في يومها العالمي ..الصداقة كيف نفهمها ونكرسها للحب والسلام؟

لا يفهم ولا يعرف جمال الصداقة إلا من يملك صديقاً حقيقياً، فالصديق الحقيقي وطنٌ صغيرٌ ونعمةٌ كبيرة لن يشعر بها إلا من يفتقدها... هو الشخص الذي يعرف أغنية قلبك، ويستطيع أن يغنّيها لك عندما تنسى كلماتها. وعندما يؤلمك النظر إلى الماضي، وتخاف ممّا سيحدث في المستقبل، انظر إلى جانبك، فصديقك الحميم سيكون هناك ليدعمك.
من هنا، يحتفل العالم في 30 يوليو من كل عام باليوم العالميّ للصّداقة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2011، واضعةً في اعتبارها أن الصّداقة بين الشُّعُوب والبُلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملاً ملهماً لجهود السلام.
وبهذه المناسبة، سألنا الصديقات والأصدقاء في البلدان العربية كيف يفهمون الصداقة، وهل للصداقة أنواع ودرجات بالنسبة إليهم، ووجهوا كلمة لأصدقائهم.

من الرياض
جابر سعد آل نصيب:

الصديق الحقيقي الذي يغنيك عن كل العلاقات

سعيد الحظ من يكون لديه صديق حقيقي، كما يجد جابر سعد علي آل نصِيب، فني اتصالات وتقنية معلومات. الصداقة لها مكانتها ونكهتها الخاصة عند جابر، «فإذا اكتملت فيها تلك الشروط العميقة ما بين الأمان والصدق والوفاء والتقدير، كانت حقيقية، وأما إذا انعدمت تلك الشروط أو حتى شرط واحد، فتنعدم تلك العلاقة، وقد تندرج تحت ما يسمى بتلك العلاقات المشروطة العابرة».

جرح الصداقة أليم

الصداقة ليست في وقت الرخاء، كما يقول آل نصيب، ويتابع: «قد يتظاهر الجميع من حولك بالصدق والإحسان، لكن البعيد عن المصالح ولا غاية يرجوها، هو الذي يقال عنه: «الصديق وقت الضيق». وقد يغيب عنك طويلاً، ولكن إن احتجته تلقاه بجانبك دائماً، مهما كان عرقه أو نسبه أو جنسه، ولا يطلب إلا أن تكون بخير، فلو حظيت بنعمة الصديق الحقيقي الذي يغنيك عن كل العلاقات، حاول أن تطيل من عمر تلك العلاقة، ونحن نردد مقولة بمنطقتي نجران وهي «ما دامت الدنيا إلا بالصداقة».بدا جابر متألماً على فقدان الصداقة، مُعدّاً جرحها أليم، يستدرك قائلاً: «كم من صديق خُذل، وكم من صديق قُتل، وكم من صديق زُج به في السجن، وكم من صديق غدرت به الصداقة وخان الصديق صديقه، فلا تخلو الصداقة من تلك الأحداث. وسعيد الحظ من لم يمرَّ بها ولا يُذيق ذلك لأحد ولا يذوق من أحد هذه الكسرات القاسية».

تابعي المزيد: اليوم العالمي لمهارات الشباب

من جدّة
رهف نبيل جمبي:

نلتمس الأعذار لبعضنا

ترى رهف أن أي علاقة يجب أن تكون مبنية على الصداقة، حتى الشراكة الزوجية نجاحها يكون مبنياً على الصداقة، وأيضاً علاقة الأم بأبنائها صداقة، وعلاقة الأب مع أبنائه تكون صداقة. من وجهة نظر رهف، لا تقتصر الصداقة على الصديق والصديقة، تتابع قائلة: «علاقتي مع إخوتي الصغار مبنية على الصداقة، ومن ثم علاقة الأخوة، وبرأيي أنها أفضل الاعتبارات لنجاح علاقة قوية ومتينة وممتدة».

صداقات سنوية!

رهف بطبيعتها، تحاول جاهدة أن تكون صديقة للجميع، تستدرك قائلة: «حتى أنني أقوم بخلق أحاديث مع العاملات، فأنا أكتسب منهن الخبرات، كما أني منظمة، فقد قسمت صداقاتي إلى فئات، الأولى صداقات أتواصل معهن بشكل يومي، فيما هناك صديقات ألتقي بهن يوماً واحداً في كل أسبوع، وهناك صداقات سنوية بقلوب صافية، وليس هناك عتاب وكأننا على تواصل مستمر، فلكل شخص منا ظروفه الخاصة، ونلتمس الأعذار لبعضنا». من المواقف التي لا تنساها رهف لصديقة معها، أن تلك الصديقة تبقى معها طوال اليوم الذي توفي فيه والدها، تتابع قائلة: «توفي أبي في 10 مارس، وهو يوم تقضيه معي صديقتي بأكمله؛ لأنها تعلم أنّ هذا اليوم ثقيل عليّ عاطفياً، وفي المقابل كنت أخصص في ذكرى وفاة والدتها وقتاً لأقضيه معها، وعلى الرغم من انتقالي إلى مدينة أخرى، لكني لا أنسى الاتصال بها هاتفياً والاطمئنان عليها». اختتمت: «الصديق الحقيقي هو من لا يرضى للآخرين بالتحدث عنك من خلفك، وهو الذي يساعدك ويساندك عاطفياً، وحتى مادياً، وأقول لصديقاتي الله يديم صداقتنا لأعوام مديدة».

تابعي المزيد: كلمات رائعة عن الصديقة

من الظهران
نعمة علين:

ممتنة لكونكنّ صديقاتي وسري وراحتي

تجد نعمة أحمد علين، موظفة في مركز الملك عبد العزيز الثقافي أن عمق المعنى الحقيقي للصداقة يظهر في المواقف والاحتواء المعطاء الذي تستمر من خلاله الحياة. تلك المفاهيم المتعلقة بالصداقة تختلف من شخص إلى آخر حسب الطبيعة الفكرية وبيئة الشخص، تتابع قائلة: «البعض يجد الصداقة في تكوين العلاقات الاجتماعية، والبعض الآخر يجدها في تكوين علاقات شخصية، فيما آخرون يربطونها بالأهل والعائلة، ولكل منا نظرته ومفهومه الخاص في تكوين الأصدقاء».

تقسّم نعمة الصداقة إلى أنواع ودرجات؛ حيث يوجد صديق قريب، وآخر عزيز، فيما هناك صديق بمنزلة واحد من أفراد العائلة، تستدرك نعمة: «كما نقول بالعامية «بحسبت أختي»، وهي أعلى مراتب الصداقة فيها تناغم وتشابه، جميلة هي علاقات الصداقة والأجمل فهمها والاستمتاع بها مع صديقك المفضل، الذي يشاركك تفاصيل حياتك».

الصداقة مواقف

حكت نعمة علين، قصة حدثت معها وتحمل أسمى معاني الصداقة الحقيقة، تتابع قائلة: «أكثر المواقف التي لامستها كانت فترة كورونا (كوفيد–19)؛ حيث أصبت باكتئاب وحزن كبيرين، ولأول مرة في حياتي شعرت بالضعف والعجز، ولله الحمد صديقاتي كن سندي وعوناً لي، بعد الله سبحانه، فقدت الشغف بكل شيء، لكنهن لم يتركنني أستسلم حتى بعد وفاة والدي - رحمه الله - اختاره الله وعوضي بصديقاتي.. ممتنة لكونكن صديقاتي وسري وراحتي».

تابعي المزيد: كيف أكسب حب صديقاتي؟

من الإمارات
هبة باوزير وفداء الحمادي :

شكراً لأن يدك ممسكة بيدي في طريق الحياة

تستمد هبة باوزير، مهندسة تخصص طاقة متجددة، طاقتها من الصداقة، بعد انتقت رفيقتها التي تلازمها، وحسب تعبيرها: «ارتقت بي إلى الأعلى». تقسم باوزير الصداقة إلى صداقة مصلحة تنتهي مع ذهاب الشخص، ومتعة للضحك والتسلية وقد تكون على فترات، فيما الصداقة المخلصة الوفية دائمة، ولا تتأثر بأي عوامل خارجية، تتابع قائلة: «صديقتي فداء توأم الروح التي تفهمني قبل أن أتكلم، تعيش معي في الحلوة والمرة، على الرغم من أننا لا نتواصل بشكل يومي».

خطر في بال هبة وقوف فداء إلى جانبها عندما فقدت أخاها، فكانت تلك اليد التي تربّت على روحٍ مُنكسرة حتى جُبرت، تستدرك قائلة: «هي من الأشخاص النادرين في هذا العالم، تعرفت إليها بالصدفة، فقد تم تعيينا في مقر عملنا في اليوم نفسه، ومرت السنوات حتى أصبحت مديرتي، أستشيرها في أموري، وعندما أحتاج أجدها دائماً لتدلني وترشدني وتنصحني، فداء طوق النجاة الذي كنت أبحث عنه ووجدته».

فيما لا تعتقد صديقتها فداء الحمادي، مهندسة ومدربة حياة، أن للصداقة أنواعاً أو درجات، بل لها شروط يتشارك فيها مع الآخر في القيم والمبادئ، تتابع فداء: «من غير أعباء أو لوم فكما يسعى إليك تسعى إليه». لا تعتقد فداء أن هناك قصة محددة ربطتها بصديقتها، لكن الصدق والحقيقة هما الرابط الأول، تتابع قائلة: «تفرح لفرحي وتحزن لحزني... هبة صديقتي الطيبة ذات الابتسامة الصادقة، ولا تحتاج إلى جهد لكي يحبها الناس، فهي تفرض حسن خلقها ومواقفها مع الجميع». هبة بالنسبة إلى فداء تمثل الجانب الدافئ في ضوء متغيرات الحياة، تعلّق قائلة: «شكراً لأن يدك ممسكة بيدي في طريق الحياة».

تابعي المزيد: قواعد هامّة في إتيكيت الصداقة

من المغرب
د. فاطمة عزيزي:

الصديقة أجمل هديّة

كثير من المحبة وكثير من الاحترام المتبادل والعطاء من دون انتظار المقابل.. هذا ما يعنيه مفهوم الصداقة بالنسبة إلى د. فاطمة عزيزي من الرباط. تجد فاطمة أن الصداقة أقدس من الحب؛ لأن فيها الكثير من التقبل للآخر، بكل ما لك وما عليك؛ أي بمحاسنك وعيوبك كيفما كنت، تتابع د. فاطمة: «الصديق هو من ينصحك من دون أن يكون متفقاً معك لإرضائك، بل يجادلك وينبهك لأخطائك، ويشجعك على أمور ويلومك، لكنه يساندك في كل الظروف الصعبة، وتعرف أنه معك من دون أن يحابيك أو يجاملك». هناك درجات في الصداقة، كما تجد فاطمة، منها في العمل أو السكن؛ حيث يبادلون الاحترام والمحبة، لكن من دون أن تدخل معهم في تفاصيل الحياة، وهؤلاء ليسوا أصدقاء الدرجة الأولى، الأصدقاء هم من وصلت إلى قمة النضج معهم، تتابع فاطمة: «على الرغم من أن الحياة قد لا تسمح باللقاء معهم كثيراً، لكنك تكون متأكداً أنك ستجد صديقك معك دوماً في الظروف الصعبة، ويمكن الاعتماد عليه، أحياناً يكون الصديق أقرب بكثير من أفراد العائلة». وتضيف: «علاقتي بصديقتي الإعلامية فاطمة برودي منذ أكثر من 25 سنة حين تقاسمنا الغرفة نفسها في الحي الجامعي، وعلى الرغم من أن تخصصنا مختلف، وسنوات دراستي كانت أطول وافترقنا، لكننا لم نفترق يوماً في الصداقة والمحبة، استمرت صداقتنا بعد الدراسة وبعد التخرج والزواج والأولاد، وصرنا عائلتَيْن مقربتَيْن».

صديقة فاطمة كما تقول، لم تخذلها أبداً، بل اقتسمت معها الحلو والمر، تعلّق فاطمة: «أنا صديقتها وطبيبتها وأختها، أقول لها شكراً لأنك في حياتي، وبارك الله لك في صحتك وذريتك. أنت من أجمل الهدايا التي مَنّ الله بها عليّ».

تابعي المزيد: في يوم الأم أمهات تعترفن لـ "سيدتي نت".. هذا هو واقع الأم اليوم

من لبنان
هالة الحسنية:

محظوظٌ من يمتلك هكذا نعمة في حياته

الصداقة تبلور شخصية الإنسان إلى الأفضل، خاصةً مع توافر الأخلاق الحسنة، كما تجد هالة الحسنية، متخصّصة في مجال إدارة الأعمال والإعلام وناشطة اجتماعية.تفترض هالة وجود الاهتمام المتبادل بين الصديقين، والمحبة التي تظهر من خلال القلق على كلّ ما يصب في مصلحة الصديق.. تتابع قائلة: «الصداقة المثالية تكون بمشاركة الصديق الهموم، ومساندته في أيسر الأمور وأشدّها، فلا خير في صديقٍ يتخلى عن صديقه وقت الضيق، فإن فعل ذلك فهو لم يكن صديقاً حقيقياً منذ بداية العلاقة، فالكثير من المواقف تختبر الصديق الحقيقيّ من الصاحب والرفيق، وتتميز الصداقة بأنها بيت للأسرار ومعنى للوفاء الحقيقي». توجد علاقات صداقة لكل زمان ومكان، برأي هالة، منها ما تبقى متينة ووفيّة على الرغم من التباعد الجغرافي، أو التباعد بسبب الظروف الحياتية... وغيرها، تستدرك قائلة: «هناك علاقات صداقة مبنيّة على سنوات الطفولة، وبرأيي كلما كان لدى الأصدقاء مستوى فكري متناغم وهوايات مشتركة كانت علاقتهم أقرب وطويلة المدى...».

طعنة غدر

لا تؤمن هالة بفكرة أن الأصدقاء ملزمون بأن يكونوا على تواصلٍ دائم وباستمرار، بل يكفي الوجود عند الضرورة، تعلّق قائلة: «تعرّضت لطعنة غدر ممن كنت أعدّها صديقتي، ولكن هذا لم يغيّر من قناعتي بأن هناك أصدقاء أقرب من الإخوة، ولديهم نفوس وقلوب نقيّة ومحبّة... نعمة الصداقة من النعم المهمة، ومحظوظٌ من يمتلك هكذا نعمة في حياته».

تابعي المزيد: كيف أكوّن صداقات في الجامعة

من مصر
جيلان عاطف:

الصديق هو من يعطيني رأيه بكل صراحة

تقول جيلان عاطف، مصممة أزياء: «كلما زادت الأمور المشتركة بين الأشخاص، كان قضاء وقتهم سوياً أكثر متعة، وتفاهماً، وتعاطفاً، وإخلاصاً». تذكرت جيلان، قول العالم ويليام رولينز، عن أنواع الأصدقاء الذين لا بد أن يتواجدوا في حياتك. وهم: «شخص يتحدث إليه، وشخص يعتمد عليه، وشخص يستمتع بالوقت معه». تتابع قائلة: «الصديق الذي تتحدث إليه، يجب أن يعطيك رأيه، أما الذي تعتمد عليه، هو من يشعرك بأن هناك من «يقف وراء ظهرك»، ويعطيك إحساساً دائماً بالراحة والاتزان. أما الذي يمكنك الاستمتاع بوقتك معه، فهو فعلاً الذي تفضل البقاء معه دون غيره».

حبها لي

تحكي جيلان قصة واجهتها وأثبتت معنى الصداقة الحقيقة، تستدرك قائلة: «دفعتني صديقتي للتبرع ببعض القطع في نهاية كل موسم لمحاربات سرطان الثدي في المستشفيات، وبعد سنوات شعرت بقيمة هذه الصديقة وحبها لي؛ لأنها وقفت معي على التفاصيل، وأوصلتني إلى الإحساس بالرضا عن نفسي، وأقول لها: «من صادقك على سعادتك.. عاداك على شقائك».

تابعي المزيد: اليوم العالمي للوالدين كيْفَ نَرُدُّ الجَميْل؟

من تونس
أميرة ميساوي:

أنا محظوظة بصديقاتي الأربع

لا تستمرّ الصداقة إلّا إذا قامت على ركائز قويّة ومبادئ أساسيّة، أهمّها: التّلقائيّة، والثّقة المتبادلة، والوضوح، والحرص على عدم التدخّل في الخصوصيّات، والابتعاد عن الحسابات الضيّقة والنّوايا الاستغلاليّة وعن اللّوم وحبّ التملّك والنّقد اللّاذع، برأي التونسية أميرة ميساوي، مدقّقة ماليّة. صديقات أميرة المفضّلات عددهنّ أربع، هنّ متقاربات ذهنياً واجتماعيّا، تتابع أميرة: «إحدانا طبيبة، والأخرى صيدلانية، والثالثة موظفة في مخبر أدوية، وجمع بيننا مشاركاتنا في العمل الخيريّ، وقد تعرّفنا إلى بعض منذ سبع سنوات في جمعيّة للأطفال الأيتام، حتى تحوّلت لقاءاتنا إلى مواعيد أسبوعيّة لتناول الطعام أو الرّياضة، ثمّ أصبحنا نبرمج لزيارات عائليّة، حتى أصبح أزواجنا أصدقاء».

واقعة

ذات يوم تلقّت أميرة مكالمة من المدرسة تخبرها أنّ طفلها ذا السنوات الأربع أغمي عليه وتمّ نقله إلى المستشفى، تستدرك أميرة: «كان زوجي مسافراً في مهمّة عمل خارج البلاد، ويومها رافقتني إحدى صديقاتي وقامت بكلّ الإجراءات اللاّزمة، كما سلّمت المستشفى شيكاً على بياض من دون أدنى تردّد. وهي فرصة لأعبر لها عن شكري، فوقوفها معي كان المعنى الحقيقي للصّداقة».

تعدّ أميرة نفسها محظوظة جدّاً بعثورها على صديقات رائعات وناضجات مثل صديقاتها الأربع اللواّتي أضفن بهجة على حياتها.

تابعي المزيد: كيف تقوي صداقاتك القديمة؟