يواجه الآباء العديد من الصعوبات في الوفاء بتوقعات العمل والتزاماتهم الأسرية، فقد يجد الأب نفسه يعاني من ضغوط العمل العالية وأوقاتها الطويلة، مما يؤثر سلباً على الوقت الذي يمضيه مع أطفاله وشريكة حياته، بالإضافة إلى ذلك؛ تكون الأعمال المنزلية والمسؤوليات الأسرية بانتظاره عندما يعود إلى المنزل، مما يجعله يجد صعوبة في التفرغ وإيجاد وقتاً للاسترخاء والتواصل العاطفي مع العائلة.
ومع ذلك، فإن تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية للاب ممكن وضروري، فالأب الذي يستطيع إيجاد هذا التوازن يحقق رضا شخصياً ورفاهية عائلية أفضل؛ إذ يستطيع الأب المتوازن تخصيص الوقت الكافي لأسرته وتقديم الدعم العاطفي والاهتمام اللازم للأطفال والشريك.
في هذا السياق، تأتي أهمية تطوير إستراتيجيات ومهارات إدارة الوقت والتنظيم الشخصي للآباء، حيث يمكن أن تساعد على تحقيق التوازن المطلوب، كما يلعب الدعم المؤسسي من جانب أرباب العمل دوراً مهماً في تيسير التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ من خلال توفير سياسات مرنة تتيح للآباء المزيد من الوقت الذي يمضونه مع أسرهم.
إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية للآباء يعد تحدياً مستمراً؛ يتطلب الوعي والتخطيط والتنظيم، ومن خلال تحقيق هذا التوازن؛ يستطيع الآباء أن يكونوا قدوةً حقيقية لأطفالهم، والعيش حياة متوازنة ومليئة بالسعادة والرضا.
الأبناء وتوازن الأب بين العمل والحياة الشخصية
ندا رياض، طالبة بالثانوية العامة، ترى أن شعورنا بالسعادة في حضرة الأب يكون عقب الامتحانات؛ لأنها تكون خالية من التحذير والتنبيه دائماً على ضرورة الاستذكار، لكننا نفتقده كثيراً لحاجتنا لممارسة بعض الأنشطة الترفيهية بصحبته والعائلة كلها.
بشكل عام، أرى أنه إذا كان الأب يقضي معظم وقته في العمل، ويكون غائباً عن المنزل بشكل مستمر؛ فقد يشعر الأبناء بالاشتياق له ويشعرون بعدم الارتياح. قد يفتقدون الدعم والتوجيه الذي يمكن أن يقدمه الأب في حياتهم. قد يكونون أيضاً على علم بضغوط العمل التي يواجهها الأب، ولكنهم يرغبون في قضاء وقت كافٍ معه أيضاً.
بين العمل والحياة الشخصية
رياض عبد الحميد، محاسب بقطاع التفتيش الوزاري بوزارة التعليم، يرى أن الوقت المخصص للعائلة والأنشطة الشخصية يلعب دوراً مهماً في الصحة العقلية والعاطفية والعلاقات الأسرية القوية، لذا فإن الجودة أكثر أهمية من الكمية، فيما يتعلق بالوقت المخصص للعائلة. ويؤكد أن قضاء وقت مركّز مع الأسرة يعزز الارتباط العائلي ويُسهم في تنمية الأطفال.
وفي ظل عصر التكنولوجيا الحديثة، ومعاناة البعض من اختراق الحدود بين العمل والحياة الشخصية بسبب توفر التكنولوجيا الدائمة، أرى أنه من الضروري تحديد حدود واضحة بين الوقت المخصص للعمل والوقت المخصص للعائلة.
الأبوة والعمل جانبان مهمان في حياة الأسرة
الدكتورة آمال إبراهيم، خبيرة الأسرة، تقول: التوازن بين العمل والحياة الشخصية هو قضية مهمة تواجه الكثير من الآباء في العصر الحديث.. فالأبوة والعمل جانبان مهمان في حياة الرجل، وتحقيق التوازن بينهما يمكن أن يكون تحدياً.
تعتبر محاولات الأب للموازنة بين العمل والحياة الشخصية أمراً فردياً، ومختلفاً من شخص لآخر، حيث يعتمد على القيم الشخصية والأولويات والظروف الفردية. ومع ذلك، يمكن توضيح بعض النقاط العامة التي يمكن للآباء أن يأخذوها في الاعتبار:
1. تحديد الأولويات: يجب على الآباء تحديد الأولويات في حياتهم، والتفكير فيما يهمهم أكثر. قد تشمل الأولويات: العائلة، الصحة النفسية والبدنية، العمل والتطور المهني، والوقت للترفيه والاسترخاء.
2. جدول زمني متوازن: ينبغي على الآباء إنشاء جدول زمني يوازن بين العمل والحياة الشخصية. يمكن تخصيص فترات زمنية محددة للعمل، وفترات أخرى للعائلة والأنشطة الشخصية. يجب أن يتمتع الأب بالوقت الكافي لقضائه مع أفراد الأسرة ولممارسة هواياته واحتياجاته الشخصية.
3. الاستفادة من الدعم الاجتماعي: يمكن للآباء أن يستفيدوا من الدعم الاجتماعي؛ للمساعدة على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. يمكنهم البحث عن أصدقاء وزملاء يمرون بتحديات مماثلة ومشاركة النصائح والخبرات.
4. الاستغلال الذكي للتكنولوجيا: يمكن للآباء الاستفادة من التكنولوجيا لتسهيل إدارة الوقت والتواصل مع العائلة أثناء العمل. فمثلاً، يمكن استخدام التطبيقات والأدوات لتنظيم المهام والمواعيد ومشاركة الأحداث المهمة مع الشريك والأطفال.
5. الحفاظ على الحدود: يجب أن يتعلم الآباء كيفية وضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية. يجب أن يتمكنوا من قبول أنه ليس من الممكن أن يكونوا متاحين بشكل مستمر، وأنه يجب عليهم أحياناً قبول الاستغناء عن بعض فرص العمل؛ لصالح الوقت المخصص للعائلة والاسترخاء.
