في رحلة اعتبرت الأولى من نوعها في الخطوط الجوية العربية السعودية، فوجئ الرّكاب بأن الطاقم بأكمله من النساء السعوديات، باستثناء قائدة الطائرة، الرحلة ربطت العاصمة الرياض بمدينة جدة الساحلية الغربية. وما زاد من ثقة الركّاب بالنساء العاملات في هذا القطاع، هو سلاسة الرحلة، على الرغم من التحديات، ووصولها إلى برّ الأمان.
بهذه المناسبة، تفتح «سيدتي» ملفاً عن حياة ومهنة مضيفات الطيران في البلدان العربية، للحديث عن صعوبات المهنة ومحاسنها، وموقفهن من نظرة المجتمع إليهنّ، وذكرياتهن، ومغامراتهن؛ حيث صنّفن مهنتهن بأنها ثاني أخطر مهنة في العالم.
وأعربت هيئة الطيران المدني السعودي، التي أكدت الخبر، وهي تابعة لشركة الطيران الوطنية السعودية، عن سعادتها بدعمها إشراك النساء في هذا المجال.
أعدّت الملف: دبي | لينا الحوراني Lina Alhorani
جدّة | أماني السراج Amani Alsarraj
عواطف الثنيان Awatif Althunayan
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
تصوير | سمر شبّاني Samar Chabbani
تونس | منية كواش Monia Kaouach
القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab
من جدة
ليندا عدنان حريري: ليس هناك يوم مثل الآخر ودائماً يحمل الغد ما هو جديد
يغمرني إحساس العطاء عندما أقوم بمساعدة الركاب
لم يكن التخرج من قسم الكيمياء العامة، هو ما ترغب ليندا عدنان حريري، في دراسته، لكنها التحقت به بسبب فارق درجة واحدة في النسبة الموزونة بينه وبين طب الجراحة. أكملت ليندا دراستها، وحصلت على دبلوم عمليات الطيران الأرضية، لتبدأ بها رحلة الشغف بكل ما يتعلق بالمطار والطائرات. تتابع ليندا: «بعد تخرجي في عام 2019، لم أجد وظيفة في الكيمياء التي أحمل شهادة البكالوريوس فيها، وبعد تخصصي للعمليات الأرضية للطيران؛ إذ كنت ومن معي أول دفعة تلتحق بدراسة هذا القسم؛ بدأت بالتعمق في هذا المجال، وبدأت خطوة بخطوة، فالتحقت بالضيافة الجوية».
ليست هناك صعوبات
عمل مضيفة الطيران ممتع بالنسبة إلى ليندا، لكنه يختلف من يوم إلى آخر، ومن تمتلك الشغف، حسب رأيها، وتحب تعلم ثقافات جديدة، وتكره الروتين، لن تجد أي صعوبة في العمل بصفتها مضيفة طيران، تستدرك ليندا: «لم أشعر بالتعب من التنقل، بل أنا سعيدة به.. ليس هناك يوم مثل الآخر، ودائماً يحمل الغد ما هو جديد ومختلف، ناهيك عن الإحساس بالعطاء الذي ينتابني عندما أقوم بمساعدة الركاب والمحافظة على سلامتهم».
لم تواجه ليندا خلال عملها أي صعوبات، باستثناء كثافة المعلومات التي ينبغي حفظها وإتقانها، تتابع قائلة: «خضعت لـ 3 أشهر من الدراسة، تعلمت فيها كل ما يتعلق بوظيفة المضيف الجوي، وبعد أن حصلت على رخصة الطيران، حلّقت في أول رحلة جوية، وانتابتني أحاسيس جديدة، أما طموحي المستقبلي فهو أن أكون كابتن طيار، وقد بدأت بالفعل العمل على تحقيق ذلك الهدف».
تابعي المزيد: في اليوم العالمي للأرامل.. سيدات التضحية والعطاء
من الإمارات
عزّة الفهيم: رؤية ابتسامة الأطفال عند تقديم هدايا لهم على متن الطائرة هي أكثر المواقف سعادة
أتمنى للسعوديات رحلات سعيدة وموفقة
التحقت عزّة الفهيم، مشرفة مقصورة، بأكاديمية الاتحاد للتدريب التابعة للاتحاد للطيران، وهو برنامج تدريبي للحصول على رخصة مضيف طيران. توضح عزة في سطور أهمية عمل المضيفة، التي تحتاج إلى تدريبات ودورات مخصصة للحصول على رخصة الطيران، فضلاً عن الشخصية القيادية، والقدرة على تجاوز الأزمات. كما أن اختلاف جدول الرحلات هو من أكثر المصاعب التي واجهتها، تتابع قائلة: «هنالك رحلات تقلع نهاراً وأخرى ليلاً؛ ما يجعل أوقات النوم غير مستقرة، إضافة إلى السفر المستمر الذي يتطلب أن تكون بعيداً عن المنزل في أيام العطلات والأعياد والمناسبات العائلية والاجتماعية؛ لذلك بدأت بتنظيم جدول لأوقات عملي وأوقات الراحة؛ ما سمح لي بتحديد اتجاه رحلاتي، وموعد إجازاتي من خلال نظام إلكتروني خاص بالمضيفين».الابتعاد عن الروتين، واكتشاف حضارات وثقافات جديدة، هو ما يضيف إلى رصيد خبرة عزّة، كل ذلك بسبب المرونة التي على المضيفة التمتع بها، كما تقول، وتتابع: «لا بد من اتخاذ القرارات عند مواجهة التحديات، وأيضاً الإلمام التام بقواعد الأمن والسلامة لضمان حصول الركاب على تجربة سفر ممتعة وسلسة».
مصدر إلهام
رؤية ابتسامة الأطفال عند تقديم هدايا لهم هي أكثر اللحظات سعادة عند عزّة التي تستدرك قائلة: «تقديم وجبة الإفطار للصائمين في رحلة خلال شهر رمضان ودعاؤهم لي من أجمل المواقف التي أعيشها». تهنئ عزّة شقيقاتها السعوديات بمناسبة تحليق أول رحلة بطاقم نسائي سعودي بالكامل، تعلّق قائلة: «هن مصدر إلهام للكثير من النساء السعوديات والعربيات بتحقيق حلمهن في الالتحاق في هذا المجال، سواء أردن أن يصبحن مضيفات طيران أو كابتن طيار، وأتمنى لهن رحلات سعيدة وموفقة».
تابعي المزيد: نظرة على الواقِع البيئي العالمي ..ناشطات عربيات في مجال البيئة: يجب توعية الأجيال للحفاظ على مستقبل الأرض
من عُمان
ريم الهنائي: أول رحلة تحليق متكاملة بطاقم نسائي، كانت في يوم المرأة العالمي
أطمح إلى أن أصبح مديرة المقصورة والطاقم الجوي
حققت ريم زايد الهنائي، حلم طفولتها بدخولها عالم الطيران بصفتها مضيفة جوية، أسوة بوالدها - رحمه الله - الذي كان يعمل فني طائرات حربية، في القاعدة الجوية بمدينة الظهران (شرق السعودية).
مديرة المقصورة
ولدت ريم وترعرعت في مدينة الخبر، من أم سعودية وأب عماني، ثم درست بجامعة قابوس، تخصص الإعلام، وعملت مقدمة برامج ومعدة تقارير لمدة 3 سنوات، ثم قررت التغيير إلى مجال عشقته، تتابع ريم: «تركت بصمة واضحة في مجال الضيافة الجوية بصفتي امرأة عربية عُمانية، وأطمح في المستقبل إلى أن يصبح مسماي الوظيفي مديرة المقصورة والطاقم الجوي في يوم من الأيام».
تحديات المهنة
أهم الصعوبات المهنية التي تواجه ريم هي الانشغال والابتعاد عن العائلة والأقارب بسبب السفر والترحال، تستدرك قائلة: «يحرمنا السفر الكثير من التجمعات والمشاركة في المناسبات العائلية في أغلب الأحيان، ومن الناحية الصحية فإن فارق التوقيت من بلد إلى آخر يؤثر في النوم، إضافة إلى التغيرات المناخية، التي تعرضنا للأمراض، وما يثلج صدري أنني أتعرّف إلى ثقافات ولغات وعادات مختلفة حول العالم، فضلاً عن المغامرات، وما زلت أتذكر أول رحلة تحليق متكاملة بطاقم نسائي، وذلك في يوم المرأة العالمي، شعرت يومها بأن المرأة قادرة على العمل في أصعب المجالات، متى ما منحت لها الفرصة». وما أثار ضحك ريم ذلك اليوم أن غالبية الركاب شعروا بالدهشة والخوف؛ لأنه لم يكن بين طاقم الطائرة رجل واحد، بدءاً من الكابتن، فكلهن سيدات، تعلّق قائلة: «لكنهم عرفوا في النهاية أنهم كانوا بين أيدٍ أمينة، وأن المرأة لا تقل شأناً عن الرجل في مجال العمل».
تابعي المزيد: في يوم المرأة العالمي قصص ملهمة وعثرات مهّدت نحو النجاح
من لبنان
نور قبّول: أجمل رحلة تلك التي تقدم فيها شاب لخطبة حبيبته
بيننا أمهات انقطعت علاقتهن بأسرهن
منذ صغرها تهوى نور قبّول، مضيفة في خطوط طيران الشرق الأوسط MEA، السفر، وكانت تراقب المضيفات وهن يحملن حقائبهن ويتوجهن نحو المطار. المجتمع، كما تقول نور، يعتقد أن المضيفة تقدم المأكولات والمشروبات على متن الطائرة فقط، مع العلم أنها مهنة لها مخاطرها، ومسؤولياتها. عائلة نور لم تشجعها في البداية، ولكنها مع الوقت باتت فخورة بها، تتابع قائلة: «بيننا أمهات انقطعت علاقتهن بأسرهن، مهنتنا تتطلب قدرات نفسية وجسدية عالية، وفي الصيف تكثر الرحلات ويصبح لدينا عمل أو سفر يومي».
نملك الخلفية الطبية
دور نور، الذي تفخر به على متن الطائرة، هو السلامة العامة، لذلك تخضع دائماً لدورات تدريبية مكثّفة، سواء في الطب، أو الإسعافات الأولية، أو الصحة النفسية، تستدرك نور: «واجهتني ولادة مفاجئة على متن الطائرة، وإصابة أحد الركاب بسكتة قلبية، نحن نعالج الحالات؛ لأننا نملك الخلفية الطبية اللازمة لها، وجميع المعدات الطبية». تعرّضت إحدى الراكبات إلى حالة إجهاض على متن الطائرة، وما زالت تتذكر تلك اللحظة، تعلّق نور قائلة: «كنت أواجه الضغوطات والابتسامة على وجهي». هناك ترقية كل 3 سنوات، ونور اليوم Supervisor، تعلّق قائلة: «نحن نلتزم بعمر التقاعد المحدّد».نور عضوة في نقابة المضيفين الجويين، وتطمح إلى السفر إلى فيتنام والتبت؛ لأنها مدرّبة يوغا أيضاً، تستدرك: «أجمل رحلة تلك التي تقدم فيها شاب لخطبة حبيبته.. كانت لحظات جميلة ومؤثرة في الطائرة».
تابعي المزيد: مؤثرات في قطاع الترفيه ... مكانة بارزة ومعرفة واسعة بالتفاصيل
من تونس
ميساء حميدي: أشعر بعاطفة كبيرة عندما تسلّمني أمّ طفلها، بكل ثقة وطمأنينة
دورة نومنا غير مستقرّة
جعلت مهنة مضيّفة الطيران ميساء حميدي، التي تحضر لرسالة الدكتوراه في علم الاجتماع، على علاقة دائمة بالسّماء الرحبة وسحبها، لتقف أمام عظمة الكون وقوّة الخالق.
الجانب الإنساني، هو ما غذته وظيفة المضيفة لـ ميساء، تتابع قائلة: «أشعر بعاطفة كبيرة عندما تسلّمني أمّ طفلها، بكل ثقة وطمأنينة. كما تسعدني جدّاً نظرات الشّكر في أعين المسنّين ودعاؤهم لي».
تؤكد ميساء أنّ الانضباط واحترام المواعيد هو ما تعلمته من مهنتها، إضافة إلى الإلمام بطرق التأهّب للطّوارئ ومبادئ الإسعافات الأوّليّة للركّاب، تستدرك قائلة: «كثيراً ما يلفت الانتباه زي المضيفة الأنيق الجميل وابتسامتها العذبة الدائمة، لكنّها في الواقع مهنة شاقّة دقيقة، تقتضي منها جهداً ذهنيّاً وجسديّاً ونفسيّاً، مهنتي تؤثر في صحّتي بسبب اختلاف التّوقيت ومسافات السفر، فاللّيل يصبح نهاراً، والنّهار يصبح ليلاً؛ مّا يؤثّر في دورة النوم، ويلزمها بنظام نوم غير مستقرّ».
مهنة نبيلة
تدعو ميساء إلى تغيير الفكرة النمطية لمهنة مضيفة الطيران، التي تختزل المهنة في الجانب الخدمي على متن الطائرة، تعلّق قائلة: «يجب أن تصنّف مهنة مضيّفة طيران ضمن المهن الشاقّة، والمهن النّبيلة ذات البعد الإنسانيّ».
تابعي المزيد: خولة ميهوبي أفضل طالبة دولية في كلية السلاح الجوي الملكي البريطاني
من مصر
مها محمد: يمنع على المضيفة الإنجاب خلال أول خمس سنوات من التحاقها بعملها
نعاني من النظرة السلبية للمجتمع
كانت مها محمد، مضيفة طيران، تحلم طول حياتها بالسفر، لكن لم يكن ضمن خططها أن تعمل مضيفة طيران، وحالفها الحظ بالصدفة وتم قبولها.
ظنّت مها فى البداية أن الأمور بسيطة وسهلة، حتى بدأت التدريب، ووجدت أنها تتعلم كل ما يتعلق بالطائرة، بداية من عدد الأبواب والكراسي، وانتهاءً بكيفية التعامل مع الحوادث، تتابع مها: «أدركت أن المضيفة ليست مجرد فتاة جميلة تقدم الطعام والمشروبات، ولكنها تعمل بوظيفة مصنفة بوصفها ثاني أخطر الوظائف على مستوى العالم، نحن نتدرب بوصفنا بديلاً لرجال الإسعاف أو المطافئ إن اقتضت الضرورة».
يبدأ يوم عمل المضيفة قبل الإقلاع بحوالي أربع ساعات، كما تقول مها، وتتابع: «قد نسافر إلى مكان نحبّه ولا نتمكن من زيارته، فمدة بقائنا هناك قد لا تتجاوز بضع ساعات، ومن أكبر التحديات التي تواجه المضيفة عدم الإنجاب خلال خمس سنوات من التحاقها بعملها، وإن أنجبت خلال ذلك تخسر الوظيفة، أما ما تعاني منه المضيفات حقاً هو نظرة المجتمع السلبية للفتاة التي تقيم بعيداً عن أهلها».
وفي النهاية، تقول مها إن حياة الطيران شغف، وعلى الركاب أن يدركوا أن المضيفة ليست لتقديم الطعام والمشروبات، تعلّق قائلة: «مهمتها الأولى الحفاظ على سلامة الركاب، بدليل أنه إذا كانت هناك مطبات هوائية شديدة، فكابتن الطائرة ومشرف الرحلة يقومان بإلغاء أي خدمات من جانب المضيفات والانتباه تماماً لقواعد السلامة، فهم يعتبرون الركاب ضيوفاً يأتون إلى بيتهم، وعليهم تقديم واجب الضيافة، وكل ما نتمناه من الركاب هو الابتسام والتقدير».
تابعي المزيد: أمريكية تدخل غينيس بلقب مضيفة الطيران الأطول خدمة بالعالم مع 65 عاماً