لم يعد تحديد جنس المولود أمراً في غاية الصعوبة لمن يرغب بأن يكون طفله القادم ذكراً بعد إنجاب عدة بنات أو العكس، ويأخذ موضوع تحديد جنس الطفل اهتماماً كبيراً من قبل الزوجين، لذلك تلجأ المرأة إلى طرق عديدة وخوض تجارب من حولها؛ حتى تتمكن من إنجاب «ولي العهد القادم» كما يطلقون على المولود الذكر عند قدومه، ومع تطور الاكتشافات العلمية أصبح من الممكن لدى البعض تحديد جنس الجنين باتباع نظام معين، ويبقى الأطفال نعمة من نعم الله سواء كانوا إناثاً أو ذكوراً.
«سيِّدتي» التقت نساء مررن بهذه التجربة، كما أخذت رأي الطب، وكان هذا التحقيق.
طبيبة بريطانية ساعدتني
سالمة النهدي «ربة بيت» تقول: «نحن معشر النساء كان الله في عوننا، إذ نتعب كثيراً؛ لإرضاء الزوج وأهله في نوع الذرية التي يريدونها، فالرجال يفضلون الذكر، والنادر منهم من يبحثون عن الأنثى، وزوجي أخبرني برغبته بولد بعد زواجنا، ولجأت إلى طبيبة، وعندما كنت متواجدة في بريطانيا معه أعطتني عدة تعليمات ونظاماً غذائياً، وكانت النتيجة ناجحة مع أنها أخبرتني بأن نسبة نجاحها تختلف من امرأة إلى أخرى كأول مرة، وأكدت لي أن تغذية المرأة لها تأثير في عملية اختيار جنس المولود».
حكمة جدتي أفادتني
وترى وفاء الشهري «ربة بيت» أن هناك بعض الأمور، التي قد تتبعها المرأة لتحدد نوع الطفل، وتقول: «أنجبت طفلتين، وكان زوجي يتمنى أن أنجب له ولداً منذ أول حمل لي، ولكن الله لم يرد ذلك، وكنت بزيارة لجدتي في أحد الأيام، وجلبت معي كيكة ومجموعة من الحلويات، وأثناء حديثنا كنت أتكلم عن مدى حبي للمأكولات الحلوة، فقالت لي جدتي: «من أجل حبك للحلويات لا تنجبين إلا البنات»، ولم أصدق ما قيل لي، ولكن الفضول قادني إلى التجربة، وذهبت إليها وأعطتني بعض التعليمات، وغيرت نظامي الغذائي قبل الحمل بأشهر وأثناء الحمل وأنجبت ابني الأول، ولديّ رغبة بتكرار التجربة بعد أن يكبر إن شاء الله».
زوجي يريد بنتاً
أما دلال نايف «معلمة مرحلة ابتدائية» فزوجها مختلف، ولا يريد ولداً بل يريد بنتاً، حيث تقول: «أنجبت طفلين، ولكن زوجي كان يرغب بأن يمن الله عليه بابنة تحن عليه في كبره كما يقول، وسألت أختي التي أنجبت 3 بنات والثانية التي أنجبت 5 بنات ولم أجد لديهما الجواب، وقالت لي إحداهما: « إنها لم تتبع أي نظام أو برنامج» أما ابنة عمتي فقد أفادتني كثيراً، فصديقتها طبيبة، وهي من أخبرتها بأنه يوجد وقت معين للتلقيح بالشهر، كذلك يجب الامتناع عن بعض الأطعمة والإقبال على أخرى، وأن ذلك يؤثر على جنس الجنين، واتبعت الطريقة، والآن أنا بالشهر السابع، وقد أخبرتني طبيتي أنني حامل ببنت إن شاء الله».
تجربة فاشلة وأخرى ناجحة
فيما تقول هيفاء الدوسري «ربة بيت»: «زوجي هو الابن الوحيد، ولديه 8 شقيقات، ووالده معتمد عليه في أعماله، ولم يقل صراحة بعد إنجابي الطفلتين أنه يريد ولداً يكون سنداً له وعوناً، ولكن كنت أرى بعيونه اللهفة عند إجراء الكشف؛ لتحديد نوع الجنين كل مرة، والإحباط الذي يصاحبه عند معرفته بأنني حامل ببنت، فتمنيت أن أحقق أمنيته، وذهبت إلى إحدى الطبيبات التي أعطتني تعليمات قبل الحمل وبعده، ولكنني أنجبت بنتاً، ففكرت بإعادة التجربة بعد عام ونفس التعليمات، ولكن في عيادة أخرى، وأنجبت ولداً، وأخبرتني الطبيبة أن هناك عدة طرق بحسب عمر الزوجة ووضعها الصحي وخضوعها لبرنامج تحريض الإباضة».
تهديد زوجي قادني للبحث
وتروي وجدان العلي «ربة بيت» وهي أم لخمس بنات تجربتها قائلة: «مشكلة مجتمعنا السعودي والخليجي أنه مجتمع ثقافته ذكورية يفضل الأولاد، وأنا بعدما أنجبت ابنتي الخامسة هددني زوجي بأنه سيتزوج من أخرى لو أنجبت البنت السادسة، ودلتني جارتي على إحدى العيادات، حيث أعطتني نصائح غذائية وأوقات للجماع وكثفت الدعاء وأنجبت ابني الأول، وبعدما بلغ عامه الأول طلب زوجي أن أحمل بطفل ثانٍ، وحملت متبعة نفس النظام وتابعت مع الطبيبة، وأنا بشهري الثامن أخبرتني بأنني حامل بولد، وعندما أخبرت زوجي فرح كثيراً».
اتبعنا تعليمات وجاء الولد
أما عيسى النمر «موظف في أحد القطاعات الخاصة» فيقول: «رزقني الله بثلاث بنات، وكانت والدتي تريد أن أتزوج من امرأة أخرى لعلي أرزق بولد، لكنني أحب زوجتي ومقتنع بأن من تنجب البنات ستنجب الذكور، فاقترحت على زوجتي أن نذهب إلى أحد المراكز الطبية؛ لمساعدتنا بعد أن سمعت أن هناك إمكانية تحديد جنس الطفل، وذهبنا وشرحنا للطبيبة الوضع، وأعطتنا تعليمات نتبعها قبل وبعد الجماع، والحمد لله أنعم الله علينا بالولد».
الأولى أنجبت الولد والثانية أنجبت بنتاً
وتختلف تجربة المعلم خالد الصاعدي، والذي يقول: «تزوجت منذ سنوات، وأنعم الله عليّ بخمس بنات، وكنت أريد ولداً يحمل اسمي ويساعدني في كبري، وطلبت زوجتي مني أن تذهب إلى طبيبة بعد أن سمعت أن بالإمكان تحديد جنس الجنين قبل الحمل ورفضت، وتزوجت من امرأة أخرى وأنجبت لي بنتاً، ورضيت بنصيبي، ولكن المفاجأة أن زوجتي الأولى حامل الآن بالشهر التاسع، وأكدت لنا الطبية أنها حامل بولد».
لا يوجد مستند علمي
الدكتورة سهاد أحمد «أخصائية نساء وولادة من مستشفى دار الشفا» تقول: «أعتقد أنه لا يوجد مستند علمي يثبت علاقة مباشرة بين تناول طعام محدد وتحديد جنس الجنين على الإطلاق، وتلجأ النساء إلينا لمساعدتهن على إنجاب الذكور، وأحاول أن أساعدهن بإعطائهن الأوقات الصحيحة لوقت التلقيح ونشاط البويضة، والتي يتم عن طريقها الحمل، وهناك طرق من الممكن اتباعها لتحديد نوع الجنين كعملية التلقيح الصناعي، حيث تتم متابعة التبويض، ثم حقن الحيوانات المنوية المذكرة أو المؤنثة داخل الرحم في وقت التبويض، وتبلغ نسبة حدوث الحمل 25٪، ويكون الجنين من الجنس المرغوب بنسبة 80٪، أو طريقة التلقيح المجهري، فهي أكثر دقة».
نظرية الدكتورة شيلز
الدكتورة رقية عبدالتواب «أخصائية نساء وولادة» قالت: «من الصعب تحديد جنس المولود سواء كان ذكراً أم أنثى؛ لأن هذه الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، حتى وإن توصل العلم إلى بعض النظريات التي تعتمد في تحديد جنس المولود وقد تمت دراستها، فبعض الأطباء يعتمدون على نظرية الدكتورة شيلز التي تعتمد على أن الكروموسوم الذكري الذي يمثل رمز(y) بأنه سريع عن الكروموسوم الأنثوي الذي يمثل الرمز(x)؛ لذا نصحت المرأة بأن يكون التلقيح لا يزيد على أربع وعشرين ساعة، قبل خروج البويضة من المبيض، أو بعدها باثنتي عشرة ساعة، وذلك لأن الحيوان المنوي الذي يحتوي على(y) كرموسوم سريع، ويحدث خلال أربع وعشرين ساعة، وينصح بأن يكون القذف قريباً من عنق الرحم، حيث يعطي ذلك فرصة للحيوان المنوي الذكري لاختراق البويضة بسرعة، كما أن هناك بعض النظريات التي تعتمد على النظام الغذائي، وعلى زيادة البوتاسيوم في الدم؛ إذ يساعد على تنشيط الحيوان المنوي الذكري، مثل: أكل اللحوم الحمراء، وشرب القهوة للرجل قبل الجماع، فذلك يعطي فرصة لزيادة حركة الكروموسوم (y) وتنشيطه».
تجربة في الأردن وأخرى في الرياض
حنان محمد «ربة بيت» تقول: «تزوجت رجلاً أحواله المادية ممتازة، وهو وحيد والده، وكان يرغب بذكور يكونون سنداً له، وأنجبت له بنتاً، فاقترح أن نسافر إلى الأردن لتجربة طفل الأنابيب وتحديد نوع الجنين؛ لأنه يرغب بالولد، وقمنا بالتجربة في أحد المراكز، وكانت والحمد لله ناجحة، وأنجبت ولداً، وبعد عامين أراد أن نكرر التجربة؛ لأنه يرغب بولد آخر، ولكن لم نسافر، بل قمنا بالتجربة في أحد المراكز المتخصصة بأطفال الأنابيب مع تحديد جنس المولود في الرياض، وأنجبت ابني الثاني».
نسب تحدد نوع الجنين
ذكرت مديرة العلاقات العامة بالمستشفى السعودي الألماني كاملة الحسن أن نسب اللجوء لمثل هذه العمليات في السعودية تصل إلى 50%، وذلك عن طريق طفل الأنابيب، حيث يتم استخراج بويضات المرأة، والتلقيح الصناعي وقت نشاط البويضات عند المرأة بالحيوانات المنوية، ونسبة الإقبال عليه كبيرة.
رأي اجتماعي
تحدثت الأخصائية الاجتماعية هند العنزي عن هذا الموضوع قائلة: «إنّ أفراد مجتمعنا اعتادوا على تفضيل الذكر، وهناك فئة قليلة تفضل الأنثى، وهناك الكثير من الأسر تلجأ إلى تحديد نوع الجنس بعد تقدم العلم والأبحاث الطبية والتقنية الحديثة، وذلك باتباع طرق معينة تحدد لهم من قبل مختصين في مجال طب النساء والولادة، ولا ننسى أن العادات والتقاليد التي ولد عليها آباؤنا وأجدادنا تتمثل بتفضيل الابن على الابنة، لذلك نجد الرجل في مجتمعنا بعد زواجه يريد أن يكون أول مولود له ذكراً كما فعل من هم قبله، لذلك أحب أن أوجه رسالة إلى المجتمع والزوج، وهي لابد أن تدركوا ويكون لديكم وعي أكثر في تقدير الأمور، والرضا والقناعة بما قسمه الله لكم، وأن الذكر مثل الأنثى».
ذكرت موظفة استقبال في مركز الدكتور سمير عباس، والتي تقدم الخدمات الصحية لأمراض النساء وتأخر الإنجاب وأطفال الأنابيب، أن عمليات تحديد جنس المولود موجودة في السعودية والإقبال عليها جيد، وهي مكلفة نوعاً ما، حيث تجرى بالمركز عملية طفل الأنابيب العادي دون تحديد نوعه بـ17 ألف ريال، ولكن من يرد تحديد جنس الجنين فسيرتفع عليه المبلغ، حيث يضاف على تحديد كل جنين مبلغ 650 ريالاً، بالإضافة إلى تكلفة عملية طفل الأنابيب، ولكن أحياناً تصادفنا مشكلة هي أن الحيوانات المنوية لدى الرجل كلها إناث، لذلك تفشل المرأة بالحمل بالذكر، مشيرة إلى أن المركز يستقبل طلبات مختلفة لأطفال الأنابيب وتحديد الجنس، ونسبة من يردن إنجاب الذكور هي 80%، وذلك لأسباب متعددة، كما تروي النساء لنا إما لإرضاء أهل الزوج، أو حتى لا يتزوج زوجها بأخرى من أجل البحث عن الذكر، و20% يرغبن بإنجاب البنت؛ لأنهن أنجبن ذكوراً، وهناك نساء يطلبن الحمل بأطفال أنابيب ويحددن جنس المولود، وأخريات يفضلن الحمل بتوائم من الذكور؛ حتى لا يكررن التجربة مرة أخرى.
رأي الشرع
أما عن رأي الشرع فيقول الشيخ محمد الأحمدي «إمام مسجد»: «لا أنصح الزوجين في تغيير خلق الله؛ لأن هذه الأمور يقدرها الله، فكل إنسان يكتب رزقه وأجله سواء كان شقياً أم سعيداً، كذلك يقدر الله ماذا سيكون؟ ذكراً أم أنثى، أما الزوجان فليس لهما حرية الاختيار في جنس الجنين بأي شكل كان، فهذا من صنع الله وتقديره، ولاشك أن هناك من يتمنى أن يرزق بولد أو بنت، وهذه أمنية مشروعة، ولكنها مرتبطة بقدرة الله ومشيئته، فإذا اتبعت المرأة ما أثبته الطب وأرادت الأخذ بالأسباب، ورزقت بطفل بالجنس الذي تتمناه، فعليها أن تتأكد أن هذا بتقدير الله، وقد تتبع هذه البرامج ويحدث العكس».
بين يحيى العسيري «الباحث في مجال تنظيم الحمل واختيار جنس المولود بالطرق الطبيعية» أنه تم تطوير هذا المجال إلى عزل طبيعي وحمل فقط «أي بدون ترجيح جنس معين»، ومعرفة يوم الإباضة والطمث القادم، ومعرفة جنس الجنين بعد أسبوع من حدوث الحمل، وتحديد اليوم المناسب لزيارة الطبيب للكشف «بالسونار»؛ لمعرفة حجم البويضة، مع كتابة توقعاته لحجمها مسبقاً، واكتشف الباحث بعض المشاكل الصحية عند النساء من خلال التواريخ الطمثية، وقد تحدث العسيري عن إمكانية التوصيات التي يقدمها لعامة الناس على شبكة الإنترنت، وهي توصية بمولود «ذكر»، وتوصية بمولود «أنثى»، وتوصية «حمل فقط» أي من دون ترجيح جنس معين، وتوصية «عزل طبيعي» أي منع الحمل مع وجوب معرفة تاريخ أول يوم من كل دورة شهرية بالتاريخ الميلادي ثلاث دورات فأكثر، وكلما زاد عدد الدورات تزيد دقة الحساب، وهذا الأمر من صالح الدورات المضطربة، وبالنسبة لمن كانت حاملاً وترغب بمعرفة نوع الجنين، فيضاف إلى ما سبق كتابة تواريخ أيام الجماع، وتاريخ بداية الإفرازات إن أمكن.