إن التنشئة الاجتماعية تؤثر في حياة الأبناء الصغار، حيث يكتسب الطفل الاتجاهات والقيم والأخلاق الموجودة عند والديه، ولذلك فالأسرة هي التي تغرس القيم الحميدة، والأخلاق الحسنة داخل الفرد، ليظهر أثر ذلك على المجتمع، فكل ما يتعلمه الطفل من والديه سيؤثر على حياته مستقبلاً، والأب هو الداعم الأول والأساسي للأسرة، وهو المأمن لها من العوامل الخارجية، وهو المحب القوي المنفق الذي يحقق للأسرة استقرارها المادي والاجتماعي، وغياب الأب يكون فارقاً بالأسرة ومؤثراً على الأبناء.
تقول استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية د. وفاء الأنصاري لسيدتي : لاشك في أن غياب الأب عن الأسرة قد يُمثل كارثة على الكيان ككل، وإن كان غيابه هذا عن الأسرة لأسباب منطقية، كالوفاة أو الهجر أو لطبيعة العمل المختلفة، أو للزواج من أخرى أو للطلاق أو نتيجة المرض،، أو يكون مجرد غياب عن أداء الدور وتحمل المسؤولية، كل ذللك له أثر سلبي على حياة الأبناء، ويصعب عليهم تفهم هذا الغياب.
• دور الأب في الأسرة
تقول د. وفاء: إن بعض الآباء يظنون أن دور الرجل يقتصر على تأمين السّكن والملبس والناحية المادية، وهذا بالتأكيد خطأ كبير، ولايعرفون أن مفهوم رب الأسرة هو تربية أبنائه وتقديم النصح والتوجيه والإرشاد لهم. فهذه الأمور بمثابة دعائم التنشئة السليمة للأبناء التي يستندون إليها طوال حياتهم، وترشدهم إلى كيفية التعامل في المواقف المختلفة، وتساعد على تطورهم وتنمية مهاراتهم،
القدوة الحسنة
يرى الأبناء والدهم المثال الذي يجب الاقتداء به وتقليده في جميع السلوكيات، ولهذا من الضروري أن يحرص الأب على جميع التصرفات والسلوكيات التي يقوم بها، خصوصاً أمام الأطفال.
ترسيخ القيم
وجود الأب يرسخ معرفة الصواب والخطأ، والخير والشر، وقيم التعاطف والتسامح، والأخلاقيات المختلفة.
الحماية والأمان
الهدف الأول للآباء هو حماية أطفالهم، والحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية، لذا لا بد من توفير مسكن آمن يوفر وسائل الراحة لهم. كذلك هناك ضرورة لإحاطتهم بجو من المحبة لسلامهم النفسي، والدفاع عن الأبناء، فهو مصدر القوة والحماية من أي خطر أو عدوان.
تخصيص وقت للأبناء
من المهم أن يقضي الأب وأبنائه كثير من الوقت معاً لتعزيز شخصياتهم ونجد أن غياب الأب وانشغاله عن الأبناء سواء بالعمل أوغيره من أكثر الأمور سوءاً.
توفير احتياجات الأسرة
تلبية الاحتياجات من مأكل وملبس ومشرب وتعليم وغيرها، من المهام الضرورية لرب الأسرة.
غرس القناعة في نفوس الأبناء
والتأكيد على أن المال مُجرّد وسيلة للحصول على الأشياء، ولا بد من السعي والكفاح لتحقيق النجاح، ما يسهم فيما بعد في تحملهم المسؤولية والاستقلالية.
يمكنك التعرف على المزيد عن دور الأب من خلال أهمية دور الأب في الأسرة
• أسباب غياب الأب عن الأسرة
ترى د. وفاء أن وجود الأب داخل الأسرة لتربية أبنائه شيء في غاية الأهمية، وغياب الأب تأثيره واضح بين وتداعياته تكون قوية في شخصية الأبناء، وتحقيق التوازن الأسري، ولغيابه العديد من الأوجه المختلفة، فقد لايكون بسبب الوفاة، بل قد يكون نتيجة لطلاق أو سفر، أو مجرد غياب عن أداء الدور وتحمل المسؤولية، أوانشغاله بالعمل لتوفير حاجات الأسرة الضرورية على حساب الدور التربوي، أو قد يكون بسبب تهميش دوره من جانب الأم ، أو الهروب من قيود الأسرة وتحمل المسؤلية، أو بسبب سفر الزوج، أو خروجه المتكرر مع أصدقائه على حساب وقت الأبناء والزوجة والذي يسبب الآثار السلبية على نفسية الأبناء وعلى الأسرة ككل، أو يكون بسبب وقوع الطلاق وذهاب الأب فى طريق آخر وترك الأبناء للأم كى تقوم بتربيتهم بمفردها.
• أثر غياب الآباء على الأبناء
يقول د. أحمد عرفان الباحث في علم الاجتماع لسيدتي: إن غياب الأب عن الأسرة يؤدي إلى مشكلات عديدة وخطيرة ويسبب شرخاً كبيراً ومؤلماً في كيان الأسرة، منها:
• بحث الأبناء عن أصدقاء السّوء، لتعويضهم عن النقص، ويؤدى إلى انحرافات مختلفة.
• التأثير على أخلاق الأبناء ودراستهم وظهور بعض المشكلات السلوكية وامتناعهم عن الحوار مع الوالد وتصرفهم بحرية مُطلقة دون أي قيود.
• عدم التزام الأبناء بقوانين الأسرة وطاعة الأوامر.
• تتحمل الأم العبء الأكبر من المسؤولية، وهو ما يشكل لديها أعباء وأزمات نفسية واجتماعية.
• انحراف الأبناء، خصوصاً مع وجود عوامل مؤثرة مثل الإنترنت، والمواقع الإلكترونية المشبوهة.
• التأثير في نمو الطفل وثقافته وشخصيته، وحرمانه من العطف.
• ظهور صراعات نفسية واضطراب وانعدام في التوازن العاطفي والأمن النفسي بين أفراد الأسرة.
يمكنك كذلك متابعة تأثير غياب الأب على نفسية الطفل
• تهميش الآباء، فكثير من الآباء لا يعينون أبناءهم على برهم، والبعض منهم لا يعرف كيف يعامل أولاده عند الكبر، فيقتصر دورهم على العقاب والتوبيخ، وعلى جلب المال فقط وعدم التدخل في التربية، ما يضع هؤلاء الآباء في موقع التهميش، مما يجعلهم أقل التزاماً بالنظام.
• التأثير سلباً على انتباه الطفل وتركيزه واستجابته، وعدم السيطرة على العنف والغضب.
• تحدث له إعاقة في النمو الفكري والعقلي والجسمي، خصوصاً إذا كان هذا الحرمان في سن الثانية إلى السادسة، وغيابه على التحصيل الدراسي وإخفاقه التعليمي.
• نصائح للتخفيف من الآثار السلبية لغياب الأب
إن غياب الأب لفترة طويلة أو نهائياً يؤثر على الأبناء، ولكن هناك عوامل إيجابية تخفف من الآثار السلبية لغياب الأب. وهي كالتالي:
• تمالك الأعصاب
يجب للأم أن تتمالك أعصابها وتحافظ على اتزانها النفسي، وتستغل قدراتها الذاتية والخارجية، وتقوم بدور الأب والأم معاً.
• عدم الانغلاق اجتماعيا
يجب ان تمارس الأم سياسة الباب المفتوح، فتسمح لنفسها ولأبنائها باستقبال أصدقائهم، أو زيارتهم إلى المنزل، بدلاً من المكوث في المنزل، مما يعرض الأبناء للاكتئاب النفسي والانطواء.
• استعمال سلطة الوالدين معاً
من الطبيعي أن تغمرالأم أبناءها بالعاطفة والحنان تعويضاً عن النقص، ولكن ما يحتاجونه إلى جانب ذلك هو السلطة. المشكلة هي أنها غالباً ما تشعر بالذنب، الأمر الذي يجعلها تغض الطرف عن أمور كثيرة، وأحياناً تُفرط في دلال أبنائها.
• استحضار النموذج الذكوري
لابد من وجود أب بديل، فوجود الحضور الذكوري في المحيط الاجتماعي، مثل الخال أو العم أو الجدّ، لكي يساعد في الوقوف بجانب الأبناء.
• تثبيت صورة إيجابية للأب في وعي الأبناء
بعض الأمهات يهددن أبناءهن بعقاب الأب أثناء غيابه، كأن تقول الأم عند الخطأ سأخبر والدك عندما يعود من السفر على عقابك، فترتبط صورة الأب الغائب عند الإبن بالعقاب والقسوة، مما يجعل صورة الأب في وجدان الأبناء في أسلوب العنف والعقاب فقط.