تلقي دراسة حديثة نُشرت في الطب النفسي الاجتماعي وعلم الأوبئة النفسي بعض الضوء على ما يجعل الشخص يشعر بالوحدة، إذ يقترح الباحثون أن الشعور بالوحدة له علاقة بجودة علاقات المرء بدلاً من عدد الأشخاص في حياته.
فكيف يمكن لشخص أن يشعر بالوحدة حتى عندما يكون بصحبة الأصدقاء والعائلة؟ وكيف يمكن لشخص آخر، ليس لديه سوى عدد قليل من العلاقات الوثيقة، أن يشعر بالرضا والسعادة بينما يظهر للبعض بمفرده؟ تكمن الإجابة بشكل أساسي في مدى قدرة الشخص على التواصل على مستوى عاطفي عميق مع الآخرين.
التاريخ مع الصدمات يرفع خطر الشعور بالوحدة
الأفراد الذين لديهم تاريخ من الصدمة كانوا أيضاً من ذوي أعلى معدلات الشعور بالوحدة الذاتية، ولكل حدث صادم إضافي في الطفولة، زادت احتمالات الشعور بالوحدة العاطفية بنسبة 28 في المائة، حيث تمَّ اختبار هذه الوحدة العاطفية حتى عندما كان الشخص يحتل مرتبة عالية في عدد العلاقات. وفي الوقت نفسه، كان أداء أولئك الذين كانوا وحدهم ذاتياً هو الأسوأ.
وتؤثر صدمة الطفولة في الفرد خلال فترات نموه وتطوره الأكثر ضعفاً؛ إذ لا تؤثر مثل هذه التجارب على إحساس الفرد بالأمان فحسب، بل تؤثر أيضاً في تصور الشخص للعلاقات، ومصداقية الآخرين، وإحساس الفرد بالذات والجدارة، ونسبة المخاطرة والمكافأة لكونه عرضة للآخر. وعندما يُصاب الشخص بصدمة نفسية أو يتأذى بشكل متكرر، يصبح من الصعب جداً تصديق أن الناس آمنون أو يستحقون الاقتراب منهم.
ومع ذلك، لا يتعين على المرء أن يكون قد عانى من صدمة علنية في حياته ليصارع الشعور بالوحدة في الوقت الحاضر.
نحن نتعلم كيفية التواصل وتكوين روابط مع الآخرين بناءً على الروابط التي كانت لدينا مع مقدمي الرعاية لدينا؛ فعندما يكون هناك اضطراب في الرابطة الأبوية، غالباً ما يصبح الشعور بالارتباط العاطفي بالآخرين أكثر صعوبة طوال الحياة.
وتفترض نظرية التعلق أن علاقة الارتباط التي كانت لدينا مع والدينا تميل إلى التكرار في علاقات مهمة أخرى، فإذا شعرت بالرفض أو عدم تلبية احتياجاتك؛ فمن المحتمل أن تتوقعي ذلك من الآخرين وتعاملي الآخرين بالمثل. وأسوأ من ذلك، إذا كنت خائفة من أحد الوالدين أو كنت ترين أنه يمثل تهديداً بطريقة ما، ولكنك اعتمدت عليه أيضاً للبقاء على قيد الحياة؛ فقد تجدين أن لديك ارتياباً شديداً بالآخرين أو حتى تجدين نفسك في علاقات مسيئة متكررة.
تابعي المزيد: اكتشاف هرمون لإصلاح «القلوب المكسورة» بالمعنى الحرفي للكلمة
العلاقات الأبوية لها تأثير أيضاً
وإذا نتج عن الرابطة الأبوية نوع من التواصل أو الارتباط غير الآمن؛ يميل الشخص إلى أن يكون لديه شعور مزمن بأن شيئاً ما مفقود، فقد يقضي حياته في محاولة لتلبية الاحتياجات التي لم تتم تلبيتها كطفل، ويُصاب بخيبة أمل مزمنة؛ لأنه لا يمكن لأي شخص تلبية هذه الاحتياجات بمجرد بلوغ سن الرشد.
ويا للأسف! قد يعتقد الفرد أنه لا يستحق الحب أو لا يعرف حتى كيف يكون قريباً من إنسان آخر؛ ما يعزز نمط العزلة المزمنة والشعور بالوحدة.
وعندما يتعرض شخص للتنمر أو يكون في علاقة تترك قلبه حزيناً، تبدأ رسالة مفادها أنه ليس من الآمن أن يكون على طبيعته، وليس من المقبول الانفتاح أو الحب أو أن يكون ضعيفاً؛ إذ يبدأ الدرع في التكوُّن للحماية من أي حالات ألم مستقبلية محتملة، وبذلك تبدأ فجوة في النمو بين الفرد وبين الآخرين.
وحماية نفسك من الألم أمر منطقي، لكن ما يحمي من الألم يمنع الحب أيضاً من المرور، ولا توجد درع انتقائية.
نحن نعيش أيضاً في مجتمع يقدر الصلابة والاستقلال الشرس، ولقد تعلمنا جميعاً دروساً منذ سن مبكرة أنه من غير المقبول أن تكوني «ضعيفة»؛ لذلك تصبح مشاعرنا أجزاء خطيرة ومخزية من كياننا.
ملاحظة من «سيدتي نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.
* المصدر: «mindclearpsychotherapy.com».
تابعي المزيد: في اليوم العالمي للصحة النفسية.. خطوات هامَّة للتخلص من القلق والاكتئاب والتوتر