رغم العثرات.. 

د. سعاد الشامسي 
د. سعاد الشامسي  
د. سعاد الشامسي


نستمر ونبتسم 
تأتيني ذِكرى الحنين إلى الحُب.. نعم الحب.
ففي يومٍ ما.. وعلى سبيل الحقيقة التي كنت أعيشها، كان قلبي يمتلئ بالحُب النقي..
كان بريئاً لا يعلم ما هو آتٍ..
جميعنا نولد بقلوب بريئة نقية بلا لون سوى لون الوريد والشريان، وعقول لم تُبرمج بعد إلا على فطرة الحب ما بين الأم والأب.
وقلب يُحِبُّ كُل من هو قريب..
فتَراني أبتَسِم برِقة للجميع.. غير مُكترث لما يحملونهُ لي داخلهم..
كان حُباً صادِقاً لا يُقدر بثمن!
أما الآن.. فقد نفدت مُدخراتي من الحُب.. وأصبح قلبي خاوياً لا يَحمل شيئاً..
لا حُب.. لا كُره.. لا رغبة في تبادل المزيد من المشاعر مع آخرين.. أتعلم لماذا؟
كُنتُ أرى الحُب كالنهر النقي... كالـشمس المُشرقة..
كصفاء السماء في ليالِي الصيف.. ولسعات برد الشتاء، وتطاير أوراق الخريف الذهبية،
وألوان الأزهار من حولي متطايرة مع تطاير الفراشات في فصل الربيع.
كالقمر حين يكتملُ بدراً، فتراه واضحاً مهما احتشدت حوله الغيوم..
كُنتُ أرى الحُب هو الخلاص.. هو الصَرح المُمهد لكُل البشر.. هو الخلود.
فيُنبِتُ فيهِم نفساً غير النفس، ونبضاً يتراقص كلما صرخ إحساساً وشعوراً كان
"يتألم أو يتعافى، وربما فرحاً".
الحُب هو مأوى التائهين في الحياة..
هو الملاذ الآمن لِكُل ضالٍ طريقه..
هو القِبلة الصحيحة للنجاة من فوضى العالم.. فوضى بنيت ليس من قلوب البشر بل أفعالهم.
الحُب هو المشاعر في صورتها المثالية..
فكم من المشاعر حولنا زائِفة.. مُصطنعة.. لا تَرقى للدخول في دائرة الحُب.. ولا تندرج تحت قائمة الجمال..
أتعلم أشد ما يُخيفني في تلك الحياة.. حين يتغير الشيء إلى نقيضه..
حين تَرى بعينك الأيام تتبدل، والمشاعر تُغتال..
حين تتلون الوجوه المألوفة، فتضحى غريبة عنك..
يا لهُ من أمرٍ مُرعِب!
فكم رأيت من الحكايات تبدأ بالحُب السرمدي.. وتنتهي إلى طُرُقٍ مأساوية..
تِلكَ هي المأساة.. تبدُل القلوب والمشاعر حين نتعلق بِها ونَثِق..
حين نؤمن أننا ها قد وصلنا إلى بر الأمان.. ونُرسي سُفننا على شواطئ أحدهم..
فـتَجِدهُ ينزع المرسى، ويدفعنا إلى فوهة الدوامة..
لنلقى مصيرنا بعيداً.. مُغتربين أو غارقين..
وتسألني هل وثقت يوماً في أحد؟