قد يكون وصول أخ أو أخت جديدين أمراً مزعجاً بالنسبة للطفل الصغير، فبعد كل شيء، اعتاد على الحصول على اهتمامك الكامل. وقد تجدين أن طفلك الصغير ليس سعيداً ومتحمساً لطفلتك الجديدة كما أنت. يجد البعض صعوبة في التكيف، بينما يتقبل الآخرون وصول المولود الجديد بسهولة. إليك كيفية التعامل مع الغيرة بين الأشقاء، كما يضعها لك الأطباء والمتخصصون.
ما هو التنافس بين الأطفال والأشقاء تحديداً؟
يصف مصطلح التنافس بين الأشقاء المنافسة والعداوة الحتمية التي تحدث بين الأشقاء. ويحدث هذا النوع من العلاقات غالباً بين الأشقاء المتقاربين في السن، ولكنه قد يحدث أيضاً عندما تكون هناك فجوات عمرية أكبر، وكذلك بين الأطفال الذين لا تربطهم صلة قرابة. وبدلاً من النزاع لمرة واحدة حول من يحصل على درجات أفضل أو تلك القطعة الأخيرة المرغوبة بشدة من حلوى العيد، يميل التنافس بين الأشقاء إلى الاشتعال كثيراً وبشكل مستمر، وفي بعض الأحيان من دون أي قاسم مشترك معروف.
إن العلاقة مع الأشقاء هي واحدة من أقدم العلاقات التي يطورها الناس وأطولها أمداً، فالأشقاء هم أول مجموعة من الأقران بالنسبة للطفل، حيث يتعلمون المهارات الاجتماعية الأساسية مثل كيفية المشاركة وكيفية إدارة الصراع وكيفية التواصل.
العامل النفسي وراء التنافس بين الأشقاء
الخطوة الأولى في إدارة الخلافات العائلية، هي فهم أسبابها المحتملة. ربما لا يتشاجر أطفالك لمجرد أن إحدى الألعاب أفضل، أو قطعة كعكة أكبر. بدلاً من ذلك، تنشأ غالبية الخلافات بسبب أسباب أساسية تتعلق بترتيب الميلاد وديناميكيات الأسرة.
بالنسبة للأطفال البكر، يأتي أكبر مصدر للراحة والأمان والإعجاب من والديهم. ولكن عندما يقدمون شقيقاً آخر، يشعرون فجأة أنهم بحاجة إلى التنافس على اهتمامك. قد يكون هذا صحيحاً حتى لو لم تقومي بأي تغييرات مقصودة؛ لأن الشقيق قد يرى أدنى اختلافات في كيفية حديثك وتفاعلك وردود أفعالك مع شقيقه كتهديدات محتملة لراحته ورفاهته.
إن الشعور بالمنافسة هو أساس التنافس بين الأشقاء. ليست كل المنافسة سلبية، فهي قد تجعلك تعملين بجدية أكبر. ولكن في ديناميكيات الأشقاء، قد تصبح المنافسة سامة ومدمرة؛ عندما يتم تجاوزها أو تعزيزها من قبل الوالدين.
إن الاختلافات في مراحل النمو والرغبات المتنافسة في جذب انتباهك قد تؤدي إلى لحظات من الغيرة أو سوء الفهم. عندما يكون أطفالك صغاراً، فإن معظم أسباب التنافس بين الأشقاء، مثل فارق السن أو المزاج، من المستحيل تغييرها. وهذا يجعل التنافس بين الأشقاء، للأسف، حقيقة لا مفر منها.
ولكن إذا بذلت جهداً مقصوداً لتعزيز التعاون، والحد من المحسوبية، وتوجيه الانتباه إلى المشاكل عند ظهورها، فإنك بذلك تساعدين في تقليل الآثار الطويلة الأجل للتنافس وتكرار حدوث هذه المشاكل.
إن الأمل لم يُفقَد بعد. فليس هناك من سبيل لوقف المشاحنات إلى الأبد، ولكن هناك العديد من الطرق لتقليل الصراع وتعظيم الحلول المثمرة.
التنافس بين الأشقاء المراهقين
يمكن أن تؤثر المنافسة أيضاً على أطفالك مع تقدمهم في السن؛ إذا أصبح لديهم شعور ضعيف بتقدير الذات ويواجهون صعوبة في الحفاظ على الصداقات. في حالات كبار السن، يمكن أن يساعد العلاج السلوكي وتحديد إستراتيجيات آليات التكيف المفيدة في معالجة العدوان والصراع الذي قد ينشأ عن العلاقات المتوترة.
في بعض الأحيان، قد يتطور لدى البالغين أيضاً التنافس بين الأشقاء في وقت لاحق من حياتهم، حتى لو لم تكن لديهم مثل هذه العلاقة في وقت سابق من طفولتهم. وعندما يحدث هذا، فغالباً ما يكون نتيجة لعدم القدرة على إدارة الصراع بطريقة استباقية أو بسبب حالات الصحة العقلية الأساسية، مثل القلق أو الاكتئاب أو التوتر.
إن التنافس الطويل الأمد بين الأشقاء قد يؤثر عليك عاطفياً ويحول العطلات والتجمعات العائلية إلى مناسبات حزينة ومخيفة، يمكن للمعالج أن يساعدك في تحديد كيفية التعامل مع هذه العلاقة المستمرة، والمساعدة في تحديد الحدود وأساليب التواصل، وكيفية ترك الأمور تسير كما هي، إليك الخطوات الآتية، التي تسمح لك بضبط مفاتيح الأمور:
1. أشركي طفلك الصغير في متطلبات المولود
يمكنك أن تطلبي من طفلك الصغير أن يمرر لك زجاجة الرضاعة. ويمكنك أن تري ما إذا كان سيمسك بقطعة القطن، بينما تقومين بتغيير حفاضات أخيه أو أخته الصغيرين. ويمكنك حتى أن تحاولي إقناعه بتسلية أخيه أو أخته بالأغاني في المقعد الخلفي إذا كان منزعجاً في مقعد السيارة.
سيحب طفلك الصغير أداء المهام وسيشعر بأنه جزء من الأشياء بشكل أكبر. ستحتاجين إلى توجيهه لأن تفسير الطفل للموقف قد يكون غير دقيق، ويجب أن تكوني على دراية بعدم توقع الكثير منه.
2. ضعي طفلك الصغير في المقام الأول في بعض الأحيان
بغض النظر عن مدى اهتمامك في العادة بطفلك حديث الولادة أولاً، فإن وضع طفلك الثاني في المرتبة الأولى لعدة مرات قد يخفف من عبء الموقف.
حاولي "إخبار" الطفل بأنه سيضطر إلى الانتظار حتى يتم تغيير حفاضه، بينما تقومين بإحضار وجبة خفيفة لأخيه الأكبر. يمكنك وضع الطفل على حصيرة اللعب بينما تلعبين لعبة بيت الدمية مع أخيه أو أخته الأكبر. أي شيء يظهر له أنه الآن، وفي هذه اللحظة، هو رقم واحد.
3. اعترفي بوجهة نظره
إن التواجد معاً في نفس الموقف مع الاعتراف بآرائهم من حين لآخر قد يحدث فرقاً كبيراً، فالاعتراف بآراء مثل "نعم، الأطفال يبكون كثيراً، أليس كذلك؟" أو "أراهن أنك تتمنى أحياناً أن نتمكن من الخروج بمفردنا"؛ سيجعلهم يدركون أنك تفهمينهم.
إن الآباء الذين يطورون التواصل المفتوح والتشاركي مع أطفالهم يساعدون أطفالهم على إدارة التوتر بشكل جيد، وهذا يساعدهم على تطوير المرونة.
4. كوني مستعدة لمنع الأطفال الصغار لأي اعتداء على إخوتهم
قد يرمي الأطفال الصغار لعبة على إخوتهم أو يقرصونهم أو يضربونهم. ومن المرجح أن تصرخي عليهم فقط، وهذا ما كان هدفهم، هو سماع صراخك، بدلاً من ذلك، ركزي انتباهك على التأكد من أن الطفل بخير، ولا تعطي انتباهاً للطفل الكبير، عندها سيعرف أن ما فعله هو مضيعة للوقت.
إن التربية الإيجابية والعلاقات الجيدة داخل الأسرة تقلل من مستويات العدوان. ومع ذلك، فإن التربية القاسية ترتبط بمستويات متزايدة من العدوان. يمكنك محاولة تشجيع طفلك الأكبر على التحدث عن أي غضب أو غيرة يشعر بها تجاه شقيقه الأصغر. هذه مشاعر طبيعية، ومن الأفضل له أن يتحدث عنها بدلاً من كبت هذه المشاعر.
5. لا تقارني طفلك الصغير بطفلك حديث الولادة
إن سؤال طفلك الأكبر لماذا لا يستطيع أن يكون مثل أخيه أو أخته الأصغر سناً ليس ضرورياً ولا مفيداً. لا تستسلمي لما تقولين، حتى عندما تكونين متعبة ومتوترة.
6. كوني منتبهة للأطفال الصغار لبعض الوقت عندما يكون لديك مولود جديد
على الرغم من أنه سيكون من الرائع أن تتمكني من ترك أطفالك بمفردهم معاً وأنت تعلمين أنهم سيكونون بخير، إلا أن هذا هو العالم الحقيقي. لفترة من الوقت، سيتعين عليك أن تكوني قريبة من طفلك الأكبر سناً؛ لتعرفي أن طفلك لن يؤذيه - حتى عن طريق الخطأ - عندما لا تكونين موجودة لمراقبته.
الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات هم الأكثر عرضة لحوادث في المنزل. تحدث العديد من الحوادث بسبب اللعب العنيف، بما في ذلك الدفع والمصارعة.
من الأشياء الأخرى التي يجب توخي الحذر بشأنها هي الأشياء الثقيلة، مثل الأثاث وأجهزة التلفاز، التي يتم دفعها أو سحبها فوق الأطفال الصغار. قد يرى الأطفال مجموعات الأدراج كإطارات تسلق مثالية، ولكن يمكن سحبها بسهولة إذا لم يتم تأمينها. يمكن للأطفال أيضاً ابتلاع أو استنشاق أو الاختناق بأشياء مثل الألعاب الصغيرة والفول السوداني والكرات الزجاجية.
إذا طلب طفلك الصغير أن يحمل شقيقه الجديد، أجلسيه على الأرض على سطح ناعم وساعديه على دعم الطفل.
7. احصلي على المساعدة حتى تتمكني من قضاء بعض الوقت بمفردك مع طفلك الأكبر
لا شيء يمكن أن يجعل طفلك الأكبر يشعر بتحسن بشأن مشاعره تجاه أخيه أكثر من قضاء الوقت معك وحدك. إذا كنت ترضعين طفلك رضاعة طبيعية ولا تستطيعين تركه لفترة طويلة، فإن مجرد رحلة سريعة إلى الحديقة يمكن أن تجعله يشعر بأنه يحظى باهتمامك الكامل مرة أخرى.
إن جودة العلاقة بين الوالدين والطفل في المنزل يمكن أن تؤثر على النتائج المعرفية والاجتماعية والعاطفية للأطفال في سن ما قبل المدرسة.
8. أشيري إلى مدى حب الطفل لأخيه الأكبر
إن قول "انظر كم يحبك" و"لن يتوقف عن مراقبة مدى براعتك في ركوب دراجتك" سيجعل طفلك الأكبر يشعر بأنه مشارك حقاً في إسعاد أخيه الأصغر. تساعد التربية الدافئة والمتجاوبة الأطفال على إدارة التوتر. ومن خلال تعزيز ثقتهم، سيستجيبون بشكل أفضل للتغيير في حياتهم.
9. حافظي على روتين طفلك قدر الإمكان
الأطفال الصغار كائنات تعتاد على العادات. لذا إذا تمكنت من اصطحاب طفلك إلى دروس الموسيقى، ففي النهاية هذا يمثل تغييراً هائلاً في حياته.
حاولي أيضاً القيام بأشياء صغيرة، مثل قراءة قصة قبل النوم أو تناول وجبة الإفطار المعتادة. ترتبط المشاركة في روتين مثل القراءة أو سرد القصص بارتفاع الاستعداد الاجتماعي والعاطفي للمدرسة بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة. قد يكون الذهاب إلى مجموعة اللعب وزيارة الأصدقاء وسرد قصة قبل النوم أمراً صعباً في الأسابيع القليلة الأولى. لكن الالتزام بالروتين الثابت سيساعد في طمأنة طفلك الصغير.
10. تذكري أن الأمر لن يدوم إلى الأبد
عندما يشعر الأطفال بالغيرة من أشقائهم الصغار، فقد يبدو الأمر وكأنه مرحلة لن تنتهي أبداً. ولكن الأمر، مثل الكثير من المواقف، سينتهي. وقبل أن تدركي ذلك، سيصبحون أفضل الأصدقاء (ويتحدون ضدك). أيضاً فإن كلاً من طفلك الرضيع وطفلك الصغير يكتسبان قرباً اجتماعياً وعاطفياً من خلال وجود شقيق.
11. أعطي الأطفال أدوات حل المشكلات
لتجنب النزاعات في المستقبل، استخدمي الصراع كفرصة لتزويد أطفالك بالأدوات اللازمة لحل المشاكل المستقبلية. أظهري لهم كيف يمكنهم تقديم تنازلات أو المشاركة أو التعامل مع موقف مماثلة بطريقة أكثر إيجابية وملائمة.
على الرغم من أن مشاعرهم ليست عذراً للسلوك السلبي أو العدواني للطفل، إلا أن الأطفال سيكونون أكثر ميلاً للتعاون إذا شعروا أن أحداً يسمعهم. إذا بدأ طفلك في الضرب، كرري أن العنف غير مقبول. أخبريهم بأن استخدام الكلمات هو السبيل الوحيد لحل المشكلة وأنك ستكونين هناك للاستماع إليهم.
12. اعقدي اجتماعاً عائلياً
إذا أدى الخلاف بين الأشقاء إلى الحاجة إلى التأديب، تجنبي نشر المحادثة علناً. فقد يؤدي هذا إلى إحراج الطفل أمام أشقائه، ما يؤدي إلى زيادة العداوة بينهم. هذا هو الوقت المناسب لتعليمه درساً، وليس الإعلان عنه.
اجمعي أفراد الأسرة وتحدثي معهم لمنح كل فرد الفرصة للتعبير عما يريد قوله، كما أنها فرصة لوضع قواعد منزلية يتفق أفراد الأسرة على اتباعها. قومي بتعليق هذه القواعد في مكان عام، مثل المطبخ، لتذكير الجميع بالتزامهم بكونهم أسرة سعيدة وصحية.
هل تنتهي المنافسة بين الأشقاء؟
عندما ينتهي كل صراع جديد، تشعرين وكأنك فزت بالمعركة حتى تأتي الحرب التالية. لكن التنافس بين الأشقاء لا يدوم إلى الأبد دائماً، طالما أنك تخصصين الوقت وتخلقين المساحة اللازمة لمعالجة كل صراع بشكل مباشر.
كلما زاد وعيك بأهمية تربية الأبناء، كان من الأسهل عليك التعامل مع هذه المعارك بين الإخوة. في الحقيقة، أطفالك يقظون ويراقبون دائماً. من خلال القيادة بالقدوة، وتخصيص الوقت لمعالجة أي عداوة متبقية وتعزيز الترابط؛ سيتعلم أطفالك الاعتماد على بعضهم البعض والدعم معاً بمرور الوقت.
وحسب رأي الاختصاصيين، أنه لا شيء يجعل الوالدين أكثر سعادة من الانسجام في الأسرة، خاصة بين الأبناء. والخبر السار هو أن العديد من العائلات يمكنها التغلب على التنافس بين الأشقاء وتحويل الصراع إلى ارتباط عميق.
* ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
هل توصلت إلى طرق لتقليل الغيرة بين الإخوة؟