إن علاقة الأبناء بالآباء هي علاقة مهمة وحيوية في حياة الأسرة، وبِرَّ الوالدين هو أقصى درجات الإحسان إليهما، ومن أهم الواجبات ومن أعظم الفرائض، فيجب أن تكون العلاقة مبنية على الحب والاحترام والتفاهم والتواصل الفعَّال؛ فمقام الوالدين عظيم وكبير عند الله، وقد أوصانا في جميع الشرائع السماوية ببر الوالدين والإحسان إليهما، بالسياق التالي "سيدتي" التقت استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية د. سميرة دعدور في حديث حول بر الوالدين وكيفية الحفاظ على علاقة وثيقة مع الوالدين
بر الوالدين مفتاح التوفيق والفرج والسعادة في الدنيا والآخرة
تقول استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية د. سميرة دعدور لـ"سيدتي": الوالدان هما ركن الأسرة وعمادها بعد الله تبارك وتعالى، وطاعتهما بابٌ من أبواب الجنة، فكم تحمَّلا من المشاق وتعِبا في سبيل رعاية أبنائهما وسعادتهما، فينبغي للأولاد معرفة تلك المنزلة والواجب نحوهما؛ فالأب والأم قدما الغالي والنفيس في سبيل تربية أبنائهما تربيةً صالحةً، فواجب على الأبناء أن يردوا ذلك المعروف لآبائهم؛ فرِضَى الله تعالى من رِضَى الوالدين، ولا يدخل الجنة عاقٌّ لوالديه أبداً، ومن فضل الله تعالى أن جعل بر الوالدين متصلاً حتى بعد موتهما، وهذا بابٌ من أfواب الأجر، وبر الوالدين مفتاح التوفيق والفرج والسعادة في الدنيا والآخرة.
وواجب الأبناء نحو الوالدين أن يردوا المعروف لهما، فهُما كانا السند في الصغر، والعون بالكبر والنصيحة والحكمة بطول العمر، فإذا ما كبر الوالدان فعلى الأبناء أن يكونوا لهما السند والعون، فيحسنوا إليهما وينفقوا عليهما ويقبلوا على زيارتهما وتلبية احتياجاتهما ويطمئنوا على راحتهما برِضًا ومحبة ورحمة، والدعاء لهما في الحياة وبعد الممات، فبر الوالدين ليس فقط بالكلمات والألفاظ بل بالأفعال، ومهما قدم الأبناء للوالدين؛ فلن يوافوهما ما فعلاه من أجل راحتهم وإسعادهم.
وهذه إحدى صور بر الوالدين؛ فهذا شاب صيني يحول نفسه كرسياً من أجل راحة والدته المسنة.
نصائح للحفاظ على علاقة وثيقة بالوالدين
منحهما الاهتمام الكامل
إن أسهل الطرق لبر الوالدين هو إظهار الاهتمام للوالدين ومنحهما الكثير من الوقت، وحسن الاستماع إليهما، وإعطائهما الاهتمام إذا تكلَّما، ومد يد المساعدة والعون لهما وإشعارهما بالتفاعل بما يناسب كلامهما، وتقديم الاحترام لهما بشكل كبير، والحرص على عدم مضايقتهما أو إزعاجهما، وعدم المجادلة معهما، وإذا كان الابن يعيش معهما أو بعيداً عنهما؛ فلا بُدَّ من الاتصال بهما إن كانت الزيارات قليلة أو صعبة؛ فإن الاتصال يظهر شيئاً من الودِّ والاهتمام لهما.
إظهار المودة
يجب على الأبناء إظهار مودتهما وحبهما للوالدين، والابتسامة الدائمة عند لقائهما وعدم العبوس في وجههما؛ لأن إظهار المودة والحب والاحترام هو بر الوالدين، وخاصة عند تقدم الوالدين بالعمر؛ فهما يحتاجان إلى الشعور بالحب عن طريق العناق والتقبيل، ما يعطيهما الكثير من الامتنان والشكر والحب والاحترام، ولا بُدَّ من تكرار زيارة منزلهما كثيراً، ومساعدتهما على القيام بالأعمال المنزلية، كما يمكنكما التعبير عن الحب عن طريق طهي الطعام اللذيذ لهما، إذا كنتما تعرفان الوجبات الخفيفة المفضلة لديهما؛ فمن المؤكد أن والديكما سيقدران هذه المواقف كثيراً وسيشعران بالسعادة.
أرسل لهما الهدايا المميزة
الهدية تعبير عن الوفاء والحب والإخلاص للوالدين، بما ترمز إليه من نقاء ومحبة وحسن سريرة وترطيب العلاقات وحسن الأجواء، فيمكن إعطاء الوالدين بعض الهدايا المميزة، عن طريق معرفة ما يحتاجان إليه، وتدوينه حتى لا تتحيروا في البحث عن هدية مناسبة لهما، ويمكن إحضار الهدية لهما مغلفة بأوراق الهدايا الجميلة؛ حتى يشعرا بالبهجة والسعادة، بأن أبناءهم يتذكرونهم، فالنفس تسعد بالهدية مهما كانت قيمتها؛ فقيمتها المعنوية أغلى تأثيراً.
التسديد عنهم
الآباء طوال الحياة يقدمون كل شيء للأبناء، بالإضافة إلى المال، دون التفكير في حاجاتهم الخاصة، ويمكن سداد مبالغ من المال عنهم، إذَا لَمْ يكن لديهما مال، وإن لم يَتْرُكَا مَالَاً بعد الممات، وَكَانَ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ فَمِنَ البِرِّ وَالوَفَاءِ وَرَدِّ الإِحْسَانِ وَالجَمِيلِ وَالمَعْرُوفِ أَنْ يَـقْضِيَ الأَبْنَاءُ الدَّيْنَ عَنْهُمَا، إِذَا كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى ذَلِكَ، ويكون هذا الأمر شيئاً جيداً ولطيفاً في الوقت نفسه.
الانتباه للقول
إن الكلمة لها قوة كبيرة، ولهذا يجب الحرص عند التحدث مع الوالدين، بعدم التحدث بصوت مرتفع ونبرة غاضبة، وعدم مخاطبتهما بأسلوب غير لائق؛ فلا يجوز حتى إن رضيا بذلك، وتجب إعادة صياغة الكلام والتحدث بشكل واضح حتى لا يُساء فهمه.
احترام وجهة نظرهما
قد يكون لدى الوالدين بعض الآراء المختلفة في الأمور الحياتية، ولهذا يجب احترام قراراتهما مهما كانت، ويجب دعمهما طوال الوقت، ويجب مساعدتهما واحتوائهما؛ فالوالدان ينتظران حب الأبناء واحترامهما وتقديرهما، فيجب الحرص على إرضائهما حباً ومهابةً.
طاعتهما
الطاعة واجبة للوالدين، وهي أحد أهم أركان بر الوالدين، والطاعة تعني إظهار الحب والاحترام لهما، ومساعدتهما والإحسان إليهما، وفعل الخيرات لهما؛ فقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة، فهو فرض عظيم، على كل الأبناء بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال، والحديث معهما، لكن في غير معصية الله، ولا بُدَّ أن تكون طاعة برغبة وحيوية وإشفاق.
الجلوس معهما ومحادثتهما
ينبغي للأبناء الجلوس مع الوالدين ومؤانستهما وإدخال السرور إلى قلبيهما؛ لأن النظر إلى الوالدين عبادة، وهذه الأشياء تغيب عن ذهن كثير من الأبناء وعن واقعهم، فاستثمار مجلسهما هو من العمل الصالح العظيم، بل إن جلوسهما هذا ربما هو الأفضل، فلا شك أن مؤانسة الوالدين بالحديث وإدخال السرور عليهما وإظهار الاهتمام بكلامهما، قد قُرن بعبادة الله تبارك وتعالى، وكل هذا من الإحسان المتعارف عليه.
الدعاء لهما
الدعاء للوالدين هو من أساسيات بر الوالدين، وحسن صحبتهما؛ فمن حقوق الأبوين الدعاء لهما، فالدعاء عموماً من الولد الصالح لوالديه ينفعهما سواء في حضورهما أو غيابهما؛ فهو صورةٌ من صور صلة الرَّحم التي تُعَدُّ من أسباب سعة الرزق، لذا لا بُدَّ من أن يكثر الأبناء من ذلك، وهذا من رد الجميل على صنيعهما، وما قدماه من تضحيات عظيمة، بل لا بُدَّ من إسماعهما هذا الدعاء؛ لأنهما سيقابلان ذلك بدعوة أيضاً للأبناء.
أمرك لهما بالمعروف ونهيك عن المنكر
لقد أمرنا الله أن نحب لأرحامنا ما نحبه لأنفسنا، فإذا وجدنا بعض التقصير عند الوالدين؛ فلا بُدَّ أن نتوجه لهما بكل حسن وتهذيب واحترام كامل وكلمة طيبة وبطريقة لبقة جميلة، بتوضيح هذا التقصير وحرمته وأثره فيهما؛ فإن ذلك من الحفاظ عليهما وبرهما.
وإذا كنا نتحث عن بر الوالدين وأهميته؛ فهذه عقوبة دنيوية لشاب عاق لوالده حيث تم سجن صيني عامين كاملين لهجره والده العجوز.