بمناسبة اليوم الوطني السعودي 92 نسلط الضوء حول أهمية تقنية ستيم STEMفي تطوير التعليم بالمملكة العربية السعودية.باعتبارها من الطرق التربوية الحديثة التي استحدثتها وزارة التعليم وهي من النماذج التعليمية التكاملية، ويتم التركيز من خلالها على أربعة مجالات دراسية مختلفة هي العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، وتدور فكرة "ستيم" حول تقديم تجارب تعليمية وربط التعليم بالحياة اليومية، وتنمية المهارات اللازمة لسوق العمل، مثل مهارة حل المشكلات والتفكير الناقد. ويتكون مصطلح STEM من الحروف الأولى لأربعة مواد تعليمية، S =العلوم، T = التقنية، E = الهندسة (التصميم الهندسي)، M = الرياضيات.
البرنامج التدريبي
تقول الدكتورة أمل الرفيدي، أيقونة STEM في المملكة العربية السعودية، ومدربة معتمدة دولياً في منحى STEM بترخيص من BiSTEM الأمريكية، إن البرنامج التدريبي" تطوير مهارات اختصاصي تعلم STEAM يتماشى مع الرؤية الوطنية، ويسهم عند تفعيله في تحقيق الاستثمار في التعليم من خلال تطبيق الاستراتيجيات التربوية الحديثة ومن أبرزها منحى التعليم التكاملي لتخصصات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، والذي يتماشى مع معايير العلوم للجيل القادم، وكذلك التعلم القائم على المشروعات، وذلك عن طريق إتقان مهارات القرن الحادي والعشرين وعادات العقل المنتجة التي تكمل الصورة المشرقة للتعليم التكاملي؛ بتوظيف أحدث استراتيجيات التعليم وفق النظرية البنائية، والاعتماد على السرد القصصي عند بناء الأنشطة المحققة للأهداف وتوقعات الأداء للمحتوى التعليمي الذي يستهدف المتعلمين من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف 12، وكذلك المرحلة الجامعية سواءً كان داخل البيئة الصفية أو التهيئة للحياة العملية،وخوض التنافس العالمي وفق أحدث المعايير الاقتصادية العالمية.وسيتم تطبيق عدداً من المحاور التي توضح للعاملين في المجال التربوي التعليمي آليات منحى STEAM التكاملي، وسبل تفعيله في تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات من مرحلة الطفولة وحتى الصف الثاني عشر، متبنين في بنائه منطلقات تحقيق أهداف رؤية 2030 ، وذلك من خلال اتباع الاستراتيجيات الحديثة التي توفر ثروة وطنية من شباب وطننا الغالي، والتي تسهم في ازدهار سوق العمل ؛حيث يتميز المتعلمون وفق منحىSTEAM ، بسمات ذات قيمة تنافسية اقتصادية عالية تجعل الشاب السعودي قادراً بإذن الله على تحقيق التقدم والتميز عالمياً وفق رؤية 2030،
جدول التدريب
ويتضمن البرنامج في اليوم التدريبي الأول محوراً يتضمن نظرة عامة لمنحى STEAM التكاملي؛ بدءاً بالفلسفة التي بُني عليها، ثم مفهوم تعليم STEAM، يلي ذلك نبذة موجزة للمحطات التاريخية لهذا المنحى، ومن ثم توضيح مرتكزات ومبادئ منحى STEAM وأهميته ومميزاته التي يتفرد بها، يلي ذلك استعراضاً لسمات مدرسة STEAM ومميزاتها الفاعلة ، وكذلك سمات المعلم والمتعلم في بيئة STEAM وخصائصهما التي يتميزان بها، ومن ثم معايير ممارسات تعليم STEAM التكاملي، ويلي ذلك توضيحاً لأهداف نموذج STEAM التعليمي، والأهمية الاقتصادية العالمية لهذا المنحى التعليمي المتميز، ومن ثم الارتباط الوثيق بين منحى STEAM ورؤية الوطن 2030 وفق المعايير الاقتصادية العالمية، وأخيراً يتم تقديم إرشادات تربوية لمعلم STEAM واستعراضاً لآلية التطوير المهني لمعلم STEAM التكاملي .ويشتمل اليوم التدريبي الثاني في هذا البرنامج المتميز استعراضاً لمعايير العلوم للجيل القادم بصفتها ضابطة لمنحى STEAM التكاملي، يلي ذلك وفي اليوم التدريبي الثالث تناول محور التعلم القائم على المشروعات وفق هذا المنحى الحديث وآلية تصميم نموذج للمشروعات في البيئة الصفية وربطها بالحياة الواقعية للمتعلمين ضمن سياقات حقيقية تعالج مشكلات قائمة في مجتمعهم المحيط بهم، وفي اليوم الرابع يتم استعراض مهارات القرن 21 وعادات العقل المنتجة التي تستكمل بناء نموذج STEAM التعليمي التكاملي، وأخيراً في اليوم الخامس يتم تطبيق أحدث استراتيجيات التعليم وفق منحى STEAM ؛ ضمن السرد القصصي الذي يميز أنشطة التعلم والتي تغطي فئات المتعلمين من رياض الأطفال وحتى الصف 12،وفي الختام يتم تطبيق خلاصة البرنامج التي توضح الخطوات المبسطة المتبعة لتصميم نماذج الدروس وفق منحى STEAM ، من خلال المحتوى التعليمي المطبق بمقررات المملكة العربية السعودية، ووفق سلسلة ماجروهيل ؛وذلك لنشر الثقافة حول منحى STEAM المتميز من قبل المتدربين في البيئة المدرسية، وفي الحياة المهنية حول هذا البرنامج الفعال، وكذلك تفعيل سبل دعم المعلمين والمشرفين التربويين والمهتمين بهذا المنحى، سواءً كان في التعليم العام أو العالي لتطبيقه في الميدان التربوي وبيئة العمل بكفاءة واقتدار.
مهارات القرن الـ21
أوضح الأستاذ مانع محمد العمري، مشرف تربوي لمادة الرياضيات في إدارة تعليم النماص، وحاصل على ماجستير تعليم الرياضيات من جامعة إيست أنجليا ببريطانيا، أن عدد من الدراسات ذكر أن ثلاثة أرباع الوظائف في سوق العمل الأمريكي ستحتاج بحلول 2020 إلى عمالة ذات مهارات عالية؛ لذلك أصبح النظام التربوي الأميركي يهتم بتخريج مهنيين وفنيين قادرين على حل المشكلات والوصول إلى ابتكارات وإبداعات جديدة، لأن هذا هو ما تحتاجه وظائف المستقبل. إن إيجاد نظام تعليم متماسك يعزز القدرة لدى الطلاب على حل المشكلات، وربط مكونات الأشياء يعد أولوية في أي نظام تعليمي. وأنا أرى أن منهجية STEM هي نموذج مصغر لذلك النظام التعليمي المتماسك. يدافع كثيرون في التعليم الأميركي عن حركة تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بالابتعاد عن مجالات المحتوى المجزأة، والتأكيد على التكنولوجيا لربط هذه الموضوعات ببعضها بعضا، وكذلك ربط التعليم بالعالم الخارجي المحيط به وحتى الأبعد منه، لذلك تثير STEM إعجاب عدد من المؤيدين لاستخدامها، لأنها تسعى بطرق فاعلة إلى إكساب الطلاب مهارات القرن الـ21 حتى يتمكنوا من اكتساب الكفاءة في التعاون والتساؤل وحل المشكلات والتفكير النقدي. وفي التعليم البريطاني أيضاً يذكر لنا البروفيسور مارك أن البريطانيين كانوا من أوائل مستخدمي هذا النهج، لكنه ترعرع إعلامياً في التعليم الأميركي، واشتهر هناك لأن الأميركان يظهرون تجاربهم ويروجون لها، لكنهم جميعاً متفقون على أنه يمكن للطلاب دراسة أي شيء من خلال STEM وتطبيق الرياضيات والتكنولوجيا والعلوم والمهارات الهندسية لمشاريع متنوعة، لذا فالباحث في مصادر التعلم الإلكترونية كالإنترنت مثلا يجد مواقعهم التعليمية مليئة بمشاريع STEM للمعلمين لاستخدامها في الفصول الدراسية الخاصة بهم.
مؤسسة موهبة
وعلى الرغم من الإجماع المتنامي حول تأثير ربط هذه العلوم ببعضها البعض، وعلى الرغم من التحرك الخجول الذي تقوم به وزارة التعليم في السعودية في هذا المسار، إلا أنني أتوقع أن الوقت حان لاتخاذ خطوات أكثر جرأة في هذا الاتجاه. فما تقوم به مؤسسة "موهبة" في هذا المضمار يحتاج إلى توسيع دائرة المشاركة والتأثير. واحدة من الإسهامات الجميلة التي قامت بها المؤسسة ترجمة كتاب «تصميم مناهج ستيم للطلبة الموهوبين – تصميم برمجة ستيم وتنفيذها»، للكاتب برونوين ماكفارلين ونقله للعربية محمود محمد الوحيدي. قد يكون هذا العمل إحدى المنطلقات لنا في هذا المجال، لكنني لا أرى حصرها فقط في الطلبة الموهوبين، بل أن تكون منهجا متكاملا لجميع الطلاب.لدى القائمين على التعليم في المملكة مبدعين قادرين على إحداث هذه النقلة النوعية. فالمعلم في فصله متى ما شاء يستطيع فعل هذا بمفرده ومع طلابه، لكن كي لا تتبعثر الجهود، وحتى لا تكون اختيارية لمن يريد فقط؛ أرى ربط ودمج هذه المواد سوية مع بعضها البعض على الأقل في هيئة أنشطة منهجية، مخطط لها ومدروسة بعناية في دليل مطبوع يوزع مع المناهج الدراسية؛ سيفسّر للطالب عددا من الظواهر والممارسات والإجراءات والتطبيقات العملية التي تحدث في الحياة الحقيقية من حوله، وليس فقط معلومات وقوانين نظرية لا يستفاد منها خارج حدود الكتاب والمدرسة، وذلك سيساعده في الفهم والتفسير والتحليل ومن ثم الإبداع والابتكار. إن رؤية المملكة 2030 في أمس الحاجة لمثل هذا النهج التعليمي، بل إنني أراها الفرصة الأكبر لوزارة التعليم للمبادرة واتخاذ مثل هذه الإجراءات في ظل الحراك العلمي والاجتماعي والتغيير والتطوير الذي تبناه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما أنني أرى أن الوقت حان لكل معلم ومعلمة لتبني التغيير وإظهار القدرة على الإبداع والتطوير من خلال خلق الأنشطة والمشاريع التي تجعل STEM واقعاً ملموساً يعيشه الطالب والمعلم.
