ورثت حب تصميم المجوهرات عن والدها، إلا أنها طوّرت نفسها بأسلوب فريد، وعملت على صقل موهبتها التي لطالما ألهمتها منذ الصغر. إنها المصمّمة اللبنانية، يارا شكرون، التي نسجت لنفسها عالماً خاصاً من الجواهر الجميلة. تعرّفي أكثر إليها من خلال هذا اللقاء.
كيف كانت البداية في عالم المجوهرات؟
إن شغف والدي في عالم المجوهرات كان سبب دخولي إليه، رغم دراستي البعيدة عن هذا المجال. حين كنت أتابع دراستي الجامعية في مجال الصحّة البيئيّة في الجامعة الأمريكية في بيروت، كنت أتردد خلال عطل الأعياد إلى مكان عمل والدي لمساعدته، ولقضاء بعض الوقت معه. كان شغف والدي بعالم المجوهرات دائماً يثير اهتمامي. كان يحرص على التعرّف على أحدث التصاميم وتقنيات التصنيع حول العالم، وكان السّباق في إحضارها إلى زبائنه. كما كان يتولّى شخصياً مساعدة الزبائن في انتقاء الجديد، وما يليق بهم. لقد كان يتعامل مع كل قطعة وكأنها قطعة نادرة لا مثيل لها في العالم أسره. تعلّق والدي في هذا العالم منحني شعوراً بالانتماء إليه، فصرت أحاول جاهدة دخوله والغوص فيه. فور انتهاء سنوات دراستي الجامعية، بدأت العمل مع والدي، الذي كان يدعمني بشدة. صرت أبحث وأتعلم أسرار المهنة، سواء عبر الإنترنت أو الكتب. شاركت في أكبر معارض الذهب العالمية، اتقيت خلالها بخبراء وتعلمت منهم، ومازلت أتابع أحدث المستجدّات والصيّحات. أكسبني عملي إلى جانب والدي المتمرّس منذ عام 1985، الكثير من الخبرة، إلى أن قرّرت إنشاء علامتي التجارية التي تحتفل بالنساء العربيات.
كيف تصفين مشهد المجوهرات في العالم العربي؟
للنساء العربيات علاقة وطيدة مع المجوهرات. فلطالما كانت المرأة العربية تجد في مجوهراتها طريقة للتعبير عن نفسها، ولإظهار ذوقها الرفيع في كل ما يتعلق بالأناقة والموضة. لم تقتصر المجوهرات بالنسبة للمرأة العربية على كونها من الكماليات وحسب، بل لطالما اعتبرت النساء العربيات الذهب والألماس كوسيلة ضمان لهنّ، وطريقة آمنة لحفظ الثروة. لقد استطاعت المرأة العربية أن تترك بصمة مهمة في هذا المجال، سواء بكونها مصمّمة أو مقتنية للمجوهرات. أرى أنّ للعرب مستقبلاً مشرقاً في كلّ ما يتعلق بتصميم المجوهرات، حيث هناك العديد من المصمّمين العرب، رجالاً ونساءً، قد تركوا بصمة مهمة في عالم التصميم بشكل عام، وابتدعوا صيحات جديدة لا سابق لها.
تابعي المزيد: المصممة فرح يموت: كل قطعة لها رواية مسكوبة بالذهب
التراث اللبناني
كيف هي تفاصيل مجموعتك الأخيرة؟
انطلقت فكرة مجموعتي الأخيرة لخريف وشتاء 2023 من تراثنا اللبناني، حيث استخدمت الألوان الدافئة والتّرابية الموجودة في طبيعة بلادي، والأشكال الهندسيّة المستوحاة من العمارة فيها. لذلك ارتأينا تصوير هذه المجموعة في أحد البيوت القديمة في قرية لبنانيّة صغيرة، تكريماً لبلادي وإحياء لتراثها وجماليتها.
كيف تمضين يوم تصميم كاملاً؟
لا أستطيع القول إن نهاراً واحداً يكفي لتصميم فكرة ما ورسم تفاصيلها، فالفكرة تأخذ مني أياماً متعدّدة. في المقابل، تبقى مرحلة التصنيع الأسهل مع التزامنا بأهم معايير الجودة والدّقة في الصّنع.
مصادر الإلهام
من أين تستوحين تصاميمك؟
استوحي من كلّ ما هو حولي، من ثقافتنا وتراثنا، ومن حياتنا المعاصرة، وأجوائنا العملية، كما أستوحي أيضاً من الأشخاص في محيطي.
هل تستلهمين من السفّر؟
إن تجربة السفر مهما كانت الوجهة، هي تجربة تثقيفية وتعليميّة بحتة. في السّفر نلتقي بشعوب وثقافات مختلفة، ونتعرف على شخصيات وأذواق متعدّدة.
من الشخص الذي تعتبرينه أيقونتك؟
كلّ ما أنا عليه اليوم هو بفضل والدتي، التي علّمتني معنى أن أكون امرأة عربية. فالمرأة العربية، كوالدتي، هي امرأة ناجحة في كلّ الأدوار التي تلعبها، سواء في حياتها المهنية أو الشخصية. فوالدتي، الأستاذة الجامعية، هي التي علمتني كيف يسعى الإنسان لتحقيق أهدافه، متحدّياً جميع المصاعب والعقبات.
تابعي المزيد: المصمم رالف مصري: ألجأ إلى الهندسة المعمارية والتاريخ لأستلهم مجوهراتي
تفضيلات
من هو مصممّ المجوهرات المفضّل لديك؟
ليس لديّ مصمّم مفضّل، لكنّي أحبّ دعم المصمّمين الشباب العرب نظراً لإبداعاتهم التي نراها اليوم.
أي كتاب تفضّلين؟
من كتبي المفضّلة: «أحببتك أكثر مما ينبغي» و «فلتغفري» وهما منشورتان سرديتان مختلفتان للقصة ذاتها، بقلم الكاتبة السّعودية أثير عبدالله النّشمي. أعجبت بفكرة السّرديتين للقصة نفسها، وهو مبدأ أتبعه دائماً في حياتي اليومية. كما أحبّ كيف صوّرت المرأة العربية القوية والحساسة والمثقفة والمتمسكة بجذورها، والتي ما إن أحبّت، قدّمت كلّ ما تملك.
ما هي قطعة المجوهرات المفضلة لديك؟
لكل قطعة مجوهرات أصمّمها مكانة خاصة في قلبي، بخاصة القطع التي أصمّمها خصيصاً حسب الطلب، كتلك التي يطلبها أبٌ وأمٌ عند ولادة مولودهما الجديد، أو لزوجين في ذكرى زواجهما.. تلك القطع تضع الابتسامة على ثغر أصحابها، وتتيح لهم فرصة الاحتفاء بمن يحبّون.
ما هو الحجر الثمين الذي تفضّلين العمل به؟
أحب العمل بالألماس، فبالرّغم من لطافة ورقيّ مظهره، يعدّ الألماس من أقسى المواد الموجودة على سطح الأرض. أشعر أنّ حجر الألماس يشبه المرأة العربيّة برقيها ونعومتها، كما يشبهها بصلابتها وإصرارها.
من النساء إلى النساء
كيف تصفين نفسك؟
أنا يارا فياض شكرون، مصمّمة عربيّة لبنانية، قرّرت متابعة مسيرة والدي في عالم المجوهرات، مع إضافة لمسة خاصة بي. أنشأت علامتي التجارية، وخصّصتها من النساء إلى النساء، حيث أن الجزء الأكبر من طاقم العمل لديّ يتكوّن من النسّاء الطموحات المجتهدات. أسعى دائماً لدعم المرأة العربيّة في شتى المجالات، فأنا مؤمنة بقدرتها على الإبداع والتفوق. أحاول جاهدة أن أترك بصمة في هذا العالم، وأنا متمسكة بشدّة بثقافتي وإرثي العربي والإسلامي.
كيف تعكسين ذوق المرأة العربية من خلال تصاميمك؟
أعكس ذوق المرأة العربية عند اتّباع أحدث الصّيحات في عالم المجوهرات، فالمرأة العربيّة تعدّ من أكثر النساء رقيّاً ومتابعة للموضة. هي تفضّل المظهر البسيط واللافت في الوقت ذاته، وهذا ما أسعى إليه، فتصاميمي ناعمة لكنّها لافتة للأنظار.
ما هي الصعوبات والتحدّيات التي تواجهينها؟
أستطيع القول إنّ عالم المجوهرات والتصميم قد أعطاني الفرصة لإبراز ذاتي والتعبير عن نفسي، إلا أنه في مجتمعنا العربي، هو مجال محكوم للرجال، بالرغم من وجود الكثير من المصمّمات العربيات، اللواتي تركن بصمة لا يستهان بها في مجال التصميم والإبداع. لذا فإني أسعى دائماً لإثبات ذاتي، ودعم المرأة العربية في شتى المجالات. كما حرصت على أن يكون جزء من ريع علامتي التجارية لدعم النساء العربيات العاملات في مشاريعهنّ، وخاصة اللبنانيات منهن.
أين يمكننا أن نجد تصاميمك في الشرق الأوسط؟
أنا مقيمة في لبنان، لذا فإنّني أعرض تصاميمي حالياً هنا مع إمكانية إيصالها إلى كافة أنحاء العالم عند الطّلب.
هل تعتمدين على مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق لعلامتك؟
نعم، وبشدّة، حيث تتيح مواقع التواصل الفرصة للجميع للاطلاع على أحدث تصاميمي، والاستفسار عنها في أي وقت يريدونه، وتتيح الفرصة لي لأتواصل معهم بشكل شخصي ومباشر.
ما هي مشاريعك وخططك المستقبليّة؟
من أولويّاتي في المستقبل القريب، نشر علامتي التجارية على نطاق أوسع، والتواجد في البلدان العربيّة كافّة. وأسعى للقيام بالعديد من النّشاطات الاجتماعية وحملات التوعية والتمكين، علّني أستطيع إيصال صوت المرأة العربية ودعمها في حياتها اليومية والعمليّة.
تابعي المزيد: الأميرة نورة الفيصل لسيدتي : فخورة بمصممي ومصممات السعودية