خُبزاتٌ ذهبياتٌ دائريةٌ تتلألأ بصاجٍ مربعٍ متربعةٍ في سكون
صنعَتُها من طحينٍ وعسلٍ وسمنٍ مقدوح
يعلو وجنتيها دقائقُ ناصعةٌ متناثرةٌ من سكرٍ مرشوشٍ مطحون
أسفله نقشٌ هندسيٌ يزينٌ جسدِها الدائرى بتصميمٍ منقاشٍ جموح
بقلبها حشو عجوةٍ من تمرٍ مُعتق، وملبنٍ بلوري صبوح
يطيبُ طعمُها تذوبُ في الفمّ برائحةٍ ذكيةٍ بالأفقٍ تفوح
بيومِ العيدِ أيقونةُ فطرِه كعكاتٌ مرصوصاتٌ بأسرارِ الفرحةِ تبوح
يظل كعك العيد أحد أيقونات عيد الفطر الاحتفالية بلا منافس، فما أن تشرق الأفران ومحلات الحلوى بصواني الكعك إلا وتستحضر الأذهان عيد الفطر المبارك بأفراحه وبشائره وطقوسه البهيجة، في السياق التالي سيدتي جمعت لك عدد من الأبيات المنتقّاة والأشعار المحتفّاة بكعكات بالسكر مُحلّاة، نظمها الشعراء يتغنون بطعم وطعامة ولذة عشق لأيقونة الفطر عيدٌ شرعه الله في علاه.
- نظم شاعر العامية الثوري فؤاد حداد قصيدة مدهشة كعادته يحكي فيها تفاصيل صناعة الكعك يقول فيها:
خالاتى عماتى سيداتى
على تل عجوة وعسل وسمن
ولا مجلس الأمن سهرانين
لت وعجين
يبنوا الهرم
قالت حماة المحترم
يا كعك يا سيد الكرم
نبطلك فى المشمشى
يا بنت قومى وفرفشى
لا تحوشى.. ولا تختشى
إحمى الوابور واستحمشى
إشى وإشى.. تلاقيه مشـى
إشى نغبشى.. واشى حبِّشى
واشى دندشى.. واشى أنقشى
واشى ينحشى.. واشى رشرشى
السكر عليه
الشاعر بيرم التونسى ينطبق عليه المثل القائل: " اللي بيعمل الكعك شحات " فزوجته قامت بعمل كمية ضخمة من الكعك كلفته ثروة من المال، فقد قامت بعمل ثلاثين صاجا وأجادت فيها بمهارتها المعروفة فهي طباخة ماهرة، ثم قامت بتوزيعها كلها على الأهل والأقارب، وما أثار ضيقه أن كعك الهدايا لم يكن بجودة كعك زوجته فاشتكى يقول:
تلاتين صاجْ من الكَعْك المكَلِّفْ يباتوا فى بيوت الحَتْوَجيهْ
ويفضل كعكهُمْ قُدَّامْ عنينا مشكِّلْ زَىِّ صَدَقَاتْ التِّكِيِّهْ
حنيفَةْ كَعْكَهَا معجون بديـزلْ زناخته للسماواتْ العَلِيَّـهْ
وفاطْمهْ كَعْكَها إسودْ منقْرَشْ يِبانْ للعينْ أَفاعى مِلْتويهْ
وأمَّا كعك خالتْنَا العجوزة تروحْ بيه القرافة مستِحيَّـــــهْ
أنا نادرْ إذا خلاَّنى ربِّى ونَجَّى الناسْ من نايْبَه قويَّهْ
لأَعْجِن كَعْكْ من ردِّة فِرَاخْنـا واحُطْ عليهْ شطَّهْ مَغْربيـَّـهْ
ومَنْ أَهْدى إلينا- أَوْ رَزانا نجازى عَ الرزيَّة بالرزيَّـه!!
- وفي قضية مماثلة نظم شاعر العامية فؤاد قاعود والذي أطلق على نفسه ببعض قصائده اسم" جوعان بن هفتان"، قصيدة شكى فيها من رداءة كعك زوجته والتي كلفته ثروة هائلة لصناعة كعك لا يؤكل، فيقول في قصيدته:
صنعتى لنا من بعد تكلفة عكا
وجئتى سميطا يا لواحظ لا كعكا!
وإنى أراكى بعد تضييع ثروة
تعوزين ضربا فوق ذا الرأس أو سكّا
وأنه فى بعض لصيق ولازق
نزلنا عليه بالشواكيش ما انفكا
وقال غلام بالشاكوش مشاورا
أنا أبغى شيئا أقوى مما معى فتكا
خذى ما صنعتى وأطلعى لقرافة
فقد يقبل الشحاذ أكله لا شكا
- وفي قصيدة أخرى يحكي نفس الشاعر فؤاد قاعود أو " جوعان بن هفتان" عن دعوته ليكون متذوق الحي، فيحكم على مدى إجادة سيدات الحي في صناعة الكعك فيقول:
فى العيد خدونى حكم ع الكحك والقراقيش
أقول عمايـل ســنيه بدهـا تحرميش
وكحك فردوس صغير بس زيـه مافيش
وأجـبر خاطــرهم جميعا بس آكل أكل
يكفى من غير مبالغه ف المعارك جيـش!
وكل بيت أدخله تكون صاحبته عايزه
أقــول عــمايلها هـيَّا وحدها الفايزه
فأقول أكيد إنتى وحدك للسـباق حايزه
واكل وأضحك ف عينى من حماس زايد
مع إن مافــيش هنالك أيها جايزه!
والكحك دا باخده بعـد الأكل تحليَّه
- للشاعر محمد عبد المنعم المعروف بـ "أبو بثينة" والملقب بـ (أمير الزجالين)، لديه تجربة أخرى مع الكعك حيث شبت معركة بين رجل وزوجته بسبب الكعك وعدم مقدرته على شراء الخامات اللازمة لصناعته فيصف حاله لزوجته بأسى قائلًا :
قال كحك إيه واحنا العيال عريانه
والعيش باجيبه والغموس بالعافيه
ليه نفتخر ونبات بطونا جعانه؟
دا يبقى تغفيل م الحمار بلا قافيه
- الشاعر السوري علي الجندي أحد الأعضاء المؤسّسين لاتحاد الكتاب العرب لديه قصيدة مماثلة عن حوار بين شاعر رقيق الحال تحاول زوجته إقناعه بشراء خامات صناعة الكعك فيدور بينهما الحوار التالي:
شاعر كنزه الخيال وهل يجدي على المرء في الحياة الخيال
وهو لو كان ذا ثراء لسارت بنداه في العالم الأمثال
ولكانت "صاجاتنا" من لجين فوقها الكعك وهو "خاء" و"دال"
وهنا استضحكت وقال سؤال: لي تجلد ولا يرعاك السؤال
أترانا في العيد نغفل صنع الـكعك يا للهوان هذا محال
أنه للبيوت مظهر إثراء وللعيد زينة وجمال
وهو مسك الختام يرجو به الصوم ثوابا وتقبل الأعمال
وبه نعتلي ونسمو ونختال دلالا وحبذا الاختيال
ونباهي به الأقارب والجيران أن هم علينا استطالوا
كل "صاج" في النفس يعمل مالا تفعل البابلية الجريال
ليت شعري ماذا يقولون عنا ولهم ألسن حداد طوال
أيقولون أننا حاشا لله شقينا ساءت الأحوال
وعدمنا الدقيق والسمن والسكر هاتيك عثرة لا تقال.