كاتبةٌ، ومعلمةٌ، وقائدةٌ، ومدربةٌ، وصاحبةُ رسالة، تحب التصاق اسمها باللغة العربية، علاقتها بها كعلاقة الأم بابنتها، والأدوار فيها متغيرة؛ هي هديل العباسي، التي أطلقت مبادرات عدّة تحثّ على الحديث باللغة العربية مثل مشروع «أستطيع أن أتكلم العربية»، وحملة «كلمني عربي».
تارة تشعر هديل بأن اللغة تحنو عليها وتحتويها، وتربت على كتفها كالأم مع ابنتها. وأحياناً تشعر بأنها هي سندها التي تقول لها بطبيعة الحال، لا تقلقي فأنا هنا.
تخرجت هديل في الجامعة، تخصص الاقتصاد. وكان كل اهتمامها منصباً على عائلتها وأبنائها، وتأليف قصص الأطفال، وعندما بدأت بمجموعة دعم أمهات أطفال السكري، وجدت ركيزة مهمة للانطلاق بمشروع اللغة العربية، تتابع هديل: «كنت قد عُدت من قمة قيادية في قطر عام 2011 بفكرة إنشاء مركز يساعد الناس على تعلم اللغة العربية. كتبت أمامي ثلاث كلمات (النية، الاستعانة، العزيمة)، وأسميت مركزي «أستطيع أن أتكلم العربية»؛ لأني كنت أعرف قوة تأثير التوكيدات على النفس».
قلوبُ الجيل الجديد
تأسس مشروع مركز «أستطيع أن أتكلم العربية» عام 2012. وفي عام 2014، أطلقت هديل حملة «كلمني عربي»، التي كان هدفها في البداية تشجيع العرب على التحدث مع غير العرب باللغة العربية، فلمست حماسة من حولها للفكرة، تستدرك هديل: «في كل عام من ديسمبر واحتفاءً باليوم العالمي للغة العربية، نقوم باختيار موضوع نركز عليه في الحملة، ترافقه فعاليات وأنشطة وأفكار نحاول زرعها في القلوب، التي لا يمكن الوصول إلى قلوب الجيل الجديد، وزرع حب اللغة العربية فيها إلا عن طريق ربطها بمشاعر وتجارب إيجابية تتحول إلى رغبة في التحدث بها واستعمالها».
إلى كل أم ومعلّم
تشير هديل إلى تلك التيارات التي تحاول شل الألسنة عن نطق مخارج حروف اللغة العربية المميزة، حتى صار الأبناء يتذمرون من حصصها، ويتحدثون مع أقرانهم بغيرها، فيما مهاراتهم اللغوية في تدنٍ ملحوظ، تعلّق هديل: «جهلنا بقيمة هذه اللغة وأهميتها في توطيد علاقتنا بكلام رب العالمين الذي نزل به الوحي الأمين على الرسول الكريم، هو سبب إهمالها، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل أم آثرت التحدث إلى أطفالها بلغة غير لغتهم، وهي مسؤولية كل قدوة تحدث العربية وأظهر من نفسه ما دعا غيره للنفور منها، وكذلك مسؤولية كل معلم لغة عربية ما زال متمسكاً بالأساليب التقليدية في التدريس، أو صعّب على تلاميذه مناهج اللغة العربية واختباراتها».
مبادراتٌ عربيةٌ
أشارت هديل إلى مبادرات «تحدي القراءة» في الإمارات، ومبادرة «القراءة للجميع» في المغرب، وحملة «كلمني عربي» في جدة، وحملة «تحدث العربية» في الرياض، ولفتت إلى ما لمسناه من حماسة الطلاب والمعلمين، والآباء والأمهات مع تلك المبادرات التي أثمرت بنتائجها الإيجابية، التي أدت إلى تحريك حب العربية في القلوب وجريانها على الألسن.
تخاطب هديل الآباء والأمهات في الوطن العربي قائلة: «أوقفوا أبناءكم عن تجاهل لغتهم، أنتم مسؤولون، ساعدوا أرواحهم المتعطشة لكلام ربها، فإن تعلم العربية من الدين، وأظهروا لهم حبكم للعربية، واعتزازكم بها وباستخدام كلماتها، فلا يخفى عليكم آثار وفعالية التربية بالقدوة».