أظهرت دراسة حديثة ظاهرةً غريبة تم رصدها مؤخراً لدى ممالك النمل؛ حيث تنتج صغار النمل في فترة الحضانة مشروباً خاصاً غنياً بالمغذيات، وصفته المصادر العلمية بـ"الحليب"، الذي تستهلكه مملكة (مستعمرة) النمل بالكامل.
واكتشف العلماء أن خادرة النمل تنتج هذا السائل بكميات كبيرة خلال مرحلة معينة من تطورها في مملكة النمل، وهو عبارة عن مزيج من السوائل التي تتضمن بقايا جلد الخادرة، مع الكثير من الإنزيمات التي تكسرها.
ووفقاً لموقع (sciencedaily): الحياة في مستعمرة النمل هي سيمفونية من التفاعلات الدقيقة بين الحشرات التي تعمل بشكل متناغم، مثل الخلايا في الأنسجة أكثر من الكائنات الحية المستقلة الموجودة في المستعمرة.. الآن، اكتشف الباحثون تفاعلاً اجتماعياً غير معروف سابقاً يوحّد المستعمرة، ويربط النمل عبْر مراحل النمو- البالغين واليرقات والعذارى، وهي مرحلة غير متحركة، لا تختلف عن شرنقة الفراشة، والتي ينتقل خلالها النمل من اليرقات إلى البالغين.
حيث كشفت الدراسة، التي نُشرت في دورية Nature، أن الشرانق تفرز سائلاً لم يسبق له مثيل، يشربه على الفور البالغون واليرقات.. يبدو أن صحة المستعمرة بأكملها تتوقف على الاستهلاك الفوري لهذا السائل المليء بالمغذيات- تحتاج اليرقات إليه لتنمو، وإذا فشل البالغون واليرقات في شربه؛ فإن الشرانق تموت من الالتهابات الفطرية، بينما يتراكم السائل حولها هي.
يقول دانيال كروناور، أستاذ ستانلي إس وسيدني آر شومان المشارك في جامعة روكفلر: "الطريقة التي يستخدم بها النمل هذا السائل، تخلق تبعية بين مراحل النمو المختلفة".
"إنه يُظهر فقط إلى أي مدى تعمل مستعمرات النمل كوحدة متكاملة".
"حليب" ليرقات النمل
يقول كروناور: "في الأيام القليلة الأولى بعد الفقس، تعتمد اليرقات على السائل تقريباً كما يعتمد المولود الجديد على الحليب".. "الكبار أيضاً تشرب بنَهَم، وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح ما يفعله للبالغين، إلا أننا على ثقة من أنه يؤثر على التمثيل الغذائي وعلم وظائف الأعضاء".
تشريح كائن حي خارق
يقول سنير: "السائل الاجتماعي للعذارى هو القوة الدافعة وراء شبكة تفاعل مركزية، تم التغاضي عنها حتى الآن في مجتمعات النمل".. "هذا يكشف عن جانب جديد من التبعية بين اليرقات والعذارى، والشرانق والبالغين".