البشر كائنات اجتماعية تعيش ضمن مجتمعات تتأثر فيها الحياة الاجتماعية بالبيئة وما نرثه أو ينتقل إلينا، ويحدث التلاقي والتجاذب والتنافر ما بين البشر وفق العديد من السياقات والعلاقات التي تحكمهم، وعلى رأسها العلاقة الزوجية، والبشر عادة ما يحتاجون إلى العيش معاً بطريقة صحية لتلبية احتياجاتهم وتحقيق أهدافهم، وفي الوقت الحاضر، وفي ظل ما نحيا فيه ويحيط بنا من تكنولوجيا وماديات من الشائع جداً أن يجد الزوجان نفسيهما في سياقات مختلفة تؤثر فيهما وتدخلهما بالعديد من الصراعات والتحديات؛ ما قد يضعهما تحت مستويات عالية من التوتر، فكيف يمكن للأزواج التغلب على تأثيرات التوتر الخارجي؟ تابعي السياق التالي لتعرفي.
التوتر هو سمة العصر ويؤثر في الزوجين
تقول خبيرة العلاقات الأسرية حنان قنديل لـ"سيدتي": التوتر هو سمة العصر، وغالباً ما يحدث عندما يكون هناك خلل بين المتطلبات البيئية أو البيولوجية أو النفسية وقدرتنا على الاستجابة لها، وعندما يتعرض الزوجان لأي نوع من الضغوط الخارجية سواء أكانت مادية أو معنوية أو حتى اجتماعية؛ ما قد يزيد مستويات التوتر بينهما ويتعكر صفو العلاقة فيما بين الزوجين، ومن ثَم قد يحدث الخلاف بينهما ويتفاقم لأقل الأسباب، وهو الأمر الذي يهدد السلامة والأمن والاستقرار العائلي، وقد يحاول كل طرف التخلص من هذا التوتر الذي يقض مضجعه سريعاً، فيلقيه على شريكه، أو على الآخرين أو على الظروف، وقد يكون المكان الذي يلقي فيه بقلقه أو الشخص الذي يلقيه عليه معرض لعواقب سلبية طويلة الأمد.
توضح حنان: إذا كان أحد الطرفين يحاول لملمة شتات نفسه تحت وطاة المشاكل والتوتر الذي أثر في العلاقة الجميلة بينه وبين شريك حياته، أو إذا كان أحد الطرفين يشعر بثقل العالم على أكتافه بسبب صمته وخيالاته أو تعرضه لمواقف معينة دفعته لهذا الشعور، فترك هذا الأمر قد يفاقم الخلاف في حين أن أبسط علاج للأمر هو إجراء محادثة تقلل من التوتر، وتجعلك تعتمد على زوجتك "أو زوجك" خلال وقت حاجتك بدلاً من إخراج التوتر عليها "أو عليه".
وفق هذا السياق، تؤكد حنان أهمية أن يتواصل الزوجان بانتظام بشأن المخاوف والهموم والإحباطات الفردية كوسيلة للتنفيس والحصول على دعم كل منهما للآخر، حيث تتيح المحادثة التي تخفف التوتر الفرصة للتخلص من الانزعاجات التي تحيط بنا طوال اليوم وتساعد في توفير فرصة لسماع كلمات التشجيع من أحبائنا عندما نحتاج إليها أكثر من أي وقت مضى.
تقول حنان: سواء اعترفت بذلك أو لا، وسواء سمعت ذلك بصوت عالٍ أو كنت تشعر فقط بأن شريكك يدعمك عندما تواجه صعوبات؛ فإن هذا الشعور يقطع شوطاً طويلاً في إذابة مشاكل اليوم وملء قلبك بالدفء.
أسباب التوتر الخارجي لدى الزوجين
- التوتر قد يكون بسبب سياقات العمل والدخول في تحديات تفرض نفسها على أحد الزوجين.
- تدخُّل أسرة كل من الزوجين في حياتهما الخاصة ومحاولة فرض رأي الحماة في الحياة الخاصة للزوجين.
- عدم مواجهة المشكلات والتسويف دائماً وتأجيل المواجهة.
- ترك كثير من القضايا معلقة فتجد كل شخص يحمل في ذهنه وطيات نفسه كماً هائلاً من الرواسب والمواقف السلبية القديمة.
- التعجل في الرد وعدم دراسة ردود أفعال الطرف الآخر قد يزيد من التوتر.
- التقليد واستنساخ تجارب الآخرين، ومحاولة إسباغ هذه التجارب على الحياة الزوجية المشتركة.
- المقارنة بين أي طرف في العلاقة وشخص آخر سواء صديق أو قريب أو جار يكرس للتوتر ويفضي للغضب.
ونحو المزيد قد ترغبين في التعرف إلى: عوامل تسبب التوتر والانفصال في العلاقات العاطفية
نصائح حول كيفية تخفيف التوتر
- ادعم شريكك دائماً، ولا تنحاز أبداً إلى الآخر على حسابه، أو تقف في الصفوف الأخرى لتجد للآخرين أسباباً لصدامهم أو مضايقتهم شريكك.
- لا تقدم نصيحة غير مرغوب فيها. يجب أن يسبق الفهم النصيحة. اطرح الأسئلة واطلب الفهم واعرض النصيحة قبل التطوع بها. مثلاً أخبره: "قد أكون قادراً على مساعدتك في هذا الأمر إذا كنت ترغب في أن نحل المشكلة معاً"، ولا تتطوع بإعطائه النصيحة المسبقة من دون التعرف إلى الأسباب والتداعيات التي أدت لحدوث الخطأ، كذلك لا تحاول أن تتفه من الأمر وتنصحه بتجاوز الموقف والابتعاد لمجرد أن تريح عقلك وضميرك من مشاركته ما يقلقه ويثير توتره؛ فالطرف الآخر قد يكون في حاجة لأذن صاغية وعقل هادئ ومشاعر حنونة لتجاوز الموقف.
- لا تلقي اللوم عليه مهما كانت التداعيات، واكبح جماح مشاعرك العاصفة مهما كانت الأخطاء فمجرد إلقاء اللوم عليه ينقل غضبك ويجعلك تصب توترك في جعبته، وهذا الأمر لا يحتاجه فهو يريد أن يشاركك مشاعره ويفرغ قلقه وتوتره لديك، ولذلك حاول دائماً أن تتعامل مع الأمر كفريق واحد.
- لا تفترض أن شكاوى شريكك هي شكاوى موجهة إليك أيضاً. قد يكون زوجك محبطاً، ولكن قد يكون الأمر متعلقاً بشيء لا علاقة له بالعلاقة.
- تعامل بالتعاطف دائماًمع شريكك؛ فوضع نفسك في مكانه والقدرة على استخدام الكلمات والعبارات للتعبير عن فهمك لما يمر به أمر ضروري ليقلل من شعوره بالتوتر والقلق.
ويمكنك التعرف إلى: دور التفاهم والصبر في تجاوز التحديات الزوجية اليومية