الشخصيات الجريئة مقابل الحذرة: القرارات والمخاطرة في الحياة

كيف يمكن تحقيق التوازن بين الجرأة والحذر لتحقيق حياة مهنية متوازنة وناجحة؟
كيف يمكن تحقيق التوازن بين الجرأة والحذر لتحقيق حياة مهنية متوازنة وناجحة؟- المصدر: freepik by master1305

كيف تعرف: متى يجب عليك توخّي الحذر، ومتى تكون جريئاً في اتخاذ قرار العمل؟ لربما تعلم أنك يجب أن تخلُق توازناً بين الصفتين في شخصيتك. ولكن ماذا تفعل إن كنت تريد المُضي قُدماً، ولكن لا تريد الفشل؟ جوابي لك سيكون هو: "الفشل هو في الخوف".
ولكن ماذا يعني ذلك في الواقع؟ الأمر يتعلق بأكثر من مجرد التعلُّم من إخفاقاتك. يتعلق الأمر أيضاً بعدم الخوف من الفشل في المقام الأول. لكي تحصل على إخفاقات أو نجاحات، سوف تتعلم منها، عليك أن تكون جريئاً بما يكفي للمُضي قُدماً وتتحمل المخاطرة.
وبحسب موقع "crystalknows.com": إن المخاطرة هي جزء متأصّل من ممارسة الأعمال التجارية والحياة المعيشية. وفي كثير من الأحيان، ما يحدد نجاح شخصٍ ما في أيّ مسعًى، هو مدى نجاحه في الموازنة بين: الجرأة والحذر.. فكيف يمكنك تحقيق ذلك؟

تعريف الشخصيات الجريئة والحذرة وأهميتهما في اتخاذ القرارات والتعامل مع المخاطر


من السهل أن تفكر في طريقك للخروج من المخاطرة. فالمخاطرة تعني احتمالاً لحدوث خطأ ما، وكلما فكرت في احتمالات حدوث خطأ ما، أصبح من الصعب حشد الجرأة اللازمة لتحمُّل المخاطرة. فالأشخاص الجريئون تشتمل شخصياتهم على بعض الخصائص الفريدة عن غيرهم، كوجود أولويات واضحة في الحياة، والبقاء ثابتين على القيم، والظهور متعجرفاً في بعض الأحيان. ولديهم شعور قوي بالثقة بالنفس، والإيمان بأنفسهم وأفكارهم، والفخر بإنجازاتهم، والتعبير عن آرائهم، وامتلاك أنفسهم: عيوبهم وكذلك نجاحاتهم. وتُعرف الشخصيات الجريئة بوصفها: ميول الأفراد نحو الحزم الاجتماعي، الحصانة من التوتر، والمغامرة في الحياة والعمل.

تأثير نمط الشخصية على السلوك في مواجهة التحديات

المصدر: freepik by wayhomestudio
        ما هو تأثير نمط الشخصية على السلوك -المصدر: freepik by wayhomestudio

وسواء أكانت الجرأة سمة إيجابية أم سلبية في شخصيات بعض الأفراد؛ فإن الناس يحترمون إصرار الشخص الجريء. ويرى آخرون أن الجرأة سمة غير واقعية، وخارجة عن النطاق الصحيح لتطور الشخصيات، وقد تُوقع الكثير من الناس في المشاكل والمخاطر بالعمل أثناء اتخاذ القرارات السريعة والمهمة. ويتمثل ذلك من خلال الصفات الآتية:

  • الوضوح بشأن أولوياتهم

إن الكثير من الأشخاص الجريئين يعرفون ما يريدون ومتى يريدون ذلك. وينطبق هذا على الأشياء الكبيرة مثل: أهداف الحياة، وصولاً إلى شيء بسيط مثل: ما يريدون إكماله في العمل في يوم معين. وذلك لأن الجرأة غالباً ما تعني أنك لست خائفاً من تحديد الأهداف. وأنك أقل عُرضة للتنازل أو المراوغة؛ فأنت شخصية ثابتة في معتقداتك، وأكثر مناعة ضد المخاطر والتهديدات عن الآخرين؛ لذلك من غير المرجّح أن تقلق بشأن معرفة ما تريد والسعي لتحقيقه.

  • القيم لا تراجع عنها

مثلما يكون الأشخاص الجريئون ثابتين في أولوياتهم؛ فإنهم غالباً ما يكونون حازمين أيضاً في قيمهم. يميل الأشخاص الجريئون إلى أن يكونوا حازمين؛ لذا فهم أقل عُرضة للتنازل أو تغيير أفكارهم لإرضاء الآخرين في اتخاذ القرارات داخل العمل.

  • الشعور بالثقة عند اتخاذ القرار

عندما يتهم الناس شخصاً جريئاً بأنه متهوّر أو متعجرف؛ فعادةً ما يكون ذلك بسبب أنهم يخطئون في تقييم: أن تلك ثقة إيجابية في أنفسهم. فالثقة بالنفس عند اتخاذ القرارات، هي واحدة من أفضل السمات التي يمكن أن يتمتع بها الإنسان، ويمكن أن تساعد الشخص الجريء على أن يعيش الحياة التي يريد أن يعيشها بشكل حازم.

الشخصيات الجريئة: السمات والمميزات

لا تخشى الشخصيات الجريئة من إخبار العالم بما تشعر به تجاه شيء ما في الحياة والعمل، وفي حين أن الإفراط في الرأي يمكن تفسيره على أنه أمرٌ سيّئ في بعض الأحيان، إلا أنه يمكن أيضاً اعتباره ضرورة لإحداث تغيير في العالم. ومن أبرز السمات والمميزات التي يمكن أن نلخّصها عن الأشخاص الجريئين في العمل، تتمحور في الآتي:

  1. أن تكون على استعداد للذهاب، من دون الشعور بالخوف من التعبير عن ذلك.
  2. عدم الخوف من الفشل، وعدم الخوف من النجاح.
  3. لا تفكر أبداً في أنك لست جيداً بما فيه الكفاية، ولديك رغبة في خوض المزيد من التحديّات في العمل.
  4. الإيمان بقدراتك في الوظيفة، والقيام بالأشياء حتى ولو لم تفعلها من قبلُ.
  5. أن تكون ثابتاً في قيمك، ولديك اعتزاز بما تفعله.
  6. أن تكون صاحب إصرار وتصميم ولا تقلق بشأن ما يعتقده الآخرون عنك.

الشخصيات الحذرة: السمات والمميزات

يميل الشخص الحذر في مكان العمل، إلى الالتزام بالحلول التي أثبتت جدواها، والتي تم اختبارها عبْر الزمن. فالشخصيات الحذرة تميل إلى أن تكون أكثر تشككاً في القيام بالقرارات والأحكام داخل بيئة العمل، وتفضل أنواع الشخصيات الحذرة الحصولَ على الوقت لتقييم الأدلة وإجراء الأبحاث وإعطاء التغيير قدراً كبيراً من الاهتمام قبل اتخاذ القرار. وفيما يلي، بعض سمات الشخصية الحذرة، التي يمكن أن تظهر في مكان العمل:

  1. إنهم يميلون إلى اتباع ما يعرفون أنه ناجح بالفعل، ما لم يكن هناك سبب مقنع للتغيير.
  2. وقد يشعرون بالقلق من العمليات والأدوات الجديدة غير المثبَتة.
  3. وفي الحالات القصوى، قد تفوتهم فرص النموّ لصالح الوضع الراهن.
  4. ويمكن أن تكون أنواع الشخصيات الحذرة بمثابة أصول كبيرة لفريقك؛ خاصة إذا كانوا يتعاملون مع مهام مهمة أو حساسة.

لذلك تشتمل شخصياتهم على السمات الآتية في العمل، وأهم طرق التعامل معها:

  1. امنح الموظفين الحذرين مساحة للتعبير عن مخاوفهم بشأن العمليات الجديدة، لاسيّما وجهاً لوجه معك.
  2. تأكد من أن مخاوف الموظفين الحذرين لا تتغلب عليها حماسة الشخصيات المجازفة. إن عملية الأخذ والعطاء هذه ليست مهمة فقط للتأكد من أن الجميع يشعرون بالاستماع إليهم، ولكن أيضاً لاتخاذ أفضل القرارات الممكنة.
  3. لا تتعجل الناس الحذرين في مخاطر كبيرة. إذا كان هناك وقت للإبطاء والتحقق من الخيارات الأخرى. فاترك مجالاً لذلك.

المقارنة بين الشخصيات الجريئة والحذرة

ربما يتكوّن فريقك في العمل من أشخاص حذرين ومجازفين، وأولئك الذين يتواجدون في كل مكان بينهما. إن فهم مدى تحمُّل موظفيك للمخاطرة، يمكن أن يساعدك على الإدارة بشكل أكثر فعالية وتعيين موظفين أكثر ذكاءً. وفيما يلي مقارنة بين صفات الشخصيات الأكثر وضوحاً بين الأفراد:

  • الاعتراف بعيوبهم ونجاحاتهم: في حين أن الشخص الخجول قد يشعر بالخوف عند التحدث علناً عن عيوبه، أو يشعر بالخجل من التباهي بنجاحه؛ فإن الشخص الجريء يتمتع بالسمة المحظوظة المتمثلة في الحزم الاجتماعي.
  • الإيمان غير الواقعي بالنفس: في الواقع، قد تؤدي الجرأة إلى أهداف غير واقعية للغاية وإحساس بالذات. على سبيل المثال: قد يسعى الشخص الجريء إلى مشروع تجاري جديد، ينطوي على مخاطرة عالية ومن غير المرجّح أن ينجح؛ لذلك قد تكون الشخصيات الحذرة أكثر عقلانية في تقدير الأمور والمخاطر الكبيرة.
  • آراء قوية: من المحتمل أن الأشخاص الجريئين ليسوا أكثر عناداً عن الآخرين؛ فالأشخاص الحذرون متساوون في آرائهم مع الجريئين، ولديهم أيضاً مجموعات قيم راسخة. تنبع الطبيعة المتصوَّرة للأشخاص الجريئين، من حقيقة أنهم قد يكونون أكثر عُرضة للتعبير عن آرائهم بصوت عالٍ، بسبب قدرتهم العالية على تحمُّل المخاطرة والأحكام.

كيف يمكن للشخصيات الجريئة والحذرة تحقيق الأهداف

يعَد الأشخاص الجريئون طموحين عندما يتعلق الأمر بتحديد الأهداف وتحقيقها. حتى عندما تبدو أحلامهم بعيدة المنال؛ فإن ذلك لا يمنعهم من وضع الخطط وإعداد أنفسهم للقيام بتسلُّق طويل وشاق. وقد تكون الجرأة المحفوفة بالمخاطر غيرَ واقعية. ولكن، إذا كنت شخصاً يحب تحدي نفسه؛ فإن الجرأة يمكن أن تؤدي إلى إنجاز كبير وعظيم في النهاية. إن الأشخاص الجريئين ليسوا مجرد حالمين كبار. والأهم من ذلك أنهم أيضاً من رواد الأعمال. إنهم يتصرفون وفقاً لأهدافهم، ويحوّلون رؤيتهم إلى واقع. فأن تكون جريئاً، هو أن تعترف بشكوكك وتتعامل معها على أيّ حال. كما يقولون: إذا كانت أحلامك لا تخيفك؛ فهي ليست كبيرة بما فيه الكفاية!
كما وأن الشخصيات الحذرة تعَد حازمة عندما يتعلق الأمر بقيمها وتحقيق الأهداف؛ فالأشخاص الحذرون لا يعرفون كيف يقولون "لا" عند الضرورة، ويقاتلون بحذر من أجل الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لهم، لكن ضمن نطاق القدْر المعقول، وضمن حدود معينة لا يريدون تجاوزها أبداً. فالحذرون يتخذون القرار ببطء وبعد دراسة متأنّية للخيارات والتداعيات ويُصدرون الأحكام خلال العمل.

كيفية تأثير العوامل المتعددة على نمط الشخصية

وجدت إحدى الدراسات أن 20% إلى 60% من مزاجنا يتحدد بالوراثة؛ مما يؤثر بشكل مباشر على شخصية الشخص وسلوكياته. يمكن أن يؤثر امتلاك جينات معينة، بشكل كبير على التواصل الاجتماعي، والاستعداد للقلق أو الاكتئاب، وضبط النفس أو المجازفة والحذر، وغير ذلك الكثير. وتعَد أبرز العوامل التي يمكن أن تؤثر على نمط الشخصيات في الحياة والعمل، يمكن أن تتلخص أهمها بالآتي:

  • البيئة: تؤثر العوامل البيئية، مثل: التربية والثقافة والموقع الجغرافي وتجارب الحياة، بشكل كبير على شخصيتنا. على سبيل المثال: قد يتمتع الموظف الذي نشأ في بيئة متناغمة، بنظرة وتصرفات أكثر إيجابية أو هدوءاً وعقلانية وحذراً. في المقابل، قد يكون الشخص الذي ينشأ في أسرة مضطربة، أكثر ميلاً لتطوير العدوان أو غيرها من السمات السلبية.
  • الموقع الجغرافي: يؤثر الموقع الجغرافي بشكل مباشر على السلوك البشري. فمن خلال الاعتماد على موقعك، قد تتعرض لتجارب ومصاعب وثقافات مختلفة وغير ذلك الكثير، يمكن أن تؤثر على طبيعة تكوين شخصيتك، من بين: جريئة ومخاطرة في تحمُّلها للقرارات، أو محافظة وحذرة.

في الختام، يؤيد العديد من خبراء الأعمال، العقلانية. وينطلقون من مقولة: "لا مخاطرة ولا مكافأة". هناك الكثير من المقالات التي تدرّب الموظفين على تحمُّل المزيد من المخاطرة، من أجل التقدُّم في العمل. لكن هذا يتجاهل حقيقة: أن هناك الكثير من الأدوار التي قد تكون فيها الشخصية الحذرة أكثر ملاءمة للوظيفة.
لذلك، قد تحتاج معظم أماكن العمل إلى التوازن بين هذه الأنواع من الشخصيات؛ لتشجيع النموّ واتخاذ قرارات قوية معاً.

ما رأيك أن نتعرف على أنماط الشخصيات الأخرى كالشخصيات الإبداعية مقابل الشخصيات اللوجستية والشخصيات المتفائلة مقابل الشخصيات المتشائمة