تَمُر الأيام مهما صَعُبَت..
تَمُر الأزمات وتَذوب جبال الهموم.. تذوب بقايا الحُزن والغضب.. وتنصهر جميعها في بوتقة واحدة..
اسمُها "النسيان"!
تَمُر السُحُب في الأيام المُمطِرة، كسِرب نورس قرر الرحيل عن أعشاشهِ.. فالتحمت الأجنحة لتخلق مِنطاداً ضخماً، يسبح في أُفُقِ السماء..
يَمُر كُل شيء مهما صَعُب وتعقّد.. إلا الحُب.. فإنهُ يبقى!
عن البدايات أتحدث.. عن اللحظة الأولى.. حين تنبثِق المشاعر وليدةً نقية، لا يشوبُها شائِب..
تبحثُ عن رفيق الروح وتوأمها..
تبحث عن سنابل السعادة في أرضٍ خَصبة.. اسمُها القلب... اسمُها الاهتمام..
تبحث عن كُل ما يقدِر على احتوائها..
نعم.. فالحُبُّ هو الاحتواء..
أن تشعُرَ بالراحة بين يَدَيْنِ غيرِ يَديك.. أن يَضُخَّ الدَّمَ في أوردتِك قلبٌ آخر.. قلبٌ يعشقُ، يُحِبُّ بصدْق..
يعي أن الحُبَّ هو الخلود.. ما بين جنون وعقلانية، غضب وابتسامة مفاجئة، وسوء فهم واحتضان..
ببساطة.. الحب يساوي الحياة، نَعَم هو الحياة الأبدية.. هو الإحساس السرمدي الذي لا يوقفهُ شيء..
ولا يُعيقُ طريقَه عائق.. يعي أنهُ مهما دار الزمن، وتغيرت الظروف والأحوال.. ستبقى تِلكَ المشاعر كامنة بين ضلوع العاشقين..
وفي عقولهم شيءٌ واحدٌ.. المواصلة.. أن يستمر هذا الإحساس في كُل وقتٍ ومكان..
الحب هو كل شعورٍ ليس لهُ فترة صلاحية.. هو كُل شيء لا نهاية لهُ، وبدايته واحدة!
أعرِفُ تِلكَ النظرة.. حين تعي العيونُ أن هُنالك شيئاً ينبُض بين جفونها.. صورةً تحلو وتزداد جمالاً..
قمراً مُشرِقاً يُضيء تِلكَ العتمة في مُقلتيها..
حين ترى فيمن تحُب العالَم بأسرهِ.. فـالعيونُ تعشق... والقلبُ يدعمها.. العيونُ ترى الحُبَّ... والقلب يُرسِّخُه.. ويسطِّرُهُ في كتابٍ أزلي، ليُصبحَ تاريخاً خالداً.. وعلامةً لا تمحوها مُجريات الزمان..
الحُبُّ أن تنفصلَ عن عالـَمِك، وتطيرَ روحُك إلى عالَمٍ بعيد.. بعيدٍ جداً..
تفيضُ المشاعر من أعماقها.. وتنبعثُ من أعيُنِ العاشق نوراً.. ولمعةً مُميَّزةً...
كأن يرقصَ، يغني، يبتسمَ بين جمْعٍ من الجمهور أحياناً، وأحياناً أخرى يبتسم ابتسامة عريضة وهو وحيد، لا يهمه ما يظنون، وقد تظنه عندما تراه مجنوناً. وقد قيل عن أحدهم: إنهُ العاشقُ الهاذي.
ولكن ذلك الجنون والهذيان وتلك اللمعة المختلفة يعرفهما كُلُّ مُحِبٍّ عاشِق.. وتبدأ الأمورُ في الاختلاط!
وكأن أحدهم قد سكب فوق رأس العاشق مزيجاً من كُلِّ شيء.. فيختلط الحزن بالسعادة، والجنون بالحكمة، والقوة بالوَهَن..
يا لها من مشاعرَ خالصةٍ، نقيةٍ.. لَم تتلوثْ بالخُبثِ والكَذِبِ، ولم يشُبْها خلافٌ أو عِناد..
مُجردُ مشاعرَ وليدةِ اللحظة..
لا تكادُ تُطِلُّ على العالَمِ من الشّرنقة، وتنزِعُ ثوبَ العتمةِ مِنْ فوقِ عينيها، حتى ترى الجمال في كُلِّ شيء..