يبدو أن صورة الشاب القبضاي ذي المناكب العريضة والعضلات القوية والشوارب المفتولة، لم تعد من مقاييس الرجولة والوسامة لدى فئة من الشباب السعودي، بعد أن باتت حبوب منع الحمل من أهم الوسائل التي يقبلون عليها؛ لإشباع الهوس في تحسين المظهر، والحصول على مواصفات حديثة للوسامة، ومنها اكتساب ملامح أكثر نعومة، وأصوات أقل خشونة؛ متجاوزين بذلك أهم صفات الرجولة المتعارف عليها والكثير من الخطوط الحمراء التي تفرضها الفطرة السليمة؛ فضلاً عن العادات والتقاليد والمخاطر الصحية المترتبة على ذلك، ومن أهمها تهديد الخصوبة والإصابة بالعقم.
«سيِّدتي نت» فتح ملف هوس الشباب بالهرمونات الأنثوية، وأخذت عدة آراء حول هذا الموضوع، كما أخذت الرأي الطبي؛ لتوضيح الأضرار الناجمة عنه من خلال هذا التحقيق.
يعتقد الإعلامي زياد السفياني بأن إقبال الشباب على هذه الهرمونات يخالف الفطرة والطبيعة البشرية، التي ميَّزت الرجل عن المرأة، وخصّته بصفات الخشونة، وأن من يقوم بذلك لابد أنه من باب التقليد والتغيير، والذي قد ينشأ بسبب مشكلة الفراغ والتفكك الأسري.
ويستطرد السفياني قائلاً: «لكن المشكلة الحقيقية تكمن؛ إذا تحول ذلك التقليد إلى ظاهرة؛ للتعبير عن ميول نفسية وعن شذوذ جنسي، وهنا يستدعي الأمر الوقوف بحزم ضد هذه الظاهرة ومحاربتها، من خلال التعاون بين الأسرة ومؤسسات المجتمع المدني؛ لتكريس الحوار وخلق مجالات غير تقليدية؛ ليمارس من خلالها الشباب أنشطتهم الرياضية وهواياتهم المختلفة».
- عريس مرفوض
في هذا الإطار ترفض نيفين البقمي فكرة الارتباط بشاب ينحصر تفكيره في البحث عن جمال الشكل؛ لدرجة الاقتراب من الأنوثة، بقدر حرصها على عقلية الشاب وطريقة تفكيره وجمال روحه.
وتضيف: «أنا لست ضد وسامة الرجل، فالوسامة مطلوبة، ولكن بشكل معتدل وبحدود العقل، فليس من الطبيعي أن يلجأ شاب لتناول حبوب منع الحمل لمجرد البحث عن الوسامة، بل هذا دليل على الشذوذ الجنسي في تصرف بعيد تماماً عن الرجولة».
- نقص وعي
يقول الرازي نجم الدين: «هذه بالتأكيد ظاهرة سيئة، تدل على نقص الوعي وانعدام الثقة بالنفس وسطحية التفكير لدى فئة من الشباب، وانعكاس للمتابعة اللصيقة للمشاهير عبر وسائل الإعلام المختلفة والرغبة الملحة في التشبه بهم؛ فضلاً عن أن حبوب منع الحمل تشكل في حد ذاتها خطورة على المرأة، نتيجة الأعراض الجانبية المصاحبة لها، فكيف بالرجل الذي ستتضاعف عليه الأعراض، وستصيبه مستقبلاً بمشاكل في الخصوبة والعقم؟! ».
- مشاكل زوجية
في حين يرى الممثل والمنتج عبدالحميد العمري أنه لا مانع من تعاطي حبوب منع الحمل للرجال؛ إذا كانت هناك حاجة طبية ماسة تستدعي ذلك، وكما قيل فإن للضرورة أحكاماً، ومنهم الذين يعانون من كبر في حجم البروستاتة أو إصابة بسرطان في الجهاز التناسلي، وأضاف: «أما تناول تلك الحبوب من دون أسباب مرضية، فمن الطبيعي أن لها الكثير من الآثار السلبية الصحية، ولعل منها، وحسب معلوماتي، انخفاض في الشهوة الجنسية نتيجة انخفاض هرمون الذكورة، وبالتأكيد أنها ستؤدي إلى سلسلة من المشاكل الزوجية والاجتماعية».
- التقليد الأعمى
ويؤكد سلطان الشهري أن التقليد الأعمى هو السبب الأول والرئيس لانتشار هذه الظاهرة بين الشباب؛ وخصوصاً المراهقين منهم، نتيجة جهل الكثيرين بالأضرار والآثار الجانبية السلبية، التي قد يتعرضون لها جراء تعاطي مثل هذا النوع من الحبوب، ولابد من نشر التوعية والتثقيف الصحي عبر وسائل الإعلام المختلفة؛ حتى لا تتحول إلى ظاهرة.
تهور
وباستغراب تقول هبة خير الله: «حقيقة لم أسمع بهذه الظاهرة التي يمكن أن أصفها بالغريبة والدخيلة على مجتمعنا السعودي، وحسب علمي أن هناك من يلجأ لتناول الهرمونات والمكملات الغذائية؛ لتقوية عظامهم وزيادة حجم عضلاتهم بدرجة أعلى من المعدل الطبيعي؛ وتحديداً من يمارسون رياضة رفع الأثقال وبناء الأجسام للظهور ببنية قوية وبشكل سريع، أما حبوب منع الحمل فهذه جديدة، وأكيد أنها مغامرة لن يُقدم عليها إلا شاب متهور غير مبالٍ بالعواقب الصحية الوخيمة».
- ظاهرة حديثة
ترى المستشار التدريبي والمحكم الدولي رباب أحمد المعبي، أمين عام ومؤسس أكاديمية التدريب الشامل، أن إقبال الشباب على تعاطي الهرمونات النسائية يعد ظاهرة حديثة وليست سائدة، بل قلة من الشباب من أعجبتهم الفكرة بتحسين الشكل والصوت، ومن أسباب ذلك ضعف الوازع الديني وانعدام ثقافة الحوار الأسري، الذي يؤصل في الفرد تعزيز الهوية والنوعية، من حيثُ الرضا بالنوع والشكل الخارجي، فالحوار الأسري يعتبر قاعدة الهرم التربوي بتصحيح المفاهيم وتثبيت القيم في نفوس الناشئين وتعديل السلوكيات منذ الصغر.
وتؤكد نتائج الأبحاث والدراسات أن الطفل العربي المسلم يتعرض لمؤثرات خطيرة، تؤثر على شخصيته في مراحل تكوينها، ومن تلك المؤثرات: الأفلام الأجنبية والمسلسلات المعرَّبة التي تتصف بالعولمة، والتي قد تكون نتيجتها فقدان القيم والهوية، إلى جانب شهرة الأبطال ذوي المظهر الناعم في الإعلانات والمسلسلات، ما يجذب البعض من الشباب للتقليد.
الحل الأمثل لهذه الظواهر أن يتم تأصيل مبدأ الحوار الأسري؛ لتفادي السلوكيات والظواهر السلبية في المجتمع.
الأضرار الصحية
وللتعرف إلى الأضرار الصحية التي قد يتعرض الذكور إليها، في حال تعاطيهم حبوب منع الحمل، التقينا الدكتور حازم بن محمود المنديل، رئيس قسم أمراض النساء والولادة، وأستاذ مشارك واستشاري بمستشفى الملك خالد الجامعي في الرياض، والذي أشار إلى أنّ تعاطي الذكور للهرمونات الأنثوية المتوافرة في حبوب منع الحمل بمرحلة البلوغ أو قبل سن البلوغ، يؤدي إلى تأثيرات جانبية وأضرار صحية على بعض أجزاء الجسم؛ نتيجة احتواء تلك الحبوب على الهرمون الأنثوي «الأستروجين»، والذي يؤدي بدوره إلى ظهور بعض العلامات الأنثوية كنعومة الصوت؛ نتيجة التأثير على الأوتار الصوتية، وكذلك الحصول على جلد بملمس أكثر نعومة، ولكن هذه الحبوب في المقابل تؤدي إلى عدد من المشاكل والأضرار الصحية، ومنها: زيادة احتمال الإصابة بتجلط الدم وأمراض القلب والسكتات الدماغية، إضافة إلى منع ظهور الشعر في الوجه وأجزاء أخرى من الجسم، كذلك نمو وبروز الثدي، وإحداث بعض التغيرات في خلايا الثدي، والتي قد تتحول إلى أورام وخلايا غير حميدة، هذا فضلاً عن آثارها السلبية على السيدات أنفسهنّ؛ وخصوصاً ممن تجاوزن سن اليأس من تزايد تعرضهنّ للإصابة بتجلط الدم والسكتات الدماغية والقلبية.
وفي سؤال لـ«سيِّدتي نت» عن مدى تأثير تناول حبوب منع الحمل وما تحتويه من هرمونات أنثوية في تهديد خصوبة الرجل وقدرته على الإنجاب مستقبلاً، يقول الدكتور حازم المنديل: «أشارت الكثير من الدراسات الحديثة إلى تدني مستوى الخصوبة عند الرجال بشكل عام لعدة أسباب، منها: التغذية وتعاطي بعض أنواع من الأدوية والعقاقير، كما لا توجد دراسات في الوقت الحالي تتناول تأثير الهرمونات الأنثوية في هذا الجانب، ولكن من المؤكد، ونتيجة للكثير من المؤشرات، أنها تلعب دوراً في تدني مستوى الخصوبة عند الرجال وقلة أو انعدام في إنتاج الحيوانات المنوية، وبالتالي الإصابة بالعقم.