"العدوى بالمرض لا تعرف حدوداً، لأن الفيروس يمكن أن ينتقل آلاف الكيلومترات"، بهذه العبارة استهلّ المؤتمر الصحافي المتعلّق بــ "شلل الأطفال"، الذي دعت إليه وزارة الصحة اللبنانية ببيروت أخيراً، بالتعاون مع منظمة "اليونيسف" بهدف إطلاق الحملة الوطنية الشاملة للتحصين ضد المرض.
"سيدتي نت" حضر المؤتمر، كما حاور الرئيس المنتخب للجمعية اللبنانيّة لطب الأطفال ورئيس قسم طب الأطفال في مستشفى "أوتيل ديو د فرانس" الدكتور برنار جرباقة حول المرض، ومعاودة ظهوره، وطرق مكافحته والوقاية منه.
- ما هو "شلل الأطفال"؟
إنّه مرض فيروسي شديد العدوى، ينتج عن الإصابة بفيروس "بوليو"، وهذا الأخير كفيل بإحداث شلل الطفل التام في غضون ساعات من الزمن، بعد تدميره خلايا الجهاز العصبي في جسمه!
- على الرغم من انحسار نسبة الإصابات بشلل الأطفال في العالم في أواخر الثمانينيات بنسبة 99% بفضل اللقاحات، تشير بيانات صادرة أخيراً إلى عودة هذا المرض.فما هي المعلومات المتوافرة في هذا الإطار؟
بالفعل، انخفضت حالات "شلل الأطفال" منذ سنة 1988، بنسبة 99%، وباتت تعدّ 406 حالات بُلغ عنها في 2013، بعد أن كانت توازي نحو 000 350 حالة سُجّلت في 1988.وبالطبع، يأتي هذا الانخفاض نتيجة ما يُبذل من جهود على الصعيد العالمي من أجل استئصال المرض.
وفي هذه السنة، لم يعد شلل الأطفال يستوطن إلا في بلدان ثلاثة، هي:أفغانستان، ونيجيريا وباكستان، بعدما كان يصيب أكثر من 125 بلداً في سنة 1988.ولكن الجديد والخطير، في هذا المجال، يتمثّل في رصد بعض الإصابات في سوريا والعراق، من جرّاء الحروب، وصعوبة تلقّي اللقاحات.
- هل يجب دق ناقوس الخطر، واتباع سياسة التلقيح، وإعادة التلقيح في الدول العربية كافة؟
أعلنا الحرب ضد شلل الأطفال في لبنان ابتداءً من تاريخ انعقاد المؤتمر، من خلال جهود "منظّمة الصحّة العالميّة"، و"اليونيسف"، ووزارة الصحّة، والأطباء من أجل إبقاء لبنان خالياً من إصابات "شلل الأطفال"، كما هو اليوم.
وهنا، أشدّد على ضرورة تحصين لبنان في هذا المجال، لأن الانتقال منه إلى الدول الأخرى، وخصوصاً العربية، ناشط.
وينتشر "شلل الأطفال"، على غرار الأمراض السارية الأخرى، بسرعة خلال النزاعات المسلحة.
ولذا، فإن المجهود الذي نبذله في لبنان، يتمّ بذله في الدول العربية أيضاً.
- ما هي طرق انتقال هذا المرض؟
يدخل فيروس "بوليو" الجسم عبر مسار البراز إلى الفم، وبنسبة أقل عبر الماء والغذاء، وبواسطة اليدين، ويتكاثر في الأمعاء.ثم، ينتقل إلى البيئة من خلال البراز حيث ينتشر بسرعة بين المجتمعات، خصوصاً إذا كانت خدمات الصرف الصحي والنظافة غير مؤمنتين.
ويعتبر الصغار، الذين لم يتدربوا بعد على استخدام المرحاض، مصدراً لانتقال العدوى أيضاً، بغض النظر عن بيئتهم.
وهنا، نشير إلى أن بعض الأطفال يحملون الفيروس في أمعائهم، ولا يظهرون أية عوارض، لكن يمكنهم نقل المرض إلى آلاف آخرين، قبل أن يتمّ تشخيص إصابتهم.ولذا، ترى "منظّمة الصحّة العالميّة" أن حالة إصابة واحدة بــ"شلل الأطفال" هي دليل إلى بداية انتشار وباء جديد!
- ما هي عوامل الخطر التي تتسبّب بظهور "شلل الأطفال"؟
لم تثبت بعد الأسباب المسؤولة عن تعرّض نسبة قليلة من المصابين بالعدوى لــ"شلل الأطفال"، غير أن عوامل الخطر، التي ترفع من إمكانية حدوث شلل للمصاب بفيروس "بوليو" تتمثّل، في:نقص المناعة، واستئصال اللوزتين، والحقن العضلي (مثل الأدوية)، والحمل، وممارسة التمرينات الرياضية القوية، وبعض الإصابات.
- من هم الأطفال الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض؟
إن الشرائح العمرية ما دون 18 سنة عرضة للإصابة بالمرض، ولكن ترتفع نسبة الخطورة، خصوصاً في صفوف الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين صفر وخمس سنوات.
ولذا، نجد أن الجزء الأكبر من المجهود، الذي يبذل حالياً، منصبّ على هذه الفئة الأخيرة.
أمّا بالنسبة للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والثماني عشرة سنة، فيُطلب من ذويهم استشارة طبيبهم الخاص للتأكد من برنامج اللقاحات المتبع، وما إذا بات متكاملاً نسبة إلى سنّ الطفل، خصوصاً مع بدء العام الدراسي الجديد.
- كيف يمكن الوقاية من "شلل الأطفال"؟ وهل من علاجات له؟
عندما يظهر "شلل الأطفال"، فهذا يعني أنه لا يمكن القيام بأي عمل طبي للشفاء منه، إنما تقتصر العلاجات على تلك الداعمة التي تخفّف من بعض العوارض، حيث تستخدم العلاجات الطبيعية لتحفيز العضلات، كما توصف بعض الأدوية المضادة للتشنج من أجل إرخاء العضلات، وذلك لتحسين التنقّل فقط.
ولكن، لتفادي الإصابة، يجب التركيز دائماً على اللقاح الذي يعدّ الخطوة الرئيسة للوقاية وحماية الأطفال.
وتجدر الإشارة إلى أن لقاح الشلل الفموي OPV ، الذي يعطى على جرعات متعدّدة، يقي الطفل من خطر الشلل لمدى الحياة.
شاهدي أيضاً: