يضطرّ بعض العرب المقيمين في فرنسا، وخاصّة منهم الجيل الثاني والثالث للهجرة، إلى تغيير أسمائهم العربية بأخرى فرنسيّة؛ بحثًا عن مزيد من الاندماج في المجتمع الفرنسي، وحتى تكون فرص العثور على منزل للإيجار أو عن عمل؛ أوفر لهم؛ ففريد مثلاً، يصبح فابريس، وعدنان يصبح آلان، وفوزي يصبح فيليب، وروى الحبيب بوخشين لـ«سيدتي.نت» حادثة تؤكد عنصريّة بعض الفرنسيين إزاء الأسماء العربية، يقول: «طالعت إعلاناً لإيجار منزل في مدينة «تولوز»، جنوب فرنسا، وقد وضع صاحبه رقم هاتفه ليتّصل به كلّ من يرغب في مزيد من المعلومات عن المساحة والسعر، ولأني كنت وقتها بصدد البحث عن منزل للإيجار، وتبيّن لي أنّ العرض الموجود بالإعلان يتناسب مع رغبتي من حيث المكان؛ فقد بادرت بالاتّصال به، وخاطبته بفرنسيّة لا لكنة فيها، وعبّرت له بكلّ لياقة عن رغبتي في زيارة المنزل المذكور، وعلى طريقة الفرنسيين سألني: «مع من لي شرف الحديث؟» فأعطيته اسمي طبعاً، وفهم أني عربي؛ فأجابني: «آسف، المنزل تمّ إيجاره»، وقد تأكدت بعد أن كلفت صديقاً لي بالاتصال بنفس الرقم، مع ذكر اسم فرنسي، أنّ صاحب المنزل كان كاذباً معي؛ لأنه رحّب به وأمدّه بكلّ المعلومات التّي طلبها منه».
وهناك من المهاجرين التّونسيين في فرنسا من وجدوا الحل الوسط بإطلاق أسماء مثل: إيناس وإلياس وكاميليا على أبنائهم، وهي أسماء تحافظ على الانتماء إلى الوطن الأم، ويمكن لها أن تمرّ بسهولة في المجتمع الفرنسي، ويطلق عليها علماء الاجتماع: «الأسماء الملساء»، وقد تخلّى أغلب المهاجرين التّونسيين عن أسماء مثل: عبدالرزّاق وما شابهه من الأسماء المركبة، ولكن البعض عمد إلى أسلوب غريب بإطلاق أسماء مركّبة عربيّة- فرنسيّة على أبنائهم على غرار: «رشيد نيكولا»، أو «منال سيسيليا»، وهم يعلّلون ذلك بالقول إنّهم يريدون ترك الخيار لأبنائهم عندما يكبرون بين الاسم العربي أو الفرنسي، وأن الغاية تبقى الهروب من التمييز الاجتماعي؛ خاصّة عند البحث عن سكن أو عمل، أو حتى في الحياة العامّة اليوميّة.
واللافت أن الفرنسيّين الذين يعتنقون الاسلام يقومون هم أيضاً باستبدال أسمائهم في الاتجاه المعاكس، من جان وآلان وأندري-مثلاً- إلى محمد وعبدالله.
إساءات نفسيّة
وإذا كان المهاجرون التونسيون لهم أسبابهم لتغيير أسمائهم؛ فإن هناك ممن يعيشون ويقيمون في تونس الذين تقدموا إلى المحاكم لتغييرها؛ لعدم رضاهم عن أسمائهم القديمة التي اختارها لهم آباؤهم وأمهاتهم، ويسمح القانون التونسي لكل شخص لم يرق له اسمه، أن يستبدل به اسماً آخر من اختياره؛ شريطة أن يثبت أن الاسم الأول يسبب له إساءة نفسية أو مادية أو معنوية، وبينت إحصائيات رسمية، أن 1158 شخصاً، استبدلوا أسماءهم عام 2013؛ ففي الريف التونسي، اسم «تفاحة»- مثلاً - هو اسم عادي ومتداول، ولكن عندما تنتقل الفتاة إلى المدينة للدراسة أو العمل؛ فإن اسم «تفاحة» يثير الاستغراب؛ لذلك تتقدم الفتاة بقضية للقضاء؛ لاستبدال اسمها، وهناك اسم «زعرة» «في اللهجة التونسية معناها الشقراء» و«قمرة» و«نجمة» و«نمرة» و«مهرة» و«حويتة» و«مبيريكة» و«نعناعة» وكلها أسماء لم تعد مستحبّة، وكذلك الرجال؛ فإن هناك من تلده أمّه في الشهر السابع من الحمل؛ فتطلق عليه اسم: «السبعي»، وهناك أسماء مرتبطة بالأشهر كـ«شعبان» و«رمضان»، والأمثلة كثيرة على أسماء للذكور أو الإناث تحمل أسماء فصول كـ«شتويّة»، أو«ربعيّة»، وأسماء الزهور، كـ «وريدة» «تصغير لوردة»، و«جنينة»، أو أسماء أشجار، أو أسماء بلدان، كـ«تونس»، أو «الخضراء»، أو أسماء أخرى تبركاً أو دفعاً للحسد.
والأسماء تطوّرت في تونس وتغيّرت؛ تماشياً مع التطوّرات الاجتماعيّة والثقافيّة؛ فاسم «خميس» مثلاً، انقرض تماماً، وكذلك «العربي» و«المولدي»، وأكثر الأسماء للذكور تداولاً في تونس، هو «محمّد» وأسماء أخرى صمدت، كصالح وأيوب وخالد وحمزة وفاطمة وخديجة وزينب ومريم وعائشة وسلمى وآمنة، أما الأسماء الجديدة؛ فلا تحصى، وكلها تحمل رنّة موسيقيّة، مثل لينا ورنا، ومن بينها أسماء مستمدّة من المسلسلات والأفلام وأسماء النجوم والمشاهير.
ويؤكد علماء النفس والاجتماع، أن الاسم له أهمية في تحديد هوية الشخص، وله تأثير في علاقة الإنسان بالآخر.