يشعر العديد من الأشخاص بأنّ حياتهم تعيسة وبأنّ هناك العديد من الأشياء التي تفسد متعتهم بها وتحرمهم من الشعور بالراحة والإيجابيّة، ولكي تحب حياتك وتسعد بها يوماً بعد يوم، أحِبَّ نفسك كما هي الآن، فلقد قطعت شوطاً طويلاً وما زلت تتعلَّم وتنمو، فكن ممتناً للدروس التي تعلَّمتها وحقِّق أفضل استفادةٍ منها.
تقول الدكتورة هبة علي خبيرة التنمية البشرية لسيدتي : لن تكون أبداً كما تعتقد، ولن تكون الحياة سهلة كما تتوقع، هذه هي الحقيقة، فكل واحد منَّا يواجه نفس الواقع؛ إذ ستمرُّ حتماً أوقات نخطئ فيها ونفشل في تلبية توقعاتنا غير المعقولة، ومن المحتمل أن يحدث ذلك كثيراً أيضاً، وإذا لم نتقبَّل هذه الأخطاء والإخفاقات بوصفها دروساً ضروريةً يجب الاستفادة منها، فسنصبح تدريجياً دون علم منَّا قلقين بشأن كل ما لا نفعله ونحقِّقه وفقاً لما قد خطَّطنا له.
هذه الأفكار طبيعية، لأنَّ العقل البشري ليس مثالياً؛ لكن يمكننا أن نتعلَّم كيف نتعرَّف إلى هذه الأفكار ونتحكَّم بها، حتى لا تتحكَّم بنا.
كيفية إيقاف الأفكار التي تتسرب للسيطرة عليك؟
-الكف عن السعي وراء حياة مثالية:
تراودنا جميعاً تلك الفكرة المذهلة عن شكل حياتنا؛ إذ نتخيَّل أنَّنا يجب أن نعيش حياةً مختلفةً وأفضل، حياة دون تسويف وفشل، حياة مليئة بالنجاح والسفر والمغامرات، حياة نقضيها مع الأصدقاء والعائلة والشركاء المثاليين، وخلال كل ذلك من المفترض أن نبقى دائماً مبتسمين، لكن لا تسير الحياة بهذه الطريقة أبداً؛ وذلك لأنَّنا بشر لدينا عيوب، ونعيش حياة غير مثالية، ولكي نمضي في حياتنا علينا الرضى بما لدينا وتحقيق أقصى استفادة منه.
لذا، أغمِض عينيك وفكِّر في الواقع الحالي لحياتك، واهمس: "إنَّني بخير، والحياة بخير، لن أسعى لجعل واقع حياتي مثالياً، سأتقبَّله كما هو، لكنِّي سأستفيد من كل الخير الذي فيه".
فالمفتاح هو قبول حقيقة أنَّه لا يوجد شيء اسمه حياة مثالية، فلا يوجد شيء مثالي كان يجب أن تنجزه بالفعل، ولا يوجد تسلسل مثالي للأشياء يجب أن تنجزه الآن؛ إذ إنَّك لا تمتلك إلا هذه اللحظة التي تعيشها وما تختار أن تفعله بها، وإنَّ خيبة الأمل من هذه اللحظة، ومن نفسك ومن الآخرين غالباً ما تكون جزءاً من الحياة، لا مفرَّ من هذا الواقع.
-عش حياتك على أكمل وجه:
عندما تشعر بأنَّ حياتك ليست جيدةً بما فيه الكفاية، وأنَّ قلقك بدأ يتصاعد، توقف للحظة، واغمض عينيك، ولاحظ أنَّك في طور القلق بشأن ما لا تفعله، أو ما لم تحقِّقه بعد، ولاحظ مشاعر خيبة الأمل التي تشعر بها تجاه نفسك وحياتك في الوقت الحالي.
تقبُّل مشاعر خيبة الأمل هذه بوصفها جزءاً منك، وركِّز عليها، واسمح لنفسك أن تشعر بها، وفي أثناء التركيز لاحظ الأحاسيس العاطفية لهذا الشعور تنتشر في جميع أنحاء جسمك.
-توجيه انتباهك إلى اللحظة الحالية:
فما الذي تفعله الآن؟ ضع كل تركيزك في هذه اللحظة، وكن واعياً بنسبة 100% لكل الأحاسيس الجسدية والعاطفية النابعة عمَّا تفعله.
-التأكُّد أنَّ هذه اللحظة الحالية كافية ولا داعي لأن تكون أفضل، فإنَّها جيدةٌ بما يكفي بطريقتها الفريدة، وأنت كافٍ أيضاً.
نصائح لتحب حياتك الواقعية
- ركّز على الأشياء الإيجابيّة فقط
إنّ حياة الإنسان هي عبارة عن مزيج من الأشياء السلبيّة والإيجابيّة، ولكي تُحب حياتك وتكون سعيداً بها عليك أن تغض النظر عن كل الأشياء السلبيّة التي تُعكرها، وأن تسلط نظرك فقط على الأشياء الجميلة التي تمنحك السعادة والفرح.
- ابتعد عن المقارنة
لتحب حياتك ولتكون سعيداً بها، عليك أن تتوقف عن عادة المُقارنة، كمقارنة حياتك بحياة الآخرين والنظر إلى الأشياء التي يمتلكونها، وذلك لأنّ هذهِ العادة ستجعلك تشعر بالتعاسة والسلبيّة التي ستحول حياتك إلى جحيمٍ لا يُطاق، واجعل شعارك في هذهِ الحياة بأنّ القناعة كنزٌ لا يفنى وبأن الله سبحانهُ وتعالى لن ينسى عبدهُ الصبور والقنوع.
- مارس الأشياء التي تحبها
لكي تحب حياتك وتتمسك بها عليك أن تبتعد عن ممارسة الأشياء التي لا تحبها والتي تشعرك بالملل والضجر، وأن تحرص فقط على ممارسة الأشياء الجميلة التي تشعرك بالسعادة والمتعة كتربية الحيوانات الأليفة والعناية بها، ممارسة الهوايات المفضلة، حضور الحفلات والأمسيات الشعرية، وحضور المسرحيات والأفلام الجديدة.
- صاحب الأشخاص الجيدين
يلعب الأصدقاء دوراً فعّالاً في حياة الإنسان وفي سعادتهِ أو حزنهِ، لهذا عليك أن تبتعد عن مرافقة الأشخاص السلبيين الذين يُساهمون في بث الحزن والتعاسة في داخلك، وأن تحرص فقط على مرافقة الأشخاص الإيجابيين الذين يُساهمون في بث السعادة والمتعة في حياتك.
- ساعد الآخرين
كلّما شعرت بأنّك حزين وبأنّ شيئاً ما يُنغص عليك حياتك وسعادتك عليك أن تتبع بعض الأساليب التي تساعد على بث الإيجابيّة والسعادة في جوانب حياتك، كتقديم يد العون والمساعدة للآخرين، عن طريق الذهاب إلى الجمعيات الخيريّة والتطوع بها، كالجمعيات الخيريّة التي تهتم بأمور الأطفال المشردين، وذوي الاحتياجات الخاصة، أو الجمعيات الخيريّة التي تهتم بأمور المسنين والعناية بهم.
-تقرّب من الله
من الضروري جداً أن تحرص على التقرّب من الله سبحانهُ وتعالى ومن أداء مختلف العبادات التي فرضها عليك وذلك كي تشعر بمتعة حياتك وبالأشياء الجميلة التي من الممكن أن تقوم بها لتملأ حياتك بالإيجابيّة والسرور.