تُعد محاولة القيام دائمًا بما يريده الآخرون، أو الحاجة إلى موافقة المقربين لك وتشجيعك في كل مرة يتعين عليك فيها اتخاذ قرار هي من الأعراض الأساسية للتبعية العاطفية أو ما يعرف بالاعتماد العاطفي، وعلى الرغم من اعتقاد البعض بأن هذا الأمر لا يحمل إساءة أو أذى ولكنه في الحقيقة يحمل كل الأذى في أعماقه... بالسياق التالي سيدتي تخبرك إذا ما كان لديك تبعية عاطفية تحتاج للمساعدة وإن كان الآخرون يسيطرون على مشاعرك وعواطفك، أم أنك شخص مستقل بمشاعره متزن بعواطفه يجيد التعامل مع الآخرين..
ما هي التبعية العاطفية؟
تقول استشاري العلاقات الأسرية، أماني نبيل رضا، لـ"سيدتي": "التبعية العاطفية أو الاعتماد العاطفي هو أن يصبح شخص ما معتمداً بشكل مفرط على شخص آخر. يمكن أن يحدث هذا في أي نوع من العلاقات، سواء مع شريك أو صديق أو أحد أفراد الأسرة، وغالبًا ما يشعر الشخص الذي يعاني من الاعتماد العاطفي بالحاجة الماسةللآخرين فهو يريد دائمًا أن يكون قريبًا من الشخص الذي يعتمد عليه، للحصول على موافقته على كل شيء فهو يعتبر أن مشاعر الرفاهية واحترام الذات يستمدها من ذلك الشخص الآخر. هذا الاعتماد العاطفي يشبه الإدمان ولهذا السبب يمكن للشخص الذي يعاني منه أن يشعر بالقلق والخوف عندما يكون بعيدًا عن هذا الشخص".
تؤكد أماني أن التبعية العاطفية غالبًا ما يكون لها جذور ممتدة في أعماق الطفولة، مثل وجود تاريخ من النقص العاطفي أو الهجر أو الرفض. ولهذا السبب يبحث الشخص عن الأمان الذي يفتقر إليه في الآخر، يظل تحت وطأة هاجس أن العلاقة ستنتهي وأنه سيُترك بمفرده.
من أهم أسباب التبعية العاطفية كذلك تدني احترام الذات، حيث يعتقد الشخص أن آراءه أقل قيمة من آراء الآخرين، وبالتالي فهو يحتاج إلى موافقة الآخرين ليشعر بقيمته.
كذلك فإن التبعية العاطفية تحدث عند وجود فكرة مشوهة عن الحب الرومانسي، حيث يتم تزكية شعور المظلومية والمعاناة والتفاني المطلق للشريك، بدلاً من التبادل العاطفي الصحي.
ويمكنك من السياق التالي التعرف على: أسباب وحلول التبعية في العلاقة الزوجية
مظاهر واضحة تخبرك أنك تابع عاطفي
تقول أماني: "هناك عدد من من الخصائص والأعراض الشائعة يشترك فيها الأشخاص الذين يعانون من الاعتماد العاطفي أو التبعية العاطفية" وهي:
الحاجة المستمرة للشعور بالموافقة والقبول
يسعى الأشخاص الذين يعانون من الاعتمادية العاطفية باستمرار إلى الحصول على الموافقة والمصادقة من الآخرين، فهم يشعرون أن قيمتهم تعتمد على ما يعتقده الآخرون أو رأيهم بهم.
الخوف من الوحدة
في كثير من الأحيان، يخشى الشخص المعتمد عاطفيًا أن يكون وحيدًا وقد يشعر بالقلق أو الاكتئاب عندما لا يكون الشخص الذي يعتمد عليه بجانبه، فشعور الوحدة يزعجه بشدة لأنه يربطها بالقيمة التي يحملها للآخرين، ومع تفاقم الشعور بعدم أهميته لا يستطيع الشخص الاستمتاع بممارسة الأنشطة بمفرده مثل المشي أو التسوق أو حتى القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى.
انعدام الأمان وصعوبة اتخاذ القرارات
يمكن أن يشكل الحصول على الرأي الخاص واتخاذ قرارات مستقلة تحديًا للأشخاص الذين يعانون من التبعية العاطفية، حيث يميلون إلى الحصول على موافقة الآخرين في جميع الأوقات.
التضحية الشخصية
يكون هؤلاء الأشخاص على استعداد للتضحية برغباتهم واحتياجاتهم لصالح الشخص الذي يعتمدون عليه عاطفيًا، فعالمهم كله يدور حول ذلك الشخص الذي أصبح محور أفكارهم واهتمامهم تاركين هواياتهم الخاصة جانباً ومتخليين عن رغباتهم الشخصية ومضحين بالأصدقاء والعائلة.
إنكار المشاكل
من الشائع بين الأشخاص الذين يعانون من التبعية العاطفية التقليل من المشاكل أو إنكارها، على الرغم من أنها واضحة للآخرين.
انخفاض احترام الذات
غالبًا ما يكون احترام الذات منخفضًا لدى الأشخاص المعتمدين عاطفيًا، حيث يرون أنفسهم من خلال عيون الآخرين ولا يمكنهم التعرف على قيمتهم الخاصة، كذلك فهم يعانون من الشعور أحيانًا بكراهية الذات أو رفض الذات، والذي قد يتسبب في حالة مزاجية سلبية وحزينة وقلقة وغير آمنة.
قد ترغبين في التعرف على: 15 حيلة نفسية لجذب من تحب
كيف تعرفين إذا كنت تعتمدين عاطفياً على شريك حياتك؟
المبالغة في تقدير صفات الشريك
يميل الشخص المعتمد إلى عدم رؤية عيوب شريكه ويبحث دائمًا عن مبرر إذا وجدها.
الغيرة وحب التملك
تؤكد أماني أنه عندما يعاني الشخص من الاعتماد العاطفي على شريكه، فإنه يشعر بالحاجة المستمرة إلى أن يكون قريبًا مِن مَن يحبه ويتحكم في حياته، وعندما لا يتمكن من التواجد جسديًا، فإنه يلجأ بقلق شديد إلى الهاتف أو أحد أشكال الاتصال الأخرى للحفاظ على الاتصال بشكل محموم، وفي بعض الحالات يمكن أن تكون هذه التبعية ساحقة.
فرض الحصار ورفض الخصوصية
قد يكون من الصعب على الشخص المعتمد عاطفيًا قبول أن شريكه يحتاج إلى مساحة خاصة به. وبدلاً من قبول ذلك، فإنه غالباً ما يضغط على شريكه للتخلي عن أنشطته وصداقاته والبقاء إلى جانبه.
السلوكيات الخاضعة
نظرًا لأن الشخص المعتمد يميل إلى جعل شريكه مثاليًا، فإنه غالبًا ما يتبنى دورًا ثانويًا. بسبب الخوف المستمر من اقتراب العلاقة من نهايتها، يتصرف الفرد المعتمد بشكل خاضع ويمكنه في بعض الأحيان قبول الإذلال من الشريك، وفي كثير من الحالات، يكون على استعداد لتحمل أي شيء تقريبًا لمنع انفصال العلاقة، لأنه يشعر أن حياته بدونها لا معنى لها.
فقدان الذات
هذا الوضع برمته، بدوره، يقود الشخص المعتمد إلى وضع أذواقه المعتادة وعاداته ومعتقداته وهواياته وأنشطته الترفيهية وأهداف حياته جانبًا، ليفعل كل ما يفعله أو يريده الشخص الآخر.
ويمكنك التعرف على المزيد من الطرق الفعالة للتخلص من التعلق العاطفي
علاج التبعية العاطفية
تقول أماني: "إذا أدركت أنك قد تعاني من التبعية العاطفية، فيجب أن تعلم أنه بالدعم والجهد من الممكن التغلب عليه واستعادة استقلالك العاطفي" من خلال:
- التعرف على المشكلة، وهي الخطوة الأولى للتغلب على التبعية العاطفية. إن إدراك أنماط سلوكك أمر بالغ الأهمية للتغيير. ابحث وتعلم المزيد عن التبعية العاطفية. كلما فهمت هذه المشكلة أكثر، كلما فهمت كيفية التغلب عليها بشكل أفضل.
- عزز احترامك لذاتك وشعورك بقيمتك الذاتية. حاول أن تكون مدركًا لمدى قيمتك بمفردك، وما أنت قادر على فعله، وكل ما حققته في الحياة بمفردك.
- ضع حدودًا صحية في جميع العلاقات، فمن المهم أن تشعر بالراحة عند قول "لا" عند الضرورة وحماية احتياجاتك الخاصة.
- طور اهتماماتك الخاصة وحدد أهدافك الخاصة ومارس تلك الأنشطة الترفيهية التي تحبها كثيرًا والتي تجعلك تشعر بالرضا خارج علاقاتك.
- تعلم أن تكون وحيدًا واعمل على تنمية قدرتك على البقاء بمفردك دون الشعور بالقلق أو الاكتئاب. يتضمن ذلك تعلم كيفية الاستمتاع بصحبة نفسك ومعرفة كيفية إدارة عواطفك. يمكن أن يساعدك التأمل أو قضاء الوقت في الطبيعة على تحقيق ذلك.
- ممارسة الرعاية الذاتية، حاول تناول الطعام بشكل جيد وممارسة الرياضة والعناية بمظهرك. باختصار، دلل نفسك دائمًا!
- ابحث عن علاقات صحية وحاول إقامة علاقات مبنية على الاحترام المتبادل والتواصل المفتوح والمساواة. تجنب العلاقات السامة أو تلك التي تجعلك تشعر بالتبعية.
وإذا تابعت الرابط التالي ستتعرفين إلى المزيد من كيفية تجنب الاعتماد العاطفي على شريكك بهذه الطرق