"حمّى القش" Hay fever أو "الحساسية الموسمية" كما يطلق عليها أحياناً، هي مجموعة من الأعراض التي تصيب بعض الناس جرّاء تنفّسهم ذرّات من غبار الطلع في مواسم ظهور براعم بعض الأشجار (البتولا الفضي والدردار والبلوط) والعشب الأخضر والحشائش ونبات القراص والطحالب المائية والتبغ، أو نتيجة دخول بعض من هذه الذرات إلى عيونهم.تظهر عادةً في الجزء العلوي من الجسم وفي منطقة الوجه خصوصاً، وتبدأ في سنّ المراهقة وتبلغ ذروتها في العشرينيات والثلاثينيات، وتتراوح شدّتها ما بين الخفيفة والقاسية. وقد ازداد عدد المصابين في العالم خلال السنوات العشرين الأخيرة، ويعزو الخبراء السبب إلى ارتفاع درجات الحرارة، ما يطيل من موسم التبرعم وتطاير غبار الطلع.
يمكن أن تؤثّر "حمّى القش" على عمل ودراسة المصاب وحياته العائلية والاجتماعية، وقد تلزمه التغيّب عن العمل بسبب عدم القدرة على التركيز. وتعاني سوق العمل البريطانية وحدها من خسارة سنوية تتجاوز مليار جنيه استرليني سنوياً نتيجة التغيّب بسبب هذا المرض!
أعراضها...
يمكن أن تظهر أعراضها بصورة يوميّة، أو قد تهاجم مرّة وتختفي مرّة أخرى، وقد تقود نحو الإجهاد النفسي ليس نتيجةً للألم والشعور بعدم الراحة، ولكن أيضاً بسبب الاضطراب الاجتماعي الذي تسبّبه والعزلة والكآبة والقلق! وتتمثّل أبرزها، في:
-
· نوبات متكرّرة من العطاس.
-
· سيلان وحكّة وتيبّس بالأنف.
-
· حكّة في العين، مع تساقط مستمر للدموع.
-
· حكّة وحرقة في البلعوم والأذن والحنك وحول الفم.
-
· تعب وإنهاك وصداع وحمّى.
-
· إحساس بانسداد الأذن.
-
· فقدان القدرة على التركيز وشعور عام بعدم الراحة.
-
· إذا كان عدد حبّات الطلع التي دخلت الجسم كبيراً، فإن التنفّس سوف يكون صعباً ومصحوباً بالصفير. ولذا، تسمّى هذه الحساسية أحياناً بـ "قش الربو".
متلازمة حساسية الفم
قد يعاني بعض المصابين بـ "حمّى القش" من حساسية فموية تجاه بعض الفاكهة والخضر والتي يطلق عليها طبياً اختصار OAS، وتتمثّل أبرز أعراضها، في: الحكّة والتورّم والتهيّج في الفم والبلعوم، عندما يأكل المصاب بعض الفاكهة والخضر والمكسّرات الطازجة؛ لاحتوائها على بروتين يشبه البروتين الموجود في غبار الطلع، وأبرزها:التفاح والخوخ والكرفس والبندق والفستق السوداني والكرز والجزر والجوز والبندورة والليمون والبطيخ والموز والشمام والعسل. وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء المصابين لا يتأثّرون أو يتحسّسون من الأطعمة المذكورة آنفاً، في حال كانت مطبوخة أو معلّبة.
علاجات "حمّى القش"
يغيب العلاج الذي يشفي تماماً من هذه الحال، علماً أنه يرتكز على التخفيف من أعراض "الحمّى"، مع ضرورة ألا يهمل المصاب أي عارض طارئ، وأن يستشير الطبيب للتأكّد من الإصابة ويأخذ الوصفة المناسبة. ولا تعدو العلاجات المذكورة تالياً كونها مجرّد وصفات عامّة قد تناسب شخصاً دون آخر، وبالطبع لا يمكن الأخذ بها بدون استشارة الاختصاصي:
-
حبوب وبخّاخات الأنف Antihistamine التي يمكن أن تعالج سيلان الأنف والعطاس وحرقة البلعوم والحكّة وتساقط الدموع، شريطة أن يواظب المريض على تناولها.
-
بخّاخ وقطرات الأنف المعالجة للالتهابات والتي تحتوي في العادة على مركب "السترويد"، تقلّل من الالتهابات في البطانة الرقيقة للأنف، ويمكن أن تؤخذ يومياً للحصول على أفضل النتائج.
-
بخّاخ الأنف وقطرات العيون ضد الحساسية والتي تعمل على إيقاف منبّهات الحساسية في بطانات العيون والأنف.
-
بعض أنواع الحبوب التي تعالج الاحتقان، وتكون مفيدة في حال انسداد الأنف وتيبّسه أيضاً.
يمكن شراء غالبية هذه الأدوية بدون وصفات طبية، إلا أنّه يجب استشارة الطبيب دائماً، ويمكن للمريض أن يجرّب وصفات عدة إلى أن ينال النتيجة الأفضل.
العلاجات الطبيعية
يبدو العلاج بواسطة الأعشاب والهيميوباثي (علاجات تجانسية) والإبر الصينية أقلّ فاعليّة في التخفيف من أعراض "حمّى القش" مقارنةً بالأدوية الكيمياوية. وينصح بعض الخبراء بتناول العسل بشكل منتظم وعلى مدى شهور قبل بدء موسم الطلع، ويؤكّدون فاعليّة هذه المادة في التخفيف من الأعراض، ولو أن الدراسات العلميّة الرسمية التي تثبت هذا الأمر غائبة.
أمّا إذا كانت الأعراض قاسية ومستمرّة رغم أخذ العلاجات، فيمكن اللجوء في هذه الحال إلى طريقة إضعاف الحساسية عبر الاستعانة بطلع العشب، ما يعني تناول حبوب أو إبر تحتوي على ذرّات من الطلع. وتزاد الجرعة بانتظام على مدى سنوات ثلاث كي تعمل على حثّ وتحفيز جهاز المناعة، ما قد يؤدّي إلى الشفاء. ولكن هذا العلاج مرتفع التكلفة، ويتمّ تطبيقه عادة في عيادات طبيّة بإشراف اختصاصيين، كي يتجنّب المصاب أي ردّ فعل خطير من جسمه.