدة بقوائم، مناسبة للغرفة الضيّقة لغرض الإيحاء بالاتساع.
أضف إلى ذلك، يتراوح ارتفاع طاولة القهوة بين الأربعين سنتيمتراً والخمسين سنتيمتراً، مع نصيحة المهندسة بإبعاد طاولة القهوة حتّى خمسة وأربعين سنتيمتراً أو خمسين سنتيمتراً عن الصوفا في الغرفة الضيّقة، أمّا في حالة الصالة الفسيحة، فإن الطاولة المستطيلة تتوسّطها، وتبدو بارزة. بالمقابل، يحلّ زوجان من طاولات القهوة مربّعين، ومزوّدين بسطحين رخاميين، في المجلس الفسيح (أكثر من ثمانية أمتار) طوليّ الشكل. وتلفت المهندسة إلى أن الطاولة مستطيلة الشكل مناسبة أكثر للصالة رسميّة الطابع، مع أهمّية ملاحظة وحدة الإنارة السقفيّة (الثريّا) التي تعلوها مباشرة.
2 الطاولات الجانبيّة: تغيب أي قاعدة في الديكور "المودرن" داعية إلى اختيار أسطح الطاولات الجانبيّة من مادة "الكوفي تايبل" عينها. يبلغ قطر الطاولة الجانبيّة في العادة خمسين ستيمتراً، وهي توزّع في الزاوية أو تدنو من طرف الصوفا. وتلفت المهندسة أيضاً إلى الطاولة المصمّمة بصورة تبدو فيها مدمجة مباشرة بالصوفا التي لا يتجاوز ارتفاع قوائمها الخمسة سنتيمترات، وذلك في غرفة المعيشة، محدودة المساحة.
3 "الكونسول": يتقدّم هذا النوع من الطاولات المدخل الذي يمثّل مرآة المنزل، حسب المهندسة، مع أهمّية توزيع الإكسسوارات على سطح "الكونسول"، ووضع مقعد منخفض (بوف) أسفله أو النبات الأخضر...
لا يرتفع "الكونسول" أكثر من تسعين سنتيمتراً، وهو يحظى بعرض يساوي ستّين سنتيمتراً. أضف إلى ذلك، يحلّ "الكونسول" في ممرّات المنزل على غرار الفنادق أو هو يوضع خلف الصوفا في المجلس أو في مدخل غرفة النوم. في الحالة الأخيرة، تعلو مرآة كبيرة أو لوحة فنّية الطاولة المذكورة، التي يزدان سطحها بالعطور والورد والإكسسوارات...
4 طاولة غرفة الطعام و"البوفيه": حجم غرفة الطعام رهن بكبر المساحة التي ستستضيفها، مع أهمّية اختيار الطاولة دائريّة الشكل أو المربعة لغرفة الطعام الصغيرة. أضف إلى ذلك، تعلّق المهندسة أهمّية على حضور "البوفيه"، طوليّ الشكل، بحيث يمتدّ على أحد الجدران، في الحيّز المذكور، مع إيداع مسافة تبلغ متراً أو متراً وعشرين سنتيمتراً بين "البوفيه" والطاولة الرئيسيّة. على غرار "الكونسول"، يرتفع "البوفيه" لتسعين سنتيمتراً، على أن يحتوي على الأدراج وأماكن مغلقة بأبواب لتخزين أدوات الطعام. في وجود طاولة الطعام و"البوفيه"، لا ضرورة للالتزام باستخدام الخامة عينها في تصميم القطعتين، مع الإشارة إلى أن الخشب سهل الدمج بالمواد الأخرى المختلفة.
5 طاولة الحديقة المنزليّة (أو الترّاس): تُصنع الطاولة المذكورة من البلاستيك أو الخشب المُعالج أو الحجر أو الزجاج أو أي مادة معالجة بصورة مضادة للحرارة المرتفعة، لا سيّما في دول الخليج. يُستحسن الاتجاه إلى العمليّة عند اختيار الطاولة المذكورة، لا سيّما الطاولة القابلة للطيّ، في المساحة المحدودة.
6 طاولة التسريح: يزوّد التصميم المذكور بالأدراج لحفظ أدوات التبرّج، ويرتّب في مكان قريب من نقطة الكهرباء، لتسهيل استخدام مجفّف الشعر. في هذا الإطار، تلفت المهندسة إلى السطح الزجاج الشفّاف الذي يُبرز محتويات التسريحة المصنوعة من الخشب (السطح قد يكون خشبيّاً أيضاً)، علماً أن الخامة الخشبيّة مفضّلة عن الرخام (الخامة المذكورة تمتص مواد التبرج الزيتية عند انسكابها)، في هذا التصميم، على أن تعلو الطاولة المذكورة مرآة كبيرة مزوّدة بالإضاءة عند الأطراف أو في الخلف. في المساحة الضيّقة المتعلّقة بغرفة النوم، تدمج التسريحة بالتصميم الخشبي المعدّ على الجدار والخاصّ بالتلفاز.
التصميم القماشي للطاولة
من جهةٍ ثانيةٍ، لا تفضّل المهندسة الطاولات المصمّمة من الأقمشة (الكتّان، خصوصاً)، لافتة إلى أنّه يمكن أن يقتصر حضور النسيج المذكور في جوانب التصميم، وليس السطح. أمّا الجلد فيناسب أكثر، لأنّ الخامة المذكورة سهلة التنظيف، وهي تدخل في تصميم كلّ أجزاء الطاولة أو تدخل مع الخشب أو غيره في التصميم، علماً أن الطاولة القماش مناسبة لمساحة داخليّة غير رسميّة الطابع (غرفة المعيشة، مثلاً)، وتتبع الطراز البوهيمي في التصميم الداخلي، وهي تتمتع بارتفاع معياري يتراوح من أربعين سنتيمتراً إلى خمسين سنتيمتراً.
عن تأثيرات أساليب الديكور الداخلي في طريقة تصميم الطاولات، تلاحظ المهندسة أن "الشكلين المربع والمستطيل شائعان في الطراز "المودرن"، في مقابل الشكل الدائري في الطراز النيو كلاسيكي".