من منا لم يذق في طفولته متعة التجول بالدراجة مخترقًا شوارع مدينته، من منا لم يختلق مغامرة خيالية حافلة باللفات والانحناءات ومختلف الاستعراضات الاكروباتية، مخترقًا فضاءات الحرية الوهمية، ومتقمسًا دور البطل المغوار مقتحم الأسوار وكاشف الأسرار بدراجته الصغيرة فقط لشراء أغراض او متطلبات لأسرته، لتظل ذكريات الدراجة تعيش معه حتى يشب بأحضان دراجته التي تكبر معه، فيتركها مفضًلا عليها وسائل مواصلات أخرى سواء عامة أو خاصة مدفوعًا بإغراءات السرعة وإرهاصات التكنولوجيا. على أن آخرون يظلون يحملون لواء الود والحنين فيدركون أهميتها ولا يتركون الدراجة لتظل هي وسيلة مواصلاتهم المفضلة مهما طال بهم العمر، وحاصرتهم التكنولوجيا بإغراءاتها.
ومؤخرًا أدرك العالم أهمية هذه الوسيلة للمواصلات البسيطة البدائية، فمنذ تأسيسه في عام 2018، يتم الاحتفال باليوم العالمي للدراجات سنويًا في 3 يونيو من قبل المدافعين المتحمسين لاستخدامها، والداعمين المشجعين لاستمرارها، والاختصاصيين الدارسين لفوائدها الجمة بمختلف مشاربهم وأيدولوجياتهم، ومقاتلي البيئة وحماة المناخ، بالإضافة للهواة والرياضيين وحتى المستخدمين من محدودي الدخل ذوي السكن البعيد عن الحافلات، من لا يملكون سيارات ولا أجرة مواصلات، فلطالما كانت ومازالت الدارجة الهوائية ذات شأن عظيم ومكانة متفردة لا تضارعها مكانة أيٍ من وسائل المواصلات.
• اليوم العالمي للدراجات
اعترافًا بتفرد الدراجة وطول عمرها وتعدد استخداماتها، التي كانت مستخدمة منذ قرنين من الزمان، وأنها وسيلة نقل بسيطة وميسورة التكلفة وموثوقة ونظيفة وملائمة بيئيًا، وتعزز الإشراف البيئي والصحة، وفقًا للموقع الرسمي للأمم المتحدة un-org، فقد تم تبني اليوم العالمي للدراجات من خلال قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بقيادة حكومة تركمانستان، يقر اليوم العالمي للدراجات "بتفرد الدراجة وطول عمرها وتعدد استخداماتها كوسيلة نقل بسيطة وميسورة التكلفة وموثوقة ونظيفة وملائمة بيئيًا، وتعزز الإشراف البيئي والصحة."
يلفت اليوم العالمي للدراجات الانتباه إلى فوائد استخدام الدراجة كوسيلة نقل بسيطة، وبأسعار معقولة، ونظيفة، ومستدامة بيئيًا. تساهم الدراجة في هواء أنظف وتعمل على تقليل الازدحام وتجعل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى في متناول السكان الأكثر ضعفاً وفقرًا وهو ما يتوافق مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
• إعادة التفكير في أنظمة النقل التقليدية
وفقًا للموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية WHO، who.int، ففي الآونة الأخيرة والتي شهدت تفشي العديد من الأوبئة وعلى رأسها فيروس كورونا، فقد غيّرت جائحة COVID-19 احتياجات النقل وسلوكه، مما دفع العديد من المدن إلى إعادة التفكير في أنظمة النقل الخاصة بهم. كجزء من جهود "إعادة البناء بشكل أفضل"، تم الترويج لركوب الدراجات كبديل نقل صحي وأخضر واقتصادي. يعزز قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الجديد الذي تم تبنيه في عام 2022 بشأن "دمج الدراجات السائدة في أنظمة النقل العام من أجل التنمية المستدامة" . من خلال هذا القرار، تلتزم الحكومات بالترويج للدراجات بين جميع أفراد المجتمع، بما في ذلك الناس من جميع الأعمار، في المناطق الحضرية والريفية، وتطوير ثقافة ركوب الدراجات في المجتمع.
• فوائد مذهلة لاستخدام الدراجة
منذ فترة طويلة تعمل منظمة الصحة العالمية بنشاط على تعزيز ركوب الدراجات لفوائدها العديدة صحيًا وجسديًا ونفسيًا وإجتماعيًا وبيئيًا.
- الدراجة هي وسيلة نقل مستدامة بسيطة وميسورة التكلفة وموثوقة ونظيفة وملائمة بيئيًا.
- ركوب الدراجات يعمل على زيادة النشاط البدني، ومن ثمّ يعمل على الحد من الأمراض غير المعدية كما يساعد في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وبعض أنواع السرطان ومرض السكري وحتى الموت
- مثل الحكومات في جميع أنحاء العالم، فمنظمة الصحة العالمية تعترف بركوب الدراجات كميسر لتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة، وكوسيلة ليس فقط للنقل ولكن أيضًا للوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والرياضة ؛ والذي يكرس للعديد من الأهداف والتطلعات المتعلقة بالطاقة والتوظيف والمدن والقضاء على عدم المساواة.
- يعزز التآزر بين الدراجة والمستخدم الإبداع والمشاركة الاجتماعية ويمنح المستخدم وعيًا فوريًا بالبيئة المحلية.
- الدراجة هي رمز للنقل المستدام وتنقل رسالة إيجابية لتعزيز الاستهلاك والإنتاج المستدامين، ولها تأثير إيجابي على المناخ، فركوب الدراجات يعمل على تقليل تلوث الهواء والضوضاء.
وبحسب موقع منظمة الصحة العالمية فالفرضية الأساسية هي أنه من أجل إطلاق العنان لإمكانات ركوب الدراجات، يجب أن تكون الطرق آمنة، ومن ثمّ فتماشياً مع اليوم العالمي للدراجات، أصدرت منظمة الصحة العالمية مجموعة من الموارد والمواد لتعزيز ركوب الدراجات وتحسين السلامة على الطرق وتعزيز صحة الناس ورفاههم والأماكن التي يعيشون ويعملون ويلعبون فيها.