يُعرف المعماري ومهندس التصميم الداخلي شريف علي، في مصر، بأنّه «مصمّم فلل المشاهير»، فمشاريعه السكنيّة الخاصّة بنجوم من الوسط الفني عديدة، كما يرد بعض الفلل والمطاعم والمقاهي التي يصمّمها وينفّذها، في الدراما المصريّة، إذ تسهم ديكوراتها الفخمة، في جعلها مرغوبة في تصوير بعض المشاهد.
في الحوار الآتي، يتحدّث المعماري والمصمّم لـ «سيدتي» عن خطواته الأولى في المضمار، واستلهاماته، ودور التكنولوجيا في مشاريعه السكنيّة.
___
هل من سبب محدّد دفع بك إلى اختيار كلّية الفنون الجميلة لدراستك الجامعيّة؟
في الثانوية العامّة، كنت من الأوائل على مستوى الجمهوريّة المصريّة. بالتالي، كانت درجاتي تؤهّلني لدخول أي كلّية، لكنّي اخترت قسم العمارة، في كليّة الفنون الجميلة بالزمالك، علماً أن النظرة إلى الفنون الجميلة أقلّ مقارنة بكلّيات أخرى، الأمر الذي أدهش محيطي المباشر. سبب اختياري «للفنون» يرجع إلى أنّه منذ العام الجامعي الأول، تشبّعت من دراسة العمارة، بخلاف حالة الانتساب لكلّية الهندسة حيث كان يجدر بي قضاء العام الأول (إعدادي) في التعرّف إلى أقسام هندسيّة عدة، قبل التخصّص في العمارة بعد ذلك. أضف إلى ذلك، كان لكلّية الفنون أثر في جعلي أمزج بين الفنون وبين العمارة، وأركّز على الألوان في مشاريعي المستقبليّة، التي لا تغيب المنحوتات واللوحات عنها. التصميم الذي أعدّه هو بمثابة قصة تجعل المستخدمين يعيشون تفاصيلها الدقيقة. أضف إلى ذلك، عملت منذ عامي الجامعي الأوّل في مشروع طباعة مشاريع التخرّج الضخمة الخاصّة بالزملاء الطلّاب والمهندسين، الأمر الذي قرّبني من عالم التصميم، وجعل اسمي ينتشر. ثم استبدلت التصميم بنشاطات شركتي المتمثّلة في طباعة المشاريع، وذلك في عام 2006 حال التخرّج، مع تمدّد الأعمال بين مصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية بعد ذلك.
ألوان «الباستيل»
عطفاً على الحديث عن تأثّرك بالألوان؛ هل من مجموعات منها مفضّلة لك؟
الخوض في عالم الألوان متشعّب، لكن يمكن اختصار الإجابة في هذا الشأن عبر القول إن مشاريعي معروفة بألوانها الفاتحة والشاحبة، وإن طائفة الألوان «الباستيل» مفضّلة لي، الأمر الذي يمثّل خلفيّةً مناسبةً لأي قطعة أنيقة من الأثاث الفخم وأي عمل فنّي مرغوب، ويسمح بتحقيق التناقض المرغوب في الديكور عندما تكون ألوان الأخيرة بارزة.
مشاريعك معروفة بطابعها «المودرن» أو المعاصر، كما أن بعضها صناعي الأسلوب؛ لماذا تفضّل هذه الأنماط عن غيرها؟
تنتمي غالبيّة تصاميمي صناعيّة الطراز إلى مجال المشاريع التجاريّة (المطاعم والمقاهي)، أمّا في المجال السكني فإن الطراز الصناعي يقتصر على الدور الأرضي، وذلك لأن الطراز يتطلّب الصيانة على الدوام، وسريع التوسّخ. أمّا المشاريع السكنية فترتدي الأسلوب «المودرن» أو المعاصر، فهذا الأسلوبان يمثّلان ملعبي، ويحملان بصمتي، وهما أصبحا مرغوبين في فلل السعودية، لذا تكثر أعمال شركتي هناك. بالمقابل، الأسلوب الكلاسيكي بعيد عني، ولا أقبل مشاريع مماثلة.
في مجال التصميم الداخلي، نجحنا في إبراز أسمائنا على صعيد المنطقة العربيّة وحتى أوروبا
التكنولوجيا الحديثة
ماذا عن دمج التكنولوجيا الحديثة بالتصميم الداخلي؟
يميّز هذا الجانب مشاريعي، وذلك لأني لا أنظر إلى التكنولوجيا نظرة تحصرها في جانب تحقيق الرفاهية للساكنين، بل أرفع من أهمّية هذا الحضور العملي أي ضبط كلّ أدوات المنزل وإضاءته وأمنه عبر الهاتف، كما التوفير في فواتير الكهرباء، مع الاستغناء عن أزرار النور التي تشوّه الجدران والاكتفاء بلوحة تتحكّم في إضاءة المنزل وأدواته، وتسهيل اليوميّات (لا حاجة للعودة إلى المنزل من موقع بعيد لمجرّد الإغفال عن إغلاق باب أو إطفاء نظام الكهرباء).. مع بداية أتمتة المنزل، كان الأمر مكلفاً، وغالباً ما تتخلّى غالبيّة الملاك عن الفكرة، ولو أن «المنزل الذكي» هو أساسي راهناً.
كيف تنعكس فورة الإعمار في مصر، على مضمار التصميم الداخلي؟ وكيف يفيد المستهلك من ذلك؟
يزداد حجم المشاريع والمقاولات، في كلّ من مصر والسعودية، في الآونة الأخيرة ولمّا يزل، كما ترتفع نسبة التملّك، ما يجعل اللجوء إلى مهندس التصميم الداخلي حتميّاً، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المضمار. أضف إلى ذلك، يتيقن ملّاك المنازل أكثر فأكثر لدور مهندس التصميم صاحب الشأن في إعداد دواخل المنزل وتنسيق ديكوراته، بعد أن كانوا يكتفون بخبرات النجار أو أي صناعي آخر ليقوم بنسخ الأعمال التي سبق أن شاهدوها في المعارض والمجلاّت، لتأتي النتيجة غير موفقة، مع أخطاء مرتكبة لناحية أبعاد القطع.
أنت هاوٍ لموضة الأزياء، ومتتبع لكل جديد فيها. كيف ينعكس ذلك على تصاميمك؟
متأثّر بعالم «الفاشن»؛ وأرى أن المرء، رجلاً كان أو امرأة، لا يستطيع الاهتمام بتصميم منزله وديكوراته ويبرز ذوقه في مكان سكنه، من دون أن يولي عناية بهندامه وألوانه وأسلوبه. تقول الملابس الكثير عن الذوق الشخصي، وهي قد تسمح باكتشاف تفضيلات صاحب المشروع. أضف إلى ذلك، ألوان موضة الأزياء مؤثّرة في التصميم الداخلي والعمارة.
السفر للاستلهام
هل من مصادر أخرى للاستلهام منها؟
مقتنع أن كثرة الأسفار مفيدة وملهمة للمصمّم والمعماري، مهما كانت الوجهة، والهدف من الزيارة ووسيلة التنقّل. يكفي النظر إلى خطوط معينة تابعة لبناء، أثناء المشي، أو إلى لون للتأثّر، ثمّ أخرج ذلك بصورة متجدّدة، في المشروع الذي أشتغل عليه.
أنا متأثّر بعالم «الفاشن» وإيطاليا سبّاقة في مجال تصميم الأثاث وصنعه
الأثاث الإيطالي مفضّل لديك؛ وأنت تقوم بزيارات دورية إلى المعارض الإيطاليّة لتتبع الجديد. أخبرنا المزيد...
تمثّل إيطاليا وخصوصاً العاصمة روما رمزاً للتصميم والعمارة والمفروشات. هذه النظرة شائعة، في صفوف العرب. لذا، تتعدّد زياراتي إلى إيطاليا لتتبع كل جديد، لا سيّما في إطار تصميم وصناعة المفروشات؛ ألوانها وموادها والتشطيبات. وإذا سمحت ميزانية صاحب المشروع الذي أتولّاه بشراء الأثاث (الكنب والكراسي والثريّات...) من إيطاليا، سيبرز ذلك عملي التصميمي. لناحية الأثاث، إيطاليا سبّاقة، فيما أجد أنّه في مجال التصميم الداخلي نجحنا في إبراز أسمائنا على صعيد المنطقة العربيّة، وحتّى أوروبا.
ما هي مشاريعك للجزء الأخير من عام 2022؟
هي مشاريع سكنيّة لعليّة القوم، وعبارة عن فلل متفاوتة الأحجام في مصر؛ إذ يمتدّ البعض منها حتّى 1400 متر مربع (للمساحة السكنية حصراً من دون تلك الخارجية)، مع الإشارة إلى أن معظم المشاريع التي تتولّاها شركتي يرجع إلى ممثّلين شهيرين في مصر والوطن العربي. أضف إلى ذلك، هناك منتجع صحي في مصر. وفي السعوديّة، أضف إلى المشاريع السكنيّة، هناك منتجعات صحّية وفنادق.