تُعرف الميزوفونيا باسم متلازمة حساسية الصوت الانتقائية، وهي اضطراب يجعل المصاب يقوم بردود فعل قوية وسلبية بشكل غير طبيعي على الأصوات العادية التي يصدرها مَن حوله، مثل صوت المضغ أو التنفس، ومع الميزوفونيا يمكن أن تكون تلك الأصوات الصغيرة والكثير من الأصوات الأخرى لا تُطاق تماماً. وكون الميزوفونيا تنطوي على حساسية شديدة لبعض الأصوات، ففرط الحساسية يدفع إلى استجابة القتال أو الهروب من الأصوات المحفزة. على سبيل المثال، قد تكون لديكِ رغبة شديدة في مغادرة الغرفة من الفور، أو الضغط بيديكِ على أذنيكِ، أو الصراخ في مَن يصدر الصوت لإقناعه بالتوقف عنه. ويمكن للميزوفونيا في النهاية تعطيل الحياة اليومية قليلاً، فعندما تواجهين صعوبة في التعامل مع الأصوات المثيرة التي تسمعينها في الحياة اليومية؛ فقد تبدأين في تجنُّب مواقف وأشخاص مُحددين يُصدرون عادةً تلك الأصوات، وقد يعني هذا تجنُّب الأصدقاء والعائلة، أو ترك العمل والمدرسة في بعض الأحيان. لا يتضمن أحدث إصدار من «الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية «DSM-5»» الميزوفونيا، ومع ذلك يقترح بعض الأطباء إدراجه في الإصدارات المستقبلية في فئة «الوسواس القهري والاضطرابات ذات الصلة». في السطور التالية، يُطْلِعُكِ «سيدتي.نت» على تفاصيل حول الميزوفونيا وعلاقتها بالذكاء، ونصائح للتكيف، في الآتي.
أعراض الميزوفونيا
يمكنِك التعرف بشكل عام إلى الميزوفونيا من خلال أعراضها الرئيسية المتمثلة في رد فعل سلبي قوي عند سماع الأصوات المحفزة، وبشكل أكثر تحديداً، قد تتضمن هذه الاستجابة مجموعة من المشاعر والعواطف والأحاسيس الجسدية، أبرزها ما يلي:
- مشاعر الانزعاج والتهيج والاشمئزاز
- الغضب أو مشاعر العدائية، بما في ذلك الرغبة في الهجوم جسدياً أو لفظياً على مُصدِر هذه الأصوات
- العصبية أو عدم الارتياح في المواقف التي يمكن أن تنطوي على أصوات محفزة
- الشعور بالقلق أو الذعر، بما في ذلك الشعور بالوقوع في شرك أو فقدان السيطرة
- ضيق أو ضغط في جميع أنحاء الجسم أو في الصدر
- زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم ودرجة الحرارة. تظهر هذه الأعراض بشكل عام لأول مرة خلال سنوات ما قبل المراهقة أو المراهقة.
محفزات الميزوفونيا الشائعة
يمكن أن تختلف الأصوات المثيرة على نطاق واسع من شخص إلى آخر، كما يمكن أن تتغير هذه المحفزات أيضاً أو تزيد بمرور الوقت، وبعض محفزات الميزوفونيا الأكثر شيوعاً هي الأصوات الفموية التي يصدرها أشخاص آخرون، ومن الأمثلة على ذلك:
- القضم بصوت عالٍ
- الالتهام
- البلع
- التنفس بصوت عالٍ
- صفع الشفاه.
وقد تتضمن المحفزات الأخرى ما يلي:
- الاستنشاق
- النقر بالقلم
- حفيف الأوراق أو القماش
- صوت الساعة
- جرجرة الأحذية
- تقليم الأظافر أو قصه
- الطنين الميكانيكي والنقر
- نقيق الطيور أو الصراصير
- أصوات الحيوانات الأليفة.
وبالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن تسبب المحفزات البصرية رد فعل مماثلاً؛ فقد يحدث هذا إذا رأى المُصاب بالميزوفونيا شخصاً ما يهزُّ ساقيه أو أقدامه أو يفرك فى أنفه أو يمضغ بفم مفتوح أو يحرِّك فمه في حركة مضغ.
تابعي المزيد: فوائد البكاء في علم النفس رائعة للجسم.. لا تهربي منه
ما الذي يسبب الميزوفونيا؟
لم يحسم الباحثون بعد أسباب الميزوفونيا، لكنها تظهر بشكل أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون من:
-اضطراب الوسواس القهري
-اضطرابات القلق
-متلازمة توريت
-طنين الأذن
- واقترح البعض أيضاً وجود صلة محتملة بين الميزوفونيا واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط «ADHD».
طرق التكيف مع الميزوفونيا
لا يوجد علاج للميزوفونيا، ولكن لديكِ بعض الخيارات لإدارة أعراضكِ إذا تعرضت للإصابة بها، أبرزها ما يلي:
-علاج طنين الأذن: يمكن طلب المساعدة من اختصاصي.
-التكيُّف المضاد؛ إذ يقرن هذا العلاج بين محفز صوتي أضعف وشيء يثير مشاعر إيجابية أو سعيدة، مثل أغنية مفضلة أو صورة لأحد أفراد الأسرة أو شيء مهدئ.
- إستراتيجيات التأقلم، مثل استخدام سماعات الرأس المانعة للضوضاء، أو الاستماع إلى الموسيقى أو الأصوات المهدئة، أو تشتيت انتباهكِ وإلهاء نفسك بشيء مهدئ.
العلاقة بين الميزوفونيا والذكاء والإبداع
اكتشف علماء من جامعة نورث وسترن أن الأشخاص الذين يعانون من فرط الحساسية لأصوات معينة يميلون إلى أن يكونوا أكثر إبداعاً من سواهم؛ لذلك إذا انزعجتِ من أصوات المضغ، فأنتِ على الأرجح تتمتعين بدرجة عالية من الذكاء. في دراسة مفتوحة، قام الباحثون من جامعة نورث وسترن باستطلاع آراء 100 مشارك طُلب منهم تقديم أكبر عدد ممكن من الإجابات على العديد من السيناريوهات غير المتوقعة في غضون فترة زمنية محدودة، وراقب الباحثون كيفية تفاعل المشاركين مع عدد من الأصوات، ثم طلبوا منهم إكمال استبيان الإنجاز الإبداعي قبل استخلاص استنتاجاتهم. وفقاً لمؤلفي الدراسة، كشفت إجابات المشاركين عن وجود صلة قوية بين أولئك الذين لديهم إجابات وإنجازات أكثر إبداعاً وأولئك الذين لديهم حساسية للضوضاء في الخلفية، وأظهرت الدراسة أن درجات التفكير ارتبطت ببوابة حسية أكثر انتقائية، وبمعنى آخر، كلما أزعجتك الأصوات؛ زادت درجاتك في الاختبارات التي تقيس الإبداع. وتوضح داريا زابرينا، الباحثة الرئيسية في الدراسة: «الميل لتصفية المعلومات الحسية غير ذات الصلة يحدث مبكراً ولا إرادياً في معالجة الدماغ، وقد يساعد الأشخاص على دمج الأفكار التي تقع خارج نطاق الاهتمام،؛ ما يؤدي إلى الإبداع في العالم الحقيقي».
ومن المثير للاهتمام أن الباحثين نظروا أيضاً في عادات «العباقرة المبدعين» مثل تشارلز داروين وأنطون تشيخوف والروائي مارسيل بروست لمقارنة نتائجهم، ووجدوا أن العديد من هؤلاء الأشخاص المبدعين كان لديهم أيضاً نفور قوي من ضوضاء الخلفية، وكتبوا أن بروست كان لديه نفور شديد من الضوضاء، لدرجة أنه غطى غرفة نومه بالفلين لمنع الضوضاء في أثناء عمله. كما أعرب داروين وتشيخوف ويوهان جوته عن أسفهم الشديد للطبيعة المسببة للضوضاء، حتى فرانز كافكا، أحد الروائيين الأكثر نفوذاً في القرن العشرين، قال: «أحتاج إلى العزلة من أجل كتاباتي ليس مثل الناسك، فلن يكون ذلك كافياً، ولكن مثل الرجل الميت»؛ لذلك في المرة القادمة التي تشعرين فيها بالانزعاج من أن شخصاً ما بجوارك يلتهم بصوت عالٍ معكرونة الدجاج أو يمضغ ويطحن رقائق البطاطس، خذي نفساً عميقاً، وذكِّري نفسك أنكِ أكثر إبداعاً، وربما أيضاً أكثر ذكاءً.
ملاحظة من «سيدتي. نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذه العلاجات تجب استشارة طبيب مختص.
المصادر:
- healthline.com
- lifehack.org
تابعي المزيد: علاج الاضطراب العاطفي الموسمي