تثار أجور الخادمات في المنطقة العربية مع الكثير من علامات الاستفهام، ولكن ماذا عنها في بريطانيا وفرنسا؟
في بريطانيا: 10 جنيهات إسترلينية للساعة الواحدة
سألت مرة رجلاً إنجليزياً، ترك «لندن» وأخذ عائلته إلى «دبي» للعمل، عن مدى رضا عائلته عن هذه النقلة الكبيرة، فقال لي ضاحكاً: لعل زوجتي هي الأكثر سعادة بيننا؛ لأنها تحظى برفاهية العيش مع خادمة ومربية، وهذا ما لا تحلم به في لندن».
مفردة خادمة Servant لا وجود لها هنا في لندن، والشائع هو Domestic Cleaners التي تقوم بها مكاتب خاصة ترسل متدربة تدعى المنظفة Cleaner تقوم بمهام التنظيف لوقت محدد.
اتصلنا بأحد مكاتب تشغيل المنظفات في لندن، ودخلنا مع المسؤول عن تنظيم العمل بحوار جاد، وكأننا نطلب خدمة واحدة من العاملات للعمل عندنا لبضع ساعات:
• كيف أحصل على هذه الخدمة؟
- بحجز فوري بعد أن تدفعي بالبطاقة المصرفية عبر الهاتف، ويمكن أن تحددي ما تريدين من خدمات إضافية؛ مثل كي الثياب، أو تنظيف موقد الطبخ، أو تنظيف زجاج النوافذ؛ لأن هذه الأعمال ليست من ضمن العمل الأساسي للمنظفة.
• وما الذي تفعله المنظفة بشكل أساسي؟
- يزلن الغبار، وينظفن الأرضيات والسجاد بالمكنسة الكهربائية، وينظفن الحمام والتواليت، والأبواب والأثاث، ويرتبن الأسرَّة، وينشرن الغسيل. ولكنهن لا يرفعن الأثاث الثقيل، ولا ينظفن السجاد بالبخار، ولا يشذبن الحديقة، أو يغيرن من ديكور البيت.
• في أي الأوقات تعمل المنظفة؟
- أسبوعياً من يوم الخميس إلى السبت، ومن الساعة الثامنة والنصف صباحاً وحتى الخامسة والنصف مساء. حيث نزودها بكل مواد التنظيف، ونستقطع من الزبون مبلغ 2.50 جنيه استرليني عن كل زيارة، ولا نطلب منه غير توفير المكنسة الكهربائية.
• على أي أساس توظفون العاملات؟
- بعد خضوعهن لبرامج تدريب، وهناك أيضاً طرف يقوم بفحص التاريخ الجنائي للمنظفة، ويحتفظ بنسخ من أوراقها الثبوتية وهويتها، فنحن ندخل بيوت الناس وهم غائبون في كثير من الأحيان، لكننا لا نسمح بأي عمل يمس إنسانيتها.
أكثر من الموظف
أجور مدبرات المنزل أو المربيات تتخطى ما يتقاضاه الموظف العادي في بريطانيا، ويعتمد الأمر على تخصص العاملات، والمستوى الاجتماعي للعائلة التي يعملن عندها، لكن الأجور لا تتخطى عشرة جنيهات إسترلينية للساعة الواحدة، وقد تزيد عليها قليلاً في بعض الأحيان، خاصة في الأحياء الراقية، وبحساب بسيط فإن العائلة تحتاج في المعدل إلى ثلاث ساعات تنظيف أسبوعياً، أي 12 ساعة شهرياً، وهذا يعني أن عليها دفع حوالي 120 جنيهاً استرلينياً كمعدل عام، وهذا أمر بالإمكان تحقيقه، قياساً بمعدل الرواتب الشهرية هنا.
في باريس: يجنين الكثير من العرب
تنتشر في فرنسا ظاهرة استعانة العائلات الفرنسية بالخادمات العربيات والأفريقيات، ولأن القانون الفرنسي لا يسمح بالقيام بالإحصائيات على أسس دينية أو عرقية فقد تعذر علينا معرفة عددهن.
فريدة، فتاة في سن الثلاثين، تعمل لدى عائلة فرنسية، وفي ظروف جيدة كما تقول، تبدأ يومها بمرافقة الأولاد إلى المدرسة، ثم ترجع لتقوم ببعض الواجبات المنزلية إلى الساعة الرابعة، الوقت الذي ينهي الأولاد مدارسهم، فتحضرهم من المدرسة، وبعد تناولهم العشاء تذهب إلى بيتها بمجرد عودة والدتهم من العمل. المشكلة الوحيدة التي تعاني فريدة منها هي نظرة بعض الفرنسيين لها عندما تخرج إلى الشارع؛ لأنها محجبة.
التقينا بخديجة، أمام باب إحدى المدارس، وكانت تنتظر خروج ابن مستخدمها، وكما قالت، إنها عانت كثيراً لأن بعض العائلات تطلب منها العمل دون توقف، لكن خدمتها عند العرب الذين يأتون إلى باريس لقضاء عطلتهم كانت أسوأ؛ فهم يجلبون مربياتهم، لهذا كانت توكل لها المهام الشاقة دون توقف، تتابع: «لكنني كنت أجني الكثير من المال، لم يظلموني، ولم يأكلوا عرقي، وهذه شهادة لله أعترف بها».
أما لطيفة، وهي امرأة تونسية في الأربعينيات، فقد صرحت لنا بأن كل العائلات التي اشتغلت عندها كانت تعطي لها حقوقها؛ لأن القانون الفرنسي يحمي الخادمات من جور المستخدمين.
حسب المعهد الوطني للإحصائيات والدراسات الاقتصادية، تتقاضي خادمات البيوت حوالي 1200 يورو في الشهر، أي تقريباً ما يعادل 8 يورو في الساعة.