مؤسّستا ريجو ستوديو: الرياض واسطنبول مهمتان في مشوارنا التصميمي

من اليمين: المعماريتان والمصممتان ريم عليان الرجودي وجمانة قاسم
من اليمين: ريم عليان الرجودي، وجمانة قاسم، معماريتان، ومُصمّمتا أثاث، ومؤسّستا "ريجو ستوديو"

ريم عليان الرجودي (31 عامًا)، وجمانة قاسم، (31 عامًا)، معماريتان، ومُصمّمتا أثاث من غزة، بفلسطين. هما درستا الهندسة المعمارية معاً في الجامعة الإسلامية، بغزة، ثمّ أسّستا "ريجو ستوديو"، الذي تتوزع أعماله بين مدينتي الرياض، واسطنبول. تصاميم الأثاث، التي تخرج من "الستوديو"، مُلوّنة، وغير مألوفة لناحية أشكالها، وهي "تخاطب" الذين ينظرون إليها، وتُحفّزهم على التفكير فيها، وقد ترجعهم إلى سنوات صغيرة من أعمارهم.
في حوار سيدتي، مع المُهندستين، والمُصمّمتين، الشابتين، الموهوبتين، تركيز على طابع شراكتهما، ومجموعاتهما من الأثاث، الذي تُحمّلانه قصصهما، ومشاعرهما.

تصميم قطع الأثاث

من مشروع 'تضاريس كياننا الحميمي" لريجو ستوديو

متى بدأ حب التصميم في حياة كل منكما؟ وكيف حققتما الشراكة؟

  • ريم: بدأ حبي للفنّ منذ الصغر. لذلك، وجدتُ في تخصّص التصميم، في ما بعد، مجالًا للإبداع، ولإطلاق مهاراتي الفنّية.

  • جمانة: خلال مراحل الدراسة الجامعية، تقربّت من التصميم، فتعلّقت به، وتطوّر ذلك بشكل أكبر أثناء دراسة مُقرّرات التصميم. التقينا في أولى سنوات الجامعة، وكنا نعمل معًا في مشاريع التصميم، ما أنشأ جوًّا من التعاون، والانسجام في الأفكار. بعد التخرّج، عادت ريم إلى الرياض. وبعد أشهر عدة من عمل كل منا في وظائف منفصلة، قرّرنا التعاون مجدّدًا على تصميم قطع أثاث تُمثّل هويتنا الشرقية. هكذا، أسّسنا "ريجو ستوديو" بدايةً من الرياض وغزة، ثمّ لاحقاً أصبحت أعمال الستوديو تتوزّع بين الرياض واسطنبول.

ماذا تعني مدينتا الرياض واسطنبول لكما؟

  • جمانة: الرياض، هي مكان ولادة ريم، ونشأتها، وهناك تأسّس "ريجو ستوديو". لطالما كانت العاصمة السعودية، مصدرًا للإلهام، والانطلاقة لتنفيذ قطع الأثاث. بدوري، مع انتقالي من غزة إلى اسطنبول، انتقل معي جزء كبير من عملية تنفيذ قطع الأثاث إلى هناك، لسهولة عملية الشحن إلى أوروبا، وأمريكا، من خلال اسطنبول، ولسهولة اللقاء، والعمل كفريق. العاصمتان مهمتان، في مشوار ريجو ستوديو، المهني.

تصميم السجاد

في أحد مشاريعكما، تعاونتما مع DESIGNEAST x Jaipur Rugs 2024؛ ماذا عن تفاصيل هذا التعاون، ونتائجه، والاستلهام من هويتكما الفلسطينية في تصميم السجاد؟

  • ريم: جاء التعاون خلال الحرب الأخيرة، لذلك حرصنا على أن نُصمّم سجادة منبعها هويتنا، ومن نحن كفلسطينتين؟ سمينا السجادة Unknotting the past, dreaming of Home. تتمثّل الفكرة، في نسج السجادة من طيّات، وطبقات، وذلك للدلالة على أحلامنا، ومتاعبنا، المُكدّسة فوق بعضها البعض. تهمس كل عقدة، في السجادة، فلسطين. بمعنى آخر، تشبه الخيوط المعقدة، في السجادة، القصص، كأنها تربط بين طبقات حياتنا، وتنسج نسيجًا عابرًا للأجيال؛ من حكايات الأجداد الخافتة، التي تنتقل مثل الإرث، إلى همساتنا التي تتردّد عبر الزمن، تهمس كل طبقة بالمقاومة، وتشكل هويتنا، فكل طية تحكي حكاية مر بها أجدادنا، ومن بعدها نحن. هذه الطيات هي ذاتها، متدرجة في ثوب أمي، ومربوطة بعقدة تزين عنقها. أشعر بما تخفيه هذه الثنيات من قصص ورثناها عن أجدادنا، وكأنها تحفظ تحتها ما عشناه كفلسطينيين عبر التاريخ. حاولنا عكس هذه الرؤية في القطعة. شمل هذا التعاون أيضاً رحلة إلى قرية في جايبور، حيث كنا بالقرب من النساء اللاتي قمن بالحياكة. وكانت تجربة شاملة، ومثرية قامت عليها مؤسسة DESIGNEAST، برعاية Rue Kothari، بالتعاون مع Jaipur Rugs.

كيف تنظران إلى تصميم الأثاث، في الوقت الراهن، ولا سيما في المنطقة العربية؟

  • ريم: تصميم الأثاث في العالم مُهمّ للغاية، وفعّال، في عميلة تصميم المنازل السكنية، والمباني التجارية. لكن، وللأسف، تصميم الأثاث في الوطن العربي، كان ولا يزال محدودًا جدًّا، و معتمدًا بصورة كلّية على قطع مستوردة، أو مُصنّعة محليًّا بمحاكاة للأفكار العالمية. لذلك، نحاول أن نجعل عملية تصميم الأثاث أصيلة، ولا تخلو من فنية، ونابعة من ثقافتنا، وباستخدام المواد المحلية المتاحة، وذلك لنثبت هويتنا وتواجدنا في الساحة العالمية.

أشكال الصوفا

صوفا من ريجو ستوديو مسماة Hug، في مشروع سكني

من بين تصاميم "ريجو ستوديو"، لفتتني أشكال الصوفا غير التقليديّة، كما ألوانها، وحتى أسمائها: هل يمكن الحديث عن كل منها، لناحية المواد والألوان والاستلهامات؟

  • جمانة: Hug Sofa هي الصوفا الأشهر بين مجموعاتنا، والأكثر طلباً؛ صمّمناها في فترة الحجر الصحي، حينما تغيّرت حياتنا تمامًا بسبب الوباء، ومررنا بوقت عصيب جعلنا ندرك الكثير من الأشياء. الأريكة، هي قطعة في سلسلة "تضاريس كياننا الحميمي"، والأخيرة تقوم على تصميم منازل عدة تعبر عن شخصيّات مُلّاكها، وعن حاجتنا لشيء يحمل المكان ويحتضننا، ويحمل كتبنا... لشيء قوي بما يكفي لتمثيل كل ما مررنا به. لذلك، أخذنا كرسي Hug، وحولناه إلى أريكة طويلة بذراعين ممتدين من الجانبين، واستخدمنا النسيج المخمل في التنجيد، علمًا أن المخمل هو القماش الذي عهدناه في منازلنا منذ الصغر.
    زوجان من كراسي Hug، في مشروع سكني
    استغرق الأمر الكثير من الوقت حتى تصل الأريكة إلى شكلها النهائي. وأثناء ذلك، كان هناك تأمّل في كل المشاعر الجديدة، التي اكتشفناها في أنفسنا، خلال ذلك الوقت.

الدهشة والألفة

مكتبة من مجموعة Hug، ومصباح أرضي مستدير، في مشروع سكني

ماذا عن المقاعد، والكراسي، والمكتبات، والطاولات من تصميمكما؛ يبدو لي كأن بعضها يشبه ألعاب الأطفال؟

  • ريم: نجد أن الـكراسي من أكثر قطع الأثاث تحدّياً عند التصميم، وذلك لأننا نسعى إلى أن نخلق أشكالًا جديدةً تُشعر الذي يراها بالدهشة، والألفة، في آن واحد. يُشبه الأمر إيقاظ إحساس الطفل في داخل الناظر إلى هذه القطع. أما عن المكتبات، فالجدير بالذكر أننا نحب الكتبّ، وقراءتها. لذلك، عند الاشتغال على أي فراغ داخلي، نُصمّم مكتبة للمكان، أو اثنتين، أو حتّى أكثر، تلقائيًّا، مع التلاعب بالأشكال، والخطوط المعهودة، ليراها الناس بطريقة جديدة، وحيوية، ومُلوّنة، فاللون عنصر مهم في عمليتنا التصميمية، لأننا أتينا من خلفية عربية. فقد كانت بيوتنا غنية بـالألوان، والأشكال. ونحرص على أن تكون الفراغات التي نصمّمها محمّلة بهذه الروحية.

أدوات منزلية مستلهمة من السعودية

أدوات منزلية من ريجو ستوديو مستلهمة من البيئة السعودية

في مجموعة الأدوات المنزلية، هناك استلهامات كثيرة من البيئة السعودية. ماذا عنها؟

  • ريم: أطلقنا أوّل مجموعة في عام 2022 خلال أسبوع مسك للفنون، وكان الهدف منها هو خلق حوار مع المجتمع السعودي المحلّي، من خلال عكس ثقافته، ومحيطه، على منتجات تُمثّلنا. جاء الإلهام الرئيسي من مزارع، وواحات النخيل، في الرياض، التي كانت ماثلة في ذاكرتي، منذ الطفولة. لذلك، يُلاحظ انعكاس خطوط النخيل، وتشابك السعف، في تشكيل لوحة متجانسة من الظلال. وهناك الكثير من المثلّثات في التصميم، وكلها عناصر معمارية أراها يوميًّا في الرياض، وسبق أن تشكلت في ذاكرتي البصرية. بالعودة إلى النخيل، كان التركيز على الأشجار المثمرة، مع لمسة خيالية ساحرة، لإضفاء القليل من المرح على القطع، التي زيّناها بألوان زاهية.

من هم المهتمون بتصاميم ريجو ستوديو؟

  • جمانة: تحمل غالبية مقتني قطع الأثاث، الذي نصمّمه، جنسيّات أمريكيّة، وأوروبيّة، وصينية، وأُسترالية، مع الإشارة إلى أن بعض العملاء هم مكاتب تصميم داخلي، والبعض الآخر عملاء من الأفراد. لناحية الأدوات المنزلية المذكورة آنفًا، هي مُصمّمة للجمهور المحلّي. وعلى الرغم من ذلك، كان هناك الكثير من الطلب عليها من أمريكا، حيث سيقام معرض لقطعنا في بداية 2025.

أفضل مصممتين ناشئتين

ماذا يعني لكما تصنيف DWELL (مجلة متخصصة في المنزل والتصميم)، كموهبتين شابتين، في عالم التصميم؟ وما هي تطلعاتكما؟

  • جمانة: لقد جاء هذا التصنيف في توقيت مهم لنا كفلسطينيتين تعيشان وقتًا عصيبًا؛ فهذا التكريم كأفضل مُصمّمتين ناشئتين يُحفّزنا على الاستمرار لتقديم المزيد، وعلى المضي قدمًا في فعل ما نحبّ. نأمل أن يُساهم التصنيف في تسليط الضوء على ثقافتنا، من خلال عالم الأثاث.

ماذا عن المشروع أو المشاريع، التي تعملان عليها، في الربع الأخير من العام الجاري (2024)؟

  • ريم: نعمل في الوقت الراهن، على مجموعة من المزهريات، والأوعية والأطباق، التي من المُقرّر إطلاقها في معرض في واشنطن، وذلك في أوائل عام 2025. ونستعدّ لإطلاق قطع حصرية من الأدوات المنزلية، في البينالي الإسلامي لعام 2025.