المصمم محمد العربي عزوز، المعروف بـ«روميو»، أحد أشهر مصمّمي الأزياء في المغرب، له لمسة خاصة على القفطان المغربي. هو مفتون بعالم الأناقة العريقة العابقة بروح العصر، دشّن مساراً متميّزاً في عالم الموضة والأزياء، منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. شارك في عدة معارض داخل وخارج المغرب، وحظي بالتقدير والنجاح. يتميّز أسلوبه بالرومانسية، التي يريد أن تتحقّق عند كلّ إبداع. هو عاشق للجمال، ويحلم بقفاطينه كلّ ليلة، ويلهمه التاريخ والطبيعة والوجوه والعمران، وكل ما تختزنه الذاكرة من جماليات، ليمنح المرأة أبهى الحلل. نلتقي به في لقاء خاصّ مع «سيدتي».
المغرب | سميرة مغداد
تصوير | مهدي منير
كيف تختار تصاميمك؟
اختارها حسب الموضوع الذي أضعه لكل مجموعة من الأزياء، أو الذي يقترح عليّ من خلال مشاركاتي في عروض الأزياء داخل أو خارج المغرب. أفكر ملياً في الموضوع، وأحاول أن أركّز في كلّ ما قد يحرّك بداخلي مشاعر الإلهام والإبداع. ممكن أن تكون صورة، أو منظراً طبيعياً، أو شخصية المرأة بذاتها، أو ثقافة، أو حضارة، أو تواريخ الشعوب القديمة، أو مواقف إنسانية... كلّ هذه باستطاعتها تحريك طاقة الإبداع بداخلي.
ما الذي تضيفه ويمكن أن يصنع الفارق بينك وبين مصمّم آخر؟
أنا أبذل ما في وسعي لأتوّج المرأة وأمنحها الجمال الذي تستحقّه، أهتمّ كثيراً بهندسة قوام المرأة، إن صحّ التعبير، وأعتني كثيراً بأنوثتها، وأحب فعلاً أن يكون الزيّ الذي أصمّمه لها يبرز شخصيتها وأنوثتها بشكل راقٍ. تحضر المرأة في تصاميمي أكثر مما أحضر أنا كمصمّم، وأظنّ أنّ هذا هو ما يميّز روميو عن بقية المصمّمين.
بماذا تتميز الموضة المغربية التقليدية؟
للقفطان والزيّ التقليدي في المغرب حضور خاصّ، فهو يعانق العالمية اليوم. الأناقة المغربية مميزة بهويتها العربية والأمازيغية، وبروح الصنعة التقليدية التي أبدعتها أيادي الصنّاع المغاربة عبر التاريخ، وأغنتها بزخرفات جميلة. وهذا المنتوج التراثي الذي ورثناه عن أجدادنا هو مفخرة للأزياء المغربية، سواء ما يتعلق بالتطريز اليدوي المتنوّع، الذي يبهرك بألوانه وجماليته من منطقة لأخرى، مثل الطراز الفاسي والتطواني والرباطي والسلاوي وغيره، أو ضفائر الصقلي الرفيعة المعروفة بالسفايف، أو صنعة المعلم. وهناك عدد كبير من الزخارف التي تجعل من القفطان لوحة فنية خالدة تحدث الفرق مع كل أزياء العالم.
ما الذي لم يتغير في القفطان المغربي؟
أبدع كلّ المصمّمين في القصّات والتصميم والشكل، وجعلوا للقفطان أشكالاً مختلفة، مستوحاة من الموضة العالمية واللباس العصري، كما من الكيمونو، أو البدلة الفرنسية، أو الفستان الأمريكي أو الإيطالي. ولكن لا بد أن يحضر فيه التراث المغربي الأصيل، بخاصة شغل السفيفة والعقاد. لا يمكن أن تهمل الصنعة المغربية في القفطان مهما تغيّر وتطوّر. ومهما اجتهدنا في القصّات، فالقفطان لا يتغيّر، ويحمل دوماً توقيع الصانع المغربي الحرفي.
تابعي المزيد: المصمممة منى الكعبي: عباياتي المتقنة التفاصيل تخفي بداخلها حلماً قديماً
لم اخترت إطلاق اسم «روميو» على تصاميمك، وليس اسمك الحقيقي محمد العربي عزوز؟
ربما إمعاناً مني في إبراز قصّة عشقي للأزياء بصفة عامة. فأنا أحب هذا المجال جداً، وحاربت من أجل التميّز، ولأجل أن أبيّن للجميع أنّني لست متطفلاً، ولم أدخل المجال لغاية ما. بل كان شغفي المحرّك الأساسي كي أدخل هذا العالم الفني، الذي يمنحني القدرة على التحليق والسعادة.
أزيائي أيضاً عنوان للرومانسية، وبها أقول شعري وأتغنى وأفرح، كما أمنح نفسي والآخرين فرصة الحلم وتعزيز ثقافة الجمال.
هل هناك قفاطين معيّنة تحتفظ بها لنفسك فقط؟
نعم، لدي مجموعة قفاطين أحتفظ بها، لكنّني أحب بشكل خاص قفطاناً هو لابنتي الصغرى. صمّمته لها حينما احتفلنا بها على عادة أهل مدينة تطوان، مدينتي التي احتضنت موهبتي وحياتي. هنا، نحتفي بالبنات الصغيرات في أول صيام من خلال حفل الشدة، افتخاراً بها. تكون هذه مناسبة لتتويجها في زفّة بالزّي التقليدي، مع الأهل والأحباب. أبدعت في تصميم هذا القفطان، وأودعته مشاعر خاصّة، وأشعر أنه جزء مني ومنها، وهو سيظلّ يحمل ذكرى عزيزة جداً عليّ.
مهما اجتهدنا في القصّات، لا يتغيّر القفطان، ويحمل دوماً توقيع الصانع المغربي الحرفي
من هي المرأة الجميلة في نظرك؟
هي المرأة التي تستطيع أن تكون نفسها ولا تتصنّع، ولا تريد أن تبحث عن جمال لا يشبهها؛ هي المرأة التي تحسن الاعتناء بنفسها، وبأنوثتها بشكل لطيف وتلقائي. فالمرأة جميلة بطبيعتها، دون مبالغة في التجميل. شخصياً يزعجني التهافت الحالي حول عمليات التجميل، والإصرار على نموذج معيّن في شكل وجه المرأة وجسمها. فلكلّ امرأة سحرها وجمالها، وعليها الاعتناء به وحفظه لا غير.
تابعي المزيد: المصممة السعودية خلود الصايغ تُبرز إبداعاتها في الرسم والتصميم من خلال "سنيك مي"
هل هناك نساء لا يمكن أن تصمّم لهنّ؟
بالعكس، أنا أصمّم لكلّ النساء، ولا فرق عندي بين امرأة وأخرى. كل من تختارني أرحّب بها، وأكون في خدمتها. صمّمت لأميرات وفنانات وطبيبات وموظفات بسيطات، وكل من قصدنني.. أحب عملي، وأكون مستعداً لمنحه أجمل ما لديّ.
من هنّ النجمات اللواتي يعتنين بالزيّ المغربي؟
أعتبر الأميرات المغربيات هن نجمات القفطان المغربي الأصيل. وأصبحن في المحافل الدولية عنواناً للأناقة المغربية الراقية والعريقة. هن سفيرات حقيقيات للزيّ التقليدي المغربي.
ما البصمة التي ستتركها للمستقبل في مجال تصميم الأزياء المغربية؟
أعتقد أنني كنت سبّاقاً في منح القفطان جرعة الجرأة اللازمة لينافس الأزياء العالمية. حيث وضعت لمسات عصرية على القفطان، من خلال إدراجه على ملابس من واقعنا، مثل التنورة الميني، واستعمال الدانتيل والمظلة. كما أدخلت لمسات رومانية عليه، واشتغلت على الجلد، فأدخلت عليه لمسات أندلسية، غجرية وأفريقية من وحي الأدغال.
تابعي المزيد: المصممتان ليال وشيرين مكارم: مجموعتنا مزيج من العواطف والتجارب والذكريات
مشروعك الذي يؤرقك؟
أن يكون لعلامة روميو مكانتها في جميع مجالات الموضة، من اللباس التقليدي، إلى العصري، فالخياطة الراقية والملابس الجاهزة، كما وفي الحقائب والإكسسوارات، والعطور والمكياج، وكل ما له علاقة بالمظهر.
بماذا تحلم؟
أن تكون لي بصمتي في أسابيع الأزياء العالمية، مثل باريس وروما ونيويورك، وأن تكون المشاركة مستمرّة ودائمة ومنظّمة.
أقرب تشكيلة قفاطين إلى قلبك؟
أفتخر بكل تصاميمي، ولكل مجموعة نكهة خاصة. ولعلّ المجموعة الأولى في 2010 التي شاركت بها في تظاهرة القفطان المغربي بمراكش، تبقى الأجمل، لأنها بطعم البدايات الصعبة والتحدّيات. رغم الصعوبات والمعاناة التي مرّرت بها لظروف شخصية، كانت فرصة لأخرج أفضل ما عندي، لأتحدّى الإحباط والانكسار، واستطعت أن أحصد الإعجاب والثناء.
تابعي المزيد: غاينايل بيرو مارينكوفيك Gaenaelle Perrot Marinkovic: نتحدى اختبار الزمن بتصاميم من المواد المستدامة