عندما دخلت «يارا نرش»، 24 عاماً، هي وشقيقتها الصغرى «حياة نرش»، 17 عاماً -المطعم حيث ننتظرهما- لفت شكلُ الشابتين أنظار الجميع، ولكن لم يكن أحد يتصور أن «يارا» التي تضج جمالاً وحيوية كانت ستلقى حتفها بسبب مرض خطير أصابها منذ عدة أشهر، حيث أصيبت بتمدد الأوعية الدموية في الدماغ، ونزف دماغي خطير، ما أبقاها أكثر من شهر داخل غرفة العناية المركزة في أحد مشافي أستراليا حيث تعيش، واضطر الأطباء لحلق شعرها الطويل، وكانت نجاتها حينها حلم أسرتها.
ومازال مرض «يارا» يشكل ذكرى مؤلمة لها ولعائلتها، التي لا تنسى كيف تم قص الجزء الأمامي من شعرها؛ ليتمكن الأطباء من إجراء الجراحة الدقيقة في دماغها، وكيف بقيت ممنوعة من الحركة لفترة طويلة، وكيف أجمع الأطباء أن خلو جسمها من السموم أنقذها، وقد كان من الممكن أن تؤدي حالتها للإصابة بشلل في الحركة وفقدان للرؤية.
ولكن الشابة القوية تجاوزت المحنة وخرجت من غيبوبتها أكثر قوة، وعندما سألناها عن السر قالت إنه في النظام الغذائي الصحي الذي تعتمده منذ سبع سنوات.
غيروا حياتكم
لم تخف «يارا» حماسها لحملة «سيدتي» ضد السمنة، خاصة أنه في المجتمعات العربية مازالت النساء لا يولين رشاقتهن وصحتهن المقام الأول، كما قالت، وتابعت: «أجد الأمر جميلاً أن يغير الشخص حياته نحو الأفضل، خاصة الشابات، حيث عليهن الانتباه لغذائهن وصحتهن والمحافظة على رشاقتهن».
سر «يارا»
أما عن كيفية محافظتها على رشاقتها وسر نظامها الغذائي فقد أسرت لنا: «أتبع نظاماً غذائياً صحياً منذ 7 سنوات، والجميل فيه أنه يشعرني أني أملك طاقة أكثر كل يوم، وأني أكثر نشاطاً وحيوية، وأشعر براحة كبيرة، وليس من الضروري تغير الشكل الخارجي فقط، بل المهم شعورنا بالراحة النفسية، وقد بدأت أشعر بأني أكثر خفة، خاصة وأني كنت أعاني قبل البدء بنظامي الغذائي من شعور بالكسل والخمول، ولكني الآن بدأت أشعر براحة نفسية وبأني أكثر ليونة ورشاقة».
لا للريجيم
ترفض «يارا» أن يقال: إن ما تقوم به ريجيم، وتقول: «لا أحب الريجيم، ونظامي الصحي يختلف، فكل ما أفعله تناول كل ما هو صحي، والابتعاد عن الأشياء التي ترهق جهاز الهضم وتثقل الحركة؛ فأتناول الخبز والأرز الأسمر، والفاكهة والخضار، واللحوم الخالية من الدسم، والسمك والدجاج منزوع الجلد، وكل ذلك بكميات مدروسة بلا مبالغة، ولا أشرب المنبهات؛ كالشاي والقهوة والمشروبات الغازية، وأستعيض عنها بشرب العصائر والكثير من الماء والشاي الأخضر؛ فهو مفيد جداً، ومليء بمضادات الأكسدة، وأنصح الراغبات بجسم سليم الاعتماد عليه؛ فهو يخلص الجسم من السموم، ويسرع عملية الاستقلاب ويحرق الدهون».
وهمست لنا «يارا» بسر: «إن اشتهيت شيئاً خلال الأسبوع أعد نفسي أني سأتناوله في يوم الراحة، وأنا في نهاية كل أسبوع أحصل على يوم راحة... لا أتقيد فيه بأي قاعدة».
خيارات جيدة
أما أكثر ما تتجنبه «يارا» من أطعمة فهو الأغذية المقلية، وتعمل على التخفيف من مشتقات الألبان والنشويات، وتخبرنا: «أصبح هذا نمطاً غذائياً أتبعه تلقائياً. وأنا متأكدة من أن أي شخص يسير على هذا النظام لن يكون رشيقاً فحسب، بل سيحظى بجسم صحي خال من السموم، وقد لا تكون النتيجة مباشرة، بل قد نلحظ الفروق مع مرور الأيام، وقد يكون ذلك بعد شهر، أو أكثر، كما حصل معي، حيث بدأت أشعر بأن حياتي تغيرت وبدأت خياراتي تتحسن كل مرة إلى أن شعرت بأني لا أستطيع العودة للخيارات السيئة، وعلى سبيل المثال، كنت لا أستطيع تخيل أن أتناول طعامي دون كمية من المشروبات الغازية، ولكن الآن أراها أمامي على المائدة ولا تحرك فيّ أي شعور، حتى أنني لا أتناول رشفة منها».
الرياضة ضرورية
لم يكن الغذاء فقط هو الذي غير حياة «يارا»، ولم يكن نظامها الصحي يقتصر على الطعام فقالت: «الرياضة مهمة جداً لتكون رفيقة لنا في حياتنا، فأنا لم أعد أعتمد على التنقل بالسيارة، بل أحاول المشي سيراً على الأقدام في الأماكن التي يمكن السير فيها، ولم تلبث تلك العادة أن غدت جزءاً من حياتي، وبالنسبة لي ليس من الضروري أن تنحصر الرياضة في الملاعب فقط والصالات الرياضية، بل حتى أعمال المنزل أحياناً أعتبرها نوعاً من الرياضة، وأقدم عليها بنشاط وسرعة».
أطهو لي ولأختي
أما كيف تختار طعامها وتجهزه فقالت لـ«سيدتي»: «لا أعد وجبات خاصة، وآكل عند شعوري بالجوع، وبكميات معتدلة، وأنا أحضر وجبتي بنفسي، وأنتقي الخضار والفواكه التي سأطبخها بنفسي، وكذلك اللحوم، وأزيل كل الدهون منها قبل الطهي، وأحب أن آكل من الوجبة التي أحضرها أنا، فأنا لا أضمن في أماكن أخرى أن لا يحوي الطعام دهوناً ومواد قد لا أراها صحية، وحتى لو كانت الوجبة لذيذة في الخارج.. ولكن طريقة إعدادها قد تجعلها صحية أم لا.
وأنا عندما أضطر للأكل خارج منزلي أركز على الخضار في المقام الأول والمشويات. وأنا الآن في دبي في زيارة، وعندما يكون الإنسان بعيداً عن مكانه لا يعيش طقوسه العادية، وقد لا يستطيع المتابعة بنفس الدقة، وقد يضطر أحياناً إلى أن يخرج عن النظام الذي اعتمده، ولا بأس من بعض التجاوزات أحياناً، وقد يصعب علي هنا أن أختار وأطهو الطعام الذي أريده، ولكن أحاول قدر الإمكان أن أجعل وجبتي أفضل؛ بأن لا أضع الصلصة المليئة بالزيوت أو الكاتشاب أو قطع الجبن، وقدر الإمكان أركز على الخضار. وأشياء صغيرة قد تصنع فرقاً».
عائلتي تربكني
أكثر ما كان يسبب الإرباك لـ«يارا» في بداية اعتمادها النظام الصحي هو أسرتها نفسها، وتصف الأمر قائلة:
«يحاول أهلي التدخل أحياناً، فهم يشتهون لي بعض الأطعمة، ويتحسرون كيف أحرم نفسي منها، ويحاولون الضغط علي لتناولها، وأنا أرضيهم بأن أتذوق ما يريدون، ولكن لا أفرط أبداً، وأكتفي بلقمة صغيرة، فأنا كما قلت لا أقوم بريجيم، بل أصلح نظامي، وقد اعتاد أهلي الأمر، وأصبحوا يراعون وضعي أكثر، بل إن أمي تحضر لي وجبتي أحياناً بالطريقة التي أحبها، وقد تغير تفكير عائلتي، بل إن شقيقتي الصغرى «حياة» أحبت نظامي، وبدأت تتبعه، خاصة بعد أن شاهدت النتائج عليّ، وأنا أساندها بدوري، وطعامنا متشابه، وأنتقي الطعام لي ولها، وأتجاهل بعض تجاوزاتها؛ فمازالت صغيرة».