لا شفاء من مشاعر الحنين إلى الماضي، والتي كانت ولمّا تزل مُلهمة للكتّاب والفنّانين البصريين ومهندسي الديكور والمصمّمين... عن الحنين، يقول الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز: «لقد محا الحنين - كالعادة - الذكريات السيّئة وضخّم الطيّبة. ليس هناك من ينجو من آثاره المخرّبة»! الحنين هو سبب رئيس لاسترجاع طرز قديمة، وجعلها «تسكن» المنازل اليوم، أو للتعلّق باكسسوارات منزلية أهدتها الجدات إلى حفيداتهن وتراهن يشرن إليها بفخر عند الحديث عنها. والحنين، هو «عنوان» من عناوين ديكورات العام المقبل (2023).
__
تحت عنوان «الحنين الى الماضي»، تفيد الدلائل إلى أن عناصر عدة كانت حاضرة في منزل العائلة الكبير، أثناء الطفولة، وطراز «الآرت ديكو» سيتصدران واجهات المعارض والأعمال التصميمّة، مع لمسات مطبوعة بالحداثة. في هذا الإطار، تقول مهندسة العمارة والمصمّمة محاسن صالح الحلبي، الممتدّة مشاريعها بين بيروت والرياض، إن «محاولات الناس لتبطيء وتيرة اليوميّات السريعة ستتجلّى في المقتنيات المستلهمة من بيوت الجدّات».
طراز «الآرت ديكو» سيواكب الأسلوب المعاصر عن طريق ألوان جديدة مثل الأخضر الداكن أو لون الخزامى
حلّة حديثة «للآرت ديكو»
وتسلّط المهندسة الضوء على «الآرت ديكو»، النمط التصميمي الذي ظهر أوائل القرن الماضي، ووصل إلى ذروة شعبيته بين 1920 و1940، لينطفئ منذ 1950، فتقول إن «الطراز المذكور سيتصدّر واجهة الديكور في العام المقبل (2023)، مع الاشتغال بمواده وألوانه ونقوشه، بصورة مُحدّثة»، مُثيرة النقطة الآتية: «شكّل «الآرت ديكو» في القرن الماضي تناقضاً صارخاً مع الفنّ الحديث الأكثر بساطة وارتباطاً بالطبيعة، إذ جاء في تلك الحقبة، ليبرز إنتاج الماكينات، وتحديداً في مجال صناعة المفروشات والأكسسوارات ومواد التصميم الداخلي. وفي عام 2023، سيقوم الطراز المذكور بجعل صفة البساطة في الديكور تتراجع، فاسحة المجال أمام حضور مقتنيات جريئة في المنزل». حسب المهندسة محاسن، سيتحقّق «تهذيب» طراز «الآرت ديكو»، عن طريق الاستعاضة عن الألوان الصارخة، وأشهرها الأصفر والذهبي في قطع المفروشات أو اللوحات، أخرى جديدة، مثل: الأخضر العميق أو الزيتوني الغامق أو الأخضر المزرق أو لون الخزامى أي الألوان التي ستعرف انتشاراً واسعاً خلال العام المقبل.
أضف إلى ذلك، يتميّز الطراز بنقوش محدّدة، مثل: نمط «شيفرون» وذلك المتعرّج، كما الحيواني، وبمواد مثل: الفولاذ والحديد والمرايا... لكن، ستتمظهر المواد، في حلّة جديدة أكثر بساطة أي مع التخلّي عن إطارات المرايا الضخمة، ودمج الحديد بالخشب والرخام، وتوظيف ورق الجدران ذي الأشكال المستلة من الطبيعة والمطبوعة بأحجام كبيرة.
لناحية الإنارة الصناعية، توضّح المهندسة أن المعدن مادة أساسيّة في التصاميم التي ستكشف المصابيح، بأشكالها، عنها، بالتداخل مع نظام الإنارة الحديث (ليد)، وأن الكريستال سيعدّ الثريات، وفق أشكال ستدنو من الطبيعة (الطيور وأوراق الأشجار، بخلاف البلورات الكريستال المستديرة القديمة).
بيئة صحّية للإنسان
من جهة ثانية، تلفت المهندسة إلى التركيز في العمارة والتصميم على تأمين بيئة صحية للإنسان، من خلال جعل الوحدات السكنيّة الجديدة تحظى بفتحات كبيرة (النوافذ) للسماح للقدر الأكبر من نور الشمس بأن يدخل المساحات الداخليّة، لدور الضوء الطبيعي في تحسين الأمزجة وتعزيز التركيز وجودة النوم. كما تركّز المهندسة على العناصر الآتية، التي ستظهر أو ستستعاد في العام المقبل:
- استمرارية الأشكال العضويّة.
- ألوان أكثر جرأة، وعلى رأسها الأسود والذهبي. صحيح أن الألوان المحايدة لن تأفل، لكن ستشق الألوان الداكنة طريقها إلى المنزل.
- استلهام لمسات في الديكور من الطبيعة الخارجيّة الخضراء (نباتات الزينة، ولا سيّما الأشجار...)، مع تلاشي الحدود بين حديقة المنزل ودواخله.
- كسوة الجدران الداخليّة بالخشب والرخام، بالإضافة الى الحديد المشغول والمفرّغ، لكن بأسلوب يحاكي النمط المحدد للتصميم المنزلي أكثر.
- عودة القناطر بشكل كبير، سواء في التجويفات الحائطية (النيش) أو الأبواب أو العوازل أو الرسومات على الجدران.
- رواج ورق الجدران، بكثرة.
- ترميم قطع المفروشات القديمة، التي كانت «تسكن» منزل العائلة، في سنّ الطفولة.
- التعديلات التي سيعرفها المطبخ متعلّقة بالأجهزة الكهربائية؛ بعد أن كانت الأخيرة، تحتجب خلف خزائن، ستبدو ظاهرة للعيان، بأشكال وألوان غير تقليديّة. أضف إلى ذلك، ستعرف «الجزيرة» في المطبخ، اهتماماً مضاعفاً، وسيكون هناك أكثر من واحدة منها، في المطبخ الفسيح، أو واحدة متعدّدة المستويات (للعمل والأكل) في المطبخ الأصغر. وهناك اندثار للمخطّط التصميمي أحادي اللون، مع توجه الى الألوان الترابية أكثر، وبشكل خاصّ في المطابخ التي تبتعد أكثر من أن تكون بيضاء بشكل كامل. وهناك ميل الى جعل المساحة التي تفصل بين حوض الجلي والخزائن العلويّة ملونة أكثر.
- ستتراجع منطقة الجلوس المفتوحة لصالح الغرف، أو الأركان التي تتمتع بالخصوصيّة.
- ستتلاشى موضة الخشب الفاتح، في مقابل رواج الخامة بألوان داكنة وصارخة.