تقع كثير من الأمهات في حيرة وقلق بحثاً عن الطريقة المثلى لتربية أطفالها، حتى لا يشبوا أطفالاً مدللين؛ هل تستعمل اللين والحوار في تعاملاتها معهم، أم تلجأ للشدة والحزم في الضبط والربط! وفي حالة عقاب الطفل ماذا تفعل؟.. هل تعاقب بالضرب و الإهانة، أم يكفي اللوم ووعد بعدم تكرار الخطأ! وكذلك عندما تريد مكافأة طفلها! هنا أجمعت النظريات التربوية بأن الطريقة المثالية لتربية الطفل وعقابه أو مكافأته هي الاعتدال. ومن قبل توطيد العلاقة بين الأم وطفلها؛ وحتى تعرفي أسباب تجعلك تتوقفين عن تدليع طفلك. كان اللقاء والدكتورة فاطمة الشناوي استشاري طب النفس.
العلاقة المثالية
- الأساس والركيزة الأولى للتربية وحسن العلاقة بين الطفل والأم.. وحتى لا تصل إلى مرحلة الدلع والتدليل، تعتمد على أن توطد الأم علاقتها بطفلها، وتجعله يثق فيها ويحبها، وتكون هي القدوة بالنسبة له، حتى يتفهم الطفل أن أقصى عقاب يصل إليه، أن أمه ستمتنع عن الحديث معه لفترة يوم أواثنين، بسبب أى فعل خاطئ يفعله.
- والفكرة الثانية.. تتمثل في حرمانه من الشيء الذي يحبه، مثال.. لو الابن في عمر الطفولة المتوسطة ومن المعتاد أنه يذهب إلى النادي كل أسبوع، فعقابه يكون عدم ذهابه إلى النادي لمرة أو اثنتين حتى يعترف بالخطأ، مع وعد للأم بعدم ارتكابه مرة أخرى.
- وعن طرق مكافأة الطفل بدون تدليل؛ تؤكد الدكتورة فاطمة الشناوي: ان المكافآت بشكل مفرط تجعل الطفل مادياً، ويصبح أكثر ميلاً للأنانية، وينتظر وراء كل شيء مردوداً أو مصلحة، لهذا يجب الاعتدال عند مكافأة الطفل، مع تجنب المدح المبالغ فيه، والأفضل ربط المدح بفعل قام الطفل به بدلاً من مدحه لذاته.. حتى لا يصبح طفلاً نرجسياً أو مدللاً.
- تعرّفي إلى المزيد: كيف نفرق بين الطفل الانطوائي والقلق اجتماعياً؟
كيفية تكوين علاقة إيجابية.. تحمي من الدلع
- على الآباء تعليم أطفالهم مهارات من قبيل تحمل المسؤولية، بتكليفه ببعض المهام المنزلية أو خارج المنزل، ومد يد التعاون، والانضباط الذاتي وقت الشدة.. وكلها تصب في باب انشغال الطفل بنفسه، واستثمار ساعات يومه.. على أن تكون سلوكيات محببة لديه أيضاً.
- مع استنكار أي أسلوب يعتمد على الصراخ والضرب، فهما غير مجديين وقد يتسبّبان بأذى أكبر للطفل على المدى الطويل، وقد يؤثر الصراخ والضرب سلباً في حياة الطفل كلّها، كما قد يؤدي الجوّ النفسي السّامّ الذي يخلّفه هذا الأسلوب إلى مجموعة من النتائج السلبية كارتفاع خطر ترك المدرسة، والاكتئاب، والانتحار، وأمراض القلب.
- بدلاً من العقاب أو الدلع الزائد والتهاون في توضيح حجم ما ارتكبه الطفل، دعي أسلوبك يركّز على التأديب الإيجابي بهدف تنمية علاقة إيجابية مع طفلك، وعلى إفهامه ما هو المطلوب منه، ولا مانع بعد ذلك من وضع قبلة على خده وضمه إلى صدرك.. ومدحه ببعض الكلمات المحببة.
- تعرّفي إلى المزيد: احتفالاً بعام 2023..شاركي أطفالك رسم أحلامهم
أسباب تجعلك تتوقفين عن تدليع طفلك
- كثيراً ما يكون التركيز من جانب الوالدين، على الطفل فيما يفعل وما يقول، فيما يرتدي وماذا يشاهد على الفضائيات، من هم أصدقاؤه وعددهم ونوعيتهم.. سبباً لشعور الابن بالاهتمام الزائد من جانبهم.. ما يعطيه الفرصة للدلال عليهم، وفرض طلباته وسرعة تلبيتها.. وإلا كان الصراخ والبكاء أو رفض الاستجابة لهم.. وهذا يدخل في باب الدلع.
- هنا يجب التوقف، وعلى الآباء مراجعة أنفسهم، وعدم المبالغة في تصرفاتهم وتلبية كل حاجات طفلهم.. وما وصل إليه الابن فهو سبب للتوقف عن تدليعه.
- ومرات كثيرة يرجع سبب تدليع الطفل لكونه طفلاً وحيداً، أو جاء بعد سنوات طويلة من الزواج، وفي مقابل هذا نجد الآباء عموماً يتلهفون على تلبية حاجاته، بل وتقديم الكثير والمبالغ فيه من الهدايا والامتيازات بمناسبة ومن دون مناسبة، ما يعطي الطفل الشعور بالتميز والأهمية، والتي قد تصل إلى حد الغرور والنرجسية، فيصبح طفلاً مدللاً.. لا يرفض له طلب.. وكل ما يحتاجه أوامر تنفذ.
- هنا يجب التوقف، الجميع يتحدثون عن طفلك المدلل، وما دمت قد عرفتِ السبب.. فعليك التوقف والتمهل والتريث أمام كل ما تفعلينه وتقدمينه لطفلك، ليشب طفلاً واثقاً من نفسه معتزاً وفخوراً بشخصيته أمام الأهل والأصحاب.
-
الطفل المدلل.. يتنمرون عليه!
- وهناك أسباب تجعلك تتوقفين عن تدليع طفلك.. تدخل في باب الانشغال والاهتمام الزائد بالعمل وكيفية قضاء الوقت.. فكثير من الآباء يضعون العمل والترقي الوظيفي أول اهتماماتهم، وبالتالي يهملون أطفالهم أو يلبون جميع احتياجاتهم، وبشكل زائد عن الحد، حتى لا يشعروا بالذنب أو التقصير أولاً، وحتى لا يشعر الطفل بأن والده أو أمه يهملانه ولا يعطيانه الوقت كما ينبغي .
- هنا على الآباء التوقف وبحزم، ورغبة شديدة في إصلاح ما أفسدوه بانشغالهم وتفضيل مهام العمل عن الاهتمام بأطفالهم، ويتم ذلك بتحديد ساعة يومية للحوار مع الطفل والسؤال عن حاجاته واهتماماته.. بدلاً من أن يصبح الطفل المدلل أو الصديق"الدلوع" وسط أصدقائه.. ويصبح عُرضة للتنمر عليه والاستهزاء به.
قرون استشعار الطفل المدلل
- ومن أسباب التوقف عن تدليع الطفل أيضاً.. وبعد بحث الآباء وراء ما وصل إليه الطفل من دلع وميوعة، وعدم القدرة على تحمل أى مسؤولية، فقد يكون السبب متمثلاً في: تدخل كثيرين في أسلوب تربية ومعاملة الطفل؛ إذ ربما كانت الجدة تعيش معهم وسط المنزل، أو أحد الأعمام، مما يجعل التربية والتوجيهات مشتتة بين أهل البيت ومن يسكنه معهم، فيقع الطفل بينهم، ولا يعرف إلى من ينحاز ومن منهم الأصح. والنتيجة وبقرون استشعار الطفل يتجه لمن يلبي له طلباته فيأخذ منه ما يريد، ويستجيب لكل ما يقوله، وفي النهاية يصبح طفلاً مدللاً.. وهنا على الآباء التوقف.. وإعداد اجتماع عائلي يضم كل أفراد المنزل إلا الأطفال.. ويتم شرح المشكلة والحالة التي وصل لها الطفل، ومن كونه أصبح طفلاً مدللاً.. وهذا لا يليق به عندما يشب ويصبح رجلاً مسؤولاً، وعلى الجمع أن يلتزموا بأسلوب واحد، وأن تكون العلاقات واضحة حتى لا يصبح هناك تعارض يستغله الطفل.
- ومن الأسباب الأخرى التي تجعل الآباء جميعهم يتوقفون عن تدليل الطفل.. هو أسلوبهم الشخصي في تعاملاتهم معهم، لهذا عليكم أيها الآباء دور كبير: إذ يمكن توزيع مهام البيت عليكم جميعاً، وإعطاء الطفل جزءاً منها، يمكن الحديث عن مشاق ومصاعب الحياة عموماً؛ مادية كانت و اجتماعية، الاهتمام بذكر حكايات عن أبطال خرجوا من الضيق وأصبحوا عظماء، والتاريخ الإسلامي والعربي غني بهذه النمازج.
ملاحظة من "سيدتي نت": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.