على مر التاريخ، ارتفعت مسارح ودور أوبرا مذهلة في أنحاء العالم؛ علماً أن الصروح المذكورة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمدينة وثقافتها وتاريخها وشعبها. تحكي عمارات المسارح ودور الأوبر الكثير عن الوقت والأبهة، وأهمية الصروح في الأمكنة التي تحضنها، وهي معالم شهيرة مقصودة خلال الزيارات السياحية الثقافية.
يرجع تاريخ المسرح إلى القرن السادس قبل الميلاد؛ كان الإغريق من الأوائل الذين قدموا عروضاً درامية. في بعض الأزمان غير البعيدة، كانت زيارة المسرح شكل شائع من أشكال الترفيه.
لناحية الأوبرا، نشأ الفن المذكور في منطقة توسكانا الإيطالية في أواخر القرن السادس عشر. لكن، لم ينقض وقت طويل قبل أن ينتشر نوع الموسيقى المتميز مع المسرح عبر أوروبا.
كانت افتُتحت أولى دور الأوبرا، «تياترو سان كاسيانو»، في البندقية عام 1637. ولم يمض وقت طويل قبل أن تحذو مدن عالمية أخرى حذوها وتبني دور الأوبرا الخاصة التي تجذب المجتمع الراقي.
جولة على مسارح ودور أوبرا
في الآتي نصحبكم في جولة على مسارح ودور أوبرا سياحية شهيرة في العالم:
«لا سكالا دي ميلان»: يشتهر «لا سكالا دي ميلان»، في مدينة ميلان الإيطالية، بكونه أحد أشهر دور الأوبرا في العالم، فقد عرف المكان مجموعة من عروض الأوبرا الأكثر شعبية، والتي قدمها ريكاردو موتي، وأرتورو توسكانيني، وجافازيني جياناندريا. افتُتح الصرح في 3 أغسطس عام 1778، وكان بمثابة المسرح الأول لعازف الكمان الموهوب باغانيني. خلال المئتي عام الفائتة، أدى في «لا سكالا» معظم فناني الأوبرا الإيطاليين البارزين، والعديد من أفضل المطربين من جميع أنحاء العالم. حتى يومنا هذا، لا يزال المسرح معروفاً بأنه من بين مسارح الأوبرا والباليه الرائدة في العالم، ويضم جوقة مسرح «لا سكالا»، وباليه مسرح «لا سكالا»، وأوركسترا مسرح «لاسكالا»، من دون الإغفال عن أكاديمية «لا سكالا» للمسرح، والتي توفر تدريباً احترافيّاً في الموسيقى والرقص، والحرف المسرحية، وإدارة المسرح.
دبي أوبرا «بيت الثقافات»: منذ افتتاحه في 31 أغسطس 2016، باتت دبي أوبرا Dubai Opera «House of Cultures» الوجهة الرائدة للفنون المسرحية في دبي، لتصبح المنصّة المثلى للفنون الأدائية والموسيقى من خلال استقبالها عروضاً عالمية المستوى. ودبي أوبرا التي تقع في ما يوصف بأنه «أرقى كيلومتر مربّع في العالم» في وسط مدينة دبي، غدت مركز المشرق للثقافة والفنون وقطاع الأوبرا. تنتج الدار وتستضيف أجمل تجارب الفنون المسرحية والموسيقية وأكثرها أصالة وتشويقاً من دبي والعالم، وهي تتحضّر لاستقبال أعمال ضخمة مثل مسرحية الباليه «بحيرة البجع» Swan Lake، رائعة تشايكوفسكي Tchaïkovsky، بأداء من فرقة الباليه الوطنية المجريّة التي نالت استحسان النقاد، والتي ستبهر جماهير دبي في 8 و10 سبتمبر 2023. كذلك ستؤدي الفرقة المجرية نفسها المسرحية الأوبرالية «مدام بترفلاي» Madame Butterfly، التي ألّفها بوتشيني Puccini، في 12 و13 سبتمبر 2023.
ومبنى دبي أوبرا يتألّق بتصميمه المعماري الذي استوحي من شكل مركب شراعي تقليدي إماراتي، وهو يعدّ تحفة من التصميم المعاصر وإشادة أنيقة بتاريخ دبي البحري. قام بتصميم المبنى الرائع المهندس المعماري الرئيسي يانوس روستوك Janus Rostock من خلال استشاري التصميم المعماري «أتكينز» Atkins.
«البولشوي»: يقع مسرح «البولشوي» الشهير، في موسكو؛ كان شُيّد بداية للأمير بيوتر أوروسوف، فقد منحت الإمبراطورة كاثرين الثانية الأمير بيوتر أوروسوف امتياز استضافة العروض المسرحية لمدة عشرة أعوام. الجدير بالذكر أن مفردة «بولشوي» تعني كبير باللغة الروسية؛ كما يدل الاسم، كان المسرح لأعوام عديدة الأكبر في موسكو، ولا يزال من بين مسارح العالم الأهمّ، في الوقت الراهن. و«البولشوي» واحدة من أشهر شركات الأوبرا والباليه في العالم، إذ تستضيف أكثر من 200 راقص.
على الرغم من أن سان بطرسبرغ كانت عاصمة الإمبراطورية الروسية لوقت طويل، إلا أن العروض كان مسرحها «البولشوي»، وهذا الأخير كان مكان تتويج الأباطرة. على المسرح الكبير، قاد تشايكوفسكي أوبرا «بحيرة البجع» في 1877، و«شبشب القيصرة» في عام 1887.
يمنكم الاطلاع أيضاً على جولة على أشهر المتاحف في العاصمة باريس لهواة الثقافة
«تياترو لا فينيس»: دار أوبرا كبيرة تقع وسط القناة الخضراء لمدينة البندقية، وهي احترقت مراراً، وعادت لترتفع، لذا تُشبّه بـ «طائر الفينيق». كان المكان استضاف العروض الأولى لأوبرا فيردي وروسيني ودونيزيتي ووبيليني. كما أدى مشاهير القرن العشرين، من بافاروتي وكالاس. يشي المكان بالأبهة عن طريق التصاميم المشغولة من الجص والذهب اللمّاع، واللون الأحمر المخملي والثريات المتلألئة والأسقف المطلية. وهو مقصود من عشاق الأوبرا وفنانيها، إذ يقدم مستجدات الأوبرا والموسيقى الكلاسيكية بشكل عام إلى المشهد الفني العالمي.
«تياترو كولون»: افُتتح «تياترو كولون» الضخم المكون من سبع طبقات في بوينس آيرس عام 1908، وقد قام بدور محوري في تاريخ الأرجنتين الثقافي والسياسي. المسرح مشهور عالمياً، مع عمارة ذات تأثير إيطالي وفرنسي تقع في موقع مميز وسط المدينة بين شوارع سيريتو وفيامونتي وتوكومان وليبرتاد. قدم عظماء عروضهم هناك، من بلاسيدو دومينغو وخوسيه كاريراس ولوتشيانو بافاروتي إلى جوان ساذرلاند وماريا كالاس. «كولون» مُقدر على صعيد العالم، من نواع عدة، مثل: الصوتيات وعروض الحفلات الموسيقية، وحتى فنها وتصميمها. أسلوب المبنى انتقائي، مع مساحة إجمالية 58 ألف متر مربع، فيما الغرفة الرئيسة مُصمّمة على هيئة حدوة حصان، بسعة نحو 3000 شخص. وسط القاعة ثريا كبيرة فيها 700 مصباح كهربائي، تُمثل نقطة جذابة بعينها. تتميز المقصورة الداخلية بتصميمات بالقرمزي الغني والذهبي. يحتوي الجزء الداخلي من القبة على لوحة قماشية رسمها راؤول سولدي عام 1966.
مسرح «فيكتوريا»: بُني مسرح «فيكتوريا» وقاعة الحفلات الموسيقية في سنغافورة عام 1862؛ اليوم، يتسع المسرح لـ 614 مقعداً وقاعة للحفلات الموسيقية لـ 673، بالإضافة إلى غرف البروفات. توسّع المبنى عام 1979 مع إضافة معرض إلى القاعة التذكارية، ما حول المكان إلى مقرّ مناسب لأوركسترا سنغافورة السيمفونية المرموقة. تنظم عروض الحفلات الموسيقية والأفلام والمسرح والرقص الكلاسيكي، في المكان، وهذا الأخير مسرح لأحداث كبرى، ومنها: «مهرجان سنغافورة الدولي للبيانو».
في حال كنت من محبي السياحة الثقافية ننصحك بزيارة لاهاي وجهة جاذبة لعشاق التاريخ والثقافة.