يقوم بعض منَّا بتصرفات صادرة عنه بواسطة جسده أو حواسِّه أو حركات معيَّنة قد لا يدركها العقل، وهي إيحاءات غريبة تحمل دلالة ومفهوماً لدى متلقيها بعكس مصدرها، وقد يستغرب كثير منَّا كيف تصدر هذه الأفعال، التي تحمل للطرف الآخر رسائل من خلال حركات ونظرات،ربما لا يقصدها صاحبها.
«سيدتي نت» رصدت بعض الحالات التي توضح لنا حقيقة هذه التصرفات التي ما تعرف بلغة الجسد.
تصرفات ابنتي الطفوليَّة عرضتها للتحرُّش
توضح لنا سامية الثقفي، أم لفتاة تبلغ من العمر 13 عاماً، أنَّ ابنتها لها جسد فتاة أكبر من عمرها بكثير، وجميع تصرفاتها لافتة للنظر، فهي تتصرف بطريقة غير لائقة، فمثلاً تمشي بخطى مفرطة الدلال، وتتحدث بنبرة شديدة اللين، كما أنَّها تصدر حركات بيديها وجسدها تشير إلى المتلقي بأنَّها تود أن تثير غريزته تجاهها، وقد يبدو ذلك مستحيلاً لفتاة في سنها وقلة خبرتها بهذه الأمور، والمثير للدهشة أنَّ أي انتقاد أوجهه لها في تصرفاتها تبدأ بإنكارها، وتثبت أنَّ نياتها لا تحمل ذلك المعنى، إلى أن قام شاب بالتحرُّش بها، وبعد أن أخبرتني بما حدث معها أدركت أنَّ هناك مشكلة حقيقيَّة تواجه ابنتي، خصوصاً أنَّها بالفعل لا تحمل أي نيَّات سالبة تظهر من تصرفاتها، لكن ما صدر عنها من تصرفات قبل أن يتحرَّش بها كانت بالفعل تصرفات مثيرة، وتدل على عدم امتناعها للتفاعل معه، إذ كانت تضحك وتتمايل وتتصرف بدلال أنثوي على الرغم من براءة سريرتها.
أسلوبي العفوي جذب إليَّ المتحرِّشين
وتروي فاديا خالد، (27 عاماً)، أنَّها تعرَّضت لمواقف عديدة وهي طفلة تقارب التحرُّش الجنسي، لكن ليس بشكل كبير أو مؤذٍ، وهذا ما كانت تعتقده هي، وتقول: كنت أعتقد بأنَّ ما تعرَّضت له من مواقف في الصغر لم تؤثر في شخصيتي، لكن عند بلوغي سن 11 تقريباً، بدأت تصرفاتي توحي للآخرين بشكل كبير وواضح بأنَّني على استعداد لإقامة علاقة مع الطرف الآخر، حيث كنت أفرط في دلالي عندما أتحدث مع الرجال، بالإضافة لطريقة مشيي وجلوسي، إذ كان أسلوبي أسلوب سيدة تحاول إغراء الآخرين، حتى تعرَّضت في سن الخامسة عشرة لأكبر موقف تحرُّش، والغريب أنَّ من حاول الاعتداء عليَّ صدمني بقوله: «أنت تريدينني،لماذا ترفضين الآن» وهنا أدركت تماماً أنَّني أعاني من مشكلة كبرى، حتى توجهت لطبيبة نفسيَّة فأوضحت لي أنَّ جميع تصرفاتي هي ما يجذب المتحرِّش أو غير المتحرش بي.
تصرفاتي غير المقصودة تثير الرجال
وأوضحت خلود زيني شابة (28 عاماً)، التي بدأت حياتها العمليَّة في سن الـ 23، وحتمت عليها طبيعة عملها الاختلاط بالرجال قائلة: في البداية كنت أعتقد بأنَّ ما أواجهه من مضايقات تتعرض له جميع الفتيات العاملات، إلى أن وصلت لمرحلة التحرُّش بشكل لفظي، وهنا شكوت لإحدى الزميلات، التي فاجأتني بردها الغريب والذي يؤكد على أنَّني المسؤولة عمَّا يحدث معي، حيث كنَّ يلاحظن أنَّني أسير بتمايل شديد وبطيء، كما أنَّ نظراتي التي كنت أعتقد أنَّها حادة هي في الواقع مثيرة للمتلقي، إذ يجدها جريئة ومليئة بالتعبيرات، بالإضافة لنبرة صوتي العالية، لكن في الوقت نفسه يوجد داخلها كثير من الرقة والهدوء، كما أنَّ شعري طويل وجميل وأحب كثيراً أن أمسكه، وكثرة لعبي بخصلات شعري تثير أيضاً من حولي، فجميع تلك الانتقادات لم تكن تقنعني إلى أن قرأت عن ما يسمى لغة الجسد فتأكد لي بأنَّ تصرفاتي هي بالفعل ما تثيرهم.
الرأي النفسي
استشاري علم النفس والسلوكيات الأسريَّة، الدكتور ماجد قنش، أوضح أنَّ لغة الجسد هي حركات يقوم بها بعض الأفراد مستخدمين أيديهم أو تعبيرات الوجه أو أقدامهم أو نبرات صوتهم أو هز الكتف أو الرأس، ليفهم المخاطَب بشكل أفضل المعلومة التي يريد أن تصل إليه، وهناك بعض الأشخاص الحذرين والأكثر حرصاً، وأولئك الذين يستطيعون تثبيت ملامح الوجه، وأولئك الذين لا يريدون الإفصاح عمَّا بدواخلهم وهم المتحفظون، لكن يمكن أيضاً معرفة انطباعاتهم من خلال وسائل أخرى.
ويضيف قنش: لغة الجسد هي اللغة الفاضحة المنيرة لأي إنسان يتقن لغة الجسد، ومن خلالها يفهم ما إذا كان الشخص المقابل يريد أن يفعل وما يفكر به، وقد يفهم من لغة الجسد أشياء غير مقصودة وهذا ما يقع فيه معظم المراهقين، فبعض حركات الجسد يفهم منها الغرائز الجنسيَّة، ويظن المراهق أو المراهقة أنَّ هذه الحركات لا يفهمها الناس، لكن مع تطور علم لغة الجسد أصبح كثير من الناس يدرك ما يدور، وقد تسبب هذا الحركات أو الإيماءات الجسديَّة مشاكل وعواقب وخيمة للمراهقين والمراهقات كالتحرش الجنسي أو اللفظي، ويظن البعض أنَّ لغة الجسد ليست ذات أهميَّة في عصرنا الحالي أو العصور القديمة مع العلم أنَّ هذه اللغة لا تكذب أبداً كونها مرتبطة بالعقل اللاواعي، والمراهقون ونحدِّد هنا الفتيات، فإنَّ بعضهنَّ قد يوحين للمتحرِّش بإيماءات غير مقصودة يفهم من خلالها طلبهنَّ للتحرُّش بهنَّ، من هنا لابد لنا كمجتمع واعٍ ومثقف فهم هذه اللغة وإتقانها.
وأضاف: في دراسة قام بها أحد علماء النفس اكتشف أنَّ 7% فقط من الاتصال يكون بالكلمات و38% بنبرة الصوت و55% بلغة الجسد، ولو اختلفت الكلمات ولغة الجسد فإنَّ الفرد يميل إلى تصديق لغة الجسد.
تصرفات توحي للمتحرِّش بتقبل مصدرها لتحرشه:
اللين في نبرة الصوت والتنهدات بشكل مبالغ فيه أثناء الحديث.
النظر بعمق وتعبيرات في عين المتلقي للنظرات بشكل مباشر.
إصدار حركات بتعبيرات معيَّنة من الفم أو اليدين أو الجسم.
المشي بطريقة توضح معالم الجسم واستخدام الشعر أثناء المشي.
للمتحرشين تصرفات محددة تجاه ضحاياه
و توضح لنا استشارية الطب النفسي الدكتورة منى صواف أن لغة الجسد أصدق من لغة الكلام، وذلك لأن هذه اللغة غالباً ما تكون صادرة من الشخص بلا وعي ، ومن هذا الجانب تحاول صواف شرح لغة جسد المتحرش من بعض التصرفات التي تدل على نوايا التحرش لديه، وتكشف لنا بأن هذه التصرفات تنقسم لقسمين منها حركات معروفة في جميع أنحاء العالم، والقسم الآخر تصرفات تختص بثقافة مجتمع، ومن أبزر العلامات التي تجعلنا نحذر، هي اتساع حدقة العين، وتسارع معدل التنفس، ولا شعورياً نجده ينظر في مناطق حساسة في جسم الضحية، وفي بعض الأحيان يحاول المتحرش لا شعورياً أن يلامس مناطق حساسة في جسده هو، ويصدر تصرفات تجاه الضحية ذات إيحاءات جنسية مثل تحريك العينين أو لمس الشفاه بلسانه وقد يتحرش بالضحية من دون سابق إنذار، ويختلف المتحرش بالأطفال في جوانب بسيطة إذ غالباً يكون شخصاً منطوياً و نادر الحديث، كاره للحياة الاجتماعية.