حرف سعودية منوعة شاهدة على أصالة وعراقة تاريخ الممكلة

غرفة جذابة
تصميم شاهد على الأصالة السعودية (من أعمال المهندسة والمصمّمة بسمة كعكي)

على الرغم من التطور، الذي تشهده الممكلة العربية السعودية، في مجالات عدّة، لا سيما التصميم والديكور، لا تزال الحرف تحافظ على مكانتها، في المجتمع، خصوصاً أنها خير شاهد على أسلوب حياة شبه الجزيرة العربية سابقاً.

الفن هو تصميم قطع مُسلتهمة من التراث بمواد وطرق مُستحدثة

المصممة روزان نشار


الحرف السعودية منوعة؛ يوظف الكثير منها، مثل: السدو، والفضة، والنحاس، والقط العسيري، والفخار، والكروشيه، والسجاد اليدوي، والنحت على الخشب... في أعمال الديكور والتصميم الداخلي. في هذا الإطار، تتحدث المصممة السعودية روزان نشار لـ"سيدتي"، عن تجربتها مع الحرف السعودية، فتقول: "بدأت تجربتي منذ الصغر، حين كنت أزور الأماكن التراثية، رفقة والدتي، ما ولد لدي شغف بالتراث، وقطعه، وتفاصيله، فأصبح جزء من اهتماماتي". وتضيف: " كل حرفة عبارة عن توليفة إبداعية مُعبرة عن رحلة ذاتية يكسب منها الشخص مشاعر ولغة يجسدها في القطع التي يصممها".

إكسسوارات منزلية صنعت من مادة شبيهة بالرمل (من أعمال المصممة روزان نشار)


وعن طرق تحديث قطع الأثاث والإكسسوارات المستلهمة من التراث، حتى تُناسب المساحات المُعاصرة، توضح المصممة أن "التراث يُدمج بخامات حديثة، بصورة تُناسب فيها كل قطعة ، المساحة التي تحلّ فيها، والوقت الراهن". وتوسع فكرتها، قائلة: "عند الاشتغال على مجلس تراثي عصري، مثلاً، أرسم الخطوط العريضة للمساحة باستخدام خامة تراثية، ثمّ أكحّلها بأخرى مُستحدثة. فقد أخلط الحديد والقماش (أو السجاد) معاً، لغرض جعل النقوش التراثية في القماش أو ألوانها تبدو أكثر عصرية". وتتابع قائلة: "تعكس أعمالي عصري، إضافة إلى جذوري وتراثي، إذ أستوحي تصاميمي من التراث الأصيل، ثمّ أصبغها بصبغة عصرية. بذا، أحافظ على أصالة القطع التي أصمّمها، وأجعلها تتحدث لغة مختلفة، علماً أني أستخدم العمل اليدوي، ومواد، مثل: الأخشاب والأقمشة، والسجاد، والمعادن، والإكسسوارات، التي تُعرف بها بيئتنا السعودية".

بوفات مصنوعة من السجاد وخشب الماركتريه (من أعمال المصممة روزان نشار)


وعن الحرف السعودية، تقول المصممة: "يعدّ السدو من أنواع النسج التقليدي، ويتميز بألوانه الزاهية. القط العسيري، بدوره، فنّ ذو أشكال هندسية تحمل معاني محددة، وألواناً قوية، من دون الإغفال عن الفخار، والسجاد، والنحت على الخشب، والفضة، والنحاس... كلها حرف سعودية تقليدية، تحلّ راهناً، في المنازل، فتُمسي أيقونات تُضيء الأمكنة، الداخلية، والخارجية، التي تحلّ فيها". أرى أن "الفن يكمن في إعادة تصميم القطع التراثية بمواد وطرق مُستحدثة لتناسب العصر".

طاولات مصنوعة من الخشب والحديد والإكرلك (من أعمال المصممة روزان نشار)


وعن اهتمام جيل اليوم، بالحرف، تشرح المصممة: "هناك اهتمام كبير بالحرف، ملحوظ في فئة الشباب، إذ بات كل شخص يُعبر عن حبه لهويته الوطنية، من خلال حرفته التي تُمكنه من التحدث بلغة خاصة. إضافة إلى ذلك، تسليط الضوء على الحرف السعودية، وصانعيها، وجعلها جزءاً من أحداث اجتماعية، ووطنية، وفنية، يُعلي التقدير لها".

التعاون مع أطراف عدّة أساس لفهم المباني التراثية

المهندسة والمصمّمة بسمة كعكي


في حديث "سيدتي" إلى بسمة كعكي، مهندسة العمارة، والمصمّمة، وأحد مؤسسي "استديو باوند"، والتي تفضل توظيف حرفتي النجارة ونسج النخيل في أعمالها، تتحدث عن شروط دمج القديم بالحديث، فتقول: "يسمح لنا دورنا كمهندسين معماريين ومصممين بصياغة مناهج استباقية ومبتكرة في التصميم، فنحن نتحمل مسؤولية تجاه السياق والتاريخ. تتمثل الاستراتيجية، التي أتبعها وشركائي في "استديو باوند"، في ترقية المبنى التاريخي، بالتناسب مع وظيفته الجديدة، مع احترام الموقع، ومحيطه، والتوافق مع المبادئ العامة التي تحكم إعادة تطوير المباني المدرجة في قائمة اليونسكو". وتضيف "قراءة المكان، وتسجيل الملاحظات عليه، وفهمه، من أجل الحفاظ عليه، وجمع إرشادات تصميمية مدروسة هي أولى الخطوات لدمج الهندسة المعمارية الحالية بمهارة بالمساحات التاريخية، وتصميم مساحات تتناغم مع سياقها الحالي".

وحدة الرفوف (من أعمال المهندسة والمصمّمة بسمة كعكي)


وعن العلاقة بين التصميم، والعمارة، والحرف، تفسر أن "الهندسة المعمارية، والتصميم الداخلي، والفنون تتداخل، فبداية أي عمل تصميمي لا تكون واضحة أو ثابتة. وهناك تعاون مع أطراف عدّة، من معماريين، ومؤرخين، وحرفيين، ومطورين، ومهندسين إنشائيين، ومصممي الديكور الداخلي، في إطار العمل على مشاريع ذات أهمية تاريخية، وثقافية، من أجل التوصل إلى فهم للذاكرة، والمعنى، مع ترميم الأجزاء التاريخية المادية المتبقية، والبناء على الطموحات الخاصة بالمساحة الجديدة، وحماية قيم المكان والهوية". وتزيد "لإعادة التراث إلى الواجهة، في مثل هذه المشاريع، يتم التركيز على استخدام المواد، إضافة إلى التراث غير المادي المتمثل في الحرف، وتقنيات البناء. من المهم أن نلاحظ أن المباني التراثية في حالة "البلد" ليست قطعاً أثرية جامدة، بل تستمر في خدمة الغرض منها. وفي معظم الحالات، هذا الغرض هو جديد، ويساهم في البيئة المحيطة. ولذلك، هدف الفريق الأوسع هو الاستمرار في تطوير تاريخ المبنى المستمر، وهذا لا يتطلب دراسة التصميم الأصلي، وتاريخ بناء المبنى، ونسيجه، وأصول مواده، واستخداماته السابقة، ومستخدميه فحسب، بل يتطلب أيضاً التفاوض، وجلب البناء الأكثر تطوراً اليوم لإعادة إحياء المبنى ليصمد أمام الظروف الحالية".

مساحة تعرض الكتب (من أعمال المهندسة والمصمّمة بسمة كعكي)


وتتابع المهندسة حديثها، موضحة "أنه في مجال العمارة، وأعمال الترميم التراثية تتجسد الحرفية التقليدية في تقنيات البناء المعماري، وكذلك التفاصيل الصغيرة، والزخرفة، والقطع الفنية الرئيسة، مثلاً: النجارة حرفة بارزة في المباني التراثية في "البلد". يتم إنشاء العناصر المعمارية الرئيسة، مثل: الروشان أو النوافذ وترميمها من بناة محليين ذوي دراية ومهارة. كما تبرز النجارة أيضاً في العناصر الإنشائية للمبنى، إضافة إلى الجوانب الزخرفية. عند تصميم المساحة يكون فهمنا لهذه العناصر أمراً حيوياً، فبينما نأتي بالجديد علينا احترام، وإبراز جمال القديم من خلال التفاصيل ونقاط الاتصال، ولغة/ تقنية الترميم ومنهجية الترميم والصيانة.
تشمل الجوانب غير الملموسة والملموسة للحرف التراثية كلاً من توثيق الهياكل المادية، والتعبيرات الثقافية، وممارسة ونقل المعرفة، والمهارات الخاصة بأساليب البناء التقليدية. ويتم كل ذلك لتأمين مشروع ترميم ناجح يحترم الماضي ويخدم الحاضر".