يقوم الجراّحون بحقن الخلايا المأخوذة من الدهون، في داخل الأقراص التالفة في العمود الفقري، التي تُعدّ أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لآلام الظهر المزمنة، حيث يُعاني شخص من بين كلّ أربعة أشخاص من مشكلات في الأقراص، في وقتٍ ما من حياته.
إنّ الدهون المخزّنة في منتصف الجسم غنيّة بالخلايا الجذعيّة، وهذه الأخيرة تمتلك القدرة على التطوّر إلى أنواع مختلفة من الأنسجة.وسيساعد حقنها في العمود الفقري في إصلاح الأقراص التالفة.
وتعمل الأقراص، عادةً، كماصّة للصدمات، وداعمة للعمود الفقري في خلال الحركة، ولكنها تمنح العمود الفقري أيضاً المرونة الضرورية، من خلال منع عظام العمود الفقري من الاحتكاك ببعضها البعض.
وللأقراص طبقة خارجيّة صلبة، إلا أنّها رطبة وهلاميّة في المنتصف.
وبعد سنّ الثلاثين أو نحو ذلك، يُصبح الغلاف الخارجيّ الصلب قاسياً وأكثر عرضةً للكسر، كما يبدأ الجزء الداخلي الهلامي بفقدان بعض محتواه من الماء.
وتستمرّ هذه الأقراص في التدهور، ممّا يعني أنّها لن توفر الدعم الكافي للعمود الفقري، فيما تُصبح أيضاً أكثر عرضة للخروج من موقعها أو التفتّق.وقد تضع هذه الحالة ضغوطاً على أعصاب الظهر، ممّا يُسبّب ألم الظهر أو الذراعين أو الساقين.
قد تحدّ المسكّنات والعلاج الطبيعي من الانزعاج، كما أنّ هناك حلولاً جراحيّة أيضاً، مثل دمج الأقراص معاً أو الاستعاضة عن الأقراص التي تُسبّب المشكلات.
علاج جديد
إنّ العلاج الجديد مختلف، فهو يهدف إلى إصلاح أيّ أضرار، ويؤمّن لك الحماية من التدهور أو الضمور في المستقبل.
وينطوي هذا العلاج على شفط الدهون من بطن المريض بحوالى 100 ملليمتر أولاً؛ وذلك تحت التخدير الموضعيّ.
ومن المعروف أنّ هذه الدهون تحتوي على أنواع عدّة من الخلايا، بما في ذلك الخلايا الجذعيّة.وتُعرف هذه الأخيرة بأنّها الخلايا السلفيّة، مما يعني أنها لا تفعل شيئاً إلا إذا تمّ تفعيلها جراء إصابة الأنسجة.
وتكمن النظرية وراء هذا العلاج الجديد في أنّه سيتمّ جذب الخلايا الجذعية إلى مناطق الضرر للبدء بإصلاحها.
ويُمكن الحصول على الخلايا الجذعية من نخاع العظام أيضاً، إلا أنّ استخراجها ينطوي على إجراء مزعج، ويتمّ الحصول من خلاله على 5.000 إلى 60.000 خليّة فقط.
ويُمكن من خلال عمليّة شفط الدهون من البطن، لمدّة 20 دقيقة، الحصول على 40 مليون خليّة.ويتمّ استخراج الخلايا الجذعية من الدهون في المختبر، كما يُمكن حينها حقنها في الأقراص المتضرّرة.
وحين اختبر باحثون في عيادات "مايو كلينيك" في الولايات المتحدة هذا الإجراء على الحيوانات، وجدوا أنّ ارتفاع الأقراص تحسّن بنسبة 26%، مقارنة بأولئك الذين تمّ حقنهم بدواء وهميّ.بالإضافة إلى ذلك، تحسّن محتوى المياه في الجزء الداخلي من الأقراص.
وتُساعد زيادة الماء في إبقاء الجزء الداخليّ الهلاميّ رطباً، بحيث يؤدي وظيفته في دعم العمود الفقريّ وحمايته من الضرر بشكل أفضل!
ويختبر هذا العلاج على 100 مريض في 3 مراكز في الولايات المتحدة، بما في ذلك "فلاور هوسبيتل" في "تكساس".وستتمّ مراقبة المرضى على مدى الأشهر القليلة المقبلة.
الخلايا الجذعية علاج المستقبل
وتقول جين تادمان، من قسم بحوث التهاب المفاصل في المملكة المتحدة، إنّ الخلايا الجذعيّة تقدّم مصدراً واعداً للخلايا التي يمكن استخدامها في علاج مشكلات أقراص العمود الفقري.وتُضيف: "نقوم حالياً بإجراء بعض البحوث المخبريّة المثيرة للاهتمام لتحديد المصدر الأكثر ملائمةً من الخلايا الجذعيّة – نخاع العظم أو الدهون- لإصلاح الأقراص الفقريّة المتضررة. ومن الواضح أنّ الفريق الأمريكي الذي يقوم بإجراء هذه التجربة السريريّة يعتقد أنّ الخلايا الجذعية من الأنسجة الدهنية لها إمكانيّات أكبر من تلك المأخوذة من نخاع العظم؛ لذا سيكون من المثير للاهتمام معرفة نتيجة هذه الدراسة الجديدة.
علاج وشيك للأعصاب التالفة
في الوقت نفسه، يعتقد العلماء أنهم اقتربوا خطوة أخرى نحو إصلاح الأعصاب التالفة في العمود الفقري.
وحالياً، فإنّ الضرر الذي يُصيب هذه الأعصاب غير قابل للعلاج، إلا أنّ باحثين من كلية "إمبيريال كولدج" في لندن وجامعة "توينجن" في ألمانيا قد حدّدوا بروتيناً، يُنتجه الجسم بشكل طبيعيّ، ويسمى (P300/CBP-associated factor (PCAF، ويبدو أنه يُساعد في تجديد الأعصاب.
وقد وجدت التجارب أنّ حقن هذا البروتين في الفئران التي تعاني من تلف الجهاز العصبيّ المركزيّ، الذي يمتدّ من الدماغ حتى العمود الفقري، قد شجّع نموّ أعصاب جديدة.وسيقوم الباحثون بدراسة ما إذا كان هذا يُساعد في تحسين الحركة والوظيفة.
شاهدي أيضاً: