لمى الشثري: الثبات على القيم يُحفِّز الأجيال على حمل شعلة العطاء والمضي بها نحو المستقبل

لمى بنت ابراهيم الشثري 
لمى بنت ابراهيم الشثري 

لفتني بيتُ شعرٍ للمفكِّر والشاعرِ أبي العلاء المعري، يقولُ فيه: "الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ .. بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خدم".
هذا دأبُ أصحابِ الرؤى ممَّن لديهم ضمائرُ حيَّةٌ، إذ يعملون لخدمةِ مجتمعاتهم، فيحرثون اليومَ من أجل حصادٍ وافرٍ في غدٍ بعيدٍ، ويتجلَّى لديهم عطاءٌ لا محدودٌ، وشعورٌ عميقٌ بالمسؤوليَّة تجاه الأجيالِ القادمة. وفي المملكةِ العربيَّة السعوديَّة، لنا في لقبِ خادمِ الحرمين الشريفين أسوةٌ حسنةٌ حيث يحمله الملكُ سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، ومن قبله حكَّامُ البلادِ، رحمهم الله.
وبمناسبةِ اليومِ العالمي للمعلِّمِ، وتقديراً لدوره العظيمِ في خدمةِ التعليمِ، ونثرِ بذورِ المعرفة، تجدون على غلافِ المجلَّةِ الشيخةَ بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسةَ الجامعةِ الأمريكيَّة في الشارقة، ورئيسةَ مجلسِ الشارقةِ لريادة الأعمال، والرئيسةَ السابقةَ للاتحاد الدولي للناشرين. تمثِّلُ الشيخةُ نموذجاً رائعاً في حملِ ريادةِ المسؤوليَّة المجتمعيَّة، وقد أسهمَ شغفُ والدها بالتعليمِ في رسمِ مسارها المهني، وحرصها تالياً على دفعِ دفَّةِ التغييرِ الهادف.
حدَّثتنا عن حلمِها الكبيرِ بأن يحصل كلُّ طفلٍ على تعليمٍ عالي الجودة، يُمكِّنه من تفعيلِ كاملِ إمكاناته، وبناءِ مجتمعاتٍ، تتيحُ فرصاً متساويةً للجميع، وألهمتنا الشيخةُ بدورُ بنهجها لمواجهةِ التحدِّياتِ قائلةً: "في لحظاتٍ كثيرةٍ خلال مسيرتي، شعرتُ بأن الطريقَ أمامي أصبح صعباً وشاقاً، لكنْ من خلال التمسُّكِ بهدفي، والمثابرةِ لتحقيقه، اكتشفتُ بأنني أمتلكُ قوَّةً كامنةً، لم أتوقَّعها. نجاحنا مرهونٌ بتوافقِ نيَّاتنا مع أفعالنا".


أعددنا أيضاً ملفاً عن معهدِ العالمِ العربي في فرنسا الذي يُعدُّ فكرةً مشتركةً ما بين الملكِ خالد بن عبدالعزيز، رحمه الله، والرئيسِ الفرنسي الراحل جيسكار ديستان، لتصبحَ هذه "البذرةُ" أداةً للتعريفِ بالثقافةِ العربيَّة، وتُزهرَ على شكلِ مشروعٍ رائدٍ في عهد الرئيسِ الراحل فرانسوا ميتران. وقد تأسَّس المعهدُ عام 1980، وتولَّى جاك لانج، وزيرُ الثقافةِ آنذاك، ورئيسُ المعهدِ حالياً، مهمَّةَ اختيارِ موقعه في قلبِ باريس الحضاري والتاريخي.
ويتضمَّن الملفُّ كذلك لقاءً مع المهندسةِ عزيزة الشاوني، ابنةِ فاس العريقة، التي تُعدُّ أوَّلَ مغربيَّةٍ تحصلُ على شهادةِ الدراساتِ العليا من قسمِ الهندسةِ المعماريَّة في جامعةِ هارفرد، وتعملُ حالياً أستاذةً مشارِكةً في جامعة تورنتو. حصدت المهندسةُ الموهوبةُ جائزةَ معهدِ العالمِ العربي للعامِ الجاري عن نموذجها الأوَّلي لـ "منزلٍ مستدامٍ مضادٍ للزلازل"، فأهدت الجائزةَ لكلِّ ضحايا زلزال 8 سبتمبر 2023.


وفي صفحاتِ العددِ، نقدِّمُ تقريراً عن معرضِ الرياض الدولي للكتاب، أحدِ أكبرِ المحافلِ الثقافيَّةِ في الشرقِ الأوسطِ والعالم. الحدثُ، حملَ عنوانَ "الرياض تقرأ"، وجمعَ تحت سقفه أكثر من 2000 دارِ نشرٍ محليَّةٍ وإقليميَّةٍ وعالميَّةٍ.
في الختامِ، يُحفِّزُ الثباتُ على القيمِ والمبادئ في خدمةِ الأهدافِ النبيلةِ الأجيالَ على حملِ شعلةِ العطاءِ، والمضي بها نحو المستقبل.